الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مجلس تعاون خليجي بإيران ودون السعودية

2014-01-20 00:00:00
مجلس تعاون خليجي بإيران ودون السعودية
صورة ارشيفية

فارس الصرفندي 

أن يكون وزير الخارجية الإمارتي الذي تتهم دولته طهران باحتلال الجزر الثلاث هو أول من يصل العاصمة الإيرانية لتهنئة الرئيس روحاني بالاتفاق الذي وقع مع الغرب فهذا أمر مستوعب. أن يذهب محمد جواد ظريف إلى الدوحة ويستقبل بكل احترام من الأمير تميم، ويبلغه الأخير بأن أبواب الدوحة مفتوحة للدبلوماسية الإيرانية فهذا أمر مستوعب أيضا. أما أن يخالف حاكم دبي ورئيس الوزراء الإماراتي محمد بن راشد آل مكتوم الموقف السعودي الداعي إلى زيادة الضغط على إيران بدلاً من حل الأزمة معها، ويطالب العالم برفع الحصار عنها، ويعتبر إيران الدولة الجارة التي تربطها بالإمارات علاقات تجارية كبيرة فهو الأمر الغريب. لكن الحقيقة التي لا يدركها الكثيرون بأن السعودية - التي وصلت العلاقة بينها وبين طهران مرحلة «كسر العظم» وبات الأمر جلياً بتبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام التابعة للطرفين - تلعب على وتر لا يمكن لأي من إمارات الخليج أن تتحمله حتى ولو كانت دول الخليج بمجملها سنية الحكم، خاصة وأن الشيعة فيها يملكون ثقلاً لا يستهان به. 

إن الوتر الطائفي الذي تعزف عليه الرياض لمجابهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لحنه لا يُطربُ له حكام الخليج الذين تعودوا على حالة من الاستقرار امتدت على  مدار نصف قرن لم يكن أحد في إماراتهم خلالها يفرق بين شيعي وسني إلا في مناسبات معينة، ولم تكن الحسينيات ولا مجالس العزاء تثير أي حساسية  في شارعهم العام. وللتوضيح أكثر فالكويت الدولة الخليجية التي كان لها الفضل في تأسيس مجلس التعاون الخليجي، نسبة الشيعة فيها تتجاوز الثلاثين بالمئة، وهم يتواجدون في كل مفاصل الدولة الكويتية ويتمثلون في مجلس الأمة وفي الوزارات وهم جزء أصيل من المكون الكويتي.

أما البحرين والتي قد تكون الوحيدة من بين دول الخليج التي تُطرب للألحان السعودية، فالشيعة فيها يشكلون حوالي ستين بالمائة من عدد السكان. فيما مذهب عُمان الدولة الخليجية الأكثر قرباً لإيران سياسياً من دول الخليج، فهو المذهب الأباضي وهو مذهب %75 من أهل السلطنة الوادعة. هذا المذهب وإن كان أقرب للسنة في بعض القضايا إلا أنه يتقاطع مع الشيعة في كثير من الأفكار ويتصادم مع الوهابية في كل شيء تقريباً. أما الإمارات العربية المتحدة فهي أكثر دول الخليج نجاحاً في دمج الشيعة، وحقيقة فإن الإمارات لم تشهد يوماً حديثاً عن المسألة الشيعية كما حدث في باقي دول الخليج وتحديداً في السعودية والبحرين. وتبقى قطر الدولة التي تعمل ضمن مصالحها كدولة صغيرة تحاول أن تصنع لنفسها مكانا تحت الشمس بمقدرات وثروات ضخمة وتعداد سكاني ضئيل، وبقراءة سريعة للعلاقة بين الدوحة والرياض يدرك المراقب بأنها تحسنت فقط خلال الأعوام الأخيرة باتفاق الطرفين على محاربة النظام السوري، ولكن التوتر عاد مجدداً بإعلان الدوحة دعمها لقيادات الإخوان المسلمين في مصر وإعلان الرياض دعمها للفريق السيسي وتقديم دعم لامحدود للرجل الذي أطاح بأحلام الإخوان المسلمين ليس في مصر فقط وإنما في المنطقة.

إن إصرار السعودية على رفع الورقة الطائفية سيجعل حكام الخليج يقفون بعيداً عنها ليس عشقا لإيران ولكن خوفاً من تسونامي طائفي في بلدانهم لن يستطيعوا مواجهته أو التعامل معه. بالإضافة إلى أن ورقة القاعدة التي تملكها السعودية هي ورقة ترعب دول الخليج، وبعض السياسيين في الخليج يرون بأن التفجيرات التي تشهدها بغداد وبيروت ودمشق قد تنتقل يوماً الى الدوحة والمنامة ومسقط لا سيما وأن هؤلاء الذين يتم تصديرهم إلى سوريا وقبلها إلى العراق سيعودون يوماً إلى الخليج ليطبقوا شريعة الله الغائبة بالنسبة لهم بالسيف، وقد يفقد من يملكون هذه الورقة السيطرة عليها.

الرسائل من الدول الخليجية اتجاه إيران ما عدا السعودية والبحرين إيجابية جداً، والرسائل من إيران نحو هذه الدول إيجابية أيضاً، ولن يكون مستغرباً أن نرى قريباً اجتماعاً وزارياً في طهران يضم الدول الخليجية لدعم التنمية والتعاون الاقتصادي، ويكون هذا اللقاء مجلس تعاون خليجي بإيران ودون السعودية