الحدث-جوليانا زنايد
أكد خبراء في الشأن الإسرائيلي في تصريحات خاصة لـ"الحدث" أن إسرائيل لا تتخلى عن أرض فلسطيينية، إلا ويكون لديها خطة بديلة تحقق لها أهدافها السياسية، إضافة إلى أنها لا تعمل وفق ردود أفعال بل تسير وفق برنامج معين، واستراتيجة محددة، بما يخدم طموحها الاستعماري في الضفة الغربية، وكافة الأراضي المحتلة.
وقال أستاذ القانون وليد أبو محس إن قضية إخلاء الأغوار من المستوطنين ليست الأولى، وهذه المرة هي الرابعة التي تخلي فيها إسرائيل مستعمرات، وكانت غزة وجنين وسيناء هي البدايات، لكن الاحتلال هو الوحيد الذي يعوض المستوطنين بعد إخراجهم بدلا من تعويض أصحاب الأرض الأصليين.
وشكك أبو محسن، بحقيقة نوايا الاحتلال، وبحسب قوله إن هذه المنطقة تعتبر السلة الغذائية والمائية للاحتلال، فهي محاذية لنهر الأردن على طول 100كم، كما أن عرضها يتجازو الـ10 كم، فضلا عن كونها الحوض الشرقي للضفة الغربية، ويوجد فيها 40 بئر إرتوازي على الأقل تستغله إسرائيل، ويشكل المصدر الأسياسي لمياه المستعمرات ومياه شركة "ميكاروت" الإسرائيلية، التي يشتري الفلسطينيين 50 مليون متر مكعب منها سنويا، ما يشكل فائدة اقتصادية للاحتلال.
وأضاف أن الجزئية الوحيدة التي تصب في صالح الفلسطينيين، هي أن الاحتلال لم يتمكن من توجيه المستوطنيين إلى مناطق الأغوار، فرغم تصنيف منطقة الأغوار كخط الدفاع الأول يقيم فيها 5000 مستوطن فقط في 35 مستوطنة، من الشمال ابتداء من مستوطنة "ماخولا"، امتدادا إلى كافة المستوطنات جنوبا، منوها إلى أن أغلب هذه المستوطنات تعد زراعية، في حين تشرف خمسة منها على البحر الميت وتصنف على أنها سياحية.
ويرى أبو محسن، أن إسرائيل تستفيد بشكل كبير من إخلاء هذه المستوطنات، فهي متناثرة وغير متصلة ببعضها، ما يكلف حكومة الاحتلال الكثير من الأموال من أجل حمايتها والانفاق عليها.
وقال إن الاحتلال يركز عمله الآن على خطة بعيدة المدى، تربط بموجبها المستوطنات الكبير وتجعلها نقاط تركيز، مبينا أن هناك كتل استيطانية خمسة أسياسية منتشرة بين المدن الفلسطينية الكبرى، تقوم بدور الفاصل بينها.
وشدد على أن إسرائيل تكسب المجتمع الدولي إلى جانبها بمجرد إخلاء أرض وإعادتها لأصحابها، وتظهر كدولة حريصة على تنفيذ القانون الدولي، فيما تحدد 60 مليون شيقل ميزانية للاستيطان في مناطق الضفة الغربية، مضيفا أن الأرقام الحقيقية لميزانية الاسيطان تعتبر أضعاف الميزانية المعلن عنها.
من جانبه، قال الخبير في الاستيطان خليل التفكجي، إن الأراضي المقام عليها مستعمرات، هي أراضي فيها طابو بملكية خاصة لأفراد، لكنها تحولت إلى منطقة عسكرية مغلقة في الفترة ما بين 1967 وحتى بداية الثمانينيات، لكن مع تراجع حركة المقاومة في السبعينات، وتوقيع اتفاق عربة عام 1994، زال الخطر الأمني من الجبهة الشرقية.
وأضاف أنه بزوال الحجة الأمنية، ابتدع الاحتلال الحجة الاقتصادية، وحول هذه المناطق إلى غابات نخيل، نظرا لتوافر كميات كبيرة من المياه إلى جانب الحرارة العالية، لذا فإن الاحتلال يعتبر هذه المناطق مربحة جدا من الناحية الاقتصادية، ويعمل على تقديم الدعم الحكومي لها.
وأشار إلى أن إسرائيل حتى وإن أعادة الأرض إلى الفلسطينيين، فإن هذا الأمر سيكون مؤقتا، بحيث تسمح لهم بالدخول إليها لفترات معينة، ثم تلغي تصاريح العبور، ودور المحاكم الاحتلال يضعف أمام السياسة والأمن حسب قوله، فبينما تعلن حكومة الاحتلال عن نيتها إخلاء المستوطنين من الأغوار، تقوم بترحيل البدو وتجميعهم في مناطق معينة.
وفيما يخص القانون الدولي، أوضح التفكجي أن الاحتلال قادر على إظهار نفسه بصورة الدولة العادلة، فمثلا هدم منزلين في بيت حنينا، ومقابلهما منزلين آخرين في بيت إيل، وهذا ما بدا واضحا للعالم، غير أن الحقيقة هي أن نتنياهو أصدر أمرا ببناء 300 وحدة استيطانية جديدة، مبينا أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق استراتيجيتها بعيدة المدى، التي تحول دون وجود دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.
وشدد على أن إسرائيل تنفذ برنامج سياسي، ليس له علاقة بالقانون، وتعمل ضمن اتجاهات معينة تهدف إلى التطهير العرقي وترسيم الحدود، لكن يواجهها العالم بالضغوطات الدولية، والأوروبية تحديدا، إضافة إلى حملة المقاطعة الدولية الأمر الذي يجبرها على الموازنة بين سياساتها والقانون الدولي.
يشار إلى أن العليا الإسرائيلية وجهت في نيسان الماضي، انتقادات لسلوك سلطات الاحتلال، وأصدرت قرارا رسميا مؤقتا، يطالب الحكومة على تفسير عدم إعادة الأراضي لأصحابها الشرعيين، وسيطرتها على أراض بملكية فلسطينية خاصة.
الأمر الذي اعتبرته وزارة الأمن تمهيدا لإصدار قرار بإخلاء الأراضي وإعادتها لأصحابها الشرعيين، وذلك في أعقاب التماس تقدم به أصحاب الأراض، وفي أعقاب توجه المحكمة، شكلت الإدارة المدنية طاقما لبحث سبل تعويض المستوطنين الذين سيطروا على أراض ليست لهم، بهدف إخلائهم منها.