الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل اقترب عهد الدولار من النهاية؟

2019-09-22 12:10:12 PM
هل اقترب عهد الدولار من النهاية؟
الدولار الامريكي


 

الحدث -جهاد الدين البدوي 

نشرت مجلة "كابيتال" الفرنسية، تقريراً للكاتب نيكولاس غالنت وتحدث فيه، أن الدولار مهدد على عدة جبهات ولكن حتى الآن لا يزال الدولار ملك العملات، وسيكون من الصعب استبداله حتى في ظل الارتفاع التدريجي لليوان الصيني.

وينوه غالنت، إلى أن الدولار يخضع بانتظام لكثير من الانتقادات، ويضيف أن مارك كارني محافظ البنك المركزي بإنجلترا قد ندد بالدولار الذي وصفه "بالمزعزع للاستقرار المالي" للدور الذي يلعبه الدولار في الاقتصاد العالمي.

وقال كارني خلال مؤتمر جاكسون هول بمدينة وايومنغ في أغسطس آب الماضي -وهو اجتماع سنوي ضخم يلتقي فيه محافظو البنوك المركزية، إن البنوك المركزية قد تضطر إلى الاتحاد لإنشاء عملة احتياطية بديلة خاصة بها. وأكد: " في الوقت الذي تتم فيه إعادة تنظيم الاقتصاد العالمي، فإن الدولار ما زال مهما مثلما كان خلال انهيار (نظام معيار الذهب) لبريتون وودز " وهي الاتفاقية التي كرست الدولار كعملة معيارية فى أوائل السبعينات.

ولا يزال الدولار يستخدم لنصف التجارة العالمية على الأقل، أي أكثر بـ 5 أضعاف من حصة الولايات المتحدة من واردات السلع العالمية، مما يسبب الطلب على الأصول الأمريكية ويعرض العديد من البلدان لمواجهة الآثار السلبية لتقلبات الاقتصاد الأميركي.

واقترح مارك كارني أن "العملة الخضراء يمكن استبدالها بعملة إلكترونية" على غرار عملة الفيسبوك المشفرة. وعلى وجه الخصوص، يقول إن هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي قد زادت من خطر حدوث حالة من "مصيدة السيولة"، مع انخفاض أسعار الفائدة إلى درجة كبيرة وانخفاض النمو. ولكن هل يمكن التشكيك في هيمنة الدولار؟

يقول الكاتب، إن الدولار يعتبر ملك العملات بلا منازع منذ الحرب العالمية الثانية، ويقول خبير الاستثمار في مجموعة ميرابو جون بلاسارد: "الدولار فرض نفسه باعتباره أول عملة احتياط والخيار الأول للبنوك المركزية. ويمثل احتياطي النقد الأجنبي لهذه البنوك بالدولار 6740 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019، أي ما يعادل 61.8% من مستوى الاحتياطيات المخصصة".

ويضيف أن هذه هي الأصول المالية المقومة بالدولار (سندات الخزانة الأمريكية، وسندات الشركات) التي تحتفظ بها البنوك المركزية غير الفيدرالية في احتياطياتها من العملات الأجنبية. ويشير الخبير إلى أنه ينبغي وضع هذه الأرقام في منظورها الصحيح، حيث "ترفض الصين من ناحية الكشف عن توزيع احتياطياتها من النقد الأجنبي، ومن ناحية أخرى، فإن الاحتياطيات غير المخصصة آخذة في الازدياد.

ما هي أسباب هيمنة الدولار؟

يورد الخبير جون بلاسارد أن هناك أربعة أسباب رئيسة لهيمنة الدولار في التجارة الدولية:

1. استقرار الاقتصاد الأمريكي:

وهو السبب الرئيس للاستثمار والثقة في الدولار، وقال: "إن الولايات المتحدة أظهرت مؤخرا أن لديها الوسائل لتحمل أي نوع من الصدمات ( ارتفاع أسعار المواد الخام أو السلع المصنعة، وأزمة الائتمان، والكوارث الطبيعية، والتراجع في التجارة الخارجية".

2. دعم الصادرات:  

ويرى الخبير بلاسارد، أنه من أجل دعم صادراتها؛ تعمل البلدان الأسيوية على جمع الدولار من أجل الحفاظ على عملاتها الخاصة من سعر صرف منخفض.

3. الحضور الطاغي للدولار في احتياطات العملات الأجنبية:

كما أن الاحتفاظ بالدولار في "الخزائن العالمية" نتيجة للإفراط في إصدار سندات الدين الأمريكية.

4. لتجنب مواجهة مشكلة الدين المحلي بالدولار غير المنضبط، كما كان الحال في عام 1997 خلال الأزمة الآسيوية، تأخذ بعض الدول في الاعتبار مخاطر صرف العملة من خلال شراء العملة الأمريكية.

5. تراجع الآمال بدور اليورو:

في نهاية عام 2001 اختفت العملات الوطنية للاتحاد الاقتصادي والنقدي لصالح العملة الموحدة. كانت تأمل السلطات الأوروبية في أن يفقد الدولار الأمريكي تدريجياً "حصصاً سوقية" كبيرة لصالح اليورو.

يضيف الخبير بلاسارد: "لقد كان الدافع وراء الجهود المبذولة لتوحيد جميع العملات الأوروبية في عملة واحدة كبيرة هو الأمل في جعل الدولار يترنح. في ذلك الوقت، كان السؤال هو كيف يمكن لليورو أن يصل في النهاية إلى التعادل مع الدولار".

ولكن أزمة الديون في منطقة اليورو قللت من هذا التفاؤل. ويقول الخبير: "إن حصة العملة الموحدة في احتياطيات النقد الأجنبي ظلت عالقة عند حوالي 20%، مما يضع حدا لأعظم الآمال". ووفقا ًلآخر الأرقام المتاحة (الربع الأول من عام 2019)، تبلغ حصة اليورو 20.2%، مقارنة بـ 61.8% للدولار، و5.2% للين، و4.5% للجنيه الاسترليني، و1.95% لليوان، و1.92% للدولار الكندي، و1.7% للدولار الأسترالي.

ارتفاع اليوان (الرينمنبي) لن يحدث بين عشية وضحاها

إن وصول الرنمينبي كعملة رسمية في أكتوبر 2016 ( حيث تم إدراج العملة الصينية في سلة عملات الاحتياط لدى صندوق النقد الدولي) هو أبرز تغير خلال العشرين عاماً الماضية. ويشير الخبير بلاسارد: "وهكذا أصبحت العملة الصينية عملة احتياط عالمية رسمية. ومع ذلك، فإن التوقعات بأن الرنمينبي يمكن أن يتسبب بسرعة في انخفاض الدولار قد تضاءلت في الآونة الأخيرة بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين والتوترات التجارية مع واشنطن". بالتأكيد، مع مرور الوقت، يميل الرنمينبي إلى كسب المزيد من النفوذ. ولكن بحصة أقل من 2٪ من احتياطات النقد الأجنبي للبنوك المركزية، فإنه لا يزال الرنمينبي يحتل المركز الخامس  في ترتيب العملات العالمية".

يجب أن يبقى الدولار ملكة العملات لبعض الوقت

وفي الوقت الحالي، بلغت حصة الدولار 62% تقريباً، حيث كانت تنخفض باطراد على مدى العقود القليلة الماضية، حيث كانت في حدود 70% في بداية القرن، مقارنة بأكثر من 80% في السبعينات، حسب الخبير جون بلاسارد. وعلى الرغم من أنه لا يمكن التشكيك بهيمنة حتى يومنا هذا، إلا أن بكين لديها طموحات كبيرة لليوان.

ويضيف الكاتب أن حوالي 25% من صادرات الصين تتم بالعملة المحلية، التي أصبحت احدى العملات الرئيسة في بعض المناطق.

ولم تخفِ الحكومة الصينية منذ سنوات أن أحد أهدافها هو أن تصبح العملة الصينية واحدة من العملات الاحتياطية الرائدة فى العالم بحلول عام 2030. وفي وقت مبكر من عام 2014، قال يي غانغ، نائب محافظ البنك المركزي الصيني، إنه "لم يعد من مصلحة الصين تجميع احتياطيات النقد الأجنبي". بيد أن التغيير الجذري في احتياطات النقد الأجنبي للحكومة الصينية لا يزال حديث عهد، وسيستغرق وقتاً طويلاً جداً قبل أن يصل اليوان ببساطة إلى مستوى الجنيه الإسترليني.

ويختتم بلاسارد تقريره بالقول: في هذه الظروف، لا ينبغي أن تشعر السلطات الأمريكية بالقلق بشأن الدولار، في المستقبل القريب، سواء بعملة تقليدية أو عملة مشفرة  "لم يحدد إطارها القانوني بعد".