الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مونودراما الفشل/ بقلم: فارس سباعنة

2020-07-01 03:55:01 PM
مونودراما الفشل/ بقلم: فارس سباعنة
فارس سباعنة

 

 إذا جاز لنا وصف المسؤولية التي تحمّلتها منظمة التحرير بعد اتفاق أوسلو، لن تكون إلا "الحفاظ على روح الجماعة".

 حتى لو كانت صيغة الاتفاق المهينة مع الاحتلال تحشر الفلسطيني داخل قيم ومعاني الفردية الاستهلاكية المبتذلة، التي يسّرت لثورتنا ضد أنفسنا، وأنتجت فلسطينيين كارهين لفلسطين الشعار، الشعار المحبوس داخل الوطنية المسروقة.

وأسست لصراعاتنا الأخلاقية مع ذواتنا وأهلنا وإقليمنا ومع العالم بأسره.

لا تغيب عن ذهني عبارة قرأتها للكاتب حسن خضر في مجلة الكرمل، مفادها أن "الحال الذي وصلنا إليه لم يكن نتيجة قلة الخيارات، بقدر ما كان بسبب ضيق المخيلة"،لم يكن صعباً على منظمة التحرير أن تخلقَ برامجَ وطنيةٍ تحافظ على قيم الجماعةِ للذين يتواجهون يومياً مع الحاجز والجنديّ.

لن أتحدث هنا عن برامج لبناء مؤسسات الصحة أو التعليم أو العدالة التي لا يلزمها بروبوغندا لتقنع المستفيدين أنها برامج وطنية بامتياز، وأن تحقيقها إنجازٌ للمجتمع وليسَ للسلطة أو للحزب الحاكم.

لقد تركت المخيلة الجماعية محصورة ببذاءةٍ في صور المسلّحين والسلاح مما سهّل اتهامها بالإرهاب،

بينما تركت معاني العمل التطوعي والجماعي نهباً لتسوّل الجمعيات التي أُسست بالمئات -بموافقة وزارة الداخلية- لاستغلال الشباب والنساء والأطفال في صور ورشات الفنادق والمنتجعات التي تذهب للممولين. وزجّت بمفهوم العمل الجماعي في زوايا المنفعة الرخيصة.

كان بالإمكان لتنظيف الشوارع والأبنية أو تشجير الجبال الجرداء أن تنبع من مشاعر الناس الذين يحبّون بلادهم نظيفة وجميلة لو تولت ذلك قيادة وطنية.

وكان ممكناً لو فعلناه لأجل الأسرى لكي يجدوا بلادهم التي قاتلوا لأجلها عندما يخرجون من المعتقلات.

كانت استجابتنا مذهلة حين تحوّلنا بسرعة البرق من صور المناضلين لأجل الحرية، إلى صور سياراتنا المقترضة في بروفايلات الفيسبوك.

كم هو باهت ومهين أن نعلّق هذا الفشل على الاحتلال، كأننا توقّعنا الشراكة من الدبابة في بناء أرواحنا.

علينا كشعبٍ وكمجتمع أن نحملَ هذا الفشل واضحاً فوق رأسنا، فقد كنا وما زالنا ندفعُ كلّ يومٍ سعرَ التذكرة ذاتها، لحضور ذات العرضِ الأحاديّ، وسماع المونولوج المكرر من الممثل الشرعي والوحيد، ثمّ تفوقنا على أنفسنا في ماراثون التسحيج.