الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا لا تبيد إسرائيل الشعب الفلسطيني أو تهجره؟

2019-06-20 09:12:41 AM
لماذا لا تبيد إسرائيل الشعب الفلسطيني أو تهجره؟
صورة من العدوان على قطاع غزة

 

الحدث- إبراهيم أبو صفية

يطرح كثيرون سؤالا ينتابه الغموض، هو "لماذا لا تبيد إسرائيل الشعب الفلسطيني؟" أو ما الذي يمنعها من القيام بتهجير جديد يمحو آثاره؟، وهنا السائل لا يريد أن يصور الفلسطيني على أنه يعيش برفاهية وسلام وأنه لا يتعرض لممارسات قهرية، وإنما في خضم القوة العسكرية النووية لإسرائيل والتحالفات العالمية الداعمة لها، والمتآمرة على القضية الفلسطينية، تتسلسل هذه الأسئلة من ضمن استقراء التاريخ للاستيطان الأمريكي والأسترالي في أبادتهما للسكان الأصليين من الهنود الحمر.

لا بد من الإشارة إلى أن  "إسرائيل" عند احتلالها الأراضي الفلسطينية عام 1948؛ استوطنت نحو 78% من أرض فلسطين وقامت بتهجير ما يقارب مليون فلسطيني إضافة إلى قتل الآلاف، واستكملت ذلك عام 1967، إلا أنها لم تستطع إنهاء التواجد الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، لتعود اليوم لتواجه طوفانا من أبناء الشعب الفلسطيني المتمسك بحقوقه، حتى اللاجئ أعاد إلى فلسطين بوعيه، فتقول الصحفية الإسرائيلية "عميره هاس" عن الفلسطينيين "لقد تفرقوا وانتشروا في العالم، لكن عندما يجتمع خمسة أشخاص منهم معا من أرجاء المعمورة يتحدثون وكأنهم عاشوا طوال حياتهم في الحي ذاته – اللهجة ذاتها، والذكريات ذاتها، والنكات ذاتها والجدالات ذاتها التي تُسمع في شفاعمرو ونابلس".

ويقول المفكر المصري وصاحب موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" عبد الوهاب المسيري في لقاء تلفزيوني بعد سؤاله عن "لماذا لا تبيد إسرائيل الشعب الفلسطيني؟"، إن الحقيقة التاريخية تشير إلى أن جميع جيوب الاستيطان الاحتلالية تنقسم إلى قسمين، أولا قسم نجح بإبادة السكان الأصليين كالولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا ونجحتا في الاستمرارية، أما القسم الآخر والذي فشل بالإبادة ولم ينجح كمماليك الفرنجة والصليبيين وصولا للفرنسيين في الجزائر وأنجولا وجنوب أفريقيا حيث انخرط المستعمرون البيض بالنظام الجديد.

وأوضح، أن "اسرائيل" تنتمي للقسم الثاني، ولا يمكن أن نراها كاستثناء عن القاعدة التاريخية. مشيرا إلى أنه سأل العديد من المفكرين أن يزودوه بمبرر واحد عن أن "إسرائيل" ستستمر باستيطانها، ولم يجب أحد.

وبين أن نهاية "إسرائيل" لا تعني إبادة "الإسرائيليين"، وإنما إبادة الإطار العصري القائم على التمييز بين البشر، وأنها ستكون أقرب للنموذج في جنوب أفريقيا بعد الانتهاء حقبة العنصرية.

وأشار إلى أنه يتوجب على "الإسرائيلين" أن يدركوا أن لا حل للقضية الفلسطينية داخل الإطار العنصري، وأن هناك إمكانيات لحلول إنسانية وسلمية داخل الإطار الإنساني الديمقراطي.

وأكد على أن الإسرائيليين "لن يستطيعوا تنفيذ النموذج الأول والقيام بالإبادة، بسبب أن تجربتهم الاستيطانية بدأت نهاية القرن التاسع عشر في زمن لا يمكن فيه محو آثار الشعوب. مضيفا أن الإعلام يلعب دورا مهما في الحفاظ على منع تنفيذ أية إبادة جماعية.

ولفت المسيري، إلى أن الفلسطينيين غير منقسمين أو بدائيين مثل ما كان الحال مع الهنود الحمر. بل هو شعب يتكاثر كما وكيفا.

وبين أن ما قاله عالم الجغرافيا الإسرائيلي أرنست، "بأن الفلسطينيين سيهزموننا في غرف النوم ومدرجات الجامعات"؛ يشير إلى عملية التكاثر و الوضع الديمغرافي الفلسطيني.

وقالت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس، في مقال لها، إن "الشعب الفلسطيني.. نقطة ضعف إسرائيل.. إسرائيل  قامت بإجراء ترانسفير كبير واحد إضافة إلى ترانسفيرات كبيرة أخرى، واختلقنا فكرة الأرض الخالية، لكنها تتفجر كل يوم أمام ناظرينا، خارطة ما قبل 1948 مع مئات القرى لم تُمح، حيث يحرص اللاجئون وأحفادهم على أن تبقى هذه الخارطة في الوعي، يقومون بإحيائها رغم أنفنا ويقنعون الكثير من الأشخاص في العالم بحقهم في العودة".

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، د. غسان الخطيب، إن عملية إبادة الفلسطيني سيكون لها ثمنها،الذي لا يمكن لإسرائيل دفعه، وتجنبا لهذا الثمن، يحجم الاحتلال عن القيام بأمر من هذا القبيل.

وأوضح غسان لـ"الحدث" أن الثمن الأول الذي تخشى "إسرائيل" دفعه؛ هو خسارة صورتها أمام العالم، الذي يعتبرها دولة ديمقراطية متحضرة، وهي كدول الاتحاد الأوروبي؛ لذلك فإن أي عملية إبادة تقوم بها تنهار هذه الصورة التي هي أحد الأسس التي تستند إليها الدول الأوروبية في تبرير دعمها لإسرائيل أمام شعوبها، وهذه المكانة الدولية لن تدفعها إلى المغامرة.

وبحسب الخطيب، فإن الثمن الثاني، هو أنه في حال قامت "إسرائيل" بإبادة الشعب الفلسطيني؛ فإن هذا يستجلب العداء العربي والإسلامي لها، وسيعزز من عمق العداوة بين الدول العربية والإسلامية المجاورة و"إسرائيل". مشيرا إلى أن "إسرائيل" اليوم على عتبة التطبيع وتحسين العلاقات، لذلك فهي غير معنية بتدهورها، إضافة إلى أنها لن تلدأ لذلك طالما أن أمنها في خطر.

وأشار الخطيب، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي الإستيطاني أقرب لنموذج جنوب أفريقيا من النموذج الأمريكي، موضحا أن أمريكا تجاهلت الهنود الحمر وأبادتهم حتى أصبحت غير موجودة كأقلية قومية. بينما العنصريين البيض في جنوب أفريقيا لم يستطيعوا تجاوز السود. ولفت إلى أن في المثال الفلسطيني، "إسرائيل" مضطرة إلى التعامل مع وجود الفلسطينيين بطريقة أخرى.

وأردف الخطيب، أن الموقف الفلسطيني الرسمي، يطالب بإنهاء الاحتلال من على جزء من فلسطين التاريخية "القدس - الضفة - قطاع غزة"، وأن يكون هناك حل قائم على اقتسام فلسطين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي حال فشل هذا الخيار فإن الصراع سيبقى مستمرا.

وفي ذات السياق قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية انطوان شلحت، إنه وعلى الرغم من التأييد العالمي لـ "إسرائيل"، إلا أنه لا يمكن القيام بحرب إبادة ضد الفلسطينيين.

وأشار إلى أن "إسرائيل" هي أقرب للنظام العنصري الذي كان في جنوب أفريقيا، حيث أنها عندما قامت بحرب 1948 لم تقم بحرب إبادة وإنما حرب تطهير عرقي أي بمعنى تهجير، وهذا الفرق جعل من الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم حول العالم يتمسكون بقضيتهم.

وحول شكل التحرير الذي يريده الفلسطينيون، قال شلحت، إن الفلسطينيين ليس لديهم عنصرية تجاه اليهود، وإنما العداء للحركة الصهيونية التي أرادت إحلال شعب بدل آخر، لذلك فإن الفلسطينيين يسعون لتدمير "الدولة الإسرائيلية" وليس إبادة الإسرائيليين.