الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التطبيع مع إسرائيل ليس تهمة في نظر السعودي

2019-07-23 10:52:50 AM
التطبيع مع إسرائيل ليس تهمة في نظر السعودي
المطبع السعودي محمد سعود

 

الحدث ـ محمد بدر

إحدى مشاكلنا كفلسطينيين في محاكمة العرب غير المباشرة على التطبيع والخيانة؛ أننا نحاكمهم على منطق لا يعيبهم. عندما نصف العرب بأنهم وكلاء للأمريكيين، نعتقد أننا أحرجناهم أو وجهنا لهم إساءة، لكن في الحقيقة أن ثقافة العرب وتحديدا الخليجيين لا ترى في التبعية للأمريكيين ما يُخجل، بل على العكس هناك صراع بين دول في الخليج على العمل كوكلاء للأمريكيين في المنطقة العربية، وهذا جزء من التفسير للأزمة الخليجية بين قطر وبعض الدول الخليجية.

إن التقارب مع الإسرائيليين وتطبيع العلاقات مع إسرائيل لا تُخجل الخليجيين على عكس ما نعتقد، بل بالعكس تشعرهم أنهم جزء من العالم المتقدم والمتحضر وهي الرؤية التي يعمل على أساسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من خلال "تحديث" الثقافة الدينية الموجودة في المملكة، و"تحديث" المفاهيم والعناوين واللغة السياسية التقليدية، ولا شيء يربط بين راقصة أجنبية في الرياض وسعودي يتجول في المسجد الأقصى، أكثر من محاولة للانخراط بليبرالية تبدو مشوهة في صحراء حملت ما حملت من المفاهيم الدينية والاجتماعية ما يكفي لتجهيل أمم وشعوب.

إن مصطلح "مطبع" غير مؤذٍ في ظل ثقافة سعودية تتفاقم ترى في التطبيع منطلقا من منطلقات تغيير الشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا وأمنيا، لأن هذه التهمة تأتي في محكمة فيها تفاوت بين ثقافة المتهم والمدعي، وهنا بالضرورة أن تتغير القوانين التي تجري على أساسها المحاكمة، والتي يجب أن تتضمن  أبعادا اجتماعية وثقافية عميقة قادرة على التأثير على المتهم السعودي أو الخليجي وبيئته.

السعودي يعيش نرجسية جبانة ومتشككة، فهو من جهة يتعامل مع نفسه كمقاتل عن الحضارة والكتلة العربية التي لم يعبث أحد فيها كما السعودي نفسه، ومن جهة أخرى أصبح يرى نفسه بأنه فوق ثقافة المنطقة معتقدا أنه يجب أن يكون جزءا من العالم الليبرالي "المتحضر"، وهذا يجعله مغتربا عن المنطقة ورؤيتها التقليدية بما في ذلك سياسيا ويندرج تحت هذا العنوان الشق المتعلق بالقضية الفلسطينية، لكنه في ذات الوقت يشعر بخطر وجودي يعمق يوما بعد يوم من انخراطه في تبعية تجرده من شخصيته التي لا يمكن أن تكتمل بالانتماء لمنظومة أخرى لا تشبهه، والتي لم تكتمل لأسباب موضوعية.