الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عن الفكر التكفيري والحرب الدينية القادمة..

2014-07-22 05:07:14 AM
عن الفكر التكفيري والحرب الدينية القادمة..
صورة ارشيفية

إذا قالت حذامِ: 

بقلم: ورود الموسوي- لندن

-1-

العالم العربيُّ يحترق .. ولا بلدَ باتَ اليومَ أفضل من بلد .. والقادمُ أخطرُ وأعظم ..!

هكذا أبدأُ من واقع الحال الذي لا يمكنُ أن يوارى أو أن نتحدث عنه كمثقفين بلهجةٍ أقلّ حدّة مما نرى على شاشات التلفاز من قتل ودمارٍ وقصف مقنن للأطفال والناس في غزة .. ولا يمكن لأي عاقل أن يغض الطرف عمّا يحدث باسم الله وباسم رسوله من قتل واغتصاب واستباحة حرمات الناس باسم الخلافة الاسلامية وباسم أناسٍ ما أنزل الله بهم من سلطان في المناطق التي وقعت تحت سيطرة هؤلاء المدججين بالأسود في العراق وفي الشام .. والذين هجموا على البلدان العربية كما الجراد والطاعون .. وحين نتأكد من هويّاتهم سنجدهم خليط من المغاربة والتوانسة ومن الافغان والشيشان ومن جميع الطوائف التكفيرية التي دُجّنتْ أفكارها فأصبح كل من لا يتفق معها في الفكرة كافر.. !

-2-

إنّ فكرة التكفير ليست جديدة في المجتمع الإسلامي والعربي  فلها جذور ضاربة في العمق حتى أنّ أحد علماء الفكر الإسلامي يرجع بداياتها الى عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. ولأني لستُ بصدد دراسة عن الفكر التكفيري بقدر ما أريد الوصول الى أنّ كلمة (كافر) كانت مفتاح الشيطان على ألسن الجهّال وكهنة المعابد التي يتمترسُ خلفها المتلبّسون باسم الدين .. والذين كفّروا كلّ من يعارضهم بفكرة أو يختلف معهم بمذهب أو بدين أو بعقيدة .. فكانت صفة (كافر) هي الأسهلُ والأقرب للإلصاق بالضحية وأيضاً هي الأقربُ لعقول الناس البسطاء الذين يصدّقون بلا رويّة وبلا دراية كل ما يقوله المشايخ!

-3-

مذ كنا صغاراً ونحنُ نرى مشاهد الدمار والمجازر في فلسطين وتحديداً غزة تتصاعدُ كل يوم .. ولا يوجد طفل عربي على الإطلاق إلا ويعرف أن فلسطين محتلة من قبل الصهاينة ومن قبل اسرائيل التي طوّعت العالم من أجل إقرار شرعيتها بكل ما تخطط له وتفعله في المنطقة .. بمباركة أمريكا (الشيطان الأكبر , حسب المفهوم الايراني .. ) (وملاك الرحمة حسب المفهوم الخليجي)!

مذ كنا صغاراً وثمّة غضبٌ دفينٌ يصبّ جام غضبه على الخيبة والصمت وعلى اسرائيل التي تعصف وتقصف دون رحمة بيوت الخشب ومنازل بالكاد تقف ..! ولأنّ الشعب العراقي في الثمانينات كان منشغلاً بحربه (الخائبة) ضد ايران فكان العراقي يدفع دمه وعمره فداء للدول العربية حامياً لها من احتلال الفرس (المجوس)! ولم نكن نعرفُ حينها أنّ الفرس المجوس كانوا دولة إسلامية ! والسؤال لماذا لم تقاتل الجيوش الاسلامية بما فيها (ايران) لتحرير فلسطين من قبضة الصهاينة ..؟ لكننا لم نكن ندري أن العرب قد باعوا فلسطين وقبضوا الثمن .. ولا بأس بضياع فلسطين مقابل أنهار الخير التي ستهلّ وستبني مدنهم وأوطانهم!

-4-

الآن وبعد إحتراق العالم العربي بفتنة الطائفية والتقسيم العرقي والمذهبي التي زُرعت في قلب الصحراء وانتشرت على أساس لا إنساني بات السؤال الذي يسبق كل شيء .. هل أنتَ سني أم شيعي .؟ حتى قبل أن يسألك أحدهم كيف حالك ..؟

هذا التشظّي في نسيج المجتمع العربي لم يأتي اعتباطاً بل تمّ العمل عليه منذ سنين وبطبخة نار هادئة آتت أكلها اليوم ونحن نمد أيدينا لنطعن بعضنا الآخر متناسين إنسانيتنا متخففين منها ولاهثين خلف الحقد والكراهية والغلّ ..

-5-

وعوداً على موضوع التكفير الذي بات اليوم متمثلاً بــ (داعش) وهي جماعاتٌ لا لون لها غير لون الدم والقتل والفساد واغتصاب النساء علناً أمام الناس اللا شرفاء .. والذين هتكوا عرض الأرض قبل عرض الناس في مدينة الموصل وقبلها في حماة وحمص .. هؤلاء الذين شحذوا كل أسلحتهم الفتاكة ليهجموا تحت شعار (الله , رسول , محمد) على بلدٍ يشهدُ أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله .. بلد مسلمٌ فيه يعيش المسيحي والمندائي والصابئي والآشوري منذ آلاف السنين عيشة حميمة .. ويحمل علمه كلمة (الله أكبر) بحجة التكفير وبحجج لا أساس لها سوى أنهم يتحركون باسم أسيادهم في اسرائيل وامريكا ..!

أتساءلُ كما آلاف البشر ... أليس الجهاد الذي أمرنا الله به ورسوله هو الجهاد في إخراج المحتل والمغتصب ...؟ فلماذا لا تتوجه جحافل داعش (الدولة الاسلامية) لتحرير فلسطين وايقاف بحر الدم في غزة ..؟ لماذا هذه الجماعات التي قتلت الابرياء في قرى سوريا وهتكت أعراض النساء ومثّلت بالقتلى في سوريا والعراق .. لا تتنادى لصيحات الاستغاثة التي تطلقها النساء والاطفال في بلد محتل علناً .. ويباد علناً .. ويُقتَلُ علناً .. أمام صمت رهيب ومقرف عربي ودولي !!

لماذا حين يهجم هؤلاء الوحوش التتار الجدد على القرى الشيعية الصغيرة في طوزخرماتو وتلعفر في العراق يجردون النساء من ملابسهن ويصلبوهنّ على أعمدة الكهرباء .. بعد أن يتم اغتصابهن وذبحهن كما النعاج ...!!

هل مثّل محمدٌ بن عبد الله النبي بقتيل ...؟ وهو الذي كان يرقّ لحال الأسير إذا أنَّ أو بكى !

-6-

أخيراً .. لكل إنسانٍ شريف ظل على وجه الطبيعة .. أرجو منك يا أخي .. يا أختي .. يا شبيهي .. يا أيها الباقي تحت تأثير ما ترى من إعلام كاذب وغادر لكَ ولي ولنا .. أن تراجع كل اعتقاداتك وما تؤمن به .. أن تعيد نظرتك على إنسانيتك الموهومة ولتكتشف الظلام الذي يحيط نفسك بسبب الافكار التي تم تغذيتك بها .. أن تقف موقفاً إنسانياً إتجاه الحياة واتجاه نفسك وعقلك وأبناءك في المستقبل .. أن لا تكون تكفيرياً لمجرد اختلاف بينك وبين الآخر ..!

وأن لا تكون داعشياً بل حاول أن تكون إنساناً في زمنٍ يُذبحُ فيه الإنسان لإنسانيته..!