السبت  28 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

5 أسباب تحول دون وقوع حرب بين إيران والسعودية بعد هجمات أرامكو

2019-09-22 08:27:20 AM
5 أسباب تحول دون وقوع حرب بين إيران والسعودية بعد هجمات أرامكو
هجوم على ارامكو

 

الحدث - جهاد الدين البدوي 

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية مقالاً للكاتبان ديفيد م. أليسون ستيفن هيرتزوغ بعنوان: " 5 أسباب لماذا لن تؤدي هجمات النفط السعودية إلى الحرب مع إيران".

ويرى الكاتبان أن الحسابات الخطأ غير مرجحة عندما يكون الصراع المفتوح مصحوبًا بتكاليف باهظة لكلا البلدين، وهي تكاليف لا يوافق عليها قادتهما ولا شعبهما.

وأضاف الكاتبان، أنه فور وقوع الهجمات على منشأة أرامكو الرئيسية لإنتاج النفط في بقيق شرق السعودية؛ توجهت أصابع الاتهام الأولى إلى إيران، في حين أعلن حلفاء إيران "الحوثيون"، مسؤوليتهم عن الهجمات، وفي ذات الوقت أعلن عدد من المسؤولين الأمريكيين عبر وسائل الإعلام أن إيران هي من أطلقت صواريخ كروز والطائرات المسيرة من أراضيها.

 ويرى الكاتبان أن هناك خمسة أسباب وجيهة تحول دون الدخول بحرب بين واشنطن وطهران وتأتي على النحو التالي:

1. الأميركيون لا يريدون الحرب مع إيران:

فعلى الرغم من مرور أربعة عقود من التوتر والشعار الشعبي "الموت لأمريكا" في إيران؛ إلا أن الرأي العام الأمريكي ببساطة لا يريد محاربة إيران. حيث جمع الكاتبان بيانات استطلاع الرأي العام الأسبوعية الأصلية في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2019 لقياس استعداد الأمريكيين لدعم العمل العسكري ضد إيران. وكشفت البيانات أن الغالبية العظمى من الديمقراطيين (86%) والمستقلين (81%) والجمهوريين (81%) سيؤيدون جميعا ً قراراً رئاسياً بعدم اتخاذ أي إجراء تصعيدي. كما كان هناك تأييد مشترك لفرض عقوبات إضافية (52 و61 و89% على التوالي)، ولكن التأييد للخيارات العسكرية كان أقل بكثير.

وأضاف الكاتبان أن توقيت هذه الدراسات الاستقصائية كان حاسماً. وفي فترة اتهم فيها المسؤولون الأمريكيون إيران مراراً وتكراراً بارتكاب أعمال عدائية، ظلت المواقف مستقرة عبر مختلف الطيف السياسي. وشملت الدراسة هجمات 13 حزيران/يونيو على الناقلة اليابانية "Kokuka Courageous" والناقلة النرويجية "Front Altair" في خليج عمان وسقوط طائرة بدون طيار من طراز RQ-4A تابعة للبحرية الأمريكية في 20 حزيران/يونيو فوق مضيق هرمز. ولم يزد أي من الحادثين بشكل كبير من التأييد العام للعمل العسكري. وحتى الجمهوريون لم يعربوا عن دعمهم المتزايد للضربات الجوية أو الغزو البري في الأيام التي أعقبت الاستفزازات الإيرانية. وتعني متانة هذه التفضيلات أنه من غير المرجح أن تؤدي الضربات التي وقعت في نهاية الأسبوع الماضي على مرافق تكرار النفط السعودية إلى أي ضغط عام من أجل الرد. التأييد العام حتى بين القاعدة السياسية للرئيس دونالد ترامب هي الأعلى بالنسبة للخيارات غير العسكرية.

2. الرئيس ترامب يفضل التفاوض على الصراع مع إيران:

يرى المقال أنه على الرغم مما قدمه ترامب من صخب في حديثه عن الخيارات العسكرية؛ إلا أنه أعرب مراراً وتكراراً عن تفضيله مواصلة المفاوضات بدلاً من الأعمال العسكرية. كما أسس ترامب أيضاً سمعته في التهديد باستخدام القوة ثم التراجع بسرعة عن الخطاب المتشدد.

وقبل شهرين فقط، أعلن الرئيس ترامب أنه ألغى ضربة عسكرية ضد إيران وأعرب عن أمله في أن ينضم إليه القادة الإيرانيون على طاولة المفاوضات. ويعكس هذا التراجع تصرفات ترامب في عام 2017، عندما هدد مراراً بتدمير كوريا الشمالية. وفي نهاية المطاف، قرر التراجع عن الخيار العسكري وأصبح في نهاية المطاف أول رئيس أمريكي يعبر المنطقة منزوعة السلاح إلى كوريا الشمالية.

وحتى يوم الثلاثاء، قال ترامب إنه في الوقت الذي كان فيه التأكيد الاستخباراتي النهائي بخصوص تورط إيران وشيكاً، فإنه لا يزال يريد تجنب الحرب. ويأتي هذا التصريح في أعقاب الملاحظة التي أدلى بها يوم الاثنين خلال تصريحات، إلى جانب ولي عهد البحرين، بأن الدبلوماسية "لن تستنفذ أبداً حتى الثواني الـ 12 الأخيرة". وقد تمسك ترامب بهذا المنطق حتى مع ظهور أدلة على أن الأقمار الصناعية الأمريكية رصدت الاستعدادات الإيرانية لضربات أرامكو.

3. "الشيطان الإنسي" غادر المبنى:

حتى الأسبوع الماضي كان جون بولتون الذي وصفه وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس مازحاً بأنه كان "الشيطان الإنسي" مستشار الأمن القومي لترامب، وقد أضعفت إقالته بشكل كبير نفوذ ما يطلق عليه "الفريق B" المكون من بولتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

يضف الكاتبان أن بولتون كان أحد أقوى المؤيدين لغزو العراق عام 2003 ، ويُعتبر منذ فترة طويلة أكثر مستشاري البيت الأبيض تشددًا بإذن ترامب، ودعا إلى اتباع نهج المواجهة مع كوريا الشمالية وروسيا وسوريا، ويقال إنه سعى إلى مواجهة مع إيران لسنوات. وفي الواقع، برز بولتون كأحد الخصوم الرئيسيين لخطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة أيضاً باسم الاتفاق النووي الإيراني. ومع ذلك، فإن الإطاحة ببولتون كانت مرتبطة مباشرة بالخلاف حول السياسة الإيرانية، ويشير رحيله إلى أن حمائم إيران تهيمن الآن على تفكير البيت الأبيض.

4. الجيش الأمريكي يعارض الحرب على إيران:

في يوليو/تموز من هذا العام، أعرب الجنرال في الجيش الأمريكي مارك ميلي عن شكوكه لمجلس الشيوخ بشأن احتمال نشوب حرب كبرى مع إيران. أدلى ميلى، وهو جنرال من فئة الأربع نجوم، بهذه التصريحات خلال جلسات الاستماع التي عقدها ليصبح رئيس هيئة الأركان المشتركة، حيث أوضح أن الجيش يركز على استراتيجية التنافس بين القوى العظمى، والصراع مع دولة متمردة. مثل إيران ستعطل هذه الخطط. وقد أكد مراسلو صحيفة وول ستريت جورنال منذ ذلك الحين أن هذه الآراء لا تزال هي الرواية السائدة في وزارة الدفاع الأمريكية. ومما لا يثير الدهشة أن المسؤولين العسكريين يحثون على توخي الحذر وضبط النفس في أعقاب الهجوم الذي وقع يوم السبت.

ومع ذلك، واصل المخططون الاستراتيجيون الأمريكيون وضع سيناريوهات لمناورات حربية لصراع محتمل مع إيران. وتأخذ السيناريوهات في الاعتبار: ما يقرب من 900 ألف من الأفراد العسكريين الإيرانيين العاملين والاحتياطيين، من المحتمل أن لديهم القدرة على شل الملاحة في مضيق هرمز، بالإضافة إلى ترسانة من الصواريخ الباليستية، والدفاعات الجوية الحديثة نسبياً من أصل محلي وروسي المنشأ، والسكان الذين سيحملون الأسلحة ضد الغزاة. وبغض النظر عن التفوق العسكري الأمريكي الساحق تجاه إيران، فإن الجيش الأمريكي يعلم تماماً أن هذه المعركة لن تكون سهلة.

5. إيران لا تريد الحرب مع الولايات المتحدة:

وقد أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الايرانية آية الله خامنئي أن إيران لا تسعى إلى الحرب مع الولايات المتحدة. والمسؤولون الإيرانيون يعلمون أنه في حين أن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة على الفوز بشكل قاطع، فإن إيران ستتحمل معظم التكاليف البشرية. ولا يزال شبح الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 يلوح في أذهان الجمهور الإيراني، الذي خسر مليون ايراني في الحرب، أو 2% من سكانها في ذلك الوقت، مما أثر على جيل بأكمله.

ويضيف الكاتبان أن هدف إيران ليس اصطياد الولايات المتحدة في حرب. وبدلاً من ذلك، فإن الأمر يتعلق بلعبة شطرنج دقيقة تسمح للنظام الإيراني بتحسين موقفه التفاوضي من خلال إظهار القدرة على فرض التكاليف على الولايات المتحدة وحلفائها. وقد فعلت طهران ذلك من خلال سلسلة من التصعيدات المحدودة والتي يمكن عكس اتجاهها مع تجنب ما يعترف قادتها بأنه سيكون حرباً مدمرة ضد عدو أقوى. وقد تجنبوا بعناية الاستفزازات التي قد تجبر ترامب على ذلك، معتمدين على استخدام "الفواعل غير الدول" في العراق ولبنان وسوريا واليمن. ولدى إيران سبب وجيه للاعتقاد بأن هذه الاستراتيجية قد تنجح، نظراً لإلغاء ترامب للضربات السابقة على إيران واستعداده للمساومة مع كوريا الشمالية بعد تكثيف خطابها وأنشطتها النووية والصاروخية.

واختتم الباحثان مقالتهما بالقول: في حين أن الباحثين وصانعي السياسات يعربون في كثير من الأحيان عن قلقهم إزاء خطر وقوع حرب عرضية؛ فإن تجنب التصعيد غير المقصود يبدو ممكناً تماماً في هذه الحالة. وبما أن الولايات المتحدة وإيران ملتزمتان بتجنب الحرب، فإن أي إجراءات أخرى ستتألف من ضربات محدودة بعناية أو أنشطة سرية "لفواعل غير دول" مرتبطة مع هذه القوى. ومن غير المرجح أن يحدث سوء تقدير عندما يأتي الصراع المفتوح بتكاليف باهظة لكلا البلدين، وهي تكاليف لا يرغب قادتهما ولا شعبهما في قبولها.