الحدث: محمد مصطفى
أثرت أزمة الفكة" التي تجددت منذ نحو الأسبوعين، على كافة المتاجر والأسواق في قطاع غزة، وخنقت المعاملات التجارية، وتسببت في معاناة الباعة والسائقين.
إضرار بالباعة
كثيراً ما يضطر الباعة عن للاعتذار للمواطنين، ولا يتمون عملية البيع، إذا ما أخرج الأخيرون أوراق نقدية من فئة الخمسين أو المائة أو المائتي شيكل، لدفع ثمن بضاعة اشتروها، خاصة إذا ما كان ثمن تلك السلعة منخفضاً.
ويقول البائع سعيد نعيم، وكان يبيع ذرة على عربة كارو في إحدى أسواق جنوب قطاع غزة، إن أزمة الفكة تجددت مبكراً هذا العام، فهي في الغالب تبدأ قبيل حلول شهر رمضان بأسبوع، وتستمر حتى عيد الفطر.
وأوضح نعيم أن معظم المشترين باتوا يعرضون عليه فئات نقدية ورقية كبيرة، في حين أن أكبر عملية بيع يجريها لا تتعدى عشرة شواكل، موضحاً أنه مهما حاول توفير فكة، فإنها تنفذ بعد وقت قصير.
وبين نعيم أنه في بعض الأحيان وبعد صرف أكثر من زبون، يقرر البحث عن فكة، فيمسك بالورقة النقدية ويجول بها على الباعة، وأصحاب المحال التجارية، لكن الجواب الذي يتلقاه لا يتغير:"لا يوجد لدينا فكة".
أزمة مفتعلة
وأشار نعيم إلى أن الأزمة المذكورة، تؤثر عليه وعلى صغار الباعة والتجار من أمثاله، لكنها في المقابل تزيد كبار التجار ثراء فوق ثرائهم، فالأخيرين وهم في الغالب من يصنعها، يخزنون الفكة مبكراً، خاصة العملات المعدنية في جراكل بلاستيكية قبل شهر رمضان بأشهر، وهم لديهم رأس مال يمكنهم من ذلك، لضمان استمرار معاملات البيع لديهم، وبالتالي هم يجتذبون الزبائن، ممن يعتذر صغار الباعة عن بيعهم.
أما سائق سيارة الأجرة، سامي عوكل، فأكد أنه اتفق مع بقاليتين لتوفير أكبر كم ممكن من الفكة بصورة يومية، وفي الصباح الباكر وقبل خروجه على المركبة للعمل، يجتهد في توفير قطع معدنية وأوراق نقدية متعددة الفئات، لتيسير عمله، لكن ما يوفره ينفذ سريعاً، ويقضي باقي اليوم يعاني أزمة "الفكة".
وأكد إلى أنه في بعض الأحيان، خاصة في ساعات المساء، بات يشترط على الركاب عدم إعطائه أوراق نقدية من الفئات الكبيرة، قبل أن يتحرك بمركبته، مشيراً إلى أنه اضطر لمسامحة بعض من المواطنين بعد تعذره إيجاد "الفكة" اللازمة.
وطالب عوكل الجهات المعنية بالبحث عن آليات لتوفير حلول للمشكلة، إما عبر جلب كميات كبيرة من الفئات النقدية الصغيرة عبر البنوك، وضخها في الأسواق، أو محاربة تخزين واحتكار الفكة.
أزمة عمرها عقود
من جانبه قال المواطن أحمد السلطان "65 عام"، إن أزمة الفكة في قطاع غزة عمرها يزيد على 70 عام، وهي بدأت إبان الحكم المصري للقطاع، وسببها على الأرجح "العيدية"، حيث كان يعمد أولياء الأمور لجمع أكبر كمية من الفئات النقدية الصغيرة، بغية توزيعها على أقاربهم وأرحامهم.
وأكد أن الأزمة المذكورة باتت تتسع، فبعد أن كانت مقتصرة على الأيام الأخيرة من شهر رمضان، باتت تشمل الشهر كله، حتى أضحت في وقتنا الحالي تغطي شهر قبل قدوم رمضان.
وأوضح السلطان أنه ومنذ زمن طويل يعتقد جازماً بان أزمة "الفكة" هي عادة سيئة، ويصنعها مواطنون وتجار، لذلك يجب مكافحتها، عن طريق وقف جمع "الفكة" وتخزينها.