السبت  14 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل اتخذ قرار بتوجيه ضربة إلى إيران.. مَن وكيف؟| بقلم: فراس ياغي

2025-06-13 02:19:02 AM
هل اتخذ قرار بتوجيه ضربة إلى إيران.. مَن وكيف؟| بقلم: فراس ياغي
فراس ياغي

يحاول الكثير من النخب الإجتهاد وقراءة ما يحدث من تصريحات وخطوات وتحركات أمريكية وإسرائيلية بأنها تأتي في باب الضغط والتهويل لما قبل الجولة السادسة من المفاوضات يوم الأحد المقبل، وأن اي ضربة لإيران لا يمكن أن تحدث بدون ضوء أخضر أمريكي، وينسون دائما أن كل ما تقوم فيه إسرائيل منسق عسكريا مع عسكريي أمريكا كون إسرائيل عضو في قيادة "السينتكوم"، إضافة إلى أن كل ما يتم تحضيره عمليا على الأرض خاصة العسكرية وإجلاء عائلات الضباط والجنود وتقليل اعداد الدبلوماسيين الأمريكان في مختلف السفارات في غرب آسيا وبما يشمل جزء من اوروبا، ليست سوى طريقة تفاوضية أمريكية لا اكثر كما يراها البعض أو انها حرب نفسية لا غير، رغم أن هذا الإجراء لا يحدث إلا بوجود مخاطر اندلاع حروب

الغريب أن هناك تجارب سابقة حدثت وكانت عبارة عن خطة بمجملها غدر وخداع من الأمريكي لكل محور المقاومة، بل كانت غطاء لعمليات إغتيال كبيرة، اليوم يصرح الرئيس "ترامب" علنا بأن "هناك إحتمال لنشوب صراع كبير في المنطقة ويمكن أن يحدث شيء قريبا"، نعم المنطقة مقبلة على احداث كبيرة، والرئيس "ترامب" يقول بملء فمه أيضا "لا أريد القول أن الضربة الإسرائيلية على إيران وشيكة، لكنها تبدو كأمر قد يحدث بالفعل".

ألا يكفي هذا التصريح وحده لكي يتيقن من يفهم طببعة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية بأن قرار الضربة أمريكي قبل أن يكون إسرائيلي او كما قلت قبل اسبوعين تقريبا على فضائية الميادين "الإسرائيلي يفهم الرفض الأمريكي العلني بأنه موافقة ضمنية وضوء أخضر، لكن الامريكي لا يريد ان يظهر بأنه هو وراء كل شيء" ...ولكي ننظر للمسألة بمنظار إستراتيجي، "نتنياهو" بإجماع إسرائيلي ذاهبة لخطوات إنتحارية إسمها "النصر المطلق" او "حرب الإستقلال الثانية" او "حرب النهضة" وهو ينتظر فقط إعلان فشل المفاوضات 'الأمريكية الإيرانية"، وبالأمس بدأت أولى الخطوات من حيث تهيئة الجمهور، صحيح جرى تضخيمها لمنع حل الكنيست والضغط على الحريديم للقبول بالحدود الدنيا كمباديء في قانون التجنيد، لكن كما قال "غانتس" إلى "نتنياهو"، "بدل ان تستخدم قضية ضربة إيران لصالح التجنيد الملزم للكل، استخدمتها في تخويفهم لمنع حل الكنيست"، واليوم يتم نشر استعدادات الجبهة الداخلية الإسرائيلية لحالات الطواريء "رغم النفي الرسمي"،  وهذا وحده يشير إلى الجدية وإلى أن القرار قد تم إتخاذه وفقط المسألة اصبحت مرتبطة بالجولة الاخيرة "يوم الاحد" وإذا ما كانت إيران ستقبل بالشروط الأمريكية الصهيونية، لكن جواب إيران كان واضحا في ردها على تقرير وكالة الطاقة الدولية الذرية "إنشاء خط جديد للتخصيب، وتحديث أجهزة الطرد في مفاعل فوردو

نعم لقد تم إتخاذ القرار بتوجيه ضربة كبيرة لإيران، ضربة غير مسبوقة من حيث حجمها وفاعليتها وسيتم تسجيلها في أرقام "غنيس"، ومن حيث المشاركين فيها، لاحظوا تصريحات الرئيس "ترامب" يشير دائما وكأن من سيقوم بالضربة "إسرائيل"، وفي الظاهر وكما العادة هي "إسرائيل"، فعليا القيادة هي "أمريكية" ومعها حلفاءها الدوليين والإقليميين بجانب "إسرائيل"، إن جمل الرئيس "ترامب" "نشوب صراع كبير في المنطقة"، "نأمل ان لا ينشب صراع كبير في المنطقة"، جمل واضحة ومعناها اوضح، فلا صراع كبير في المنطقة دون مشاركة كل الدول المشاركة في "السينتكوم" الذي تقوده الولايات المتحدة، ولا صراع كبير دون دخول "الناتو" على الخط.

مرة أخرى نستطيع الإستشراف فقط من التصريحات الأمريكية والإسرائيلية في اليومين الأخيرين، وعلى الرغم أنني تحدثت كثيرا عن ذلك في الماضي خاصة حول الإستراتيجية الجديدة في المنطقة بعد السابع من تشرين/أكتوبر، من حيث طبيعة الترتيبات الجيوسياسية التي تم التوافق عليها  والمتطلبات الأمنية للمستوطن والمستوطنة في الجبهات اللصيقة والقريبة والمحيطة، بحيث يكون هناك:

أولا- إشراف أمني مباشر على اللصيقة

ثانيا- مناطق عازلة في القريبة مباشرة وغير مباشرة ونزع سلاح حركات المقاومة غير الحكومية ونفوذ امني بمعنى حرية الحركة وبالذات الجوية في تلك الجبهات "دول الطوق"

ثالثا- تسليح في الدول المحيطة "غير الحليفة والمطبعة" لا يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية

المعطيات أعلاه بمجملها هي "النصر المطلق" الذي يتحدث عنه رئيس الوزراء "نتنياهو"، لذلك لا يمكن ان يتحقق ذلك دون نزع سلاح منظمات المقاومة في "غزة" و"لبنان"، والإشراف الأمني على "غزة" بطريقة "الضفة الغربية" او ما سيتبقى منها، ومناطق عازلة وتطبيع مع "لبنان" و"سوريا"، اما "إيران" فقصتها تعتبر اولوية قصوى بإعتبار أن "إسرائيل" تنظر إليها على أنها تمثل خطر وجودي، وقد إستطاعت "إسرائيل" منذ السابع من تشرين/أكتوبر أن تُمهد الطريق الى "لهيب طهران"، "غزة" في كارثة، "الضفة" تئن من الإستيطان وذاهبة نحو الضم، الذراع الإستراتيجي في "لبنان" تم توجيه ضربة كبيرة له ووفق الإسرائيلي فقد تم إضعافه بحيث لا يشكل اي تهديد إستراتيجي على الجبهة الداخلية الإسرائيلية لحظة توجيه الضربة لإيران

نعم، لقد إتخذ قرار توجيه ضربة لإيران، وكل الإعلام الأمريكي والعالمي والعربي يقول بانها قرار إسرائيلي وضربة إسرائيلية، ويبدو أنها ستكون كما الضربة الجوية عام 1967 على أكبر بأضعاف، واقصد هنا كما قال المرحوم "محمد حسنين هيكل" حيث قال: "لم تكن الضربة للمطارات والطائرات المصرية إسرائيلية بل امريكية ايضا وجائت من ليبيا"، لكن المعلن سيكون هو ماركة إسرائيلية، إذا قرار الضربة بالتأكيد ليس إسرائيلي محض والمشاركين فيها هم من اتخذوا قرار الضربة، السؤال لماذا إيران معضلة الكل الامريكي الاوروبي الإقليمي؟ نجيب على ذلك عبر هذه الملاحظات:

اولا- الغضب الاوروبي من علاقة إيران مع روسيا، ولإضعاف روسيا يجب إنهاء النظام الإيراني

ثانيا- الصراع الامريكي الصيني يتطلب إنهاء الحليف الإستراتيجي للصين الذي هو إيران، حيث طريق الحرير وحجم العلاقة التجارية يؤكد ذلك

ثالثا- حماية القوة الضاربة للغرب في غرب آسيا، وللدقة، حماية المُنتج الغربي "إسرائيل" من اي تهديد وجودي

رابعا- حماية دولة الإقليم "الدول العربية المعتدلة" والحليفة للغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة من مخاطر النظام الإيراني، ومن مخاطر رد الفعل الإيراني على اي ضربة محتملة

خامسا- إستغلال الفرصة الحالية في ظل ضعف ما يسميها الغرب والعرب اذرع إيران "قوى المقاومة"، وإنتقال "سوريا" "الشرع" للمحور الداعم للتطبيع مما يسهل التحرك عبر إستخدام اجواء سوريا بلا موانع وقد يشارك في لحظة الحرب الإقليمية بإفتعال إشتباك مع "لبنان"

إذا لتحقيق ذلك فالضربة بالضرورة لن تكون إسرائيلية خالصة، لأن ذلك لا يمكن ان يحقق الغاية من الضربة، والتي تتمثل، في شل القدرات الإيرانية عن الرد او جعل ردها محدود وبما يمنع اي حرب إقليمية كبرى، أي تدمير معظم القدرات الصاروخية القادرة على ضرب إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة، بل وحتى قطاعات النفط والغاز في المنطقة، وبالتالي السيطرة على منع توسعها وتحولها إلى حرب إقليمية

لتحقيق ذلك سيتم عزو الضربة لإسرائيل اولا، وأن تشارك فيها دول الناتو الغربية ودول قيادة السينتكوم، في الهجوم وفي الدفاع ثانيا، ولاجل منع توسعها فحجم الضربة يجب أن يكون كبير وكببر جدا للتحكم في حجم الرد ثالثا، وبعد ذلك يأتي دور الحصار الإقتصادي والبحري لإسقاط النظام الإيراني رابعا

أتذكر مقال للمبعوث الأمريكي للسلام دينيس روس قبل اكثر من خمسة عشرة سنة، والذي دعا فيه إلى قيام ألف طائرة من الناتو بقصف "إيران" بشكل متزامن وذلك للحد من اي رد إيراني عبر تدمير القدرات الإستراتيجية الإيرانية الصاروخية، والآن يضاف لهذه القدرات الطائرات المسيرة، ويبدو أن الرئيس ترامب قرأ المقال هذا الأسبوع لذلك يتحدث عن "صراع كبير في المنطقة"

الخلاصة

قرار الضربة تم إتخاذه، والمفاوضات الامريكية الإيرانية كانت بهدف تبرير الضربة، الذي اتخذه صناع القرار في التحالف الدولي الغربي، ومن سيشارك فيها الى جانب امريكا ودول اوربا الكبرى الدول المنضوية في قيادة السينتكوم، اما رأس الحربه الذي سيتحمل المسؤولية لوحده فهو "نتنياهو" ودولته "إسرائيل"، خاصة أن الرجل يحلم بذلك ويريد أن يسجل في إرثه أنه قضى على الدولة التي تشكل خطر وجودي على دولة إسرائيل "ملاحظة: الرئيس ترامب بعد الضربة إن نجحت لن يعطي نتنياهو المجال للإحتفال بالنصر لأنه سيتبنى كل شيء كما إغتيال قاسم سليماني والمهندس"، اما كيف سيكون شكل الضربة، فيبدو ان ما كتبه "دينيس روس" سوف يتحقق

اما تداعيات الضربة على المنطقة فسوف تعتمد على مدى نجاحها، فإن نجحت فشعار السلام بالقوة الذي يتبناه الرئيس "ترامب" ورئيس الوزراء "نتنياهو" سيتحقق، أي نفوذ إسرائيلي شامل على المنطقة وتحالف "ناتو" عربي ـ إسرائيلي، ونزع سلاح كامل وشامل لقوى المقاومة مع السماح لهذه القوى لأن تعمل أحزاب سياسية لا غير ووفق الشروط الامريكية والإسرائيلية، وبما يتعلق بالقضية الفلسطينية فالمشهد بإعتقادي سيكون بقاء "غزة" وضياع "الضفة الغربية" "ضم معظم او كل الضفة ومن يرفض سيتم ترحيله على غزة"، وبالطبع تطبيع وترتيبات أمنية وفق الرؤيا الإسرائيلية وفق ما ذكرنا اعلاه

يبقى السؤال المهم...هل خططهم ستنجح او هي قدر؟!! واين ستكون روسيا والصين؟!! اعتقد بل أجزم بأنهم يقدمون على مغامرة حدودها لن تقف عند الضربة المخططة، والأمور ستدخل في تداعيات جديدة سوف تستمر لعدة سنوات ستأخذ كل المنطقة إلى الهاوية وليس دولة "إسرائيل" لوحدها

ولكي يفهم البعض ما هو المخطط؟!!، عليه ان يقرأ التدخل الأمريكي لحماية حكومة "نتنياهو" غير المباشر والمباشر عبر السفير الامريكي "هاكبي" لمنع تصويت الحريديم لصالح حل "الكنيست"...ولسه في ناس بتقلك الرئيس "ترامب" سئم "نتنياهو"، وآخرين لا يقدرون بأن اللعب اصبح على المكشوف وعيني عينك، الحروب النفسية انتهت، ذلك لأن "محور امريكا" ينظر إلى "محور إيران" "المقاومة" بأنه هزم ويجب تثبيت الهزيمة بالدبلوماسية أو بالقوة