الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

معركة المقاصة.. هل تنجح السلطة في فرض شروطها؟

2020-09-30 08:15:23 AM
معركة المقاصة.. هل تنجح السلطة في فرض شروطها؟
أرشيف الحدث

خاص الحدث

يؤكد الخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة على أن المعركة المالية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والمتمثلة في رفض استلام أموال المقاصة؛ لا يمكن عزلها عن الموقف السياسي، والاحتلال يمر في هذه المرحلة بحالة من النشوة والانتصار بعد إنجازاته في مساحات كان الفلسطيني يعتبرها أماكن للانتصار، ومن بينها الساحة العربية، التي استطاع اختراقها من خلال اتفاقيات التطبيع، وهو ما يعني أن العمق العربي الذي كان البديل والخيار المهم الذي يلجأ له الفلسطينيون عندما كان يمرون في أزمة مالية قد تُفك.

واعتبر دراغمة أن إدارة أزمة المقاصة من قبل المستوى السياسي الفلسطيني رافقها عدة جوانب من الخلل من بينها: أن المستوى السياسي لطالما تغنى بأن هذه أموال فلسطينية خالصة ولا يحق للاحتلال احتجازها تحت أي ظرف من الظروف، والاحتلال في البداية لم يشترط إعادة التنسيق الأمني مقابل تسليم أموال المقاصة، وكان يعتقد أن ذلك تحصيل حاصل، لكن الفلسطينيين رفضوا الجلوس حتى من أجل استلام هذه الأموال. الآن لدى دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية لتجفيف منابع المساعدات وإيرادات السلطة لتركيعها سياسيا لتمرير الإملاءات المتمثلة في صفقة القرن.

خلل في السياسات المالية للحكومة

وقال دراغمة، إن أي متغير سياسي كفيل بقلب المعادلة وتحديد من الرابح والخاسر في معركة المقاصة، لذلك لا يمكن الحكم في هذه اللحظة من الذي سينتصر في هذه المعركة، ومن المهم الانتظار لما ستؤول إليه العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وإذا ما تمت المصالحة فإن الكثير من القضايا في المعادلة السياسية ستتغير، وحينها من الممكن سحب البساط من تحت قدمي الولايات المتحدة ودولة الاحتلال اللتان تسعيان لتبديل القيادة الفلسطينية واستقدام قيادات من الخارج أو الداخل وذلك لتمرير صفقة القرن، وبالتالي فإن الانتخابات والوحدة كفيلتان بشرعنة السلوك السياسي الفلسطيني في مواجهة السياسات الإسرائيلية والأمريكية، ومعركة المقاصة ستنتصر في المحافل الدولية.

وأوضح دراغمة أن دولة الاحتلال تلعب على وتر الانقسام، وفي مرحلة من المراحل عندما رفضت السلطة الفلسطينية استلام أموال المقاصة، بسبب استيلاء الاحتلال على جزء منها بذريعة دفع مخصصات الأسرى والشهداء؛ كان هناك توجه إسرائيلي لدفعها لقطاع غزة، لكن رفض القائمين على الأوضاع هناك والتدخلات التي جرت في هذا الخصوص، منعت هذا الاستغلال الإسرائيلي، بمعنى تكريس الوحدة الوطنية يضعف الموقف الإسرائيلي في ملف المقاصة وغيرها من الملفات.

وتابع دراغمة أن الفلسطينيين سيربحون معركة المقاصة لعدة أسباب من بينها أن المستوى الأمني الإسرائيلي هو صاحب كلمة الفصل في مثل هذه القضايا، وهو يدفع باتجاه الحل في هذا الملف ورفع توصيات بهذا الشأن للمستوى السياسي الإسرائيلي، لأنه يخشى من اندلاع انتفاضة فلسطينية بسبب التضييقات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ودولة الاحتلال لا تريد الدخول في دوامة من المواجهة في الضفة الغربية.

وشدد دراغمة على أن كل الاتفاقيات التي يجريها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لا يمكن أن تضمن أمن الإسرائيليين، وبالتالي فإن دولة الاحتلال مشكلتها الرئيسية مع الفلسطينيين وليس مع السودانيين أو الإمارتيين، وهي تسعى لضمان الأمن لمستوطنيها، ولذلك لن تدفع الفلسطينيين للحائط، لأن ذلك ليس في صالحها.

ويتوقع الخبير دراغمة، أن تتراجع دولة الاحتلال عن قرارها في ما يتعلق بأموال المقاصة، كما تراجعت في ملف الضم، والذي يدفع نتنياهو للتراجع في هذه الحالات ليس التطبيع العربي وإنما الفلسطيني الذي يشكل الرقم الصعب في المعادلة، وأيضا استطاع المستوى السياسي الفلسطيني إدارة أزمة الضم تحديدا بشكل ناجح ولكن هناك خلل في إدارة أزمة المقاصة.

ولا يبدي دراغمة تفاؤلا بحل ملف المقاصة قريبا، وقال إن الأمر يحتاج لأشهر ولضغط أوروبي أيضا وصمود فلسطيني، حينها يمكن الحديث عن حل لصالح الفلسطينيين.

وأوضح دراغمة أن الأزمات المالية في الدول تعالج من خلال شقين: السياسات المالية والسياسات النقدية. لكن الفلسطينيين يفتقدون للسياسات النقدية لأن ليست لديهم عملة وطنية يتحكمون بسعر صرفها، وبالتالي يبقى الأمر متاحا لمعالجة الأزمة من خلال السياسات المالية، وهذه السياسات تعاني من خلل حقيقي قد لا يكون مرتبطا بحكومة دون أخرى لأن المعطيات المتوفرة ليس بالسهولة التعامل معها.

وأضاف دراغمة: للأسف ليس لدينا تخطيط أو خطة لإدارة الأزمة المالية، ومن لا يخطط، عمليا يخطط لفشله، ولعدم اهتمامنا بالتخطيط، دمجنا دائرة التخطيط بوزارة المالية، وما يجعلنا نعاني أكثر من المتوقع، هو أننا لا نخطط في سياق السياسات المالية، التي يجب أن تتضمن في هذه المرحلة رفع شعار التقشف بمعناه الحقيقي وترشيد النفقات بشكل جدي، وهذا ما لم يلمسه المواطن حتى اللحظة. والأمر الأهم يتمثل في تحسين الإيرادات من خلال متابعة الضرائب مع كبار المستثمرين والتجار.

وأكد دراغمة أنه لو كانت هناك سياسات مالية صحيحة، لم يكن المواطن ليشعر بالأزمة المالية الحالية بهذه الحدة، وأن المستوى السياسي يقع على عاتقه مسؤولية سياسية مرتبطة بالسياسات المالية، لأنه يجب تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية لإحراج الدول التي كانت سببا في وجود الاحتلال وخاصة الدول الأوروبية، وتوفير منابع للدعم والمساعدة.

وساطة أوروبية لحل أزمة المقاصة

ويقول مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية، د. أحمد رفيق عوض، إن هناك ضغوطات من قطاعات مختلفة من الشعب الفلسطيني على السلطة الفلسطينية في ما يتعلق بالموضوع المالي، ولكن من المهم التأكيد على أنه عندما يكون الثمن سياسيا أمنيا، يجب على الشعب الفلسطيني التحلي بروح الصمود في وجه السياسات الإسرائيلية.

ويؤكد عوض على أن دولة الاحتلال لا يمكن أن تترك الأزمة المالية تتفاقم أكثر، وتوصيات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للمستوى السياسي الإسرائيلي تشدد على أنه من المحظور دفع السلطة الفلسطينية إلى الانهيار، خاصة وأن الأخيرة تواجه جائحة كورونا، والرئيس محمود عباس رجل منع عسكرة الانتفاضة وبالتالي يجب أن لا يتم إسقاط السلطة بهذه الطريقة.

ودلل عوض على إمكانية تراجع دولة الاحتلال في ما يتعلق بأموال المقاصة بأن القرار العسكري الذي صدر عن وزير جيش الاحتلال بمعاقبة البنوك الفلسطينية التي تحول رواتب ومخصصات الأسرى، يتم تجميد العمل به من فترة لفترة، لكن من الواضح أن الرؤية الرسمية الإسرائيلية تريد أن يدفع الفلسطينيون استحقاق ما في مقابلها.

وأضاف عوض: يبدو أن هناك مفاوضات قد نضجت من خلال الأوروبيين للنزول عن الشجرة في ما يخص أموال المقاصة بطريقة غير فجة وبدون انكسار، وهذه القضية في طريقها إلى حل ما، لكن لا أعلم ما طبيعة هذا الحل.

وقال عوض إن حكومة الاحتلال تبدي تشددا ملحوظا ضد السلطة الفلسطينية بعد التطبيع، وأي شيء يُقدم للسلطة لن يكون مجانيا بما في ذلك أموال المقاصة، وهناك أصوات في الليكود وخارجه تؤمن بأن السلطة ليست هي التي تحقق الأمن للإسرائيليين، في مقابل ذلك تحذر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من هذا التوجه وتطالب بعدم كسر السلطة نهائيا لأن ذلك سيؤدي إلى مواجهة.

ويرى مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية عوض، أن دولة الاحتلال بدأت تغذي بعض الصراعات والظواهر في الضفة الغربية ومن بينها المشاكل العائلية وقضايا المخدرات والسرقة، وذلك من أجل تفكيك المجتمع الفلسطيني ومنع توحده في مواجهة السياسات الإسرائيلية وأيضا من أجل الضغط على السلطة الفلسطينية وتوجيه العنف في الداخل بما يثقل كاهل السلطة ويمنع تفرغها للمعارك السياسية مع الاحتلال.

الأزمة المالية للسلطة.. حقائق وأرقام

وتعاني السلطة الفلسطينية منذ عدة أشهر أزمة مالية كبيرة أثرت بشكل واضح وكبير على مختلف مناحي الحياة، ويمكن إجمال أسبابها بـسببين رئيسيين: الأول؛ جائحة كورونا وتأثيرها على مجمل الاقتصادات في العالم، بما في ذلك الاقتصاد الفلسطيني والإغلاقات التي رافقت ذلك وتعطل عمل بعض المؤسسات، والثاني؛ عدم استلام أموال المقاصة من الإسرائيليين، بعد قرار القيادة الفلسطينية في آيار الماضي وقف كل أشكال التنسيق مع إسرائيل، في ضوء نية الأخيرة تنفيذ مخطط ضم أراض في الضفة الغربية.

وكان أحد أبرز مظاهر الأزمة عدم قدرة الحكومة على تسديد كامل رواتب الموظفين، إذ تظهر بيانات حصلت عليها صحيفة الحدث، أن الفاتورة الشهرية للأجور والرواتب في السلطة الفلسطينية تبلغ حوالي 860.8 مليون شيقل، وقد التزمت الحكومة بتسديد راتب كامل حتى نهاية شهر نيسان 2020، فيما سددت ما نسبته 50% من الراتب عن الأشهر أيار وحزيران وتموز، بقيمة إجمالية تقارب 60% من إجمالي فاتورة الرواتب الشهرية، فيما لم يتم تسديد قيمة راتب شهر آب 2020.

وتبلغ قيمة المتأخرات من إجمالي فاتورة الأجور والرواتب عن الأشهر أيار وحزيران وتموز ما يقارب 220% من الفاتورة الشهرية ((40% × 3) + 100%)) وبقيمة إجمالية تساوي حوالي 2 مليار شيقل.

وتظهر البيانات أن فاتورة الأجور والرواتب توزعت بحسب مراكز المسؤولية بين أربعة بنود رئيسة:

 الأمن والنظام العام بنسبة (39.7%)، وزارة التربية والتعليم (33.8%)، وزارة الصحة (10%)، الخدمات العامة والإدارة العامة (8.4%) في المرتبة الرابعة، وأخيراً القطاعات الأخرى (8%).

 وبلغ صافي المتأخرات المترتبة على الحكومة من غير الأجور حوالي 15.5 مليار شيقل، فيما تبلغ قيمة المتأخرات بما يشمل مستحقات الموظفين حوالي 17.5 مليار شيقل حتى نهاية شهر آب 2020 (أو ما يعادل 4.8 مليار دولار)، مرتفعةً بنسبة 14% عن ذات الفترة من العام الماضي.

وارتفع الدين العام الحكومي حتى نهاية شهر تموز 2020 ليصل إلى ما يقارب 3.3 مليار دولار (حوالي 11.3 مليار شيقل)، منها ما يقارب 58% دين حكومي محلي و42% للدين الحكومي الخارجي.

وشهدت الفترة الماضية ارتفاعاً في حجم الائتمان الممنوح للحكومة من قبل الجهاز المصرفي ليبلغ حوالي 1.7 مليار دولار حتى نهاية شهر تموز، مشكلاً ما يقارب 11.9% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، ومن المتوقع ارتفاعه ليصل إلى حوالي 1.9 مليار دولار حتى نهاية شهر آب 2020.

وتوزع الائتمان الممنوح للحكومة من قبل الجهاز المصرفي بين الشيقل الإسرائيلي الذي استحوذ على نحو 75.4%، والدينار الأردني بحصة بلغت نحو 18.8%، في حين بلغت حصة الدولار الأمريكي نحو 4.6% فقط.

ويظهر توزيع الائتمان المحلي الحكومي بالعملات المختلفة، اعتماد الحكومة الفلسطينية على الاقتراض بالشيقل الإسرائيلي، وتجنبها الاقتراض بالعملات الأخرى، وذلك في محاولة منها لتجنب تقلبات أسعار الصرف خاصة وأن الجزء الأعظم من إيراداتها ونفقاتها تتم بعملة الشيقل الإسرائيلي.

وبلغ الدين الحكومي الخارجي حوالي 1.3 مليار دولار، أو ما يعادل 8.9% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وقد ارتفع الدين الخارجي بقيمة القرض المقدم من البنك الوطني القطري بواقع 250.6 مليون دولار، ويتميز الدين الخارجي بأن معظمه دين طويل الأجل، على العكس من الدين المحلي الحكومي.

ويتوزع الدين الخارجي بين قروض مقدمة من صندوق الأقصى بقيمة 513 مليون دولار، ومن البنك الدولي بقيمة 273.6 مليون دولار، وقروض ثنائية بقيمة 144.2 مليون دولار، فيما توزع باقي الدين الحكومي الخارجي البالغ 363.3 مليون دولار بين قروض مقدمة من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والبنك القطري الوطني، والبنك الإسلامي للتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي، ومنظمة الأوبك، والصندوق الدولي للتطوير الزراعي.

وتوضح البيانات أن قيمة المتأخرات للقطاع الصحي تبلغ حوالي مليار شيقل حسب المطالبات المبلغ عنها من قبل المستشفيات وشركات الدواء في فلسطين حتى نهاية شهر حزيران.

كما وتبلغ مستحقات هيئة التقاعد على وزارة المالية ما يزيد عن 6 مليار شيقل، ومتأخرات المقاولين وقطاع الإنشاءات ما يقارب 600 مليون شيقل.

وبلغت قيمة فاتورة المقاصة المحتجزة لدى الإسرائيليين حوالي 1.6 مليار شيقل حتى نهاية شهر آب 2020، وذلك عن الأشهر أيار حتى آب 2020، فيما تراجع حجم الإيرادات المحلية ليصل إلى حوالي 200 مليون شيقل شهريا بانخفاض بلغت نسبته 30% بسبب الأزمة الصحية.

ويتضح من البيانات السابقة أن السيناريوهات المتوقعة للأزمة المالية تأتي في سياق فترتين، الأولى؛ من بداية شهر أيار ولغاية نهاية شهر آب 2020، وتبلغ خلالها مستحقات الموظفين على الحكومة خلال الفترة ما يقارب 2 مليار شيقل، فيما تبلغ قيمة المقاصة المحجوزة لدى الإسرائيليين ما يقارب 1.6 مليار شيقل، بمعنى أن إيرادات المقاصة لن تسدد قيمة مستحقات الموظفين، عدا عن متأخرات القطاع الخاص والبنوك.

أما الفترة الثانية؛ فهي من بداية شهر أيلول ولغاية شهر كانون الأول 2020، وفي حال عدم استلام المقاصة حتى نهاية العام، فإنه من المتوقع أن تبلغ قيمة المقاصة عن فترة الأشهر الأربعة المذكورة ما يقارب 1.6 مليار شيقل، فيما ستبلغ قيمة الإيرادات المحلية التي من المتوقع تحقيقها عن الأشهر الأربعة ما يقارب 800 مليون شيقل (200 مليون × 4 أشهر).

وخلال الفترة الثانية (من بداية أيلول حتى نهاية كانون أول) من المتوقع أن تبلغ قيمة نفقات الأجور والرواتب ما يقارب 3.5 مليار شيقل، وإذا ما قررت الحكومة تسديد 50 % من الراتب للموظفين خلال تلك الفترة بواقع 60% من حيث القيمة، تكون قيمة الرواتب التي سيتم صرفها 2.1  مليار شيقل، وبذلك تكون قيمة العجز الناتجة عن تسديد 50% من فاتورة الرواتب ما يقارب 1.3 مليار شيقل (2.1 مليار شيقل– 800 مليون شيقل)، وقيمة المتأخرات لصالح الموظفين حوالي 1.4 مليار شيقل (40%×3.5 مليار شيقل)، ليبلغ إجمالي العجز الكلي خلال المرحلة الثانية حوالي 2.5 مليار شيقل (1.1 +1.4)، مقابل متأخرات لدى الإسرائيليين تقدّر بحوالي 1.6 مليار شيقل.

 ويتوقع أن يبلغ صافي العجز في الدين العام من بداية شهر أيار ولغاية شهر كانون الأول 2020 حوالي 2.9 مليار شيقل على النحو التالي: صافي عجز المرحلة الأولى بواقع 400 مليون شيقل، صافي عجز المرحلة الثانية بواقع 2.5 مليار شيقل، يضاف على ذلك صافي الاستدانة من البنوك بواقع 1.4 مليار شيقل ومتأخرات القطاع الخاص والقطاع الصحي وغيرها من القطاعات.

 وتثير هذه البيانات أسئلة حول خطة الحكومة لتغطية العجز المتزايد في الموازنة، والكيفية التي من خلالها سيتم تسديد الديون، والسبب الذي يمنع من استلام المقاصة رغم أنها أموال من حق الفلسطينيين، وأيضا ما إذا كانت الحكومة قد وضعت خطة لتخفيض النفقات.

وفي خضم هذه الأزمة المالية الكبيرة، يظهر كذلك سؤال مهم حول تعاطي الحكومة مع الديون التي لصالحها، كتلك التي على شركة أوريدو، والتي تبلغ 214.5 مليون دولار (حوالي 830 مليون شيقل) والتي يمكنها المساهمة نسبيا في حلحلة جانب من الأزمة، على سبيل المثال في الجانب المتعلق برواتب الموظفين، ومع ذلك لا يتضح أي نية لدى الحكومة على تحصيلها، رغم تصريحات وزير الاتصالات إسحاق سدر في حزيران الماضي بأن وزارته لن تتوانى في تحصيل الديون المستحقة على أوريدو، والتي كانت من المفترض أن تدفع بين عامي 2012 - 2014.

وبحسب معلومات توصلت إليها صحيفة الحدث، فقد زادت إيرادات السلطة من الرسوم الجمركية المفروضة على السجائر بين (10 إلى 12) مليون دولار شهريا بدءا من شهر آيار بسبب إغلاق المعابر مع الأردن الناتج عن أزمة كورونا، حيث توقفت عمليات تهريب السجائر، وإذا بقيت هذه الزيادة بنفس الوتيرة فمن المتوقع أن تصل قيمتها مع نهاية شهر كانون أول 2020 من (80 إلى 96) مليون دولار، وهو مبلغ أيضا مهم في سياق هذه الأزمة المالية، خاصة إذا ما أضيفت له الديون المستحقة على شركة أوريدو القطرية، وهذه خيارات متاحة أمام الحكومة يجب أن تتعامل معها ضمن مجموعة واسعة من الخيارات التي يجب أن تصيغها.

ويبقى السؤال الأهم بشأن قدرة الحكومة على الاستمرار ماليا في ظل الوضع القائمة خاصة في ضوء التجاذبات السياسية في المنطقة، ومدى توفر الخطط للتعامل مع هذا الواقع أو مصارحة الشعب ووضعه أمام مسؤولياته ليقرر مصيره ومستقبله في ظل هذه الظروف.