#الحدث- مصدر الخبر
تناول موقع "ذا ماركر" الاقتصادي، موضوع اكتشاف الشركة الإيطالية "إيني" لحقل الغاز المصري الذي سيكون الأكبر في الشرق الأوسط في تقرير بعنوان "كيف سيؤثر اكتشاف الغاز في مصر على جيوبنا"، وذلك عبر 10 أسئلة وأجوبة، لتبيان مدى تأثير الاكتشاف المصري الذي أعلنت عنه شركة "إيني" الإيطالية أمس الأول على الاقتصاد الإسرائيلي، وما إن كان سيسحب البساط من الغاز الإسرائيلي، الذي كانت تل أبيب تنوي تصديره لعدد من دول المنطقة بينها مصر.
وفيما يلي الأسئلة التي طرحها موقع "ذا ماركر"
لم الضجة؟
لأن عملاقة الطاقة الإيطالية "إيني" أعلنت أمس الأول عن اكتشاف غاز طبيعي بحجم 30 تريليون قدم مكعب (أو 850 مليار متر مكعب) في حقل غاز يمتد على مسافة 100 كم على سواحل الدلتا المصرية- وهي الكمية التي تزيد 40% عن حجم الغاز الذي اكتُشف في خزان لفيتان الإسرائيلي.
هل التقرير صحيح؟
على ما يظهر، يدور الحديث عن تقرير مبدئي فقط عن اكتشاف محتمل. بكلمات أخرى، صدر التقرير قبل إجراء عمليتي تنقيب على الأقل للتحقق، في مساحة بهذا الحجم، وذلك لقياس أكثر دقة لكمية الغاز.
على كل حال، يدور الحديث عن كميات عملاقة من الغاز، وما كان لشركة عملاقة مثل "إيني" أن تخاطر بسمعتها العالمية بتقرير كاذب.
هل يدور الحديث عن اكتشاف كبير بالنسبة للاقتصاد المصري؟
نعم. صحيح أن لمصر احتياطات غاز مثبتة بكميات مضاعفة من تلك التي اكتشفت (1.660 مليار متر مكعب)، لكن لم يتم تطويرها حتى الآن، بسبب التغيرات السياسية والتنظيمية التي أدت لتجميد نشاطات الشركات الأجنبية في البلاد.
لماذا فاجأنا خبر اكتشاف الغاز في مصر؟
لأن إسرائيل لم تكن تعلم بعمليات التنقيب على السواحل المصرية. فتنقيب "إيني"، على سبيل المثال مثل الاتفاق العملاق (12 مليار دولار) الذي وقعت عليه الحكومة المصرية مع BP للاستثمار في تطوير الحقول المحتملة الأخرى، لم يذكر في استطلاعات الوزرات الحكومية، أو في التقارير المالية لشركات الغاز الإسرائيلية، ولم يتم الإشارة إلى وجوده في العروض التي أعدتها وزارة الخارجية ومكتب الأمن القومي حول سوق الغاز الإقليمي، من قبل وزراء المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر الذين طلب منهم التوقيع على مخطط تصدير الغاز.
ولما لم تشر الحكومة الإسرائيلية إلى احتمال اكتشاف الغاز في مصر؟
لا يمكن معرفة ذلك، لكن الحاجة للتصديق بسرعة على مخطط تصدير الغاز الذي صاغته الحكومة مع شركات الغاز اعتمدت، بما في ذلك، على تبرير يقضي بأنه ليس لدى مصر الغاز من مصادرها وأنها تعتمد على الغاز الإسرائيلي، وأن عدم توريده لها يمكن أن يقوض استقرار النظام الصديق لنا.
أمس توجهت حركة جودة الحكم لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بطلب لتنفيذ "فحص دقيق" حول وجهات النظر "المهنية" التي طرحت أمام وزراء الحكومة.
كيف يؤثر اكتشاف الغاز المصري على خزان لفيتان؟
يؤثر بقوة وسلبا، حيث تعتمد خطة التسويق الخاصة بلفيتان على فرضية أن 75% من انتاجه سيتم تصديره. وحتى يمكن تجنيد التمويل اللازم من البنوك لتطوير الحقل (6-7 مليار دولار)، سيكون على ملاكه ، ديليك ونوبيل أنيرجي ورتساف، التوقيع على عقد واحد على الأقل لتصدير واسع وطويل المدى لغاز الحقل. الشركاء آملوا تنفيذ ذلك مع شركة BG البريطانية، التي وقعت معها في يونيو 2014 اتفاق مبدئي لتصدير نحو 18% من حجم الخزان (105 مليار متر مكعب) على مدى 15 عاما.
وتستحوذ BG في شمال مصر على منشأة تهدف لتصدير الغاز المصري المسال (LNG). الآن وبعد اكتشاف حقل غاز مصري قريب للمنشأة، سيكون من الصعب على حقل لفيتان منافسته.
في ظل غياب زبون رئيسي مصري، وإزاء الطلب المنخفض نسبيا من قبل الأردن، وكذلك في ضوء تغطية معظم السوق الإسرائيلي على يد حقل تمار وفي وقت تشهد العلاقات مع تركيا جمودا سياسيا، سيتعذر على لفيتان توقيع عقود بيع كافية من أجل الحصول على التمويل اللازم لتطويره، لذلك من المتوقع أن يتم تأجيل تطوير لفيتان لفترة طويلة.
كيف سيؤثر الاكتشاف المصري على حقل تمار؟
في العام الماضي وقع ملاك تمار اتفاق مبدئي لتصدير ربع انتاج الحقل (نحو 80 مليار متر مكعب) لمنشأة إسالة الغاز التابعة لشركة "بنوسا" في شمال مصر، ويمتد العقد لمدة 15 عاما بقيمة 15 مليار دولار. هذه المنشأة التي تهدف أيضا لتصدير الغاز المصري تحديدا إلى أوروبا، توقفت عن العمل خلال السنوات الماضية في ظل غياب غاز طبيعي مسال ( LNG ) متاح في مصر. وسعى أصحابها أن يكون باستطاعتهم بدء من 2017 الاستعانة بالغاز الإسرائيلي لإسالته وتصديره إلى إيطاليا.
لكن من ضمن أصحاب المنشأة أيضا شركة إيني الإيطالية (40%) التي يتوقع أن تفضل الآن تصدير الغاز من الحقل المصري الجديد، أو في أحسن الأحوال، الاكتفاء بالغاز الإسرائيلي لفترة مؤقتة لحين تطوير الحقل الجديد الذي اكتشفته والذي سيستغرق خمس سنوات.
تقليص مدة العقد وتخفيض السعر الذي يتوقع أن تطلبه "إيني" من ملاك تمار يمكن أن يضر بالجدوى الاقتصادية لمشروع التصدير، الذي يتراوح معدله بين 1.5- 2 مليار دولار، وإفشاله أيضا.
ما هي تبعات الاكتشاف المصري على مخطط الغاز الإسرائيلي؟
بشكل دراماتيكي، وعلى عدة جبهات. أولا، حقيقة أن تطوير خزان لفيتان يتوقع أن يتأجل بشكل أكبر من الموعد النهائي الذي أعلن عنه المخطط (مارس 2020)، تحكم فعليا على الاقتصاد الإسرائيلي بمواجهة الاحتكار بحقل تمار. ذلك لأن المخطط لم يطرح حلولا لمثل هذا السيناريو، لأنه يفترض وجود واقع تنافسي بين أكبر خزاني غاز على سواحل إسرائيل.
هكذا، لم يتم إنهاء احتكار نوبل أنيرجي، ولم يتم فرض رقابة على أسعار الغاز في السوق المحلي، وعلى النقيض، ضمنت شركات الغاز حصانة تنظيمية لـ15 عاما. بالمناسبة، يتوقع أن يطلب ملاك لفيتان أيضا تمديد الجداول الزمنية المقررة لتطوير الحقل، والمطالبة بتأجيلها، في ظل الظروف الجديدة بالمنطقة.
ثانيا، يرمي مخطط التسوية الذي بلورته الحكومة مع شركات الغاز في الأساس إلى تحقيق طموحاتها في التصدير. فعلى سبيل المثال ومن أجل تنفيذ صفقة تمار- بنوسا، تجندت الحكومة الإسرائيلية التي وافقت على الاشتراك في تمويل الأنبوب الإضافي الذي سيتدفق من خلاله الغاز المُصدر، وسمحت بمد أنبوب جديد من الخزان إلى الساحل الإسرائيلي، وألغت حظر التصدير من تمار- حتى قبل تطوير لفيتان- وكذلك ألغت القيود الضربية التي هدفت إلى منع تصدير الغاز الرخيص، على حساب البيع المحلي بسعر مرتفع.
إذا كان من المشكوك فيه الآن تنفيذ صفقة التصدير هذه، يتصاعد التساؤل حول إذا كان من الضروري تقديم حزمة التسهيلات هذه، وتحديدا إن كان من المتاح التنازل للشركاء عن مد أنبوب غاز إضافي على سواحل إسرائيل، دون شروط مسبقة، لحل المخاطر الكبيرة الكامنة في الاعتماد على أنبوب غاز واحد ينقل اليوم كل الغاز المطلوب للسوق المحلي عبر أشدود.
كذلك، وبخلاف القضايا المثيرة للاهتمام، يضع اكتشاف العاز المصري أطراف مخطط الغاز أمام سؤال قانوني- فني ليس بالسهل: إذا امتنع المسئول عن الممارسات التقييدية عن الإدلاء بتعليمات بشأن إنهاء الاحتكار لأسباب سياسية، تبدو الآن واهية، وإذا ما وافق المجلس الوزاري السياسي- الأمني المصغر على الالتفاف عليه خوفا من سيطرة الغاز الإيراني على مصر- فأي صحة لتلك القرارات الآن، عندما اتضح أن حاجة مصر الفورية للغاز الإسرائيلي لم تعد قائمة؟.
إذا تمت الموافقة على مخطط الغاز قبل ستة أشهر، فهل كان تأثير الاكتشاف المصري سيكون أقلا؟
بالتأكيد لا. بالنسبة لخزان لفيتان، صفقات التصدير منه في مراحلها الأولى، ولا تتضمن بعد آليات التسعير. بينما من أجل ضمان تحقيق تلك الصفقات تتطلب البنوك الأجنبية غطاء سياسي إسرائيلي- مصري كان يتوقع أن يعكف الأطراف سنوات طويلة على بلورته، كذلك إذا ما كانت نوبيل انيرجي قد تغلبت على مشاكلها المادية إزاء قطاع التنقيب العالمي المتداعي، كان هناك طريق طويل أمام شركائها لتطوير المشروع.
بالنسبة لحقل تمار، من المشكوك فيه إن كانت "إيني" ترغب في تقييد نفسها لـ15 عاما في استيراد غاز منافس، في حين أنها تستخرجه من تنقيبها على السواحل المصرية. حتى إذا ما وُقعت صفقة تمار- بنوسا قبل عامين، كان يمكن أن يجدوا فيها نوافذ للخروج. بالمناسبة، أطراف الصفقة لم يتفقا فيما بينهما حول سعر الغاز، الذي يتوقع أن يكون مقرونا بسعر البترول المنخفض.
وبعيدا عن التفسيرات التجارية الجامدة، من المفهوم في الشرق الأوسط أن الظروف الاقتصادية والسياسية تتغلب على أي عقود موقعة. فمن يظن أن مصر كانت لتحترم عقد استيراد باهظ الثمن على حساب الغاز المحلي الذي اكتشفته، يمكنه أن يتذكر المطلب المصري لتعديل اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل في 2009 ورفع الأسعار . (رغم أنها حصلت بموجب الاتفاق على مظلة بين الدولتين).
هل الغاز المصري يمكن أن ينافس إسرائيل؟
ظاهريا، خط الغاز بين العريش وعسقلان مازال موجودا (بتفضل من EMG)، والطلب ما زال قائما، سواء من قبل السلطة الفلسطينية أو زبائن إسرائيليين سيحاولون كبح زمام قوى الاحتكار. مع ذلك يصعب رؤية غاز مصري يباع هذه الأيام في إسرائيل- ولا يجب أن يكون لإسرائيل مصلحة في ذلك، في ظل الاهتمام المطلوب لحقل لفيتان.
ماذا يمكن أن يكون تأثير الاكتشاف المصري على جيبي كإسرائيلي؟
تأجيل تطوير لفيتان يتوقع أن يؤجل بشكل حقيقي عائدات الدولة المتوقعة من ضرائب الغاز واستئناف المفاوضات بشأن عقود التصدير الخاصة بتمار يتوقع أن يقلص هذه الضرائب، في ظل الانخفاض المتوقع في الأسعار.
في نفس الوقت سيكون من الصعب مشاهدة كيفية تسليم الحكومة باحتكار الغاز دون الإشراف على أسعاره، الأمر الذي سيؤدي إلى إنخفاض سعره وتقليل أسعار الكهرباء والمياه، مثلا. في المستقبل البعيد يتوقع أن يؤدي عرض الغاز الذي يفوق الطلب المحلي إلى تخفيض آخر في الأسعار لا مفر منه.