الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بحّارة وسنافر على الجسر.. وشبكات توزيع في الضفة

2023-01-03 10:22:47 AM
بحّارة وسنافر على الجسر.. وشبكات توزيع في الضفة
أرشيفية

خاص الحدث

تتعدد مسميات المهربين وتتغير على جسر الكرامة، فمن كان يوما من الأيام يطلق عليه لقب "حوت"، يقال عنه اليوم "بحّار" ومجموع المهربين "بحّارة". وهذا التعريف يقصد به مهربي الدخان، الذين لا يهربون أي شيء آخر إلا السجائر، أي أنهم متخصصون في هذا المجال.

تشير التقديرات إلى أن ما يجنيه "البحّار" يتراوح ما بين 250 - 350 دينارا يوميا، فيما أن العدد الكلي لهؤلاء "البحّارة" غير معروف على وجه التحديد، لكن الترجيحات بأنهم بالعشرات. لكن هذا الصنف من المهربين ليس الوحيد على جسر الكرامة، فهناك آخرون استلهموا تجربة "البحّار".

"السنفور" أو المهرب الصغير، هو مهرب عمل لفترة مع أحد "البحّارة" لكنه قرر الانفصال عنه في العمل. قد يواجه "السنفور" مضايقات في بداية الانشقاق عن مشغليه، لكن ذلك يمكن حلّه من خلال إحداث توازن في العلاقة القائمة على الجسر ككل، فعلاقات "السنفور" مع بعض الضباط والمسؤولين قد تحميه وتحوّله مع مرور الزمن إلى "بحّار".

أحد الفروق بين "السنفور" و"البحّار"، هو أن الأخير يعتبر "تاجرا معروفا" ولذلك يطلق عليهم البعض وصف "التجار المحروقين" وهؤلاء تربطهم علاقات جيدة مع المسؤولين على الجسر، وهذه العلاقات ليست مجاملات ومعرفة شخصية فقط، بل قد تصل إلى علاقة عمل جدية.

مصطلح آخر على الجسر، يعرفه المهربون جيدا، ولا يعرفه الذي يوصف به، وهو "العتالة" أو "الشيالة". هؤلاء مسافرون عاديون يقوم المهربون بنقل كروزات من السجائر معهم خلال مرورهم بالجسر، مقابل مبلغ مالي أحيانا، ومقابل لا شيء في أحيان كثيرة. ويعتبر هؤلاء من أهم أدوات التهريب وأقلها تكلفة، والأدهى أنهم مثار سخرية وتندر واستحقار بالنسبة للمهربين.

ويحاول "البحّارة" اختبار مهارات مهربين جدد يعملون لديهم، ويتراوح عدد المهربين العاملين لدى "البحّار" الواحد من 5 - 20 مهربا، يتقاضى الواحد منهم مقابل رحلة التهريب الناجحة من 70 - 100 دينار، وإذا فشلت فإن هذا لا يعني أنه لن يتقاضى شيئا، فقد يحصل على 15 - 25 دينارا.

الغريب واللافت في القضية، أن المهربين خلال رحلتهم باتجاه الأردن يستطيعون شراء كروز دخان واحد فقط لا غير من السوق الحرة الأردنية، لكنهم يستطيعون شراء كل ما هو معروض في السوق الحرة من سجائر في حال كانوا في طريق عودتهم إلى الضفة الغربية، وهو ما كانت صحيفة الحدث ما قد أثارته مع الجمارك الأردنية، ونواب أردنيون في وقت سابق.

هذا الاقتصاد القائم على التهريب يشجع أنواعا أخرى من الجريمة، فإذا كان تهريب الدخان هو الهدف الأساسي بالنسبة للمهربين، إلا أن منتجات أخرى قد تصل السوق الفلسطيني مهربة، من بينها العطور وكذلك حليب الأطفال وبعض المنتجات الغذائية، وهذا كله لا يخضع للرقابة الصحية وهو ما قد يهدد سلامة وصحة من يتناوله.

اليوم، يدير بعض المهربين الكبار شبكات توزيع يعمل فيها سائقون ومركبات، تقوم بتوزيع السجائر المهربة على محلات مخصصة لبيع الدخان المهرب. وهذه المركبات تخرج من مخازن معروفة ومكشوفة لكل جهات الاختصاص، وتبيع الدخان المهرب لمحلات معروفة ومكشوفة كذلك لنفس الجهات.

صاحب محل لبيع الدخان المهرب في منطقة غرب رام الله، افتتح فرعا جديدا وسط مشاركة لفعاليات الافتتاح على مواقع التواصل الاجتماعي، والأدهى من ذلك أن عروضا ومنافسات تنشر على مواقع التواصل لمحال بيع الدخان المهرب، أي أن الأمر تجاوز حدود مصطلح "مهرّب" وأصبح هذا النوع من الدخان يروج له في كل حيز وفضاء، بينما تحجم الجهات المسؤولة عن اتخاذ إجراءات حقيقية ضد "البحّارة" و"السنافر" و"شبكات التوزيع" و"المحلات المتخصصة" رغم الاستنزاف الشديد للخزينة العامة بسبب هذه الظاهرة.

ومن المهم الإشارة إلى أن الدخان ليس وحده الذي يهرب، وتهريبه يكلف الخزينة، قبل أسبوعين تقريبا أعلنت إسرئيل عن ضبط 20 كغم من الذهب على الجسر كانت في طريقها إلى الضفة الغربية. ولكن بما أن أكثر أنواع التهريب شيوعا، هو تهريب الدخان، فلا بد من الإشارة إلى أن معلومات حصلت عليها صحيفة الحدث تشير إلى أن خسائر الخزينة العامة من تهريب الدخان لهذا العام وصلت حوالي 480 مليون شيقل، أي نصف مليار تقريبا.