الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مجموعة الأزمات الدولية تنشر مبادة لحل القضية الفلسطينية

2020-12-20 04:58:58 PM
مجموعة الأزمات الدولية تنشر مبادة لحل القضية الفلسطينية
أرشيفية

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت "مجموعة الأزمات الدولية" تقريراً أشبه ما يكون بمبادرة لحل القضية الفلسطينية، وتشير المبادرة إلى أنه في كانون الثاني/يناير 2021، ستواجه إدارة بايدن مسؤولية تخفيف الضرر الناجم عن سياسة الرئيس ترامب المدمرة تجاه الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي". وسيتمثل التحدي الذي تواجهه الإدارة الجديدة في التراجع عن إرث ترامب دون الاكتفاء بإعادة الوضع الذي كان قائماً قبل رئاسته.

تقول "مجموعة الأزمات الدولية" أن هذا البيان يعتبر جزءاً من مبادرة مشتركة بين المجموعة ومشروع الشرق الأوسط للولايات المتحدة (USMEP) للمساعدة في حل الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي".

توضح المجموعة أنه من غير المرجح أن يكون الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" أولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة، ولكن مسار الصراع وتداعياته على المصالح الأمريكية يجب أن يكون مصدر قلق لصناع السياسة الأمريكيين. وينبغي للإدارة الجديدة أن تتعلم دروس الماضي: حيث ينبغي أن تكون طموحة من حيث السعي إلى تغيير شروط النقاش ومتواضعة فيما يتعلق بإمكانية إنهاء الصراع في أي وقت قريب.

على مر السنين، كان للسياسات الأمريكية تأثير مؤسف – غير مقصود في بعض الأحيان – أدى لتسهيل ترسيخ السيطرة "الإسرائيلية" على الفلسطينيين. ومن الواضح أنه ما لم يكن مقصوداً أصبح هادفاً في ظل إدارة ترامب، التي شجعت بناء المستوطنات وأصدرت "خطة السلام من أجل الازدهار" التي تميل بشكل حاسم لصالح استمرار الاحتلال "الإسرائيلي". وينبغي أن تهدف مشاركة الولايات المتحدة على الأقل إلى التخفيف من التفاوت الأساسي في القوة بين "إسرائيل" والفلسطينيين. وبدلاً من ذلك، غالباً ما فعلت العكس، وفعل البيت الأبيض في عهد ترامب أقصى جهد في هذا الشأن.

أشار بيان المجموعة إلى أن المطلوب اليوم ليس الحصول على جائزة نوبل للسلام بعد التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، بل هو وضع اللبنات الأساسية المطلوبة لتوجيه الأجيال المقبلة من "الإسرائيليين" والفلسطينيين نحو مستقبل أكثر سلاماً وعدلاً. وتشمل تلك اللبنات ما يلي: جمهور "إسرائيلي" يدرك عواقب الاحتلال الدائم، وأن السبيل الوحيد لتجنب تلك العواقب هو إشراك الفلسطينيين بشكل فردي كونهم متساوين في الحقوق والواجبات، وعلى نحو جماعي من خلال احترام تطلعاتهم نحو تقرير المصير الوطني؛ بالإضافة إلى وجود نظام سياسي فلسطيني متماسك مع قيادة يمكنها أن ترسم مساراً فعالاً للمضي قدماً وتحدي الوضع الراهن بوسائل غير عنيفة وبطرق تتفق مع القانون الدولي؛ كما وتشمل تلك الأسس أيضاً تغيير الاتجاهات السياسية والقانونية على الأرض التي هزت الساحة الدبلوماسية وفشلت في ضمان حقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين.

يتابع البيان: ومن شأن التركيز على هذه الأسس أن يساعد على تغيير العدسة التي من خلالها يُنظر إلى الصراع في واشنطن، وينقلها من مقعد المتفرج الذي يركز على متابعة ما يجري من أجل المتابعة فحسب، إلى تهيئة الظروف لإجراء محادثات ذات مغزى مع حماية أولئك الذين تنتهك حقوقهم في المنطقة الممتدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. ومن شبه المؤكد أن الإدارة القادمة ستوضح أن حل الدولتين هو إطارها السياسي المفضل، على غرار الإجماع الدولي الذي عكسه خطاب وزير الخارجية جون كيري في 28 كانون الأول/ديسمبر 2016. وفي هذا السياق، ينبغي على الولايات المتحدة أن توضح أيضاً أنه في حال استمرت "إسرائيل" في عرقلة إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وقابلة للحياة، فإن أي بديل يجب أن يحترم الحق في المساواة الكاملة وحرية التصويت لجميع أولئك الموجودين في أي مكان تسيطر عليه "إسرائيل".

وبناء على ذلك، فإن نقطة الانطلاق لسياسة جديدة بين "إسرائيل" وفلسطين ينبغي أن تستند إلى الركائز الثلاث التالية:

التخفيف من الضرر الناجم عن إرث ترامب والتخلي عن التركيز على إدامة عملية السلام وتبني خيار آخر يتمحور حول حماية حقوق ورفاهية الناس على الأرض. كما إن قرارات إدارة ترامب المتعددة – بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل". - وقطع المساعدات عن الفلسطينيين؛ وإغلاق القنصلية الأمريكية في القدس وإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن؛ وتأييد مشروعية النشاط الاستيطاني "الإسرائيلي" بشكل فعال - أضرّت بشكل خطير باحتمالات التوصل إلى حل عادل للصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، واستنفدت احتياطيات المصداقية الأمريكية. ينبغي أن يكون التراجع عن سياسات ترامب الرئيسة أولوية، ولكن ينبغي ألا يكون بمثابة العودة إلى الوضع السابق، عندما أصبح إنقاذ عملية السلام - بدلاً من تحقيق السلام أو وضع الظروف لتحقيقها – هدفاً في كثير من الأحيان. وكانت النتيجة توفير غطاء ضمني للأعمال "الإسرائيلية"، لا سيما بناء المستوطنات وتوطيدها. وبدلاً من ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لوقف الضم الزاحف وحماية الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة، حيث عجل الحصار بحدوث حالة طوارئ إنسانية ويهدد بالتصعيد في أي لحظة. وينبغي للإدارة الجديدة، على وجه التحديد، أن تقوم بما يلي:

التنصل بشكل لا لبس فيه من خطة ترامب التي أعلنها في كانون الثاني/يناير 2020، وإصدار بيان واضح بأن الخطة لا تمثل سياسة الولايات المتحدة.

التركيز على السياسات الرامية إلى حماية حقوق الفلسطينيين و "الإسرائيليين". وفي حين أن الولايات المتحدة قد أكدت تاريخياً وسعت إلى صون حقوق "الإسرائيليين" في العيش في أمان وأمن، إلا أنها كانت أقل اهتماماً بكثير بحقوق الفلسطينيين في تحررهم من العنف، والقيود المفروضة على حرية التنقل، وهدم المنازل، والاعتقال الإداري المطول، وتجريدهم من ممتلكاتهم قسراً.

التأكيد من جديد على أن المستوطنات "الإسرائيلية" غير قانونية، وأن الولايات المتحدة لن تعترف بضم "إسرائيل" لأي جزء من الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

إعادة تأكيد وتعزيز التمايز بين "إسرائيل" والأراضي المحتلة في جميع التعاملات الأمريكية، بما في ذلك إعادة فرض القيود الجغرافية على المؤسسات الأمريكية-الإسرائيلية المشتركة للبحث والتطوير الصناعي الثنائية، ومؤسسة العلوم ثنائية القومية بين الولايات المتحدة و "إسرائيل"، وصندوق البحوث والتنمية الزراعية بين الولايات المتحدة و "إسرائيل"، وبالتالي عدم منح التمويل لمشاريع البحث والتطوير "الإسرائيلية" في الأراضي المحتلة.

توضيح أن الولايات المتحدة، في معارضتها لحملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ضد "إسرائيل"، لا تعتبر المقاطعة مضادة للسامية، وأنها ستضمن حقوق حرية التعبير.

إعادة التواصل مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسماح لمنظمة التحرير الفلسطينية بإعادة فتح بعثتها في واشنطن.

إعادة تأسيس القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية بشكل منفصل عن السفارة الأمريكية لدى "إسرائيل"، ودعم إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، وتأكيد نية الولايات المتحدة لفتح سفارة لفلسطين في القدس الشرقية.

تركيز الجهود على إنهاء الحصار المفروض على غزة وتحقيق الأمن لمن يعيشون في جنوب "إسرائيل" وقطاع غزة من خلال تعزيز ترتيبات وقف إطلاق النار الدائم بين الفصائل المسلحة العاملة في قطاع غزة والحكومة "الإسرائيلية".

الضغط على "إسرائيل" كي لا تهدد المجتمعات المحلية الفلسطينية في المنطقة (ج) بالمزيد من التشريد، ومصادرة الأراضي، والقيود المفروضة على التنقل، وتطوير البنية التحتية، والبناء، والوصول إلى الأراضي الزراعية.

العمل على إزالة العقبات "الإسرائيلية" أمام تنمية القطاع الخاص الفلسطيني.

إعادة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، التي ترعى اللاجئين الفلسطينيين حتى يتم الوفاء بحقوقهم.

الكف عن الاجراءات التي تمكن وتقوي السياسات "الإسرائيلية" الساعية إلى منع أي اتفاق سلام أو إقامة دولة فلسطينية، بما في ذلك تشجيع الجهات السياسية الفاعلة التي تتطلع إلى تحقيق النتيجة غير المقبولة لدولة يهودية واحدة غير ديمقراطية بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط. وينبغي أن يكون للولايات المتحدة مصلحة في تشجيع الظروف التي تفضي إلى احداث تحول في السياسة "الإسرائيلية" نحو السعي إلى تحقيق سلام قابل للحياة وإنهاء الاحتلال. وحتى قبل إدارة ترامب، كثيراً ما جعلت السياسة الأمريكية من السهل على "الإسرائيليين" افتراض أن الاحتلال يمكن أن يكون خالياً من التكلفة بشكل دائم ويمكن تجنب الخيارات الصعبة. وبهذه الروح، ينبغي للإدارة الجديدة أن تقوم بما يلي:

الامتناع عن استخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي عندما يؤدي ذلك إلى تقويض القانون الدولي أو يتعارض مع سياسة الولايات المتحدة.

العمل مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه وأطراف ثالثة أخرى، بما في ذلك في المحافل الدولية، من أجل تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه. ويجب على الولايات المتحدة أن تكف عن عرقلة الجهود التي تبذلها الهيئات المتعددة الأطراف والأطراف الثالثة للتمييز بين "إسرائيل" والأراضي المحتلة، بما في ذلك فيما يتعلق بتحديث قاعدة بيانات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الخاصة بمؤسسات التجارية العاملة في المستوطنات.

تجنب الدخول في مفاوضات مع "إسرائيل" بشأن ما يسمى بالتوسع الاستيطاني المقبول.

ضمان قدر أكبر من الشفافية، ومراقبة الاستخدام النهائي، والمساءلة فيما يتعلق بالمساعدات الأمنية لـ "إسرائيل"، حتى يمكن اخضاع "إسرائيل" لمعايير قياسية لحقوق الإنسان الأمريكية وغيرها من المعايير التي تطبقها على الدول المتلقية للمساعدات.

المساعدة على تسهيل وتشجيع الفلسطينيين على القيام بالتجديد السياسي الخاصة بهم، وتبني سياسات ديمقراطية ومسؤولة، ودفع المصالحة الداخلية قدماً، وإعطاء متنفس للاستراتيجيات غير عنفية لتحقيق أهدافها. فالقيادة الفلسطينية بعيدة كل البعد عن اللوم – فأجهزة الأمن التابعة لها تسيء معاملة شعبها، وهيئاتها الوطنية ليست ممثلة لجمهورها، ولا تخضع للمساءلة أمام جمهورها، كما أنها فشلت في اتباع نهج متماسك وفعال. وقد ساهمت في وضع منقسم بين الفلسطينيين ويفتقرون إلى استراتيجية ذات مصداقية. وبناءً على ذلك، ينبغي للإدارة الأمريكية الجديدة أن تفعل ما يلي:

العمل مع الشركاء الدوليين لتشجيع وتيسير التجديد السياسي الفلسطيني، بما في ذلك انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وانتخابات الرئاسة وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وإزالة العقبات "الإسرائيلية" التي تحول دون مشاركة الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية في هذه الانتخابات.

دعم وتعزيز المصالحة السياسية الفلسطينية الداخلية، واشتراط مشاركة الولايات المتحدة مع حكومة وحدة فلسطينية بالتزامها بعدم اللجوء للعنف.

العمل مع أطراف ثالثة لدفع الإصلاحات في الحكم الفلسطيني، وضمان المزيد من الشفافية والمساءلة في شؤونها المالية. كما ينبغي أن تعمل مع الفلسطينيين للسعي إلى إصلاح المساعدة المالية التي تقدمها السلطة الفلسطينية لأسر السجناء الفلسطينيين المعتقلين في السجون "الإسرائيلية"، بحيث تكون هذه المساعدة مرتبطة بمستوى الضائقة المالية التي يواجهونها أو تواجهها عائلاتهم.

هناك عناصر أخرى، بالطبع. فقد رحب الرئيس المنتخب بايدن بصفقات التطبيع بين "إسرائيل" والعديد من الدول العربية، ويمكن توقع أن تسعى إدارته إلى المزيد. ولكن في هذا الصدد، ينبغي لها أن تضمن أن تسهم هذه الصفقات في رفاهية الفلسطينيين وحل الصراع، بدلاً من الانتقاص منها، وأن تدفع على نطاق أوسع في تخفيض التصعيد الإقليمي وتحقيق السلام. كما ينبغي لإدارة بايدن أن تتبنى نهجاً متعدد الأطراف في التعامل مع الصراع، وأن تنسق مع أوروبا وأن تعيد دمج الأردن بنشاط في جهودها.

خلص البيان إلى أن النقطة الأوسع هي: قد تميل إدارة بايدن إلى الحد من مشاركتها في الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، للتخفيف من الأضرار التي سببتها إدارة ترامب واستئناف المفاوضات. وسيكون ذلك مفهوماً ولكنه غير فعال. والنتيجة المحتملة لهذا النهج هي تعزيز السيطرة "الإسرائيلية" على الأراضي الفلسطينية، وزيادة التشرذم الفلسطيني، وتعاظم الإحباط واليأس. ولتوجيه الأطراف إلى مكان قد يكون فيه الدفع الدبلوماسي القوي مثمرًا، سيكون من الأفضل أن تنبع إدارة بايدن سياسة مخلصة لالتزامها المعلن بالمعايير الدولية، واحترام حقوق الإنسان، والتعددية والدبلوماسية.