الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الرحلة السرية إلى السعودية

2020-11-25 09:38:55 AM
الرحلة السرية إلى السعودية
نتنياهو

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالاً لجوناثان فيرزيجر الزميل البارز غير المقيم في المجلس الأطلسي، ومراسل الشرق الأوسط السابق لوكالة بلومبرج، ترجمته الحدث، وجاء فيه:

إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السرية إلى السعودية ولقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يوم الأحد؛ تثير احتمال انضمام السعودية إلى التحالف الجديد لدول الخليج العربية مع "إسرائيل". ويبدو أن هذه الزيارة تبين أيضاً أن الأعداء السابقين يعتمدون على بعضهم البعض لتبديد الرياح السيئة التي بدأت تهب بالفعل في اتجاههم من إدارة بايدن القادمة. 

وباعتبارهم أكبر المستفيدين من السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ يسعى نتنياهو ومحمد بن سلمان الآن إلى حماية نفسيهما من مؤشر تجنبهما من قبل البيت الأبيض الذي سيديره الرئيس بايدن باعتبارهما كفاعلين مارقين.

هناك روايات متعددة تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي قام بإلغاء اجماع لمجلس الوزراء يوم الأحد الماضي، وقام برحلة سرية على متن طائرة خاصة استغرقت ساعة واحدة عبر البحر الأحمر متجهاً إلى مدينة نيوم التي تقع على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، التي يجري إنشاؤها الآن بقيمة 500 مليار دولار لتكون معرضاً للابتكار التكنولوجي. وقد أمضى نتنياهو ما يقرب من خمس ساعات مع ولي العهد السعودي، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ومدير الموساد يوسي كوهين.

إن التكهنات الجامحة بشأن الموضوعات التي ناقشها الرجال الأربعة خلال الاجتماع -يعتقد البعض أن الاجتماع كان بصدد هجوم وشيك ضد إيران قبل أن يحصل الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن على فرصة للانضمام إلى الاتفاق النووي لعام 2015، في حين أعرب آخرون عن أملهم أن تحذو المملكة العربية السعودية حذو الإمارات العربية المتحدة والبحرين في تطبيع العلاقات رسمياً مع الدولة اليهودية.

من المرجح أن تتبع واشنطن سياسة مختلفة في الشرق الأوسط بحلول 20 يناير/كانون الثاني المقبل، حيث تحدث بايدن بصراحة عن إعادة تقييم للعلاقة الأمريكية السعودية في ضوء مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في إسطنبول في عام 2018. كما ولا تزال معارضة نتنياهو الصريحة للمفاوضات مع إيران، ولا سيما خطابه في عام 2015 أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي، الذي لا يزال يذكر باعتباره نقداً لاذعاً للرئيس السابق باراك أوباما عندما كان بايدن نائباً للرئيس.

يرى جوشوا تيتلباوم، الأستاذ في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، والذي يعمل الآن على تأليف كتاب عن تاريخ الجيش السعودي، أن الاجتماع في نيوم كان يهدف إلى "الظفر بشيء ما" قبل أن يترك ترامب منصبه و"إرسال إشارة إلى إدارة بايدن". مضيفاً: إن الرسالة هي أن "هذين الحليفين الرئيسين في المنطقة يتحديان معاً". ومع ذلك، يبدو أن الرسالة لم تكن موجهة للجمهور: فبعد أن تم تسريب أخبار رحلة الأحد إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الاثنين وأكدها مسؤولون إسرائيليون وسعوديون، نفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان تلك الأخبار رسمياً.

إن نتنياهو الذي رفض يوم الإثنين تأكيد أو نفي أنباء زيارته إلى السعودية، قد ألمح إلى وجود ارتباطات سرية مع قادة عرب من دون أن يؤكد وقوعها. وقد وردت تقارير حول اجتماعات بين نتنياهو ومحمد بن سلمان على متن يخت في البحر الأحمر، بجوار الأردن، وفي مدن أوروبية مختلفة. والمرة الوحيدة التي التقى فيها نتنياهو علناً بأي حاكم خليجي كانت في عام 2018، عندما زار السلطان قابوس في سلطنة عمان الراحل، الذي توفي في كانون الثاني/يناير، في مسقط.

ومع ذلك، فإن كل هذه التلميحات حجبت العلاقات الدبلوماسية المعمقة ولكن غير الرسمية التي أقامها نتنياهو مع مجموعة واسعة من الدول العربية، حتى عندما تعرض للتشهير علناً بسبب سياسته المتشددة تجاه الفلسطينيين وخططه لضم ما يقرب من 30 في المائة من الضفة الغربية. وجاءت المكافأة في أيلول/سبتمبر، عندما جلس إلى جانب ترامب في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض ووقع اتفاق أبراهام مع وزيري خارجية الإمارات والبحرين، مما فتح الطريق نحو إقامة علاقات دبلوماسية مع دول الخليج، إلى جانب وعود بالتعاون في مجالات الأعمال والدفاع والاستخبارات والطيران والسياحة والبحوث الطبية والمصالحة الإسلامية اليهودية. وتوجت المكافئة بصفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار أسقطت فيها "إسرائيل" اعتراضاتها طويلة الأمد على بيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة شبحية من طراز "F-35" إلى الإمارات العربية المتحدة.

بيد أن ما افتقده التقارب في الشرق الأوسط هو مشاركة المملكة العربية السعودية، أكبر وأغنى عضو في مجلس التعاون الخليجي. وكانت أول رحلة خارجية يقوم بها ترامب كرئيس للبلاد إلى المملكة العربية السعودية، وأعقبها برحلة غير مسبوقة مباشرة من الرياض إلى تل أبيب. ومنذ الإعلان عن الاتفاق بين "إسرائيل" والإمارات من المكتب البيضاوي في آب/أغسطس، قال ترامب ومساعدوه إنهم يتوقعون أن تنضم السعودية إلى الاتفاق أيضاً. وحتى هذه اللحظة، قال السعوديون إن أي اتفاق رسمي مع "إسرائيل" يجب أن يستند إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي طرحها السعوديون في الأصل، والتي تطالب "إسرائيل" بقبول دولة فلسطينية والانسحاب من الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.

ومع انتهاء عهد ترامب، تشعر كل من "إسرائيل" ودول الخليج بالقلق إزاء ما يمكن توقعه من الإدارة الجديدة، ويعملون على تهيئة أنفسهم للعودة إلى الخطوط العريضة للسياسة المألوفة التي اتبعها أوباما، بما في ذلك نزع فتيل الصراع الإيراني، والتعاطف مع الفلسطينيين، والتأكيد على حقوق الإنسان. وقالت ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات في أبو ظبي، إنه من الواضح أن نتنياهو ومحمد بن سلمان يشتركان في بعض المخاوف العميقة قبل رحيل ترامب. إنهم يريدون التأكد من أن ما سيفعله بايدن لن يؤثر على مصالحهم المتبادلة.