الخميس  20 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مجلة: الاتفاق الأمني الأمريكي السعودي مقامرة خطيرة

2025-11-20 01:50:41 AM
مجلة: الاتفاق الأمني الأمريكي السعودي مقامرة خطيرة
الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية

الحدث العربي والدولي 

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا حول الاتفاق الأمني المرتقب بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، معتبرة أنه أكبر مقامرة استراتيجية في الشرق الأوسط، ويخدم مصالح الشركات الأمريكية أكثر من الشعب الأمريكي، ويسهم في تمكين النظام السعودي من الإفلات من المساءلة الدولية.

ويشير التقرير، إلى أن عودة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الساحة الدولية بعد سنوات من العزلة تعد من أبرز التحولات السياسية في العقد الأخير، حيث عاد إلى واشنطن حاملا وعودا باستثمارات سعودية تصل إلى 600 مليار دولار في الشركات الأمريكية، مقابل ضمانات أمنية أمريكية. ورغم أن الصفقة تبدو مربحة للشركات، إلا أنها تحمل مخاطر كبيرة بالنسبة للشعب الأمريكي الذي سيتحمل تكلفتها.

يوضح التقرير أن عزلة محمد بن سلمان بدأت بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين عام 2018، ما أدى إلى انسحاب كبار المسؤولين التنفيذيين من المؤتمرات الاستثمارية في الرياض، وإلغاء زيارات وصفقات رسمية، وفرض إدارة ترامب عقوبات على 17 شخصا متورطا في القضية.

وتدهورت سمعة المملكة إلى درجة أن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن تعهد خلال حملته الانتخابية بوقف بيع الأسلحة للرياض، قبل أن تعلن إدارته لاحقا، في شباط 2021، أن ولي العهد أمر بقتل خاشقجي، لكنها تجنبت فرض أي عقوبات شخصية عليه، مكتفية بحظر 76 من معاونيه.

وبحسب فورين بوليسي، عادت إدارة بايدن بعد عامين للتعامل بشكل طبيعي مع السعودية خوفا من خسارتها كأكبر مستورد للسلاح من الولايات المتحدة، وباعتبارها ركيزة للنفوذ الأمريكي في الخليج. وزار بايدن الرياض في تموز 2022، طالبا زيادة إنتاج النفط، ومتعهدا بتخفيف حظر الأسلحة ليقتصر على الأسلحة الهجومية فقط.

واعتبرت المجلة أن استعادة ولي العهد مكانته السابقة اكتملت بعودة ترامب إلى السلطة، حيث أعلن أن العلاقة مع الرياض ستكون تبادلية: حماية عسكرية أمريكية مقابل التزامات مالية سعودية.

وتشير المجلة إلى الإصلاحات الاجتماعية في السعودية، بما في ذلك إلغاء قيود على النساء، والسماح بالحفلات المختلطة، وإصلاحات العمالة الوافدة، لكنها تؤكد أن طبيعة الحكم لم تتغير، إذ يظل النظام استبداديا بقيادة رجل واحد، دون انتخابات أو مشاركة سياسية، وأي احتجاج أو انتقاد يواجه بتهمة الإرهاب، وفي ظل غياب قانون جنائي مدوّن تبقى الأحكام القضائية رهينة تقديرات القضاة. وذكرت المجلة تسجيل 322 حالة إعدام عام 2025، معظمها لأجانب.

واستثمرت السعودية مئات المليارات في قطاعات أمريكية مختلفة، من الرياضة والترفيه والتكنولوجيا إلى النفط والمياه والزراعة، لتأمين "الضمانة الذهبية" المتمثلة في التزام أمريكي بالدفاع عن المملكة، بما في ذلك صفقة المقاتلات إف-35، رغم أن اتفاقية حماية رسمية لن تتحقق بسبب اعتراضات إسرائيلية. ويتوقع أن يشبه الالتزام الأمريكي التفاهمات المطبقة مع قطر، مع وعد بنشر قوات أمريكية للدفاع عن الرياض في حال تعرضها لهجوم.

وبحسب التقرير، فإن المستفيد الرئيسي من الصفقة هم الشركات الأمريكية، بينما يتحمل الشعب الأمريكي الكلفة العسكرية والدبلوماسية، بما في ذلك الجنود الذين قد يُطلب منهم التضحية بحياتهم لحماية العائلة المالكة السعودية، رغم غياب أي مبرر استراتيجي لتوسيع الالتزامات الأمريكية في الشرق الأوسط.

وترى المجلة أن محمد بن سلمان قد نضج سياسيا، لكن النظام لا يخضع لأي مساءلة حقيقية، ما يجعل التعهد الأمريكي بالدفاع عن المملكة مرتبطا بشخص واحد غير محاسب، عُرف بمواقف متسرعة وقاسية. وخلصت فورين بوليسي إلى أن الصفقة لا تحقق الاستقرار، بل قد تدفع الولايات المتحدة إلى صراعات مستقبلية غير مرغوبة، وتزيد إحساس النظام السعودي بإمكانية الإفلات من العقاب.