السبت  18 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"العاملة للتنمية" تطلق حملة المرأة الريفية "صامدات"

2025-10-18 03:48:47 PM
أرشيفية

الحدث – ابراهيم أبو كامش

تواجه صاحبات المشاريع الصغيرة في قرية كفر مالك والقرى المجاورة (المغير وأبو فلاح) منذ العامين الماضيين من حرب الإبادة التي ترتكبها قوات الإحتلال بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة واعتداءات قطعان المستوطنين على المواطنين بشكل عام والمزارعين والمزارعات على وجه الخصوص في الضفة الغربية، تدمير واتلاف مشاريعهن الصغيرة النباتية والحيوانية، الأمر الذي كبد هذه المشاريع خسائر جسيمة وتسبب في إغلاق بعضها.

ونظرا لهذه التحديات تعمدت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، إطلاق حملة "المرأة الريفية _ صامدات"، تحت شعار"نحو ضمان الحماية الدولية للنساء الفلسطينيات" لتسليط الضوء على مبادرات النساء في مجال العمل التعاوني ومشاريعهن الانتاجية الصغيرة المدرة للدخل، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية، نظرا لأهمية الريف والمرأة الفلسطينية بشكل خاص وتعزيز صمود المجتمع وذلك خلال الجولة الميدانية التي نظمتها الجمعية لعدد كبير من ممثلي وسائل الاعلام المحلية والعربية لقرية كفر مالك شرقي مدينة رام الله، بحضور رؤساء واعضاء مجالس القروية في البلدة وقرية المغيير المجاورة.

ففي الفترة الأخيرة تعرض أهالي كفر مالك والمناطق الشرقية لمحافظة رام الله والبيرة من اعتداءات المستوطنين الصهاينة وبدعم وحماية جيش وجنود الاحتلال بهدف تهجير الناس وتدمير حياتهم والاعتداء عليهم وقتل العديد منهم وتدمير مزروعاتهم أشجارهم ومشاريعهم الزراعية  واحراق مركباتهم وبيوتهم .

يشكل نموذجا رائدا للمبادرات النسوية في السياحة المجتمعية الريفية

ونتيجة لتداعيات حرب الإبادة واعتداءات المستوطنين توقف مشروع الريادية مسعدة معدي _ وتترأس جمعية العطاء لسيدات كفر مالك، (فندق ريفي صغير يتميز بطابعه الأثري والتاريخي) عن العمل بشكل كامل منذ السابع من أكتوبر 2023 بسبب الاغلاقات المشددة التي تفرضها قوات الاحتلال على مداخل القرية والقرى المجاورة والمدن من خلال تركيب البوابات الحديدية وحواجز التفتيش والتي تعذر معها استقبال فندقها الزوار أو تسويق خدماتها، الأمر الذي ترتب عليه وفق ما قالته لنا معدي "فقدان مصدر الدخل الأساسي لها ولعائلتها ما انعكس سلبا على استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، كما يهدد استمرار هذه الحالة استدامة المشروع الذي كان يشكل نموذجا رائدا للمبادرات النسوية في السياحة المجتمعية الريفية.

ويعتبر مشروع معدي، أحد النماذج على المشاريع المدرة للدخل التي تديرها نساء، وهو عبارة عن مبنى عمره نحو قرن من الزمن، وأنشأه جدها وشقيقه الراحلين عبد الماجد وعبد المجيد معدي.

وتقولة: "المبنى الذي يضم النزل، أسسه جدي وشقيقه، وقد آلت ملكيته لي وزوجي، وقد قررنا ترميمه، ليصبح بمثابة فندق صغير، وافتتحناه في العام 2012، حيث كان يستضيف وفودا أجنبية، ومن ضمنها أفراد كانوا يخرجون في مسارات رياضية من شمال الضفة إلى جنوبها، ويجدون في النزل ملاذا للمبيت".

وتتابع :"قمت وزوجي بتطوير مشروع فندق صغير في القرية، من خلال ترميم البيوت القديمة المتلاصقة التي ورثناها من اجدادنا وآباءنا، وتحويلها الى منشأة سياحية مجتمعية تقدم خدمات المبيت للزوار من خارج القرية، من رواد المسارات والسياحة الداخلية والاجانب، حيث شكل مشروعنا هذا نموذجا لمبادرات التمكين الاقتصادي المحلي التي تسهم في تنشيط السياحة الريفية وتعزيز صمود النساء في المناطق المهمشة".

وحسب معدي، فان نزلها(الفندق) انطلق نشاطه في العام 2008، وكان يستضيف وفودا كثيرة على مدار سنوات، مضيفة "كان عملنا جيدا، وأتاح لي وزوجي، توفير النفقات الضرورية لتعليم أبنائنا الخمسة، لكن مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم نستقبل فردا واحدا".

وكان النزل يقدم وجبتي الفطور والعشاء لزبائنه، وذلك نظير 50 دولارا لليلة الواحدة، علما أنه يضم 15 سريرا، ولم تخف، تطلعها إلى عودة النزل إلى سابق عهده، ما رأت أنه مرتبط بعودة الهدوء والاستقرار إلى الأراضي الفلسطينية.

تكاليف مالية مرتفعة وخسائر متراكمة تهدد استمرارية مشروعها الاقتصادي

في الوقت نفسه، تواجه الريادية ثائرة سعيد – صاحبة مشروع (التربية الحيوانية) وهو عبارة عن مشروع مزرعة المواشي، الذي تعود ملكيته لها ولزوجها، حيث اضطرا إلى إغلاقه مؤخرا، نتيجة تكرار اعتداءات المستوطنين عليها، على الرغم من أنه يشكل مصدر رزقهما الأساسي من خلال انتاج الحليب ومشتقاته من أجبان وألبان محلية).

وتعاني سعيد، من نقص حاد في أماكن الرعي منذ بداية حرب الإبادة وتصاعد وتيرة إعتداءات المستوطنين بحماية ودعم جيش الاحتلال، فلم تعد قادرة على رعي الأغنان في المراعي المفتوحة خوفا من اعتداءات المستوطنين أو سرقتهم لقطيعها، ما اضطرها الى شراء الأعلاف لتأمين طعام قطيع أغنامها، الأمر الذي تسبب لها بتكاليف مالية مرتفعة وخسائر متراكمة تهدد استمرارية مشروعها الاقتصادي.

وقالت: "افتتحنا مشروعنا في العام 2022، واستفدنا من وجود قطعة أرض لنا قريبة منه في توسيعه، بحكم أننا كنا نرعى الأغنام فيها، حتى وصل عدد المواشي لدينا إلى 80 رأسا، لكن مع الهجمات المتكررة للمستوطنين على المزرعة، آثرنا ترك المكان، ونقل الماشية إلى منزلنا داخل القرية."

واضطرت سعيد وزوجها نظرا لكثرة عدد المواشي وصغر مساحة منزلهما، إلى بيع نصف الماشية، مضيفة "لم يكن المكان هو المشكلة فحسب، بل وزيادة التكاليف بفعل اضطرارنا لشراء الأعلاف، عوضا عن الاعتماد على الرعي الطبيعي".

وفي ظل هذه التحديات، تقول سعيد:"نحن بأمس الحاجة الى دعم عاجل ومستدام يشمل توفير أعلاف مدعومة أو بدائل للرعي الطبيعي، وتأمين وصول آمن إلى المراعي، بالإضافة إلى دعم مالي أو تقني يضمن استمرارية إنتاجها الزراعي الحيواني ويعزز قدرتها على الصمود أمام الظروف الحالية، كما أن توفير حماية مجتمعية وآليات تنسيق محلية يمكن أن يسهم في الحد من المخاطر التي تواجهها النساء العاملات في قطاع الثروة الحيوانية في المناطق الريفية".

تأثير سياسات المصادرة والإستيطان على سبل عيش العائلات الريفية

وتمثل قصة (أم علي) نموذجا حيا لتأثير سياسات المصادرة والإستيطان على سبل عيش العائلات الريفية، حيث لا تقتصر الخسارة على الأرض فقط، بل تمتد لتشمل الذاكرة الزراعية، والأمن الغذائي، والاستقلال الاقتصادي للأسر، ففقدان هذه الأراضي يحرم النساء الريفيات من دورهن المركزي في الزراعة والإنتاج المحلي، ويؤدي الى تفكك شبكات المعيشة التقليدية التي شكلت عماد الإقتصاد الريفي لعقود.

وبهذ الصدد تتذكر الريادية (أم علي) طفولتها حين كانت الأراضي الزراعية التابعة لقرية المغير تمتد لآلاف الدونمات حتى حدود الأغوار، في منطقة خصبة عرفت باسم"مرج الذهب" نظرا لغناها بالمحاصيل الزراعية المتنوعة مثل القمح، الزيتون والعكوب الذي يعد من المنتجات الزراعية ذات القيمة العالية وتشكل مصدر الأمن الغذائي والإقتصادي للأهالي.

تقول أم علي:"فقدت عائلتي معظم أراضينا الزراعية نتيجة مصادرة قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين ، كنا نمتلك مئات أشجار الزيتون التي كانت تضمن لي لولأبنائي حياة كريمة، لكننا ومنذ عامين فقدنا الأرض واليوم لا نملك حتى نقطة زيت واحدة".

 

حماية النساء الفلسطينيات في الريف الفلسطيني

بدورها دعت المديرة العامة للجمعية آمال خريشة، العالم الى ضرورة حماية النساء الفلسطينيات وتحديدا في مناطق الريف الفلسطيني على طريق تفعيل حركة تضامن عالمية مع القضية الفلسطينية وخاصة بعد السابع من اكتوبر.

كما دعت السلطة الفلسطينية إلى ضرورة إتخاذ إجراءات تضمن وتساعد العمل التعاوني النسوي من خلال إنشاء صناديق خاصة للنساء وبالذات في المناطق التي تواجه طوارىء ونكبات، وأيضا دعم مقطاعة البضائع والسلع الإسرائيلية والمستوردة التي لها بديل وطني.

وأكدت خريشة، على دور المرأة الريفية في النضال ضد الإستيطان والإحتلال خاصة أن قرى كفر مالك والمغير وأبو فلاح، تكثفت فيها عمليات الإستيطان ومليشيا المستوطنين بدعم وحماية جيش الإحتلال، حيث استشهد عدد من الشباب وأصيب عدد كبير من الجرحى، وغيرها من إعتداءات ومداهمات.

وأشارت خريشة، إلى سيطرت قطعان المستوطنين على مياه عين سامية التي تشكل أساس مهم جدا في المنطقة، بالتزامن مع الزحف الإستيطاني الزراعي والرعوي، منوهة إلى حيوية الدور الذي تلعبه النساء الريفيات، مشددة على الصعوبات التي يواجهنها في ظل تنامي الإعتداءات الإسرائيلية خاصة خلال العامين الأخيرين، ومؤكدة أهمية العمل على تعزيز صمود أهالي البلدات والقرى المختلفة.

وقالت: لا تزال النساء الفلسطينيات عامة، والريفيات خاصة، يعشن في سياق إستعماري ينتهك أبسط حقوقهن الإنسانية، وعلى رأسها الحق في الحياة.

وأشارت إلى أن الحملة ستتواصل حتى نهاية الشهر الحالي، وستتضمن فعاليات متنوعة، ستركز على إبراز نماذج ملهمة من المشاريع النسوية في الريف، والصعوبات التي تواجهها المشاريع النسوية الريفية، إلى غير ذلك، مبينة أن الجمعية ارتأت إطلاق الحملة في كفر مالك، بإعتبارها إحدى القرى التي عانت -ولا تزال- من ممارسات المستوطنين، وتعنبر شاهدا على التشبث بالأرض.

وأكدت أن الجمعية ستواصل مبادراتها وأنشطتها الداعمة للمرأة خاصة الريفية، لافتة إلى جهودها وبرامجها في هذا المجال، لا سيما برنامجها للتمكين الاقتصادي.

وفي حين استعرض عضو حركة فتح في كفر مالك جعفر حمايل، جانبا من إعتداءات المستوطنين على أهالي كفر مالك (نحو ٤٠٠٠ نسمة)، داعيا المؤسسات الرسمية والأهلية إلى دعم أهالي البلدات والقرى المستهدفة.

فإن رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا، أشاد بمساهمات المرأة الريفية، موضحا أن هناك الكثير من قصص النجاح التي تستحق الوقوف عندها مليا، وتسليط الضوء عليها.

وأشار إلى أن المغير (٤٥٠٠ نسمة) تعرضت للكثير من إعتداءات الإحتلال ومستوطنيه، ما دلل عليه بسقوط أكثر من ستة شهداء من أبناء القرية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتقال نحو ٤٠٠ آخرين، من ضمنهم ٨٠ مواطنا لا يزالون رهن الإعتقال.

أما مديرة برنامج التمكين الإقتصادي في الجمعية بسمة الناجي، فدعت إلى دعم النساء الريفيات خاصة في كفر مالك والقرى والبلدات الواقعة شرقي محافظة رام الله والبيرة، نظرا لخطورة ما يواجهنه من ممارسات الإحتلال ومستوطنيه.

وقالت:"أطلقنا الحملة من أرض قرية كفر مالك بصفتها رمز للصمود والتمسك ونظرا لأهمية الريف الفلسطيني والأوضاع التي يعانيها من عنف المستوطنين وسياسات التهويد والتهجير لهذه القرى وفي نفس الوقت تدمير المشاريع الزراعية والزراعة فيها".

وأضافت: "لدينا برامج متنوعة للتمكين الإقتصادي، والإرشاد النفسي، وتعزيز التضامن والإسناد المجتمعي، ونحن نشبك النساء الريفيات مع جهات متنوعة بما فيهم صانعي القرار، لتعزيز صمودهن، عدا تنفيذ برامج تدريبية، والمساعدة في تسويق المنتجات".

وكانت الجمعية، نظمت مؤخرا زيارة لصحافيين، إلى كفر مالك، للإطلاع على تجربة مشاريع نسوية فيها، وذلك في إطار مشروع "النسوية من أجل حقوق النساء الاقتصادية –Fem Pawer"، المنفذ بالتعاون مع وزارة الخارجية الهولندية. والذي يهدف إلى إنشاء مساحات آمنة للشابات في مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات القاعدية النسوية عبر برامج المناصرة، وتوفير مهادات القيادة الشاملة والتعلم، إلى غير ذلك. وفي ختام الفعالية، جرى تكريم مجلسي قروي كفر مالك، والمغير وجمعية العطاء لسيدات كفر مالك، بتوزيع الدروع التقديرية لهم.