الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الملاحقات السياسية للمقدسيين.. أثرها ودلالاتها

2023-02-11 02:11:48 PM
الملاحقات السياسية للمقدسيين.. أثرها ودلالاتها
تعبيرية

أحمد مصالحة: توجد شعرة فاصلة حسب القانون الإسرائيلي بين حرية التعبير والتحريض

رمزي عباسي: حكومة الاحتلال تلاحق كل من يوجه الناس لجعل الفلسطيني بعيدا عن حقوقه

الحدث- سوار عبد ربه

أجمع مقدسيون على أن الملاحقات السياسية للاحتلال على خلفية منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تصاعدت وتيرتها في الأيام القليلة الماضية، على ضوء الأحداث الأخيرة في العاصمة، وما شهدته من عمليات فدائية في مخيم شعفاط وبلدة سلوان، نظرا لتفاعل المقدسيين معها، من خلال تداول الصور ومقاطع الفيديو والخبر حول الحدث، أو من خلال الإشادة بالفدائي الذي نفذها، الأمر الذي يدرجه الاحتلال تحت بند "التحريض على الإرهاب"، ويراه المقدسيون حرية في التعبير عن الرأي.

وبين هذا وذاك، يتعرض الفلسطينيون في القدس إلى الاعتقال، والفصل من العمل، بالإضافة إلى تقييد حساباتهم، وحركتهم، بل وتصل الملاحقات إلى الطلاب الفلسطينيين في جامعات الاحتلال، حيث توجد منظمة خاصة من الطلاب المستوطنين عملها ملاحقة الطلبة الفلسطينيين ورصد منشوراتهم.

وكتب المحامي أحمد مصالحة عبر صفحته على "فيسبوك": "في أعقاب بعض التوجهات الطلابية خلال الساعات الأخيرة، وفي ظل حالة التوتر السائدة والتي من المتوقع ازدياد وتيرتها خلال الأيام القادمة، أعلن عن تطوعي كمحام في مجال إعطاء الاستشارات القانونية المجانية لكل طالب/طالبة قد يتم التحريض عليه على خلفية حق التعبير عن الرأي بواسطة نشر محتوى و/أو مضمون من خلال الفيسبوك أو الانستجرام".

وفي لقاء خاص مع صحيفة الحدث أوضح مصالحة أنه تعامل حتى الآن مع ثلاثة طلاب من الجامعة العبرية وكلية هداسا، تمت ملاحقتهم على خلفية نشر مضامين من خلال واتساب، فيسبوك، وانستغرام.

وقال المحامي إنه بين عامي 2006-2007، تأسست حركة يطلق عليها "ام ترتسو"، وهي حركة طلابية صهيونية، امتداد لفكر حزب "عوتسما يهوديت"، ومعتقدات أعضاء الكنيست كسموتريتس، وايتمار بن غبير، موضحا أن هذه الحركة تقوم برصد كل ما يصدر عن أي طالب/ة فلسطينيين بخصوص هذا الموضوع.

ووفقا لمصالحة، تدعي الحركة أن نشر مضامين "تحريضية" يعرضهم  كطلاب يهود يعيشون في الجامعة، للخطر، لذا يطالبون من إدارة الجامعة بفصلهم، مضيفا أن هذا يأتي على غرار طرح بن غبير واقتراحه لطرد كل فلسطيني يقوم بعملية من خلال محاصرة وطرد عائلاتهم.

وبحسب مصالحة، ترجع هذه الإجراءات كلها إلى قانون مكافحة الإرهاب الذي سن عام 2016، والذي يزداد تطبيقه عاما بعد عام، وهذا الأمر بدا أكثر وضوحا مع الحكومة الجديدة التي تحاول فرض قيود أكثر من أي وقت مضى.

ووفقا لمركز "عدالة" يوم 15.06.2016 صادق "الكنيست" على قانون مكافحة الإرهاب الذي يحتوي على مئات البنود والأحكام التي أتت في أكثر من 100 صفحة، والتي توفّر أدوات جديدة للسلطات الإسرائيليّة، إلى جانب تكريس قسم من قوانين الطوارئ الوحشيّة السارية منذ عهد الانتداب البريطانيّ والتعليمات المؤقتة الصادرة، تهدف إلى قمع نضال فلسطينيي الداخل وملاحقة نشاطاتهم المساندة للفلسطينيين في الضفة الغربيّة وقطاع غزّة.

من جانبه، يرى الناشط المقدسي رمزي عباسي أن كل إنسان يقدم شيئا لوطنه، يدافع عن حقوقه وحريته، هو بالنسبة للطرف الآخر متهم بالعدائية والتخريب والإرهاب، مقابل أن هذه حقوق يكفلها الإنسان والدين والأمم المتحدة ولكن نحن أمام حكومة فاشية عنصرية تحاول إلغاء الآخر وجعلنا تابعين لها، ذلك من خلال عمليات التهويد والأسرلة.

وأضاف عباسي في لقاء خاص مع صحيفة الحدث أنه في ظل هذه الحكومة المتطرفة نحن ممنوعون من الحديث والمطالبة في حقوقنا، وهذا الأمر بدا واضحا منذ تولي نتنياهو الحكم، بالإضافة إلى تولي ايتمار بن غبير حقيبة الأمن الداخلي، وتوجهه بقتل الفلسطينيين، وتنفيذ عقوبات أشد، ومنع حل الدولتين -غير الموجود-، إلى جانب زيادة الاستيطان، وتهجير أهلنا في كل المناطق الفلسطينية.

وأكد الناشط على أن الإجراءات التي يتخذها بن غبير لها أن تتبعها سلسلة من ردود الفعل الفلسطينية على الأرض سواء في المظاهرات والعمليات التي نفذت بعد أحداث جنين.

ويرى الناشط أن حكومة الاحتلال تهاجم كل من يحاول توجيه الناس وإطلاعهم على ما يحدث حولهم، وهذه الأمور كلها ذات طابع سياسي لجعل الفلسطيني مهمشا وبعيدا عن حقوقه والمطالبة فيها.

تجربة شخصية

وللناشط المقدسي تجربة شخصية مع الملاحقات السياسية، حيث وجهت له تهمة عام 2019، بضرب جندي والإخلال بالنظام العام، إلا أن القضية أغلقت بعد أربعة أشهر لعدم وجود أدلة، وخلال الهبة الأخيرة عام 2021، كان رمزي من بين الأسماء البارزة في نقل مجريات الأحداث ما دفع باتجاه إعادة فتح القضية المغلقة ذاتها.

وفي التفاصيل يقول عباسي لصحيفة الحدث: في هبة عام 2021، كان اسمي من بين

الأسماء البارزة في نقل مجريات الأحداث وكان لنا حضور واسع على مئات الألوف من الناس الموجودين على امتداد الخارطة الفلسطينية والعربية والعالمية، وهذا الأمر لم يرق للاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته لا يوجد ما يعتقلني عليه لأنني لا أحرض، وفقا لقوانينهم، ما دفعهم لإعادة فتح وتفعيل القضية المغلقة منذ 3 سنوات.

وأشار الناشط إلى أنه تعرض للفصل من عمله، ومنع من ممارسة أي عمل آخر، كما أنه في محاكمات مستمرة منذ أكثر من سنة، معتبرا أن هذه المحاكم بسبب نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي التي أغلقوا صفحاته فيها مرارا، وفرضوا عليها قيودا، بحجة القضية السابقة.

وفي حينها تلقى عباسي الذي كان يعمل في جهاز التربية والتعليم العربي (التابع لوزارة التربية الإسرائيلية) كمعالج طبيعي في قسم التربية الخاصة في القدس، كتابا رسميا تبلغ فيه عن فصله مؤقتا أو تعليق عمله في الوزارة بسبب "لائحة اتهام تقدمت ضده" وتمنعه من ممارسة عمله، واللائحة تحوي اتهامات بالاعتداء على شرطي إسرائيلي والإخلال بالنظام.

ويرى الناشط أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست كل شيء، هي فقط مكملة للحدث، حيث تقوم بنقل حدث معين أو رسالة معينة، ولولا الحدث الموجود على الأرض لا يوجد ما تنقله، منوها إلى أنه في اللحظة التي يجري فيها الحدث على الأرض من واجب النشطاء أن ينقلوا عنجهية الاحتلال وأن يوصلوا الصورة بشكل واضح من أبناء الأرض الموجودين فيها، مؤكدا أنه من هنا تأتي أهمية نقل الصورة التي أوجعت الاحتلال، وعرّته، ومن المهم أن يتم نقلها بدون تزييف أو شخصنة.

ووفقا للعباسي: "بعد نجاحنا بكسر الحائط عام 2021 بدأ الاحتلال بشكل جدي وانتقائي يجند أشخاصا معينين عملهم مراقبة الحسابات الفلسطينية ونجحوا في تكميم العديد من الحسابات الفلسطينية، وحتى الحسابات التي تم تكميمها واسترجعت هي حسابات مقيدة لا تصل لكل الناس، مؤكدا أننا كفلسطينيين لدينا القدرة على الاستمرار في توعية الناس مهما كانت الإجراءات وتوجد ثقافة جديدة اليوم منتشرة هي ثقافة المواطن الصحفي أي أنه أصبح بإمكان كل إنسان أن ينشر الخبر باستخدام هاتفه.

يشار إلى أن نحو 400 ألف مستخدم يتابعون حساب رمزي عباسي عبر "انستغرام".

خطوات احترازية

وقدم الناشط نصيحة فيما يتعلق بموضوع النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي "محاولة تقديم الأخبار بصيغة حيادية، أي بصيغة خبر بعيدة عن المصطلحات العاطفية التي تقوم بالظهور كعلم أحمر أمام من ينقحون الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك للمحافظة على استمرارية الرسالة، وفي الوقت ذاته يجب التعامل مع المتابع على أنه ذكي يستطيع تحديد ماهية الرسالة التي تصل من قبل النشطاء".

بدوره، قال المحامي أحمد مصالحة إن مسؤولية توعية الطلاب والناس عموما، واجب ملقى على المحامين الذين يعملون في هذا المجال، ذلك لأن شعرة فاصلة وفقا للقانون الإسرائيلي ما بين التعبير عن الرأي والتحريض.

يذكر أن حراك "سير وصيرورة" الطلابي الفلسطيني في الجامعة العبرية سينظم ندوة قانونية مع المحامي أحمد مصالحة في إطار التوعية القانونية للخطوات الواجب اتباعها في حال تعرض الطلاب إلى اعتقال أو ملاحقة من قبل شرطة الاحتلال على خلفية حقهم في حرية الرأي والتعبير.

410 حالة اعتقال العام المنصرم 

وفي السياق أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن سلطات الاحتلال صعدت بشكل كبير خلال العام 2022 من ملاحقتها للفلسطينيين بسبب آرائهم ونشاطهم على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي خصوصا "الفيسبوك"، حيث اعتقلت في هذا السياق قرابة (410) فلسطينيين.

وأوضح مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي على مواقع التواصل طال كافة فئات الشعب الفلسطيني بما فيهم النساء والأطفال، والصحفيين والناشطين وقيادات العمل الوطني، ونواب المجلس التشريعي.

وبحسب المركز خلال عام 2018 رصد (145) حالة اعتقال، بينما في العام 2019 قرابة (184) فلسطينيا، وفى عام 2020 ارتفعت أعداد المعتقلين إلى (220) حالة، وفي العام 2021 بلغت (390) فلسطينيا.