الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بذور الأرض وثمار السلام!/ بقلم: عصام بكر

عضو المجلس الوطني الفلسطيني وقيادي في حزب الشعب

2021-01-17 11:35:06 AM
بذور الأرض وثمار السلام!/ بقلم: عصام بكر
عصام بكر

المشهد المروع الذي شهدته خربة الطويل جنوب شرق نابلس ووثق خلاله تلفزيون فلسطين بالصورة الحية المباشرة الاعتداء الوحشي من قبل "فتيان التلال" على أب وابنه بينما كانا في ارضهم التي ورثوها سالف عن سالف، وجيل إثر جيل هذا المشهد سيكون له أبعاده، ودلالته التي تتعدى الكثير من كونه مشهدا مؤلما، وهو محاولة أو(بروفا) اولية تصور المشهد في الأراضي الفلسطينية المحتلة لما هو قادم، ما جرى هو نقطة بداية نوعية، ومختلفة عما جرى سابقا من مسلسل اعتداءات متواصلة بما فيها إحراق عائلة الدوابشة، واشعال النار بالفتى أبو خضير حيا على بشاعة ما جرى، وإن مثلت سوابق خطيرة، وهامة فما جرى (الأربعاء) بالصوت والصورة في خربة الطويل هو محاولة قتل رسميا وبالمضمون أكثر خطورة من حيث الرسائل التي يرسلها سواء بالتوقيت أو بالشكل فهو يأتي أولا في ذروة التحضير للانتخابات الإسرائيلية المقررة آذار القادم، ومعها استعار حمى التنافس الحزبي بين معسكرات اليمين، واليمين الأكثر تطرفا على حساب الدم الفلسطيني، والحقوق الوطنية المشروعة، ثانيا هو ينسجم تماما مع التوجه للمرحلة المقبلة لما يجري الآن في شوارع الضفة الغربية من إطلاق يد المستوطنين لتوسيع استباحتهم وعربدتهم كما جرى على مدار الأسابيع القليلة الماضية من قبل (فتية) المدارس الإرهابية في المستوطنات الذين تتلمذوا في كل صباح على الكراهية، ويتربوا على الحقد الاعمى، ونفي وجود الشعب الفلسطيني اي انه امتداد" طبيعي" لموجة العنف، واغلاق الطرقات، ومهاجمة مركبات المواطنين، وتقطيع الاشجار، ومهاجمة القرى والبلدات الامنة تحت جنح الظلام، وخط الشعارات العنصرية التي تدعو لقتل العرب وطردهم .

هذه التطورات بما فيها في منطقة مجدل بني فاضل، وعقربا، وقصرة، وبورين، والقرى والبلدات المستهدفة شمال الضفة الغربية عموما تؤشر الى موجات قادمة أكثر اتساعا، وعنفا، وتنظيما تقودها مؤسسة رسمية وما يسمى "مجلس المستوطنات" تغذيها وتتلقى الدعم المباشر من الحكومة الاسرائيلية باعتبار هذه الجماعات هي في الحقيقة الذراع الضارب في الاراضي الفلسطينية تقوم بتنفيذ مخطط الضم لاطباق السيطرة الفعلية بالقوة للحيلولة دون وجود اي امكانية لقيام دولة فلسطينية، والمختلف هذه المرة ايضا ليس فقط الاعتداء الاثم على المواطن، وابنه وهم اصحاب الارض الشرعيين في وضح النهار، وأمام كاميرات التلفزة، ولا حتى الطريقة التي جرى الاعتداء بها والتي تمس المشاعر، وتفطر القلوب، وتحرك الدماء في كل إنسان ينتمي للبشرية، وإنما في كونه برأيي يمثل طورا جديدا اخر مما استطاعت عين الكاميرا توثيقه ضمن سلسلة طويلة من الاعتداءات المتواصلة، وهي لا تقل عنفا ووحشية عما جرى في خربة الطويل، ومعها تغدو الصورة مرشحة من الآن فصاعدا لتوسيع نطاق الاعتداءات التي تشهدها القرى، والبلدات الفلسطينية من اقتحامات ربما ينجم عنها سقوط ضحايا، وعمليات اكثر استهدافا مع استمرار التهديدات في إطار تقاسم الادوار لهدف واحد، وهو تكريس الامر الواقع، واجبار المواطن الفلسطيني صاحب الأرض على "المغادرة" والرحيل  .

في ذات الوقت المشهد على الجهة الاخرى يعكس صورة مغايرة حزينة هي الاخرى تتمثل في اتساع مربعات التطبيع ترجمة لتوقيع الاتفاقيات الثنائية، والتبادل التجاري، والتعاون المشترك وصولا لتصدير شحنات البضائع المنتجة في المستوطنات غير الشرعية المقامة في أرضنا الفلسطينية المحتلة، واستقبال منتجات تحمل النبيذ والفواكهه، وزيت الزيتون المنهوب من المزارع الفلسطيني ضمن " ثمار السلام " صورة صارخة متناقضة غير مفهومة يصعب استيعابها من قبل الإنسان السوي الطبيعي ولا يمكن رؤيتها إلا هبوطا مروعا نحو الهاوية تدمي الصورة مآقي العينين بين بذار الارض في سهل بني فاضل، وخربة الطويل الذي يحرم الفلاح من الوصول إليه، وبين ثمار السلام المر في دبي معادلة تستحق التأمل للولوج للحقيقة القاتمة الآخذة معالمها تتشكل شيئا فشيئا تتكشف معها حقيقة وهم السلام الاقتصادي المزعوم ضمن إرهاصات الشرق الاوسط الجديد، وفضاء الفوضى الخلاقة تتلاشى معها الأوهام تدريجيا تنقشع الصورة على حقيقة مؤلمة لكن بذور الوجود التي ينثرها الفلاح هنا تنبت معها الامل فهذه الامواج الخضراء التي تكسو سهولنا، وتلالنا هي الحقيقة الباقية، وكل ما سواها مزيف باطل غريب عن الواقع  منافي له  .

اليوم الصراع المحتدم على الأرض يدخل مرحلة البقاء أو محاولة الغاء الوجود الفلسطيني هي لحظة الحقيقة تتجلى على اكثر ابشع الصور صدقا، واحتداما صراع من تلة الى حقل من شجرة الى شجرة من بيت لبيت ماذا ننتظر؟ وقد أصبح الخطر الداهم على ابواب بيوتنا اليوم تفعيل المقاومة الشعبية هي إحدى أدوات العلاج، والطريق لمنع تنفيذ المخطط قبل الندم، مطلوب اليوم ارادة سياسية تمد الناس بمقومات الصمود اعتبار القرى المتاخمة للمستوطنات قرى تطوير من الدرجة الأولى، ومطلوب ايضا إحقاق العدالة الدولية ليس فقط بإدانة، وتجريم الفعل المتواصل من هؤلاء الدخلاء بحق شعب اعزل لكن المطلوب اليوم قبل فوات الاوان محاسبة من يمد القتلة بكل الدعم، والتشجيع علينا جميعا العمل يدا بيد، وكتفا بكتف قبل فوات الأوان هو نداء الأرض، والتراب الذي يحتم علينا العمل هذا بيان للناس دقت ساعة العمل علينا ان نكون ان نكون  ولا خيار اخر  .