الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"يسعدنا إبلاغكم بقرار هدم منزلكم": رسالة الاحتلال لمئات المنازل المهددة بالهدم في القدس المحتلة

2022-03-04 12:48:29 PM
أرشيفية

 

مقدسيون يؤكدون: لن نهدم منازلنا بأيدينا

فخري أبو ذياب: أوامر الهدم جزء من مخططات استيطانية

 

الحدث – سوار عبد ربه

بعزيمة وصمود، يقف الشاب المقدسي إياد أبو سنينة على ركام منزله في حي الفاروق في جبل المكبر بالقدس المحتلة، الذي أجبره الاحتلال على أن يهدمه بيده بعدما أخطرته قوات الاحتلال بهدم منزل العائلة الذي يعيش فيه ستة أفراد من عائلة أبو سنينة.

يقول أبو سنينة في لقاء مع "صحيفة الحدث"، إنه "قبل عامين سلمنا الاحتلال قرارا بالهدم، ومخالفة بقيمة 48 ألف شيقل، استطعنا أن ندفع منها حتى الآن 20 ألف شيقل، إلا أنه بداية الشهر الجاري، سلمونا قرارا نهائيا بالهدم، ونحن بدورنا تقدمنا بطلب استئناف للمحكمة إلا أنها أجابت بالرفض، وأمهلتنا 21 يوما لنقرر ما إذا كنا سنهدمه ذاتيا أم أن تتكفل بلدية الاحتلال وقواته بعملية الهدم وبالتالي نتكبد نحن التكاليف".

ووصف أبو سنينة ما ورد في قرار الهدم بـ"المضحك المبكي"، حيث جاء فيه: "يسعدنا إبلاغكم بقرار هدم منزلكم"، الأمر الذي اعتبره إياد محاولة من الاحتلال للاستهزاء بالوجود الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة.

وهدمت بلدية الاحتلال منزلا سابقا للعائلة في حي رأس العامود بسلوان جنوب المسجد الأقصى عام 2015.

وأوضح أبو سنينة: عام 2015  بنينا منزلا كبيرا للعائلة كي نلم شملها ونسكن جميعا في منطقة واحدة، لكننا تعرضنا لمضايقات كثيرة من قبل الاحتلال ومخابراته، لحين صدور قرار من المحكمة بالهدم.

وأضاف: تقدمنا بطلب استئناف في حينها ورفضته المحكمة، ونفذت قرار الهدم، الأمر الذي كلفنا  نحو 30 ألف شيقل إجارات لكل من شارك في عملية الهدم.

ويرى أبو سنينة أن الاحتلال بهذه الممارسات يعمل على تغيير الواقع الديمغرافي للمدينة المحتلة، من خلال زيادة أعداد المستوطنين على حساب الفلسطينيين أصحاب الأرض، وهذا يبدو واضحا من خلال التسهيلات التي يقدمونها للمستوطنين خاصة فيما يتعلق برخص البناء والمنح، مقابل إجبار الفلسطيني على هدم منزله ذاتيا، مؤكدا أن مساعيهم يستحيل أن تتحقق، لأن المقدسيين لن يتخلوا عن فلسطينيتهم وعروبتهم.

وشدد إياد أبو سنينة على عدم تخليه عن بيته، لأن المقدسي في القدس، كالسمكة في الماء لا يستطيع العيش خارجها.

واستشهد أبو سنينة بالمقولة التي تنص على أن المقدسيين في القدس المحتلة، يشترون زمنا وصمودا، لأن الحجارة والهتفات ليس بوسعها أن تهزم الدبابة والأسلحة وما يمتلكه العدو من عتاد.

وتوجه أبو سنينة برسالة إلى العالم مطالبا إياه بوقف الاستهتار، لأن ما يتعرض له المقدسي هو تهجير قسري وتطهير عرقي، وهذا مخالف لكل القوانين والأعراف الدولية والاتفاقات.

استهداف لإرث تاريخي

بدوره أكد الخبير في شؤون القدس فخري أبو ذياب لـ"صحيفة الحدث"، أن الاحتلال يستهدف جميع قرى وبلدات القدس، ابتداء من الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى منطقة سلوان حتى جبل المكبر بهدف تغيير هوية هذه المنطقة وجذب مزيد من المستوطنين، سيما حي الفاروق في جبل المكبر.

وبحسب أبو ذياب؛ يعتبر هذا الحي المطل على البلدة القديمة والمسجد الأقصى، مهما من الناحية التاريخية، فجبل المكبر سمي بهذا الاسم لأن عمر بن الخطاب عندما جاء ليتسلم مفاتيح القدس من بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس آنذاك صفرونيوس وقف على هذه المنطقة وكبر، وحي الفاروق سمي بهذا الاسم نسبة إليه، بالإضافة لوجود بئر زين الدين خادم عمر.

وأضاف: أيضا هي جزء من مخطط إقامة حدائق توراتية، ومرافق سياحية مهمة، إلى جانب مخطط توسيع مركز شرطة الاحتلال في الحي وجعله أكبر مركز في المنطقة، بالإضافة لوحدات استيطانية لمحاصرة القدس.

ويرى أبو ذياب أن الاحتلال يسعى إلى تطويق القدس بحزام من المستوطنات يبدأ من الشيخ جراح شمالي البلدة القديمة وصولا إلى حي الفاروق لتنفيذ ما يسمى بالحوض المقدس.

وأعلنت جمعية "العاد" الاستيطانية مؤخرا اختتامها حفريات في جبل المكبر نفذتها وبلدية الاحتلال وما يسمى "سلطة الآثار" بحكومة الاحتلال، وبحسب المخطط فإن من المقرر تزويده بأحدث طرق العرض المدمج ثلاثي الأبعاد، وضم قاعات عرض ومعارض فنية وتماثيل ومجسمات وخرائط وشروح وأفلام تعرض تاريخ "الرواية التلمودية" التي تخدم المشروع الاستيطاني والتهويد في القدس.

ويرى أبو ذياب أن اختيار هذه الأماكن ليس عشوائيا حيث إن هذه المنطقة تتمتع بموقع استراتيجي، ويستطيع من يقف على مرتفعاتها أن يرى جبال الأردن، ومناطق فلسطينية واسعة من ناحية الشرق، ومن الغرب يمكن رؤية الساحل الفلسطيني، بالإضافة لإطلالتها على المسجد الأقصى والبلدة القديمة.

وإلى جانب الأهمية الجغرافية للمنطقة، يقول الخبير في شؤون القدس إن لها أهمية رمزية تاريخية، كما أنها مدخل للتجمعات الاستيطانية التي توصل شطري القدس كما يقسمها الاحتلال، ببعضهما.

الحراك المقدسي صمام الأمام 

في سياق متصل، يواصل المقدسيون خطواتهم التصعيدية الرادعة لسياسات الاحتلال، حيث توافد في الأيام القليلة الماضية عدد كبير من أهالي بلدة جبل المكبر في القدس إلى ساحة بلدية الاحتلال للاحتجاج للمرة الثالثة ضد قرارات الهدم والتطهير العرقي.

وأوضحت لجنة المحامين المتابعين لقضية المنازل المهددة بالهدم في تصريحات صحفية، "أن عدد المنازل والمنشآت التي هدمت في جبل المكبر فقط في العام الماضي 2021 نحو 20 منزلا، ومع بداية هذا العام تم هدم 8 منازل جزء منها بالهدم الذاتي"، ومنذ بداية شهر شباط الحالي، أخطرت قوات الاحتلال ما يقارب الـ 130 منزلا بالهدم.

بدوره، قال المحامي إيهاب أبوغوش ممثل مجموعة المحامين الذين شاركوا في التظاهرة: "إن الحق بالمسكن حق مشروع، وعلى بلدية الاحتلال في القدس ورئيسها ومسؤوليها كف أيديهم عن هدم بيوت المقدسيين، وبدلا من هدم البيوت عليهم استثمار الموارد والطاقات في حل مشاكل البناء غير المرخص بشكل جذري من خلال المصادقة على مخططات تفصيلية وشمولية حتى يتسنى للسكان الحصول على تراخيص البناء المطلوبة".

فيما قال الشيخ عارف جمعة من وجهاء جبل المكبر: "سنصعد في التظاهر حتى يسمعونا ويرفعوا أيديهم عن هدم بيوتنا، وفي حالة عدم الاستماع إلينا فسوف تشهد ساحة البلدية قدوم جميع أهالي جبل المكبر للاحتجاج ضد قرارات الهدم".

ورفع المشاركون في الوقفة لافتات تضمنت شعارات باللغات العربية والإنجليزية والعبرية، "لا للتطهير العرقي، وأوقفوا سياسة هدم البيوت، وإرادة المقدسيين صلبة، وأهدافكم سياسية عنصرية، وبيوتنا حياتنا لا تقتلونا".

وقال أهالي بلدة جبل المكبر في دعوة وزعوها بعنوان "طالبين الفزعة": وقفتنا رسالة لبلدية الاحتلال ورئيسها مفادها، أن أهل هذا الجبل سيدافعون عن أنفسهم".

وفي هذا الجانب أوضح أبو ذياب أن الخطوات التصعيدية قد تكون تنظيم سلسلة من المظاهرات، ضد سياسات الهدم والاستيلاء على الأراضي، بالإضافة إلى المسار القانوني ومحاولة التوجه إلى القضاء غير المنصف والنزيه، معتبرا إياه جزءا من المنظومة الاحتلالية.

وأكد الخبير في شؤون القدس لـ"صحيفة الحدث"، أن ممارسات الاحتلال هي خرق للقانون وبسبب الكثير من المشاريع في هذه المنطقة، تم توثيقها وإرسالها إلى البعثات الدبلوماسية.

وبحسب أبو ذياب فإن أهم ما قد يؤخر أو يجمد مشاريع الاحتلال، هو الحراك المقدسي الفلسطيني،  ولذلك توجد دعوات للتحرك في كثير من المناطق مع الانتباه على ضرورة عدم تشتيت الجبهات، وصرف النظر عما يحدث في الشيخ جراح، ولأجل ذلك لم تنصب خيمة اعتصام في جبل المكبر حتى اللحظة، ولم تحدث مواجهات تذكر، بغية الحفاظ على ما وصل إليه المقدسيون.

ومن المتوقع أن يبدأ الاحتلال بتنفيذ المشاريع التهويدية بعد شهر رمضان، وإلى حينها سينظم المقدسيون صلوات الجمعة في المنطقة، بالإضافة إلى الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات، والمسار القانوني.

وأكد أبو ذياب على ضرورة الحفاظ على هوية القدس العربية الإسلامية، ومنع تهويدها بشتى الطرق، والحفاظ على الوجود المقدسي الفلسطيني فيها، بكافة السبل وعلى رأسها الحراك المقدسي الذي أدى إلى انكفاء الاحتلال في كثير من المواقع، كباب الأسباط وباب العامود، والخان الأحمر وبعض المواقع في حي الشيخ جراح.

واعتبر الخبير في شؤون القدس أن الاحتلال يخشى ردة الفعل المقدسية، سيما بعد المعركة الأخيرة، التي أدت إلى توحيد الصوت في فلسطين من بحرها إلى نهرها.

ويتهدد الهدم والتهجير نحو 22 ألف منشأة في كافة أنحاء مدينة القدس بعدما أخطرتهم بلدية الاحتلال بالهدم وبالتالي سيكون التشريد والتهجير مصير عشرات الآلاف من الأفراد في العاصمة.

وبحسب إحصاءات، أصدرتها وزارة شؤون القدس، فقد هدمت سلطات الاحتلال 177 مبنى شرقي القدس في عام 2021، ما أثر مباشرة على 1422 مواطنا، ومقابل ذلك، صادق الاحتلال خلال عام 2021، على بناء أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية.

وكانت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات قد أكدت في تقرير لها على تصاعد انتهاكات الاحتلال بحق المقدسيين وممتلكاتهم ومقدساتهم.

وأشار التقرير إلى أن تصاعد عمليات هدم منازل المقدسيين تتزامن مع مصادقة اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في بلدية الاحتلال الشهر الماضي على خمسة مخططات استيطانية جديدة تضم بناء 5823 وحدة استيطانية في شرقي القدس، تتركز معظمها على أراضي جبل المكبر وبيت صفافا وشعفاط، وذلك في أكبر هجمة استيطانية تشهدها المدينة المقدسة منذ عدة سنوات.

وأكد التقرير أن هذه المخططات من شأنها إجراء تغييرات مكانية وديمغرافية خطيرة في مدينة القدس.

 

مبادرة لوقف الهدم الذاتي "لن نهدم منازلنا بأيدينا"

 

في السياق، أعلنت عشائر عرب السواحرة ومؤسسات جبل المكبر، قرارها وبالإجماع بميثاق ملزم وعهد قاطع لا رجعة عنه برفض الهدم الذاتي للمنازل.

وقالوا في بيان لهم، الأحد: "إننا في هذا الجبل الشامخ نعلنها وعلى الملأ أننا لن نهدم بيوتنا بأيدينا وأن الهدم الذاتي وبإذن الله وقوته صار وراء ظهورنا".

ونشادوا عموم القدس الالتزام بهذا الميثاق مؤكدين على استمرار الحراك ضد هدم المنازل في القدس وضرورة اصطفاف كل المقدسيين على هذا النهج.