الحدث الصحي
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في تحليل صدر أمس الأربعاء، من الارتفاع المتسارع في استهلاك الأطفال حول العالم لما يعرف بـ”الأطعمة فائقة التصنيع”، مؤكدة أن تغول هذه المنتجات في الأنظمة الغذائية بات يخلف عواقب خطرة على صحة الأطفال ونموّهم وسلامتهم العقلية.
ويعتمد التقرير الجديد على سلسلة من الدراسات المنشورة في مجلة "ذا لانسيت" الطبية، والتي تقدم تقييما علميا موسعا للمخاطر الصحية، ودور الشركات الكبرى في انتشار هذه المنتجات التي تغزو الأسواق حول العالم، وتغير شكل النظم الغذائية التقليدية.
أزمة عالمية تتفاقم
تشير السلسلة البحثية، التي شارك فيها 43 خبيرا دوليا، إلى أن استهلاك الأطعمة فائقة التصنيع لم يعد مجرد ظاهرة غذائية، بل تحول إلى مشكلة هيكلية تقود إلى ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة، وتؤثر في سلوكيات الأكل، وتعيد تشكيل علاقة البشر بالطعام الطبيعي.
ويوضح الباحثون أن هذه المنتجات ليست مجرد وجبات جاهزة، بل تقوم على منظومة اقتصادية كاملة تعتمد على مكونات صناعية رخيصة، مثل الزيوت المهدرجة والمحليات الصناعية والبروتينات المعزولة، بهدف رفع الربح على حساب الجودة الغذائية والصحة العامة.
ما هي الأطعمة الفائقة التصنيع؟
- منتجات خضعت لمعالجة صناعية مكثفة تتجاوز حدود المطبخ التقليدي.
- تحتوي على إضافات مثل النكهات والألوان والمحليات الصناعية والمثبتات ومحسنات الطعم.
- تشمل: الوجبات الجاهزة، رقائق البطاطس، المشروبات الغازية، الحلويات المعبأة، النقانق، الزيوت المهدرجة، الوجبات السريعة.
- تمتاز بارتفاع في السعرات والسكر والملح والدهون غير الصحية.
- ارتبط استهلاكها بالسمنة والسكري وأمراض القلب وبعض الالتهابات المزمنة.
زيادات حادة في الاستهلاك عالميا
تسجل تقارير “ذا لانسيت” قفزات كبيرة في مساهمة هذه الأطعمة ضمن السعرات اليومية عبر دول العالم:
- إسبانيا: ارتفعت من 11% إلى 32% خلال 3 عقود.
- الصين: تضاعفت من 4% إلى 10%.
- المكسيك والبرازيل: زادت من 10% إلى 23% خلال 4 عقود.
- الولايات المتحدة وبريطانيا: تتجاوز 50% منذ 20 عاما.
ويرى الباحثون أن هذه الزيادة رافقتها أنماط غذائية غير صحية، أبرزها الإفراط في السكريات والدهون المشبعة وتراجع الألياف والبروتينات، إلى جانب التعرض المتزايد للمواد الكيميائية المستخدمة في التصنيع.
ارتباط بأكثر من 12 مرضا
تستعرض السلسلة مراجعة منهجية لـ104 دراسات طويلة المدى، أظهرت 92 دراسة منها ارتباطا واضحا بين استهلاك الأطعمة الفائقة التصنيع وخطر الإصابة بـ:
- السمنة
- السكري من النوع الثاني
- أمراض القلب والأوعية
- الاكتئاب
- الالتهابات المزمنة
- الوفاة المبكرة
ويؤكد الخبراء أن الأدلة الحالية كافية لاتباع إجراءات فورية للحد من انتشار هذه المنتجات، دون انتظار أبحاث إضافية.
صراع علمي وضبابية متعمدة
وتتناول الدراسات الجدل حول تعريفات “الأطعمة فائقة التصنيع”، ونقص التجارب السريرية الطويلة، لكنها تشير في الوقت ذاته إلى محاولات الشركات الكبرى خلق ضبابية علمية لإبطاء استجابة الحكومات.
ويبرز التقرير تصريحات الباحث البرازيلي كارلوس مونتيرو، الذي يؤكد أن التحول الغذائي تقوده شركات قادرة على التأثير في السياسات العامة، فيما تدعو الباحثة التشيلية كاميلا كورفالان إلى تدخل حكومي جريء يشمل فرض قيود على التسويق ووضع ملصقات واضحة وضرائب للحد من انتشار هذه المنتجات وتوفير بدائل صحية بأسعار مناسبة.
