الجمعة  17 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القروض البنكية.. الموظفون في مواجهة كوارث الخصم!!

موظفون: الراتب 60% وخصم القروض 50% وما يتبقى لا يسد رمق أطفالنا

2015-04-07 01:05:33 AM
القروض البنكية.. الموظفون في مواجهة كوارث الخصم!!
صورة ارشيفية
فرعون: نسبة الخصم للقرض وفقاً لقيمة الراتب وسلطة النقد حددتها بـ50%
رجب: تسهيلات البنوك والأوضاع المعيشية الصعبة للموظفين دفعتهم للاقتراض
 
غزة - محاسن أُصرف
 
توقع الموظف نبيل أبو مصطفى 52 عاماً، من خان يونس أن يتسلم 2700 شيكل من راتبه المُقدر بـ 4500 شيكل، وفق الآلية التي أعلنت عنها السلطة لصرف رواتب موظفيها الشهر الماضي، لكن خابت كل التوقعات ولم يتسلم من قيمة الـ60% من الراتب سوى 800 شيكل فقط، والسبب خصومات البنك للقروض التي سحبها سابقاً، يؤكد الرجل أن نسبة الخصم التي أعلنت عنها سلطة النقد لا تتجاوز 50% لكن الخصم كان أكثر بكثير نتيجة القروض والخدمات التي يُقدمها له البنك.
 
وبحسب خبراء في الاقتصاد فإن متطلبات الحياة وتدني الأجور مقابل غلاء المعيشة، أدت بالكثير من الموظفين إلى تدبير احتياجات أسرهم عبر القروض باعتبارها أقصر الطرق لتأمين احتياجاتهم، خاصة أن إجراءات الحصول عليها سهلة ولا تستغرق وقتاً طويلاً من غالبية البنوك والمؤسسات المالية. 
 
وبسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي على أموال المقاصة، ناهيك عن عدم التزام الدول العربية بتوفير شبكة الأمان والتي من المقرر أن توفر شهرياً قرابة 100 مليون دولار للسلطة، أصيبت ميزانية السلطة بحالة من الإرباك أدت بها إلى تقليصها رواتب موظفيها إلى 60% الأمر الذي أزعج الكثير ممن لديهم معاملات مع البنوك المحلية كالقروض أو "فيزا كارد" وغيرها من المعاملات البنكية.
 
خصومات كبيرة
أما الموظف خالد أحمد 45عاماً من مدينة غزة، فأصيب بحالة من الصدمة حين تلقى 500 شيكل  من مجمل راتبه المستحق لشهر فبراير الماضي، والمُقدر بـ2600 شيكل، يؤكد الموظف أن البنك خصم ما يزيد عن 1000 شيكل لصالح قسط قرض كان قد أقدم  على سحبه قبل ستة أشهر، ويُضيف لـ"الحدث": "لم أتلقَّ إلا 60% من الراتب وتم خصم 1000 شيكل من مجملها، لا أعرف كيف سأتدبر أمور أسرتي".
 
ويُعيل الرجل سبعة أفراد غالبيتهم من الأطفال ويحتاجون لمصروفات يومية تفوق المبلغ المتبقي له من الراتب، لافتاً إلى أنه اضطر للاستدانة من الأقارب ليتمكن من تلبية الحد الأدنى من  احتياجات أسرته، ويتساءل الرجل إلى أي وقت ستبقى أزمة السلطة المالية ترواح مكانها ليتلقى هو وعشرات الآلاف من الموظفين جزءاً لا يتجاوز 60% من رواتبهم المستحقة؟!
 
ولا تختلف معاناة الموظفة أم البراء مسمح، 40 عاماً، التي تؤكد أن زوجها وجد في القرض مخرجاً لأزمتهم المالية بعد أن شيدا بيتهما العام الماضي، تقول: "رغم عدم اقتناعي بالاقتراض وأمام إلحاح زوجي اقترضت 8 آلاف دولار من البنك الذي أتقاضى منه راتبي لتسديد ديون المنزل"، وتُشير السيدة التي تعمل في سلك التعليم أنها تتقاضى راتباً قدره 3 آلاف شيكل، يُخصم بشكل شهري 1000 شيكل بالإضافة إلى خصومات الكهرباء، وتعقب، بداية كان الأمر معقولاً والخصومات لم تؤثر كثيراً على تأمين احتياجات أسرتها ولكن في الآونة الأخيرة مع انقطاع رواتب موظفي حكومة غزة واعتماد السلطة الفلسطينية 60% من الراتب أصبحت، حسب قولها، غير قادرة على العيش خاصة في ظل استمرار البنك بخصم قسط القرض شهرياً، وتأمل السيدة أن تتحسن أوضاع السلطة وتعود لدفع مستحقات موظفيها عن الأشهر السابقة ليتمكنوا من سداد ديونهم التي كبلت أيديهم، كما قالت.
 
إعفاء
فيما طالب بعض الموظفون الجهات الرسمية بالعمل على التوافق مع البنوك لإعفاء الموظفين من خصومات القروض التي تُسبب لهم كوارث اقتصادية، لحين عودة السلطة إلى صرف الرواتب كاملة وليس 60% منها، ويقول موظف في وزارة الشباب والرياضة، رفض الكشف عن اسمه، إن القيمة المقتطعة من الراتب بعد خصومات القروض والمعاملات البنكية لا تسد رمق صغاره، ويؤكد أن الحالة السيئة التي وصل إليها غالبية سكان القطاع تجعله يُكر ألف مرة قبل أن يطلب الاستدانة من أحد، فالكل يُعاني ذات الهم الاقتصادي، وفق تعبيره.
 
50% فقط
وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة أصدرت سلطة النقد قُبيل صرف رواتب الموظفين لشهر مارس 2015، تعميماً لكافة المصارف مطالبة بعدم خصم أكثر من 50% من قيمة الأقساط المستحقة على الموظفين المقترضين والمقترضين بكفالته من البنوك، وطالبت سلطة النقد في بيان لها وصل "الحدث" نسخة عنه، البنوك باستيفاء عمولة تحويل الراتب مرة واحدة بغض النظر عن عدد دفعات ورود الراتب، وشدد البيان على ضرورة عدم استقطاع عمولات مقابل الشيكات المعادة المسحوبة على حسابات موظفي القطاع العام بحيث لا يتجاوز مجموع قيمة الشيكات المعادة للموظف  خلال تلك الفترة راتبه الشهري، ونبهت سلطة النقد إلى ضرورة أن يُعمل بالتعميم من قبل البنوك ومؤسسات الإقراض المتخصصة وذلك لمعالجة أقساط العملاء المقترضين منها.
 
نسبة وتناسب
وبدوره أكد علي فرعون مدير دائرة علاقات الجمهور وانضباط السوق في سلطة النقد، أن نسبة الخصومات من البنوك تتناسب مع المصلحة العامة للمواطن والبنك، وأشار أنها تُحدد وفقاً لقيمة الراتب الذي يتلقاه الموظف.
ونوه إلى أن  نسبة الخصم من الدفعة المحولة تحددها سلطة بالتنسيق مع جمعية البنوك ووزارة المالية وقال: "إن مبدأ نسبة وتناسب هو إحدى آليات الخصم التي قد تعتمدها سلطة النقد أحياناً بعد التشاور مع جمعية البنوك ووفقاً لمعطيات اخرى مثل مراعاة الظرف العام للموظفين وعدم تراكم حجم مديونية كبير عليهم"  ".
 
وفيما يتعلق بشكوى بعض الموظفين بخصم أكثر من القيمة المحددة من قبلهم وهي 50%، شدد فرعون على التزام البنوك بالتعليمات، ونوه إلى أن سلطة النقد تتفحص الشكاوى الخاصة بالموظفين وتعمد إلى تسويتها مع البنوك المعنية وبشكل فوري.
 
تحسين الواقع المعيشي
وحاولت "الحدث" الوقوف على الأسباب التي تجعل الموظفون يلجؤون إلى الاقتراض من البنوك رغم معرفتهم بأخطار الاستقطاع من قبل البنك خاصة في ظل عدم انتظام الرواتب كاملة، وفي هذا السياق يقول الخبير في الشأن الاقتصادي د. معين رجب، أن الظروف المعيشية الصعبة التي يحياها أصحاب الطبقة المتوسطة وعدم قدرتهم على تلبية احتياجات أسرهم أول الأسباب التي تقودهم إلى سحب قروض من البنك لتأمينها، وأضاف أن البعض يسحب القرض من أجل تنفيذ مشروع العمر من أجل تحسين واقعه المعيشي لكن تُحاصره المستحقات المتراكمة.
 
وشهدت الآونة الأخيرة ارتفاعاً في أعداد الموظفين المقترضين من البنوك، ويُرجع الخبير الاقتصادي رجب ذلك إلى التسهيلات التي يُقدمها البنك لعملائه الموظفين كونهم زبائن منتظمين ويتقاضون رواتبهم الشهرية عبر البنك.
 
وبيّن رجب أن عدم استقطاع البنك قيمة الاستحقاق الشهري على القرض يعود بالضرر على البنك والمواطن معاً فالأخير كلما تأخر في السداد تزداد قيمة الفائدة، أما البنك فيُشير إلى أن خسارته تكون أقل ويُمكنه احتمالها.