الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فوائد الفقوس الوطني بقلم: د. عامر بدران

2014-08-25 11:01:27 PM
فوائد الفقوس الوطني
بقلم: د. عامر بدران
صورة ارشيفية

 تفسير أحلام

الحدث: انطلاقاً من مبدأ أن الزبد يذهب هباءً وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض، سأكتب عن فوائد الفقوس. وكما يعلم الجميع، فإن موسم هذه النبتة، التي تمكث في الأرض وتلتصق بها، قد مر علينا في خضم الحرب التي تشن على غزة دون أن ننتبه له. وبالتالي دون أن نستفيد من هذه الثمرة المباركة كما ينبغي للإستفادة أن تكون.

أولى فوائد الفقوس هو أنه ينشط خلايا الدماغ، وتحديداً تلك الخلايا المسؤولة عن التفكير وليس عن الذاكرة. وكما هو معروف فثمة فرق شاسع بين الإثنين. فالتفكير هو تلك العمليات التي يقوم بها الدماغ للصعود درجة في سلم الإستنتاج. أو لنقل هو الإستنتاج نفسه بصيغة ما. بمعنى أنك تقرأ نصاً ولا تكتفي بصورته التي طُبعت في مخيلتك، بل تحاول فهمه واستنتاج العبرة التي يريد قولها. ومع أن هذه العبرة تكون واضحة جلية في معظم النصوص التي يقرأها الناس إلا أن جزءاً منهم تلتبس عليه. وخير دليل على ذلك هو ما يقوله المثقفون لبعضهم في الشارع وعلى طاولات المقاهي من قبيل: "رأيت لك اليوم نصاً ولم يعجبني".

إنه يقول له "رأيت" ولا يقول "قرأت". والرؤية تختلف عن القراءة خاصة فيما يتعلق بالنص المكتوب. الرؤية هي مسح سطحي لصورة المكتوب، وأما القراءة فهي تحليل للنص والوقوف عند كل فكرة فيه. ولا دخل للتأويل هنا، لا دخل له بتاتاً. فلا يمكنك أن تقوم بتأويل جملة يقول صاحبها أنه ضد "طريقة" قتل العملاء مثلاً، لتستنتج منها أنه مع الرأفة بهم. إن الجملة تخبرك بكل وضوح عن الطريقة، ولكن لأنك رأيت النص ولم تقرأه قادتك خلايا عقلك الفقيرة بالفقوس إلى هذه النتيجة. الفرق يا سيدي بين الرؤية والقراءة، هو تماماً كالفرق بين الإستماع والإنصات. الإستماع هو فتح أذنيك، أما الإنصات فهو فتح دماغك. أن تستمع لمحاورك منتظراً دورك في الحديث يختلف تماماً عن الإنصات له لتستوعب فكرته، ومن ثم سيأتيك الدور تلقائياً للرد عليها.

الفائدة الثانية للفقوس هي أنه خافض سريع للحرارة. بإمكانك مثلاً أن تستعيض به عن الأكمول الإسرائيلي إن كنت ممن يتطوعون في لجان مقاطعة بضائع الإحتلال. إنه بديل وطني فعال ورخيص للأكمول الذي نستهلك منه ما قيمته خمسة ملايين شيكل سنوياً. لكن دعني أولاً أخبرك بحادثة طريفة فيما يخص البديل الوطني ومن ثم احكم بنفسك: في الإنتفاضة الثانية تم انتدابي من قبل مجمع النقابات المهنية كعضو في  القيادة السياسية للإنتفاضة. وبحكم خبرتي المتواضعة في مجال الإستهلاك، قمت مع آخرين بتشكيل لجنة لمقاطعة بضائع الإحتلال. والتي بدأت بوضع خطط  طموحة للنهوض بالمنتج الوطني وتحسين جودته ليستطيع المنافسة. في أحد البرامج الإذاعية تم توجيه سؤال لي ولضيف آخر حول هذه الخطط، فقام الضيف

بالإجابة، موجهاً كلامه إلى المذيعة: "إنظري يا سيدتي إلى البسكويت المحلي؛ نصف العلبة يكون مهروساً. إنظري إلى الشيبس...". هنا فقدت أعصابي وقمت بشتمه ومغادرة البرنامج.

هل شتمته لأنه يوجه إهانة للشيبس الوطني؟ بالتأكيد لا. هل لأنه يروج دون أن يدري للبضاعة الإسرائيلية؟ أيضاً لا. لقد شتمته لأن لديه نقصاً في الفقوس و حرارته الوطنية عالية. لأنه منظّر مقيت تستهويه صغائر الأمور لا أكثر. فهو يريد أن يتحرر من الإحتلال ويبحث عن بديل وطني للشيبس. فبرأيي من يريد التحرر يرضع من بقرة على أن يشتري حليب تنوفا. فما بالك بمناضل يحمل في يده رشاشاً وفي اليد الأخرى كيس شيبس.

فائدة أخرى ملفتة للفقوس هي أنه ينظف البشرة ويكسبها لمعاناً خاصاً. قد لا تكون هذه الفائدة ذات أهمية كبرى على المستوى الوطني. لكن وبما أن العبرة في النتائج فبإمكاننا تخيل الثقة العالية بالنفس نتيجة لهذه الفائدة. بشرتك نظيفة فأنت ملمّع كما يجب، وبإمكانك إبداء آرائك في كل ما يدور حولك بثقة عالية. حتى وإن كانت هذه الآراء متناقضة في أغلب الأحيان. فالفقوس اللعين، كما قلنا في البداية، مسؤول عن التفكير وليس مسؤولاً عن تنشيط الذاكرة للأسف. وبالتالي فأنت لن تتذكر ما كنت قد قلته بالأمس. لكن دعني أخبرك بفائدة غير محببة لمن هم حولك تحديداً: الفقوس مدر للبول يا أخي، فانتبه أرجوك.