الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"العزلة المؤقتة": كيف أصبح إطفاء الهاتف المحمول أمراً مرعباً؟

2019-08-28 03:39:50 PM
تعبيرية

الحدث- ورود أبو عليا

حولّت الهواتف المحمولة حياتنا لجزيرة مهجورة، وأصبحنا في معزلٍ عن الواقع، كلٌ يحمل هاتفه يقلب صفحات السوشيال ميديا مراراً وتكراراً ،حيث لا يكاد يفيقُ أحدنا من نومه حتّى ينظر لهاتفه ظناً منه أن شيئاً عظيماً قد فاته، هذا الهوس جعل المستخدمين يتمسكون بهواتفهم ولا يستطيعون إفلاتها برهة من الزمن!

في حين أن الرغبة في الانخراط بالعالم الوهمي والتواصل وتبادل الرسائل مع الأشخاص حول العالم أبعدت المستخدمين عن التواصل الحقيقي مع من حولهم، مما سبب لهم مشاكل اجتماعية ونفسية وصحية. فهل يستطيع المستخدمون اعتزال الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي لفترات قليلة كانت أم كثيرة؟

تقول الفتاة ساجدة عامر: "بالنسبة لي جربت ترك الهاتف ليومين وراودني شعور بالنقص بشكل غير طبيعي، ومن ثم جربت الاعتياد على العيش بدون الهاتف وأجبرت نفسي على ذلك والحمد لله تخطيت مرحلة عدم العيش بدون الهاتف".

أما الشاب محمد نصر الله فيقول: "مجرد تفكيري بقطع علاقتي بمواقع التواصل الاجتماعي يعد أمراً مستحيلاً، فالوسواس الذي أصبح لدي لن يفارقني لأن عقلي يظل مشغولاً بما حدث وما سيحدث وإن كان صندوق الرسائل قد امتلأ بالمحادثات، وبرأيي إذا أردنا قطع علاقتنا بالهواتف نبدأها تدريجياً بتقليل النشر شيئاً فشيئاً وليس بالضرورة أن أتابع كل ما ينشره أصدقائي باستمرار".

ويرى آخرون أن ترك الهاتف ليس أمراً صعباً بل يتيح لهم الجلوس والتواصل مع الأهل والأقارب في الفترة التي نفتقد فيها هذه المتعة مع تمسكنا بالهواتف المحمولة التي أدت لمزيد من التشتت والفرقة في المجتمعات والأسرة الواحدة.

فيقول الشاب حذيفة جاموس: "اضطررت للبقاء بدون هاتف ذكي لسنة على الأقل واعتدت على ذلك فلم أعد أكترث لوجوده، والحاجة للشعور بالاهتمام هي السبب الذي يجعل الشخص متعلقاً بالهاتف لدرجة كبيرة".

أما الفتاة دينا حمايل تقول: "أجلس لأشهر طويلة بدون تصفح الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي، كانت أجمل الأيام في حياتي".

التعلق بالهاتف مرضٌ نفسي:
هكذا أصبحت الهواتف المحمولة جزءاً من الروتين اليومي غير العادي، حيث إن تعلق الناس بها لهذا الحد يعود لرغبتهم في التعايش مع التكنولوجيا وإصداراتها ومعرفة أخبار من حولهم، لأن الهواتف جعلتهم في معزل عن بيئتهم المحيطة، وسببت لهم أضراراً على حالتهم النفسية والاجتماعية، فما هي الأبعاد النفسية لهذا التعلق الكبير بالهواتف؟

قالت أخصائية علم النفس جنان حامد: "إن الأبعاد التي تترتب على التعلق بالهاتف كثيرة وتمس العديد من نواحي حياة الفرد مثل الناحية النفسية والإجتماعية وتكوين الشخصية كما من الممكن أن تتسبب بحدوث الكثير من الاضطرابات والتي قد توصل صاحبها في بعض الأحيان للانتحار بالإضافة إلى الأضرار التي يسببها التعلق بالهاتف على الناحية الجسدية مثل إجهاد العينين وآلام الظهر والكتفين".

وتتابع حامد القول: "لو أردنا الحديث عن الأضرار النفسية التي يسببها التعلق بالهاتف فتبدأ بتأثيرها السلبي المنعكس على حياة الشخص وثقته بنفسه، فمن خلال متابعة مواقع التواصل الإجتماعي ومراقبة الغير قد تصل إلى مرحلة عدم الرضى عن النفس، والبدء في التفكير لما لا أكون هذا أو ذاك ويعزز ذلك مشاعر النقص عند الفرد، عوضاً عن التنمر الذي قد يتعرض له الفرد على مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات ساخرة وجارحة في بعض الأحيان.

وتضيف حامد: "أما عن الأضرار المترتبة من الناحية الاجتماعية، فإنه يخلق للفرد عالما لا يتجاوز شاشة الهاتف؛ فيجعل الشخص مستغيناً عمّا حوله مقتصراً في تواصله فقط على العالم الافتراضي ويجعله يميل للعزلة ويفضل الوحدة، كما ومن الممكن أن تخلق لدى الفرد مشاكل في التواصل الإجتماعي توصله لدرجة الاضطراب".

واختتمت الأخصائية حامد القول: "إن الاضطرابات التي قد يسببها التعلق، تبدأ من القلق البسيط المتمحور حول عدد الرسائل التي قد تصل الفرد في اليوم أو المكالمات اليومية أو الإدمان على الرسائل النصية أو اللعب على تطبيق معين، بالإضافة إلى ذلك قد تسبب التعلق بها في قلة في التركيز والانتباه عند الفرد.

وبذلك فإن إطفاء الهاتف المحمول أصبح أمراً مرعباً لدى الكثير من الأشخاص، ففي عصرنا هذا تكاد أبسط تفاصيل حياتنا لا تخلو من الهاتف ومن مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى الناس أن الهاتف المحمول وحده من يملأ فراغهم في حياتهم اليومية، ويجعلهم يعبرون عما يجول في خاطرهم وكأنه متنفسهم الوحيد ومكانهم الآمن.