الحدث العربي الدولي
شهدت مدينة سيدني الأسترالية صباح الأحد واحدة من أكبر المسيرات المناهضة للعدوان الإسرائيلي منذ بداية الحرب على غزة، حيث خرج عشرات الآلاف في “مسيرة من أجل الإنسانية” على الجسر الشهير للميناء، متحدّين الأمطار الغزيرة والرياح القوية. المشاركون حملوا لافتات تصف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ”هتلر”، وأخرى كُتب عليها “من النهر إلى البحر” و”إسرائيل تقتل الأطفال في غزة”، فيما لوّح كثيرون برسومات البطيخ رمزًا للهوية الفلسطينية، وردّدوا هتافات من قبيل “أوقفوا الإبادة” و”كلنا فلسطينيون”. وللتذكير بالمجاعة في غزة، حمل بعضهم أواني الطهي خلال المسيرة، بينما ارتدى عدد كبير الكوفية الفلسطينية في مشهدٍ طغت عليه الرمزية والدعم الشعبي للقضية الفلسطينية.
المظاهرة التي جمعت كبار السن والأسر والأطفال لم تخلُ من رسائل شخصية مؤثرة. دوج، رجل في الستينيات من عمره، قال: “يكفي ما يحدث، عندما يتوحد الناس في أصقاع الأرض من أجل العدالة، يمكنهم كسر الشر والانتصار عليه”. أما تيريز كيرتيس، وهي في عقدها الثامن، فأكدت أنها تسير من أجل “حق الفلسطينيين في العلاج”، قائلة: “أتمتع هنا في أستراليا برعاية صحية جيدة، بينما يقصفون مستشفيات الناس في فلسطين ويحرمونهم من أبسط حقوقهم الإنسانية”.
وشهدت المسيرة ظهورًا علنيًا نادرًا لمؤسس موقع “ويكيليكس” جوليان أسانج، الذي عاد إلى أستراليا العام الماضي بعد اتفاق قانوني أنهى ملاحقته في الولايات المتحدة بتهم تجسس. أسانج، المعروف بمواقفه الناقدة للاحتلال الإسرائيلي، شارك دعماً للفلسطينيين وسط حفاوة من المتظاهرين.
الشرطة الأسترالية دفعت بمئات العناصر لتأمين التظاهرة بعد أن فشلت محاولات حكومة ولاية نيو ساوث ويلز الأسبوع الماضي في منع عبورها للجسر بدعوى “المخاطر الأمنية”، لكن مع تزايد الحشود قررت بالتنسيق مع المنظمين إيقاف المسيرة بشكل مبكر خشية التدافع. وفي ملبورن، خرجت مظاهرة مماثلة تخللتها مواجهات محدودة واعتقلت الشرطة خلالها شخصًا واحدًا بعد إغلاق جسر رئيسي.
يأتي ذلك في ظل مواقف متصاعدة لرئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الذي وجّه انتقادات علنية لـ”إسرائيل” على خلفية منع المساعدات الإنسانية وقتل المدنيين في غزة، معتبرًا تلك الأفعال “لا يمكن الدفاع عنها”، لكنه لم يعلن حتى الآن اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية أسوة ببعض الدول الغربية. وفي الوقت نفسه، تشهد أستراليا تصاعدًا في حوادث استهداف اليهود والإسرائيليين، شملت إحراق كنيس والاعتداء على مطعم يملكه الشيف الإسرائيلي إيال شاني، ما يعكس توترًا متزايدًا داخل المجتمع الأسترالي في ظل استمرار الحرب.