الحدث- محمد مصطفى
بعد نحو عام ونصف العام من شن مصر أوسع وأكبر حملة ضد أنفاق التهريب المنتشرة على الحدود المشتركة مع قطاع غزة، تحولت العشرات من تلك الأنفاق إلى مجرد حفر مهجورة، رغم الأموال الطائلة التي دفعت من أجل الاستثمار فيها.
فمنطقة الحدود التي تقع جنوب مدينة رفح، والتي كانت تعج بالحياة، أضحت خالية، لا يسمع فيها سوى زقزقة العصافير وحفيف الأشجار، ولا يكاد يرى فيها بشر.
ملايين الدولارات تركت
فتلك الأنفاق التي عملت على مدار سبع سنوات في إدخال السلع والبضائع المختلفة، كلفت ملاكها عشرات الملايين من الدولارات، التي استثمروها في تجارة أملوا أن تدر عليهم أضعاف ما أنفقوه.
ويكشف "أبو محمد" أحد ملاك الأنفاق، إن حفر أي نفق أسفل الشريط الحدودي كان يكلف مبالغ طائلة، فالأرض الرملية جنوب مدينة رفح، خطرة، لذا تحتاج لإجراءات خاصة، بوضع عشرات الأمتار المكعبة من الأخشاب والدعامات المعدنية، التي تحمي جسم النفق من انهيارات محتملة.
وأوضح أن القائمين على الأنفاق اشتروا ماكينات سحب ذات طاقة كبيرة، ووضعوا شبكات إنارة وهاتف في أنفاقهم، وأجروا توسعات عديدة عليها، خاصة تلك التي كانت تهرب سيارات ومواشي.
وتحدث "أبو محمد" عن تكاليف أكبر دفنت تحت الرمال، وهي عبارة عن أنابيب بلاستيكية ذات مواصفات عالية، كانت تستخدم في نقل الوقود السائل الذي كان يضخ من الجانب المصري.
ونوه إلى أن كل هذا ترك تحت الأرض، لأنه من الصعب بل من المستحيل البحث عنه وإخراجه، وإن حاول أحد ذلك فسيعرض نفسه لأخطار الانهيارات، وقد تكون تكلفة إخراجها أعلى من قيمتها.
أما الشاب ياسين إبراهيم، وكان يعمل في نفق على الشريط الحدودي جنوب رفح، فأكد أن الخسائر الكبيرة تعدت حفر الأنفاق وتجهيزها في الجانب الفلسطيني، لتشمل المعدات التي كانت توضع لتسهيل نقل السلع في الجانب المصري، وجميعها كان مالك النفق الفلسطيني هو من يتحمل تكاليفها، باعتبار أن عمل الشريك المصري يقتصر على التسهيل ونقل السلع فقط.
وبين إبراهيم أن محاقن حصمة ومضخات وقود، وسحابات وحاويات، وغيرها من المعدات التي تقدر تكلفة شرائها بمئات الآلاف من الدولارات، صودرت ودمرت خلال الحملة المصرية المتواصلة.
ولفت إلى أن المشكلة تكمن في عدم قدرة المستثمر أو صاحب النفق في سحب ونقل الكثير من المعدات التي تكفل بشرائها، فمعظمها تركت تحت الأرض، خاصة الأخشاب وشبكات الكهرباء، وهي أموال مهدورة ذهبت أدراج الرياح.
مخاطر محدقة
وتشكل الأنفاق التي تركها ملاكها مفتوحة، خطراً على المواطنين من سكان جنوب رفح، بسبب احتمال حدوث انهيارات أرضية في أية لحظة، وخاصة خلال فصل الشتاء، أو خوفاً من سقوط الأطفال في الحفر خلال لهوهم أو تحركهم في المنطقة.
ويقول المواطن فريد جابر، من سكان حي السلام جنوب شرق رفح، إن منطقة الحدود بصفة عاملة منخفضة نسبياً، لذا تجتذب مياه السيول التي تتشكل بفعل غزارة الأمطار، والمياه تتسرب عبر فوهات الأنفاق في باطن الأرض، لتصبح بمثابة قنبلة موقوتة تهدد السكان، مع احتمال انهيار التربة في أية لحظة.
وأوضح جابر أن المشكلة تكمن في عدم معرفة السكان مسارات الأنفاق، وأين تتجه، لاسيما وأنها كثيرة، لذا فإن السير في الكثير من الشوارع يشكل خطراً عليم، وهم يتخذون إجراءات خاصة، كالسير في طرقات هم يعرفونها، ويمنعون أبنائهم من المشي في بعض الشوارع، أو اللعب في المنطقة.
وطالب جابر بلدية رفح والجهات المعنية، بإيجاد حل للأنفاق المهجورة، عبر ردمها، وتخليص الناس من خطرها.