الأحد  12 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أبرز مخاوف جيش الاحتلال من اليوم التالي في غزة

2025-10-12 01:39:52 PM
أبرز مخاوف جيش الاحتلال من اليوم التالي في غزة
أرشيفية

ترجمة الحدث

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن المؤسسة الأمنية في “إسرائيل” صاغت خلال العام الأخير نموذجًا يقضي بإنشاء هيئة عربية–أميركية تتولى إدارة قطاع غزة من خلال قيادة فلسطينية محلية، بعد استبعاد حركة حماس عن الحكم. الهدف، بحسب التقرير، هو إقصاء قطر بوصفها الراعي المالي والسياسي الأساسي لحماس، عن المشهد في “اليوم التالي للحرب”.

ووفقًا للخطة، سيضم “المجلس الإداري” شخصيات فلسطينية محلية بإشراف مباشر من ممثلين عن مصر والإمارات والأردن والولايات المتحدة، على أن يترأسه شخصية “توافقية” مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير. لكن نقطة التحول جاءت في التاسع من أيلول/سبتمبر، حين أمر نتنياهو، خلافًا لتوصيات الأذرع الأمنية، بتنفيذ هجوم على قيادات حماس في الدوحة، ففشلت العملية واستغلت قطر الحدث لتطالب باعتذار علني ومصور، ولتؤكد أنها صاحبة الكلمة في مرحلة ما بعد الحرب.

يشير التقرير إلى أن “الخشية الإسرائيلية من قطر” ظلت حاضرة طوال الحرب، ليس فقط في كواليس البيت الأبيض، بل حتى على الأرض. ففي ذروة الاجتياح البري في كانون الأول/ديسمبر 2023، اعتُبر مبنى السفارة القطرية في حي الشيخ عجلين بمدينة غزة “هدفًا حساسًا”، لكن مقاتلي جيش الاحتلال اقتحموا المبنى تحت النار وعبثوا بمحتوياته، قبل أن يُوبَّخوا ويُترك المبنى قائمًا وسط أنقاض الحي. كما رُصد مؤخرًا بقاء “الرموز القطرية” شاخصة في القطاع، إذ لا تزال أبراج “حي حمد” غرب خان يونس قائمة، وقد تجنّبها الاحتلال رغم تدميره الكامل لأحياء أخرى كشرق الشجاعية وحي العَبّاسين، الذي سُوِّي بالأرض.

ونقلت الصحيفة عن ضابط رفيع في جيش الاحتلال قوله إنه “يجب ألا يُسمح لقطر أو لتركيا بالعودة إلى غزة”، موضحًا أن “الإمارات ومصر والأردن تكره حماس، أما قطر فقد موّلت الحركة لسنوات عبر حقائب أموال ضخمة سمحت إسرائيل نفسها بإدخالها شهريًا إلى القطاع”.

وبالتوازي مع التحضيرات السياسية، زار قائد القيادة المركزية الأميركية الجديد الأدميرال براد كوبر القطاع مؤخرًا، مؤكدًا أن واشنطن لن تُرسل قوات إلى غزة، لكنها ستُقيم مركز تنسيق أميركي على الأراضي الفلسطينية المحتلة يضم نحو مئتي موظف للإشراف على الإدارة المدنية الجديدة “من دون حماس”. وفي الوقت نفسه، كانت حماس تُحكم سيطرتها على الأرض؛ فقد حاصرت عشرات المباني في مدينة غزة وطالبت عناصر الميليشيات التي تعاونت مع الاحتلال بالاستسلام خلال 24 ساعة، في مشهدٍ ترافق مع إعدامات ميدانية لعدد من العملاء.

ويحذر التقرير من أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يطالب برقابة صارمة على الأموال التي ستتدفق إلى صندوق “مجلس إدارة غزة الجديد”، مشيرًا إلى أن هذه السيناريوهات تكررت في أعقاب كل جولة قتال مع حماس منذ “صيف 2014”. ويُحتمل، بحسب التقدير الإسرائيلي، أن تكون موافقة حماس على الصفقة الأخيرة – التي تضمنت وقف الحرب، انسحاب الجيش، وإطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين – جزءًا من تفاهم غير معلن يعيد لقطر دورها كممول رئيسي لإعادة إعمار القطاع، بعد أن استثمرت مئات الملايين في السنوات التي سبقت حرب 2023.

ويضيف ضابط كبير في جيش الاحتلال: “الخبرة العالمية تُثبت أن الطريقة الوحيدة لإضعاف التنظيمات المسلحة هي فصلها عن السكان، لكن من الصعب تخيّل أن جهة دولية أو أميركية ستملك الحافز لمتابعة صفقة شاملة وطويلة المدى بعد زوال نشوة تحرير الأسرى وعودة الأمور إلى الروتين”. ويضيف: “علينا مواصلة استهداف أي منشأة لإنتاج الصواريخ ستعيد حماس بناؤها، وفي الوقت نفسه السماح بإعادة الإعمار المدني، مع إقناع ترامب بأن قطر وتركيا تمثلان تيار الإخوان المسلمين، فيما الإمارات ومصر تناصبان حماس العداء”.

في السياق الميداني، أكمل جيش الاحتلال انسحابه من معظم مناطق القطاع ظهر الجمعة، بعد أن بدأه يوم الخميس استعدادًا لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى. وعلى عكس الادعاءات الإعلامية عن بقاء “53%” من السيطرة الإسرائيلية، فإن “الخط الأصفر” الذي يُرمز به إلى حدود الانسحاب الأولية أقرب بكثير من السياج الحدودي، وهو خط ديناميكي لم يُحدَّد نهائيًا بعد. ويقرّ ضباط جيش الاحتلال بأن التمركز الجديد لا يحمل قيمة عسكرية حقيقية، لأن حماس باتت تسيطر مجددًا على الجزء الأكبر من المناطق العمرانية التي تُشكّل بيئتها الحاضنة، من مدينة غزة وجباليا شمالًا حتى دير البلح وخان يونس جنوبًا، بما في ذلك أجزاء من رفح المدمَّرة.

ويخلص التقرير إلى أن الحديث عن “نزع سلاح غزة” يبدو وهميًا في المرحلة الحالية، فجيش الاحتلال دمّر معظم البنية التحتية العسكرية الثقيلة، لكنه لم يمنع استعادة النشاط تحت الأرض أو في المناطق الحضرية. كما أغلق ممرات التهريب في محور فيلادلفيا، لكنه أبقى الوضع مفتوحًا لاحتمالات “إعادة التسلح والاشتباك” مستقبلًا، في ظل معادلة جديدة تسمح لحماس بالبقاء في الميدان، ولنتنياهو ووزرائه بالادعاء أن “الردع تحقق” وأن السيطرة الإسرائيلية على مناطق واسعة من القطاع ما زالت قائمة ضمن خطوط الانسحاب الجديدة.