الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في المقاومــة الشــعبية الســلمية/ بقلم: نبهان خريشه

2021-05-31 09:36:16 PM
في المقاومــة الشــعبية الســلمية/ بقلم: نبهان خريشه
فنبهان خريشه

 

خيار المقاومة الشعبية السلمية، بالاضافة الى خيارحشد التأييد الدولي للقضية الفلسطينية من خلال دبلوماسية مكثفه، يشكلان الطريق الوحيد الذي تتبناه القيادة الفلسطينية الحالية في سعيها لإنهاء الاحتلال ...   

دعونا نتوقف عند خيار المقاومة الشعبية السلمية، إنه بإختصارشعار يفتقد الى إستراتيجية واضحه، ويتم طرحه والترويج له في ظل اتفاق أوسلو، الذي يصب في مصلحة اسرائيل، ومذلك في ظل فقدان الشارع الفلسطيني الثقه في الطبقة السياسية التي تحكمه، وبالتالي فان الناس لا تأخذ شعار المقاومة الشعبية السلمية على محمل الجد. ولعل الدعوة لمقاطعة البضائع الاسرائيلية في الاسواق الفلسطينية الاداه الاكثر فعالية  في المقاومة الشعبية السلمية اوضح مثال على فشل هذا الشعار، فهذه الدعوة فشلت فشلا ذريعا ليس على المستوى العملي فقط ، وانما فشلت في تجنيد الرأي العام وخلق وعي لديه في دعم الصناعات الوطنية..

واذا كانت المقاومة الشعبيه السلمية الفلسطينية يريد لها منظروها ان تتخذ من "المقاومة السلمية" التي انتهجها المهاتما غاندي لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني مثالا يحتذى به فهم مخطؤون، لإن المقاومة السلمية الهندية أو "فلسفة اللاعنف"  تتكون من مجموعة من المبادئ الدينية والسياسية والاقتصادية، وتستند الى الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بخطره، وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولا، ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.. ومن الاساليب التي استخدمها غاندي في المقاومة السلمية الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن، وعدم الخوف من أن تؤدي هذه الأساليب إلى الموت، الا أن اللا عنف عند غاندي لا يعنى السلبيه والضعف، أو بكلماته "إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشرية"..  

والامر كذلك فيما يتعلق بالمقاومة الشعبية المدنية في جنوب افريقيا، حيث ان منظري المقاومة الشعبية الفلسطينية يجانبهم الصواب ايضا، لإنها تختلف اختلافا كليا عن المقاومة في جنوب افريقيا. فبالرغم من دموية نظام الفصل العنصري فيها، وضعف وتشتت حركة التحرر الوطني الجنوب افريقيه الا أن المقاومة اتسعت ونمت وتعززت من خلال  التنظيمات المدنية الشعبية، مثل اتحادات النقابات المختلفة والمجالس والتنظيمات الشعبية على مستوى المدن والأحياء ذات الأكثرية الأفريقية السوداء، وتطورت أطر تنسيقية وشبكات لتخطيط وتوجيه النضال من دون مركزية أو هرمية يفرضها الحزب المشتته قيادته بين السجون والمنافي.

وكان الرئيس محمود عباس قد ظهر في احدى اللقطات التلفزيونية وهو يطرح سؤالا بصيغة استنكاريه "أين هي المقاومة الشعبية السلمية ؟!"، وللإجابة على سؤاله يمكن القول أنه لا يمكن لوم الشعب الفلسطيني على عدم استجابته لخوض المقاومة الشعبية على طريقة الرئيس عباس، لأن الاراضي الفلسطينية المحتله محكومه باتفاقية أوسلو التي حولت السلطة الى وكيل للاحتلال، من خلال التنسيق الامني، فكيف يمكن اقناعه بسلطة مرتبطة بهذا الاحتلال أن تطلق مقاومة شعبية جديه وهي لا تضمن بقائها  إذا فعلت؟ .  كما ان احد أهم عوامل النجاح لمثل هكذا مقاومة حملها لمشروع تحرر وطني يحظى بدعم وتأييد الشعب، الامر الغائب عن فلسطين اليوم.  

صحيح أن الشعوب ذات الإرادة الحية لا تموت من المنظور التاريخي، ولا يموت حقها المشروع في الحرية والحياة الكريمة،  فالشعب الفلسطيني هو شعب حي له تاريخ عريق بالتمسك بأرضه وهويته، وهذا ما يغذي لهيب الصراع حتى ولو خبت جذوته احيانا، الا انه بحاجه لبرنامج عمل للخروج من مأزق اتفاق اوسلو وكافة افرازاته، كما انه بحاجه لتغيير حقيقي في المنظومه السياسية الحالية وليس لشعارات تهدف لإطالة عمر هذه المنظومة..