الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لغات الحقيقة..كتاب جديد لسلمان رشدي

2021-07-13 02:05:26 PM
لغات الحقيقة..كتاب جديد لسلمان رشدي
كتاب "لغات الحقيقة" للكاتب سلمات رشدي

الحدث- أحمد أبو ليلى

صدر للكتاب البريطاني من أصل إيراني سلمان رشدي كتاب بعنوان "لغات الحقيقة" خلال شهر أيار/مايو 2021. والكتاب الجديد عبارة عن مجموعة من المقالات والخطب والنقد التي كتبها وألقاها خلال الفترة الممتدة ما بين 2003-2020. 

يؤرخ رشدي في كتابه الجديد للتحولات التي طرأت على الثقافة والأدب منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى الوقت الحاضر. وفي هذه المقالات، يغطي المؤلف مجموعة واسعة من الموضوعات مثل الهجرة والتعددية الثقافية والرقابة وغيرها من المواضيع.

يبدأ رشدي الكتاب بالجملة التالية: "قبل وجود الكتب، كانت هناك قصص"، ويتأمل لاحقاً في فن سرد القصص وبحثه الذاتي عن السرد. تلك الرحلة التي أخذته إلى ما وراء عالم الواقعية من أجل خلق أكوان سحرية من حقائق بديلة. وإذا ما اعتقدنا بأن النقد الأهم للواقعية كشكل سردي إنما تأسيسه على يد ميلان كونديرا، فإن رشدي يقر بذلك كذلك ويستحضر كونديرا أكثر من مرة في كتابه هذا، بل ويؤكد أن "التقليد الواقعي محكوم عليه بنوع من التكرار اللانهائي"، وبالتالي على الروائيين "أن يتحولوا عن الواقعية وأن يجدوا طرقًا جديدة للتعامل مع الحقيقة من خلال الأكاذيب".

ومن بين أفضل ما ورد في الكتاب، تلك المقاطع التي تحمل تأملاته بشأن الروايات والروائيين بدءًا من ليو تولستوي وفيليب روث وسرفانتس وصمويل بيكيت. يقسم رشدي الروايات العظيمة إلى فئتين عريضتين: "رواية كل شيء" التي تحاول تضمين كل جانب من جوانب الحياة تقريبًا و"رواية لا شيء تقريبًا" التي تبحث في الحقيقة في ضوء خيط سردي واحد رفيع.

في مقال عميق بعنوان السيرة الذاتية والرواية، يستذكر رشدي بأسى أن صفحات عناوين أعظم ثلاث روايات في القرن الثامن عشر - روبنسون كروزو، ورحلات جاليفر وتريسترام شاندي - لم تحمل أسماء مؤلفيها. "منذ مائتين وخمسين عامًا فقط، كان من الممكن أن تصبح الكتب مشهورة ويتم الاحتفال بها ... وأن يظل المؤلف في الظل." عالم يبدو أنه ضاع إلى الأبد في عصر يتوقع من الكتاب الظهور بشكل منتظم على قنوات YouTube و Instagram.

يتضمن الكتاب أيضا مقالات رشدي ونقده الأدبي ما بين الأعوام من 1992-2002، كما ويسجل تطوره كقارئ وكاتب. فهو على سبيل المثال يروي حكايته مع رواية تولستوي العظيمة "الحرب والسلام" فعندما قرأها لأول مرة، وجد الأوصاف الطويلة للمعركة "مملة جدًا"، لكن بعد قراءتها بعد 30 عامًا، شعر أنه لا يوجد وصف أكبر للحرب.

ويسرد رشدي مثالا آخر من من هذا القبيل، فلطالما كان في السابق متحيزًا للغة الإنجليزية بشكل دوغمائي. في عام 1997، الذي يصادف الذكرى الخمسون لاستقلال الهند، شارك رشدي في تحرير مجلد حول الكتابة الهندية في الخمسين عامًا الماضية. وقد تمكن كاتبان فقط لا يكتبان بالإنجليزية من العثور على بعض المساحة  في المجلد من خلال قصة قصيرة لكل منهما.

والآن، يراجع رشدي نفسه قائلا:  "ربما بحماقة، افترضت لفترة طويلة أن اللغة الإنجليزية تمتلك هذه الخاصية (الحرية التركيبية والمرونة) بدرجة أكبر من أي لغة أخرى، ولذا فمن المفيد أن يذكر ديفيد غروسمان أن الكتاب الآخرين في اللغات الأخرى يشعرون بنفس الطريقة."

وعلى الرغم من معرفة رشدي الغنية بآداب مختلف اللغات، فقد استغرقه الأمر عدة عقود ليدرك حماقة تصوره. بالنظر إلى موقعه البارز داخل المؤسسة الأدبية العالمية، فكر في الضرر الذي قد يلحق بمختلف اللغات والكتاب. في مكان آخر من هذا الكتاب يكتب رشدي قائلا إن ازدراء اللغات الأخرى والإصرار على تفوق المرء على نفسه هو أيضًا شكل من أشكال السياسة اللغوية التي لا تليق بالكاتب.

يلخص رشدي كتاب "لغات الحقيقة" في عبارة: "إذا لم تكن كاتبًا، فلا تقلق: لن يعلمك هذا الكتاب كيف تكون كاتبًا. أما إذا كنت كاتبًا، أظن أنه سيعلمك الكثير". سوف يأخذك في رحلة،  ومن ثم يتركك في المنتصف لتجد طريقك الخاص بك.