حدث الساعة
اعتمد مجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، القرار الأمريكي المتعلق بخطة الرئيس دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، بأغلبية 13 صوتا من أصل 15، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت. ويأتي هذا القرار استنادا إلى خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، ويهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة في غزة، ويعد خطوة أولى في الجهود الدولية لإعادة الاستقرار إلى القطاع.
ويمثل التصويت دعما دوليا لوقف إطلاق النار، لكنه يثير تساؤلات حول فعالية تطبيقه على الأرض، لا سيما في ظل تحفظات حماس وامتناع بعض القوى الكبرى عن التصويت. ويُنظر إلى القرار على أنه بداية لمرحلة جديدة من المشاركة الدولية في غزة، مع التحدي الكبير لضمان تنفيذه بطريقة تحترم حقوق الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير.
المضمون الأساسي للقرار
ينص القرار على تأسيس "مجلس السلام" ليكون الجهة الدولية المشرفة على إعادة إعمار غزة، على أن يواصل مهامه حتى استكمال إصلاح السلطة الفلسطينية. ويهدف المجلس إلى تهيئة الظروف اللازمة لتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية، مع تقديم تقرير مكتوب لمجلس الأمن كل ستة أشهر حول التقدم المحرز.
كما دعا القرار إلى استئناف تدفق المساعدات الإنسانية بالتعاون مع "مجلس السلام"، مع التأكيد على استخدامها لأغراض سلمية فقط، وضمّن ذلك حث البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية على دعم جهود الإعمار، بما في ذلك إنشاء صندوق مخصص لهذا الغرض، لتوفير التمويل الضروري لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وضمان استمرار الخدمات الأساسية للسكان، مع إشراف دولي يضمن الشفافية وتجنب الفساد أو الاستخدام السياسي للمساعدات.
ويشتمل القرار على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة تعمل تحت قيادة موحدة وبالتنسيق مع مصر وإسرائيل، وتكلف هذه القوة بمهمة تجريد غزة من السلاح وحماية المدنيين وتدريب الشرطة الفلسطينية وتأمين الممرات الإنسانية. ومع توسع سيطرتها على الأرض، سينسحب جيش الاحتلال تدريجيا وفق جدول زمني محدد، على أن ينتهي الوجود الدولي المدني والأمني في القطاع بحلول نهاية عام 2027، مع استمرار الدعم المالي واللوجستي من الدول والمنظمات المشاركة.
كما يتيح القرار إمكانية إنشاء كيانات تشغيلية ذات صلاحيات دولية لإدارة الحكم الانتقالي في غزة، تحت إشراف "مجلس السلام" وتمويل مساهمات طوعية. وينظر إلى هذه الإجراءات على أنها محاولة لتجنب الفراغ الأمني والإداري في القطاع، لكنها تواجه تحديات تتعلق بقبول القوى الفلسطينية المختلفة ودور الاحتلال الإسرائيلي، وقد تتطلب إشرافا دقيقا لمنع أي تصعيد أو استغلال سياسي.
ردود الفعل المحلية والدولية
فلسطين
رحبت الرئاسة الفلسطينية بالقرار، مؤكدة تثبيت وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، ومشددة على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. ودعت إلى العمل الفوري على تطبيق القرار على الأرض بما يضمن حماية سكان غزة ومنع التهجير، وإعادة الإعمار، وإنهاء الاحتلال، واستعادة حل الدولتين. وأكدت الرئاسة الفلسطينية استعدادها للتعاون مع الإدارة الأمريكية وأعضاء مجلس الأمن والدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي وجميع الأطراف المعنية لتنفيذ القرار وتحقيق السلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كما أشارت الرئاسة إلى أن نجاح تطبيق القرار يتطلب تنسيقا حقيقيا مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية لضمان سيادة الدولة الفلسطينية وفعالية الحكم المحلي، مع مراقبة دقيقة لأي تدخلات قد تؤثر على استقلالية غزة ضمن الدولة الفلسطينية.
حركة حماس
رأت حركة حماس أن القرار غير كاف، معتبرة أنه يفرض وصاية دولية على القطاع وينزع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، كما يحد من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وأكدت الحركة رفض أي دور للقوة الدولية في نزع سلاح المقاومة، مشددة على أن أي قوة دولية يجب أن تقتصر على مراقبة الحدود وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون أن تصبح طرفا في النزاع. كما طالبت بالإسراع في فتح المعابر وتقديم الدعم الإنساني عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها، مشيرة إلى أن نجاح إعادة الإعمار يعتمد على مشاركة فلسطينية كاملة في صنع القرار وتطبيقه.
الولايات المتحدة
رحب المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، باعتماد القرار، واصفا إياه بأنه يمثل "بداية السلام" ويضمن إقامة غزة حرة وخالية من الإرهاب. واعتبر الرئيس دونالد ترامب التصويت "لحظة تاريخية"، مؤكدا أن مجلس السلام سيضم أبرز القادة حول العالم وأن القرار سيسهم في تحقيق المزيد من السلام على المستوى الإقليمي والعالمي. أما وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، فقد وصف القرار بأنه "محطة تاريخية" نحو بناء غزة سلمية ومزدهرة تحكم من قبل الشعب الفلسطيني وليس حماس، مؤكدا أن واشنطن ستواصل متابعة تطبيق القرار لضمان فعالية التدخل الدولي وتحقيق الاستقرار.
روسيا والصين
امتنعت روسيا والصين عن التصويت، وانتقدت روسيا القرار لغياب وضوح حول أطر زمنية لنقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية، وحذرت من إمكانية فصل غزة عن الضفة الغربية، إضافة إلى غياب تحديد واضح لدور القوة الدولية في التعامل مع السلاح والمقاومة. أما الصين، فقد اعتبرت القرار غير واضح، وأشارت إلى أنه لا يعكس السيادة الفلسطينية الكاملة ويفتقر إلى الالتزام الصريح بحل الدولتين، مما قد يضعف فرص تحقيق حل شامل وعادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
الدول العربية والإسلامية
شاركت الجزائر في مفاوضات القرار نيابة عن المجموعة العربية، وقدمت تعديلات لضمان التوازن والنزاهة في النص، وتم تبني بعضها. وقد رحبت الدول العربية والإسلامية بالنسخة النهائية ودعت إلى اعتمادها.
ورحبت باكستان بالقرار، معتبرة أنه خطوة أساسية لوقف إراقة الدماء وضمان الإغاثة الإنسانية واسعة النطاق والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع، مؤكدة أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير "غير مشروط".
بريطانيا
رحبت بريطانيا بالقرار، معتبرة أنه محطة أساسية لتنفيذ خطة السلام للفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بأسرها، ومؤكدة أن القرار لا يقلل من أهمية قرارات مجلس الأمن السابقة حول فلسطين ويضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
الأمم المتحدة
اعتبر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اعتماد القرار خطوة هامة لترسيخ وقف إطلاق النار، مؤكدا التزام الأمم المتحدة بتنفيذ الأدوار الموكلة إليها وزيادة حجم المساعدات الإنسانية، والمضي قدما نحو المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية. وأشار دوجاريك إلى أن النجاح في تطبيق القرار يعتمد على التعاون الوثيق بين الأطراف الدولية والفلسطينية، وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لضمان استقرار القطاع وتحقيق الأهداف الإنسانية والسياسية المرجوة.
