الحدث المحلي
في ظل تصاعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، صعّدت قيادات اليمين المتطرف وقيادات المستوطنين من ضغوطها على حكومة الاحتلال، مطالبة بالإسراع في ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها. وفود من رؤساء المجالس الاستيطانية سافرت مؤخراً إلى نيويورك للقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في محاولة لدفعه إلى تجاهل الموقف الأميركي والمضي قدماً بمشاريع الضم.
غير أن صحيفة تايمز أوف إسرائيل نقلت عن مسؤول حكومي أن نتنياهو لم يكن ينوي تنفيذ الضم أصلاً خشية تعريض اتفاقيات التطبيع مع دول عربية للخطر. وأضاف المسؤول أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان قد رفض علناً السماح بالضم، ما وفر لنتنياهو مخرجاً من ضغوط حلفائه في اليمين. ومع ذلك، تؤكد مؤشرات عدة أن ملف الضم لم يُسحب نهائياً من أجندة الحكومة، بل يجري التعامل معه عبر بدائل عملية.
خطوات عملية على الأرض
القدس – المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان:
فرضت سلطات الاحتلال قيوداً جديدة على سكان بلدات بيت إكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة شمال غرب القدس، واعتبرت دخولها إلى هذه القرى دخولاً إلى إسرائيل، ما زاد من عزلتها خلف الجدار والحواجز. وفي موازاة ذلك، أعلن وزير مالية الاحتلال، والمسؤول عن ملف الاستيطان في وزارة جيش الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، عن خطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في منطقة (E1) شرق القدس، وهي خطوة تعني عملياً عزل العاصمة الفلسطينية عن محيطها.
من جانبه، كشف وزير الخارجية في حكومة الاحتلال جدعون ساعر أن الحكومة "لا تنوي ضم مناطق السلطة الفلسطينية"، لكنها تدرس خيار فرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات، كبديل عن الضم المباشر. وأكد أن النقاش يدور حول المستوطنات فقط دون السكان الفلسطينيين. هذه السياسة ليست جديدة، إذ سبق لحزب الليكود أن صادق عام 2017 على قرار بفرض القوانين الإسرائيلية على مستوطنات الضفة، وتكررت منذ ذلك الحين مشاريع قوانين مماثلة، من أبرزها "قانون التسوية" عام 2017 و"قانون جامعة أريئيل" عام 2018.
وفي خطوة إضافية، تناقش لجنة المالية في الكنيست هذه الأيام طلباً من وزارة المالية بإنشاء وحدة إنفاذ جديدة ضمن "سلطة أراضي إسرائيل" للعمل المباشر في الضفة الغربية، وهو ما يعد نقلة نوعية نحو الضم الفعلي عبر الإدارة المدنية الإسرائيلية.
استهداف القدس والأحياء الفلسطينية
تستمر سياسات الاحتلال في استهداف القدس؛ حيث تسلّمت ست عائلات فلسطينية في حي بطن الهوى بسلوان أوامر إخلاء قسري لمنازلها لصالح جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية. هذه الجمعية، إلى جانب "إلعاد"، تشكل أذرعاً رئيسية لمشاريع التهويد في المدينة، وتحظى بدعم حكومي مباشر، وتستند في دعاواها إلى قوانين عنصرية مثل "أملاك الغائبين".
موقف دولي متنامٍ
على المستوى الدولي، أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحديثاً جديداً لقاعدة بيانات الشركات المتورطة في أنشطة الاستيطان، حيث أدرج 158 شركة من 11 دولة، معظمها إسرائيلية. وأكد التقرير أن هذه الشركات متورطة في بناء المستوطنات، هدم منازل الفلسطينيين، استغلال الموارد الطبيعية والتلويث البيئي، ودعاها إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة آثار أنشطتها على حقوق الإنسان.
انتهاكات أسبوعية متواصلة
المشهد الميداني لا يقل خطورة، فقد وثّق المكتب الوطني عشرات الاعتداءات خلال الأسبوع:
بين تصريحات الوزراء في حكومة الاحتلال وخطوات الاستيطان على الأرض، يتضح أن الضم لم يُسحب من أجندة الاحتلال، وإنما يُعاد صياغته عبر أدوات قانونية وإدارية جديدة. سياسة تضع الضفة الغربية أمام واقع استعماري متسارع يقوّض وحدة الأرض الفلسطينية ويهدد أي أفق لإقامة دولة مستقلة.