الحدث - آيات يغمور
جاءت تصريحات صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينين، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تكتيكية وغير واقعية، هكذا وصفها محللون لـ "الحدث".
أستاذ العلوم السياسية، عماد غياظة، والذي وجد في خطاب عريقات بعدين تكتيكيين، يقول لـ "الحدث": " إن خطاب عريقات يحمل بعدين تكتيكيين؛ الأول يوجه ضرباته نحو السياسة الأمريكية التي تجاهلت في جدول أعمالها القضية الفلسطينية، خصوصاً في فترة الجمود الأمريكي جراء سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، والبعد التكتيكي الثاني يأتي في إطار تهدئة المزاج الفلسطيني العام بما يتناسب والظروف السياسية الصعبة التي نمر بها خلال الهبة الحالية".
ويعتقد غياظة أن في هذا التكتيك، تماثلٌ ليس ببعيد عن لغة الخطاب الرسمية، التي تتراوح بين محاولاتها في الضغط على الدولة "الوسيط" في المفاوضات الثنائية من جهة، وبين محاولة إرضاء الشعب الفلسطيني.
ويؤكد غياظة على أن الخطاب بعيدٌ كل البعد عن الطابع الاستراتيجي، مشيراً في ذات الوقت إلى أسفه لاستخدام عريقات هذه التصريحات كأداة "تفاوضية".
وتوقع أستاذ العلوم السياسية، أن تكون هناك مفاوضات جارية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، منوهاً إلى أن الخطاب السياسي الفلسطيني "كما جرت العادة" عندما تشتد حدته، تكون هناك مفاوضات خلف "الستارة".
وحول جدية تصريحات كبير المفاوضين ومدى الالتزام الرسمي بوقف المفاضات نهائياً، يعود غياظة إلى لغة الخطاب التكتيكية، التي تحمل جدية في ظاهرها بعيدة عن التطبيق الفعلي على أرض الواقع، مؤكداً على أن "الهم" الفلسطيني الرسمي في هذه الأيام، هو تحريك العملية السياسية.
من جهته، أرجع المحلل والخبير في الشؤون الإسرائيلية، نهاد أبو غوش، خطاب صائب عريقات، إلى موقف القيادة الفلسطينية المتردد تجاه البدائل المطروحة عن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، معتبراً تصريحات كبير المفاوضين تلويحاً بالخيارات ولا تعكس في جوهرها عن نية حقيقية بمرحلة جديدة خالية من التفاوض.
وأكد أبو غوش أن ترجمة القرارات التي خرج بها المجلس المركزي من اعتماد نهج جديد مقاوم وملاحقة الانتهاكات الإسرائيلية، تتسم بالبطئ ويغلب عليها التردد، تبعاً لمصالح قد تتضارب، ولضغوطات إقليمية ودولية.
وكبديل عن التفاوض، أشار خبير الشؤون الإسرائيلية، إلى إمكانية دراسة تنصل السلطة من التزاماتها المجحفة بحق الفلسطينيين من خلال تفعيل مؤسسات منظمة التحرير، وإسناد المقاومة الشعبية، واللجوء إلى المؤسسات الدولية. موضحاً أن ذلك سيعيد فرز أوراق القوة لفرض حقائق جديدة تمكن من الضغط على المجتمع الدولي لتصبح العملية السياسية أكثر جدية.
وكان عريقات قد قال في خطابه الذي ألقاه أمس خلال مؤتمر لصحيفة هآرتس العبرية، كان قد تلقى دعوة لحضوره في مدينة نيويورك الأمريكية: "إن المفاوضات الثنائية برعاية أمريكا انتهت، ولن يسمح بها بعد الآن، ونريد مؤتمرًا دوليًا بمشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، ودوّل البريكس، والدول العربية، ولهدف محدد، دولتين على حدود 1967، دولة فلسطين على حدود 1967، وبالقدس الشرقية عاصمة لها، ضمن سقف زمني محدد".
وحول الردود الإسرائيلية، أكد أبو غوش أن الرواية التي تسود الإعلام الإسرائيلي والتي تفشت في هذه المرحلة، هي "التحريض الرسمي الفلسطيني" في محاولة لاتهام القيادة الفلسطينية بتأجيج الهبة الشعبية، موضحاً في ذات السياق، أن الإعلام الإسرائيلي لا يكترث بنبرة الخطاب لأن الرواية معدة مسبقا.
وحول احتمالية العودة إلى التفاوض، يستبعد خبير الشؤون الإسرائيلية ذلك، مستنداً إلى ثلاثة محاور كانت سبباً في هذا الاستبعاد، أولها سياسة نتنياهو الاستبدادية التي قطعت الطريق أمام أي استئنافٍ قريب لها، تليها الإدارة الأمريكية المتجاهلة للقضية الفلسطينية مع إبقاء علاقاتها الأمنية والعسكرية قوية تنفيذاً لتعهداتها حفظ أمن "إسرائيل"، وآخرها نابع من صعوبة تفرد القيادة الفلسطينية بقرار العودة إلى المفاوضات في ظل الهبة الحالية.