الحدث الصحي
يعتبر التدخين من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا حيث تتكون السجائر من عدد من المركبات الكيميائية التي تضر بالإنسان وصحته، فهي تحتوي على الزرنيخ ومادة الرصاص، ومادة النيكوتين وومادة القطران. ولكن السؤال الذي نحتاج غلى الاجابة عليه، ماذا بعد عدم نجاح الوسائل التقليدية في الحد من التدخين؟
من المعلوم أن التدخين واستهلاك التبغ بأنواعه وأشكاله من سجائر تقليدية ونارجيلة وغليون، يضر بالصحة بشكل عام ويتسبب في مجموعة من الأمراض، كما أنه يعد من الأسباب الرئيسة للوفاة؛ حيث أنه يفتك بحوالي 8 مليون شخص سنوياً حول العالم، كل ذلك بفعل الدخان المنبعث من حرق التبغ الذي يبدأ عند درجة حرارة 600 مئوية في السجائر التقليدية، والذي يولد أكثر من 100 مادة سامة، والذي يعرض مدخنها ومن يحيط به إلى التغييرات في أنسجته وخلاياه.
ويؤثر التعرض لهذه المواد على وظائف الرئتين في المقام الأول، مسبباً حدوث الالتهابات التي تتطور بمرور الوقت إلى انسداد رئوي، ومن ثم الإصابة بداء الانسداد الرئوي المزمن بما يتضمنه من انتفاخ في الرئة والتهاب الشعب الهوائية، فضلاً عن زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان، لا سيما سرطان الرئة. كذلك، فإن تأثير التدخين يشمل الشرايين والقلب؛ ذلك أن المواد الكيميائية التي تحتويها السيجارة التقليدية والناتجة عن حرقها، تسبب التلف في الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى التجلطات، كما أن الانسداد الشرياني الناجم عن التدخين، يؤدي أيضاً للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وهناك طرق كثيرة للذين يرغبون في الاقلاع عن هذة العادة السيئة ولكن يجب أن يعقد المدخن النية وأن يرغب فعليا في الإقلاع عن التدخين ، وبدون توفر الرغبة الحقيقية في التوقف عن التدخين سيكون الإقلاع عن التدخين مهمة صعبة جدا، وهناك طرق تقليدية عديدة للاقلاع عن التدخين منها أقراص تؤخذ بالفم وبدائل النيكوتين.
ومع تقدم العلوم و التكنولوجيا المدفوعة بالابتكار، وبرزو ما يسمى بمفهوم" الحد من الضرر"، وما افرزه ذلك من منتجات بديلة قد تكون اقل ضرراً عن استهلاك السجائر، بالرغم من عدم خلوها التام من المخاطر مثل منتجات التبغ المسخن، وذلك كونها تقصي عملية الحرق والاشتعال وهو ما يعني تفادي انتاج كميات كبيرة من المواد الكيميائية الضارة، حيث أن الحرق في السجائر يعتبر المشكلة الرئيسية المسببة للأمراض. كذلك برز مؤخرا منتجات جديدة قد تساهم من الحد من اضرار السجائر كأكياس النيكوتين باعتبارها بديلاً متاحاً يلبي احتياجات المدخنين البالغين الذين لا يرغبون بالإقلاع عن استهلاك النكيوتين، لذلك فقد ازدادت الاصوات المنادية من اعضاء المجتمع العلمي بتبني السياسة والبدائل المبتكرة للحد من الضرر ليتم توجيه الاشخاص ممن لا يرغبون في الاقلاع عن التدخين التقليدي للتوجه نحو هذه المنتجات البديلة، والتي قد تشكل خطوة اولية نحو الاقلاع النهائي عن التدخين.
و اخيرا فإن الاقلاع عن التدخين ليس امراً سهلاً بل يتطلب جهود مجتمعية رسمية، مدعومة بأطر تشريعية وتنظيمية مناسبة تتخطى الاساليب التقليدية في مكافحة التدخين وتتطلب النظر إلى الوسائل الحديثة للحد من التدخين ومنح المدخنين البالغين الغير قادرين على ترك التدخين الفرصة للوصول إلى بدائل قد تشكل فرصة كبيرة للاقلاع عن التدخين، وهو ما يطلق عليه مفهوم "الحد من الضرر".