الحدث العربي والدولي
كشفت صحيفة واشنطن بوست أن ست دول عربية، هي الأردن، السعودية، مصر، البحرين، الإمارات، وقطر، وسّعت تعاونها العسكري والاستخباراتي مع الاحتلال خلال السنوات الثلاث الماضية، رغم الإدانات العلنية للعدوان الإسرائيلي على غزة، وذلك نقلا عن مصادر مطلعة ووثائق أمريكية مسرّبة.
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، فإن هذه الدول شاركت ضمن هيكل دفاعي إقليمي سري يُعرف باسم "البناء الأمني الإقليمي"، تم إنشاؤه بالتنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، ويهدف إلى مواجهة النفوذ الإيراني وتعزيز العلاقات الأمنية مع الاحتلال.
وتم تصنيف جميع الاجتماعات والأنشطة في إطار المبادرة على أنها "مدعومة وسرية"، مع قيود صارمة على التصوير أو الاتصال بوسائل الإعلام. كما راعت المذكرات الداخلية جوانب ثقافية ودينية، منها تقديم الطعام الحلال (الكوشير) ومنع تقديم لحم الخنزير والمحار.
ونُظّمت على مدى السنوات الثلاث الماضية سلسلة من القمم الأمنية والتدريبات المشتركة في دول عدة، منها البحرين، الأردن، قطر (قاعدة العديد)، ومصر، بالإضافة إلى قاعدة فورت كامبل في ولاية كنتاكي الأمريكية، بحضور ضباط كبار من الاحتلال والدول العربية والولايات المتحدة.
وأشارت إحدى الوثائق إلى تدريبات متقدمة على كشف الأنفاق وتدميرها، وهي نفس التقنية المستخدمة ضد أنفاق حركة حماس في غزة، بينما تناولت وثيقة أخرى تدريبا مشتركا في مصر خلال أيلول، بمشاركة الولايات المتحدة، إسرائيل، السعودية، الأردن، مصر، قطر، اليونان، الهند، وبريطانيا.
وتهدف المبادرة إلى دمج الرادارات والاتصالات السيبرانية والدفاع الصاروخي، وبدأت منذ عام 2022 بدمج بيانات أجهزة الاستشعار والرادارات مع الشبكة الأمريكية، لمواجهة الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية.
وأظهرت الوثائق أن دولتين عربيتين (لم يُكشف عنهما) تبادلتا معلومات استخباراتية مباشرة مع القوات الجوية الأمريكية، فيما يستخدم المشاركون منصة مشفّرة للدردشة للتنسيق المباشر مع واشنطن والعواصم الحليفة.
تصف إحاطات CENTCOM إيران وحلفاءها بـ"محور الشر"، وتشير خرائط استخبارية إلى تهديدات صاروخية من غزة واليمن. وترى واشنطن في هذا التعاون وسيلة لترويج رواية الازدهار والتعاون الإقليمي، في مقابل خطاب طهران بشأن الدفاع عن الفلسطينيين.
ووزعت المعلومات الأمنية على أعضاء تحالف "العيون الخمس" الاستخباراتي (الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، أستراليا، نيوزيلندا)، مما يعكس البُعد الدولي للمبادرة.
كما تشمل الخطط المستقبلية إنشاء "مركز سيبراني للشرق الأوسط" و"مركز دمج معلومات" لتبادل البيانات في الوقت الفعلي، وتدريب خبراء عرب وإسرائيليين على الدفاع الرقمي.
وبحسب التقارير، لعبت السعودية دورا فاعلا بتقديم معلومات استخباراتية للاحنلال ودول عربية أخرى حول سوريا، اليمن، وتنظيم داعش، بينما شارك مسؤولوها في إحاطات قدمت تقييمات حول النشاط الروسي والتركي والكردي في سوريا، إلى جانب التهديدات الحوثية في اليمن.
إلا أن العلاقات داخل المنظومة شهدت توترًا الشهر الماضي، عقب غارة جوية إسرائيلية في الدوحة استهدفت مسؤولين في حركة حماس، ما أثار غضب قطر، الوسيط الرئيسي في المفاوضات، ودفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاعتذار وتقديم ضمانات بعدم تكرار الحادث.
وأشارت مصادر عسكرية أمريكية إلى أن أنظمة الرادار الأمريكية لم ترصد الغارة، نظرا لتصميمها خصيصا لمراقبة إيران.
وأكدت الوثائق أن هذا التعاون "لا يشكل تحالفا رسميا"، وأنه يجب إبقاء الاجتماعات سرية، رغم استمرار القادة العرب في انتقاد الاحتلال علنا.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الدول العربية المشاركة تعتمد على واشنطن في الضمانات الأمنية، لكنها تبقى حذرة من الاحتلال. وصرّح البروفيسور توماس جونو من جامعة أوتاوا: "تخشى دول الخليج من إسرائيل المنفلتة، لكنها تعتمد على الولايات المتحدة، وتخشى من تنامي قوة إيران".