الخميس  16 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الضفة الغربية بدأت تشبه غزة اقتصاديا

2015-11-28 09:47:48 AM
الضفة الغربية بدأت تشبه غزة اقتصاديا
صورة ارشيفية

 الحدث - القدس

كتب داني روبنشتاين وهو محرر الشؤون العربية لدى جريدة هآرتس، مقالا أشار فيه إلى مجموعة من الدلائل التي توضح كيفية تدهور الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، بحيث أصبح يشبه إلى حد كبير الوضع الاقتصادي لقطاع غزة.

وإلى نص المقال: 

تجري العمليات الحالية في معظمها في ارجاء مختلفة من الضفة الغربية والقدس الشرقية. ينفذها على وجه التحديد شباب فلسطينيون، وأحيانا فتيان وأولاد، مستعدون لأن يموتوا. وتفتقر هذه العمليات للبنية التحتية التنظيمية وكما تفتقر لقيادة توجهها. وتجد المنظومة الأمنية الإسرائيلية صعوبة في معالجة هذه الظاهرة غير المسبوقة منذ ما يقرب من خمسين عاما أي منذ بداية السيطرة الاسرائيلية على الأراضي الفلسطينية.

ما يفعله النظام الاسرائيلي حاليا هو فرض قيود على حركة الفلسطينيين ورقابة جزئية على الشوارع والمعابر الى اسرائيل. يضاف الى ذلك حظر جزئي على العمل في اسرائيل وفرض عقوبات كهدم المنازل. النتيجة المتوقعة: ارتفاع معدل البطالة، وتدهور سريع للاقتصاد لدرجة أن الضفة الغربية قد تتحول خلال فترة قصيرة الى غزة الثانية - أي الى منطقة واقعة تحت حصار اقتصادي، ذات نسب بطالة من الأعلى في العالم، وضائقة صعبة تحتاج فيها نحو 80 بالمائة من المجتمع للمساعدات والاغاثة (وفقا لمعطيات الأمم المتحدة).

اقتصاد الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة في حينه متعلق برباط السرة بشكل شبه حصري بالاقتصاد الاسرائيلي. الحديث يدور بالأساس عن مصادر تشغيل. كانت هناك سنين تقريبا نصف القوى الفلسطينية العاملة في الضفة وغزة تشتغل في اسرائيل، او في مصانع فلسطينية أنتجت لأجل الأسواق الاسرائيلية. في غزة انتهى الأمر تدريجيا مع الانتفاضة الثانية (2000-2005)، التي أغلقت خلالها كامل المعابر الى اسرائيل، وفي وقت لاحق استولت حماس على السلطة هناك. وَضعت غزة تحت حصار في السنوات الأخيرة. تدهور مستوى المعيشة فيها بسرعة. بطالة تزيد عن 50 بالمائة ولا يوجد تصدير بتاتا. الكهرباء تصل المنازل والمصانع (التي أغلق بعضها) بمعدل 12 ساعة يوميا. حتى حركة حماس المدرجة ضمن لوائح التنظيمات الإرهابية، تجد صعوبة في التعامل مع مجموعات أخرى أكثر تطرفا منها.

في السنين الماضية، كان نحو ثلث وأكثر من القوى العاملة في الضفة الغربية مرتبط بالسوق الاسرائيلية. نحو مائة ألف فلسطيني يعملون مباشرة داخل إسرائيل. معظمهم يشتغلون في قطاعي البناء والخدمات، وكذلك في الصناعة والزراعة. نحو 50 ألف عامل يعملون في المصانع الاسرائيلية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ونحو 50 ألفا إضافيين يعملون في المصانع الفلسطينية التي هي بالأساس لشركات إسرائيلية بوكالة مقاولين فلسطينيين. الحديث يدور عن مجالات كالنسيج والنجارة وصناعة الأثاث وصناعات البلاستيك والأغذية.

لا يملك العمال الفلسطينيون أي خيار، الا العمل في اسرائيل. لأنه لا يوجد استثمار تقريبا في الضفة الغربية. ولا يستطيعون الخروج للأردن الغارق بجموع اللاجئين من سوريا والعراق الباحثين هم أيضا عن عمل واعالة. في الوضع السياسي والأمني المتضعضع في الضفة الغربية لن يستثمر أحد في مصنع إذا لم يكن على ثقة أن العمال والمواد الخام ستصل بالوقت المحدد وسيتم تسويق المنتجات بالوقت المحدد. بل وأكثر من ذلك. مستوى الأجر اليومي في الضفة هو تقريبا 20 دولارا للعامل المهني في اليوم الواحد، مقابل نحو 60 دولارا ليوم عمل في اسرائيل. في ظل هذه الظروف يبذل العمال من الضفة الغربية قصارى جهودهم للعمل داخل إسرائيل. دون عمل في إسرائيل سيتحوّل سكان الضفة الغربية، مثل غزة، الى مجتمع منكوب بالفقر يعتمد على التبرعات من الخارج، كمتسوّلين.

مثال على التدهور الحالي يظهر بين حين وآخر في الاعلام الاسرائيلي والفلسطيني: في محافظة الخليل على سبيل المثال حيث يعيش نحو 600 ألف عربي، فُرضت قيود على سلسلة من البلدات الفلسطينية. على سبيل المثال، أغلقت المسالك المؤدية الى الشوارع الرئيسية التي يستخدمها الاسرائيليون أي المستوطنون، حيث وقعت أحداث سابقة. ويحظر على الفلسطينيين الوصول الى أي مفرق محوري في منطقة جنوب الخليل المسماة بالعبرية "غوش عتصيون". كان يعمل هناك مئات الفلسطينيين، في شبكة تسويق الأغذية رامي ليفي على سبيل المثال. ألغت السلطات الاسرائيلية 12,000 تصريح عمل كانت منحت لسكان الخليل وكانت تخولهم بدخول اسرائيل.

ظاهرة مشابهة تحدث في سلسلة من بلدات وسط وشمال الضفة الغربية، تحديدا في محافظة رام الله ومنطقة جنين ونابلس. شهدت المعابر الحدودية مع اسرائيل انخفاضا حادا في عدد الفلسطينيين العابرين. شهدت هذه المعابر العديد من الأحداث، ويخشى الناس الوصول اليها. في المعابر الكبرى مثل الجلمة (الجلبوع) شمال الضفة الغربية، وقلنديا الواقع على الشارع المؤدي للقدس - سجلت تفجيرات وحدث فيها تشويش في الماضي.

قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع خلال اجتماعه بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إنه مضطر للتراجع عن وعد قطعه بمنح تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين (وعد قطعه خلال زيارته الأخيرة الى واشنطن)، بسبب موجة العنف.

لا أحد يعلم الى متى ستستمر موجة العنف الحالية. لا شك أنها ستؤدي الى أزمة خطرة. ليس واضحا دوما أن كان الوضع الاقتصادي المريح سيضمن الهدوء الأمني. ولكنه واضح جدا أن الضائقة الاقتصادية تشجع على العنف وعلى الاضطرابات.