الحدث - جنى حسان
على الرغم من أن أحدا لا يمكنه الاستغناء عن الماء كمصدر أساسي لاستمرار الحياة؛ تحولت المياه لسلعة تجارية، يتجه الناس إلى استهلاكها معباة في ظل التلوث البيئي الذي حرم الأفراد أخذ المياه من مصادرها الطبيعية، لذلك يتحتم على المستهلك أن يعرف إذا ما كانت هذه المياه قابلة للاستهلاك، أم أنها خطر جديد على صحته.
وقال المدير العام لمؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية المهندس حيدر حجة، إن المياه المعبأة تُقسم إلى قسمين، فهي إما أن تكون مياها معبأة صحية، أو مياها معبأة طبيعية، ولكنها جميعها تخضع للمواصفات الصحية الفلسطينية التي تركز على عدم تلوث المياه المعبأة بأي نوع من الملوثات سواء كانت بكتيرية أو كيماوية أو غيرها، بالإضافة إلى مراعاة أصول السلامة الغذائية في صنع العبوات بمواصفات خاصة.
وبين حجة، أن المياه المعبأة ينبغي أن تكون نقية وأن تخزن في ظروف ملائمة بعيداً عن الشمس والأتربة والملوثات، كما أن العناصر الموجودة في المياه الطبيعية أو الصحية كالفلورايد والصوديوم والبوتاسيوم، يجب أن تكون ضمن حدود المواصفة، فلا تزيد عن الحد الطبيعي لها ولا تقل لتأثيرها على صلاحية المياه.
"نحن في مؤسسة المواصفات والمقاييس لدينا علامة الجودة الفلسطينية للمياه المعبأة، وهي علامة اختيارية، وإلى الآن هناك منتجين اثنين فقط حاصلين على علامة الجودة، والتي من خلالها يمكننا التحقق من آلية التعبئة والالتزام بالشروط الصحية، والتحقق من العبوات المستخدمة" يضيف المهندس حيدر. موضحاً أنه يتم أخذ عينات عشوائية من المياه المعبأة الموجودة في الأسواق لضمان المحافظة على جودة المياه حسب المتطلبات والمواصفات في حال كانت تحمل علامة الجودة، وفي حال عدم حصول المياه على علامة الجودة فإنها تخضع لرقابة وزارة الصحة والاقتصاد.
وأشار حجة إلى أن المياه أحياناً تتلوث من العبوات، وهناك نوعان من العبوات المستخدمة في تعبئة المياه، النوع الأول العبوة المصممة لاستخدام واحد فقط، أما النوع الآخر فهو المصمم للاستخدام المتكرر، كتلك العبوات المستخدمة في أجهزة تبريد المياه، منوهاُ إلى أن كلاهما ينبغي أن يخضعا لمواصفات السلامة، فيجب أن تكون العبوة ملائمة لوضع المياه فيها، والحذر من ارتحال العناصر المكونة للعبوات إلى المياه بفعل تعرضها للشمس ودرجات الحرارة العالية التي تؤثر على سلامة المياه.
من ناحيته أكد المهندس في مؤسسة المواصفات والمقاييس أديب القيمري، أن الرقم الهيدروجيني يشير إلى حمضية أو قاعدية المياه، ويعطي مؤشر على جودة واستصاغة وحموضة المياه، وينبغي أن يكون ضمن الحد الذي تشير إليه تعليمات المواصفات الفلسطينية، والتي تتراوح بين 6.5 إلى 9.5 وحدة حامضية، فأي زيادة أو نقصان في هذه النسبة تفسد المياه ويجعلها غير صالحة للاستهلاك الآدمي.
"إن الرقم الهيدروجيني يحدد تركيز أيونات الهيدروجين في المياه، فإذا كانت نسبتها 7، هذا يعني بأنها مياه معتدلة ونقية، أما إذا قل العدد فيعني أن المياه حموضته عالية، أي أصبح طعمها حامضاً، في حين أن زيادة الرقم الهيدروجيني تعني أن المياه أصبحت قلوية، وسواء زاد الرقم الهيدروجيني أو قل، فإن الباحثين أشاروا إلى أنها تتحول إلى محلول ضار على صحة الإنسان، وتزيد من جاذبية الجسم للمعادن التي قد تضر فيه، بالإضافة إلى أن الحموضة تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي للمستهلك وقد تؤدي إلى ارتجاع المريء وحموضة المعدة"، يتابع القيمري، منوهاٌ إلى أن شرب المياه القلوية قد يؤثر على الجهاز البولي ويعطل عمل بعض الأنزيمات في الجسم ويلعب دوراً خطيراً في حرقة المعدة أيضاً.
وبين المهندس القيمري أن هناك عوامل أخرى تحدد مدى صحة المياه المعبأة، كالأملاح المذابة ونسبتها في المياه، وهي الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والصوديوم، وتتحكم هذه الأملاح في تصنيف المياه إذا كانت جيدة ومقبولة أم لا، كما أنها مؤشر على نوعية المياه، سطحية أم جوفية أو مياه أمطار، موضحاً أن نسبة هذه الأملاح تعكس جودة المياه، فكلما زادت قلت سلامة المياه المعبأة وأصبحت عكرة، لذلك يلجأ البعض إلى تحلية المياه للوصول إلى النسبة السليمة لهذه المعادن.
وتشكل هذه الأملاح في حال زيادتها خطراُ على المستهلكين، خصوصاً على مرضى الكلى والضغط، وذلك لأنها تترسب في الكلى، لذلك يجب أن لا تزيد نسبة الأملاح الكلية عن 100مليجرام لكل لتر، على أن لا يزيد المغنيسيوم عن 10 مليجرام والكالسيوم عن 30 مليجرام لكل لتر، وفقاً للقيمري.
وأوضح المهندس القيمري، "لدينا مؤشرات فيزيائية أيضاً للمياه، كاللون والرائحة والعكارة والطعم، بالإضافة إلى الخصائص الميكروبية، كالميكروبات القولونية الكلية، والقولونية اليرازية التي قد تكون خطيرة، ولا يجب أن ننسى الخصائص الكيميائية للمياه، كالزرنيخ الذي لا ينبغي أن يتواجد بكمية تزيد عن 10 مايكروجرام لكل لتر، وهناك أيضاً على سبيل المثال النحاس والسيانيد والتي لا ينبغي أن تزيد نسبتهم في المياه للأخطار التي تشكلها على جسم الإنسان".