السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد55: ما يزيد على 120 قرار بقانون، نشاط تشريعي يفوق عدد القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي

2016-01-12 12:34:21 AM
في العدد55: ما يزيد على 120 قرار بقانون، نشاط تشريعي يفوق عدد القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي
المجلس التشريعي الفلسطيني

مراقبة خارطة المصالح التي تقف خلفها تظهر منحها وزراء صلاحيات بإعفاءات للشركات دون الرجوع والمصادقة من جهة تنفيذية أو تشريعية

القوانين الصادرة عن نواب (حماس) في غزة جزء منها يتصادم مع القانون الأساسي وأخرى تخدم مصالح محدودة هناك

التشريعات الصادرة في الشأن الاقتصادي تظهر الصراع بين مؤسسات السلطة

سنبقى ندور في حلقة مفرغة ما لم يُدعى "التشريعي" للانعقاد بالهيئة العامة في الضفة وغزة  

 

الحدث/ خاص:

كشف أكايمي اقتصادي، أن التشريعات الصادرة في الشأن الاقتصادي، قد غطت قطاعات اقتصادية معينة دون غيرها، وأظهرت نوعاً من الصراع بين مؤسسات السلطة فيما بينها، وعكست تنازعاً واضحاً على الصلاحيات، وهو ما ظهر مثلاً في تعديل ومحاولات تعديل قانون الـتأمين، وقال: " فالتعديل الصادر بقرار بقانون كان هدفه فقط استبعاد وكيل وزارة المالية من رئاسة مجلس إدارة الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي الطرق، ووزارة المالية بالمقابل، لم ترتض بتلك التعديلات، ولم تنجح محاولاتها في تعديل القرار بقانون".

وأكد الباحث د. محمد القيسي، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، إخفاق المشرع الفلسطيني وأصحاب صنع القرار في إصدار تشريعات اقتصادية هامة كقانون المنافسة، إلى جانب فشلهم في تفعيل بعض القرارات بقوانين التي تؤثر على مراكز الشركات الكبرى كقانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات.

وانتقد القيسي، منح بعض القرارات بقوانين الصادرة في الشأن الاقتصادي، صلاحيات وصفها بالمطلقة للوزراء دون مراجعة من أي جهة أخرى؛ في منح إعفاءات للشركات دون الرجوع والمصادقة من جهة تنفيذية أو تشريعية، مؤكدا أن معظم التشريعات الخاصة بالشركات الكبرى صدرت بما يقدم منفعة لها.

وأكد الباحث القيسي خلال مناقشته دراسة له بعنوان: "مراجعة القرارات بقانون الصادرة في الشأن الاقتصادي بين عامي 2007- 2014" التي أعدها لصالح المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية (مواطن)، أنه ومن خلال استعراضه للتشريعات التي صدرت في الشأن الاقتصادي من خلال قرارات بقانون من قبل رئيس السلطة التنفيذية سنداً لأحكام المادة 43 من القانون الأساسي، تبين أن التشريعات التي صدرت غطت قطاعات اقتصادية معينة دون غيرها، وتجاهلت قطاعات أخرى مهمة وربما أكثر أهمية".

وقال د. القيسي: "بالنظر إلى التشريعات الصادرة، يتبين بوضوح أن القطاعات المنظمة كانت تتمحور حول قطاعات خدمية كالكهرباء، التأمين، الاتصالات، والقطاع المصرفي سيما المصارف، والتأجير التمويلي، والبورصات الأجنبية، وكذلك في مجال الشركات، ومكافحة منتجات المستوطنات، إلى جانب كل من تشجيع الاستثمار وايرادات الدولة سيما ضريبة الدخل. وقد تبين من خلال مراجعة تلك التشريعات ضرورة الوقوف عليها من قبل المجلس التشريعي حال انعقاده مستقبلا".

الوزير لا يمنح إعفاءات وإنما القانون

ولكن د. تيسير عمرو، وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، نفى صحة ودقة النتائج التي توصل لها الباحث، وقال: "ليس صحيحا ما يقوله الباحث، فالوزير لا يمنح إعفاءات وإنما قانون تشجيع الاستثمار هو الذي يمنح الإعفاءات، ووزير الاقتصاد الوطني لا يعطي إعفاءات من أي نوع كان، وإنما الذي يحكم هذا الموضوع ويضبطه هو قانون تشجيع الاستثمار والأنظمة المتصلة به".

وأشار عمرو، إلى الموروث في القوانين الفلسطينية التي كانت في معظمها أردنية وبريطانية ...الخ، ما يجعل الصلاحية معطاة لأكثر من جهة، فمثلاً قانون الصحة يعطي بعض الصلاحيات لوزارة الصحة، ونفس الصلاحية قد تجدها معطاة قانوناً لسلطة جودة البيئة، ونفسها قد تجدها معطاة لوزارة الحكم المحلي، وهذا الهدف الذي كان وراء عمل الخطة التشريعية الفلسطينية بحيث تعالج حالة الإزدواجية الموجودة في عدد من القوانين.

ولا يرى عمرو، أن المسألة تتعلق بتنازع صلاحيات بقدر ما تتمثل في أن كل وزير يجد في القانون أن هذه الصلاحية معطاه له بحكم القانون ويريد تطبيقها، وبموجب نفس القانون يرى وزير آخر أن هذه من صلاحياته أيضاً، هذا ما واجهناه حينما كنا نعد الاستراتيجية الوطنية للنفايات الصلبة.

وقال عمرو "حتى نعالج الموضوع على الأقل بشكل مؤقت، سمحنا لبعض التدخلات بحيث تكون فيها القيادة للوزارة ذات الصلة المباشرة، وتكون الوزارات ذات العلاقة أعضاء، فاذا كان الموضوع يختص بمهام وصلاحيات وزارة ما أكثر من غيرها، تكون القيادة لها، وباقي الوزارات ذات العلاقة أعضاء، وهكذا".

منح الوزراء صلاحيات لا يشكل خطراً أو حالة مرضية مزمنة

ومع أن الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم يتفق مع الباحث حول أن القوانين التي تم تعديلها هي قوانين الى حد كبير قطاعية، وتتناول قطاعات محددة وليست عامة، مثل قطاع التامين وقانون المصارف وسلطة النقد، لكنه يختلف معه في أن القوانين لم تعط الوزير صلاحيات فيها تجاوز لصلاحيات الآخرين، بالرغم من إقراره بوجود تضارب في بعض القوانين التي عكست ازدواجية في الصلاحيات مثل قانون الأوراق المالية وقانون هيئة سوق رأس المال وقانون المصارف، وبعض التضارب مع قانون الشركات القديم.

ولا يرى عبد الكريم في منح هذه القوانين صلاحيات للوزير بأن هذا يشكل خطراً أو حالة مرضية مزمنة، لذلك فإنه يظن أن وجود صلاحيات استثنائية للوزير بدون مرجعية تنفيذية، أمر مبالغ فيه ولا يشكل قيمة مادية، والمثال الذي يدلل فيه الباحث ليس هو الحكم بدليل أن وزارة المالية بصفتها الوظيفية ممثلة في كل مجالس الإدارة للهيئات غير الحكومية والتي هي أهم كثيراً من الصندوق المذكور، فهي ممثلة في هيئة سوق المال وفي مجلس إدارة سلطة النقد وفي صندوق ضمان الودائع وفي صناديق هيئة تشجيع الاستثمار ولا يكاد يكون هنالك مجلس واحد أو هيئة تعنى بالشأن الاقتصادي دون تمثيل وزارة المالية فيها.

محاباة التشريعات الاقتصادية للفكر الرأسمالي ومصالح الأغنياء

ويؤكد عبد الكريم أن المشكلة ليست في الاقتصاد، ولا في تنظيمه ولا في أطره، وإنما في عدم تناسق الأطر الاقتصادية، وفي محاباة التشريعات الاقتصادية للفكر الرأسمالي ومصالح القطاع الخاص، ومغالاتها في الدفاع عن مصالح الأغنياء والأثرياء والقطاع الخاص، وليس لأنها أعطت صلاحيات للوزراء.

وقال " إن تفسير الباحث بأن هناك سياسة مدروسة ومتعمدة تدلل على ظاهرة، أظن أن أمثلته التي ساقها في هذا المجال غير صحيحة، فهي انتقائية وارتجالية في كثير من الحالات، وفيها نوع من الفقر في المعلومات، ومبالغة في تشخيص المسألة وكأنها مشكلة إدارة الاقتصاد الفلسطيني".

ويؤكد عبد الكريم، أنه ليس بالضرورة أن ما جاء من أمثلة يدلل على وجود تعمد القصد منه إعطاء صلاحيات للوزراء، لأنه الوزراء أصلاً يعطون صلاحيات ومعظمهم لا يمارسون الصلاحيات المخولة لهم. ولكنه أضاف"هذا لا ينفي وجود صراع بين الوزارات في إدارة الاقتصاد وهذا كان يتضح دائما بين وزارتي الاقتصاد والمالية".

انتهاك السرية المصرفية والشخصية

لكن القيسي قال "بينت بعض التشريعات تعدي السلطات الحكومية على بعض الحقوق الأساسية للأفراد، وقد ظهر ذلك جلياً في القرار بقانون الصادر بشأن تعديل قانون المصارف، إذ أن هذا القرار قد منح السطلة العامة وتحديدا سلطة النقد الحق في انتهاك السرية المصرفية، بل والسرية الشخصية، زد على ذلك، تبادل المعلومات الخاصة بعملاء البنك مع جهات لم تحددها التشريعات المذكورة، وكل ذلك في سبيل تفادي مجرد شبهات لها علاقة باحتمالية وجود جرائم لها علاقة بغسل الأموال". 

واستطرد قائلا "تركزت التشريعات الصادرة في تنظيم قطاعي محدد، وتجاهل قطاعات مهمة وربما أكثر أهمية، ومن ذلك استحداث مراكز لكبرى الشركات مثلا، في حين تم تجاهل القطاع الزراعي ولم يحظ بأي اهتمام تشريعي خلال سبع سنوات (2007-2014)، فيما صدرت مجموعة من التشريعات التي جاءت بأحكام منحت إعفاءات ووهبت امتيازات للشركات الكبرى كما هو الحال في قوانين تشجيع الاستثمار".

مخالفات لمبدأ دستورية القوانين

وأكد القيسي، ما أظهرته التشريعات من وجود مخالفات لمبدأ دستورية القوانين "حيث ظهرت إشكالية تتصل بنشر القواعد القانونية، وتضمنت بعض التشريعات الصادرة ما يفيد بسريان القرارات بقانون قبل نشرها، وفي ذلك مخالفة دستورية لأحكام القانون الأساسي في المادة 116 منه، كما ظهرت إشكالية منح صلاحيات لجهات رسمية خلافاً للقانون الأساسي، ومن ذلك، ما نصت عليه بعض القرارات بقانون التي منحت الرئيس صلاحية إصدار تشريعات ثانوية خلافاً لما نص عليه القانون الأساسي في المادتين 69 و70 منه".

تخبط تشريعي ..

وقال القيسي " ظهر تخبط تشريعي في أكثر من قرار بقانون، فمثلا، صدرت مجموعة من التشريعات المعدلة لقانون ضريبة الدخل، وكانت التعديلات غير مفهومة المقصد، كما كانت تلك التشريعات متعارضة بشكل كبير، والتعديل في كل المرات كان يستهدف ذات النصوص، وظهر أن المشرع متخبطاً في تلك التشريعات، كما ظهر ذلك جلياً في جانب قوانين تشجيع الاستثمار، إذا أن تغيّر الحكومة قلب قواعد القانون رأساً على عقب".

وأوضح القيسي "أن بعض التشريعات أظهرت أن حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة 43 من القانون الأساسي كشرط لصدور قرار بقانون، كان في غير محله، ولعل من الأمثلة الجلية على ذلك القرار بقانون الصادر بشأن إنشاء هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، إذ صدر قرار بقانون بشأن إنشائها عام 2009، إلا انها لم تتشكل حتى تاريخه".

وقال القيسي:" تجاهلت بعض القرارات بقانون صلاحية المجلس التشريعي بخصوص مراجعة كل القرارات بقانون الصادرة وظهر ذلك جلياً في جانبين، الأول: معظم القرارات بقانون الصادرة تضمنت نصاً خاصاً بأن دور المجلس التشريعي محصور في إقرار القرار القانون، وكأن دور المجلس أصبح المصادقة على ما قامت به السلطة التنفيذية، والثاني: بعض التشريعات لم تنص على ضرورة عرض القرار بقانون على المجلس مستقبلا". 

تشريع بدون مشرعين

ويتفق د. عمار الدويك، مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) مع النتائج التي توصل لها الباحث القيسي، مؤكداً أنه سبق وأعد دراسة بعنوان "تشريع بدون مشرعين" وقد رصد فيها كافة التشريعات التي أصدرتها السلطة الوطنية منذ نشوئها، وخلص باستنتاجات مفادها أن التشريعات التي صدرت منذ نشوء السلطة الوطنية تركز على قضايا الحكم والحوكمة وبناء مؤسسات السلطة، وقضايا اقتصادية بالذات، بما يخدم المصالح الاقتصادية الكبرى حسب مصالح المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم.

وقال الدويك "بناء على النتائج التي توصلنا لها من خلال ما نقوم به من رصد لكافة القوانين التي صدرت بعد الانقسام فقد صدر عن رئيس السلطة الوطنية أكثر من 120 قرارا بقانون وهو نشاط تشريعي يفوق عدد القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي خلال عشر سنوات من عمله".

خارطة مصالح تقف خلفها

وتابع الدويك قائلا "نسعى إلى مراقبة هذه التشريعات لنتأكد من مدى انسجامها مع القانون الأساسي ومع التزامات السلطة بحقوق الانسان، وأيضا قمنا بمراقبة خارطة المصالح التي تقف خلف هذه التشريعات لنرى من هي الجهة المستفيدة أو المتضررة من هذه التشريعات، وهل تم التشاور مع كافة الاطراف التي تتأثر بالتشريع قبل صدوره؟".

وأكد الدويك، أن كثيراً من النتائج التي ظهرت تخدم مصالح ضيقة، وجزء منها يخدم مصالح عامة، وعملية إصدار التشريعات لا تتم بشكل تشاوري، وجزء كبير منها يصدر بشكل منفرد؛ حتى بعض الوزارات المعنية لا تعلم به، ما يتطلب أن يكون هناك رقابة أهلية فاعلة على كافة القرارات بقوانين التي تصدر عن الرئيس.

تُعمق الانقسام وتخلق مراكز قانونية

وقال الدويك: "رصدنا القوانين التي صدرت في غزة بعد الانقسام التي أصدرها نواب حركة (حماس) في التشريعي بغزة, ولدينا العديد من الملاحظات على هذه القوانين، وجزء منها يتصادم مع القانون الأساسي ومع التزامات السلطة بحقوق الانسان، وأيضاً جزء منها يخدم مصالح محدودة معينة في غزة، هذا بالإضافة الى أن النشاط التشريعي الملحوظ الذي حدث بعد الانقسام قد عمق أيضاً من حالة الانقسام وخلق مراكز قانونية سيكون لها تبعات مستقبلية وقد تكون إحدى عقبات إعادة توحيد شطري الوطن".

ويرى د. عبد الكريم، أن الأجدى بدلاً من أي تنازع للصلاحيات بين الوزارات، أن يكون هناك جهد جماعي من الحكومة (مجلس الوزراء) الذي عليه أن ينسق هذه الجهود جميعها، وقال"إن غياب هذا الجهد سمح بظهور وبروز بعض الخلافات والتناقضات التي كثيراً ما كانت تظهر، ولكن ليس هذا ما يؤرقني، وليس هذا هو الموضوع الذي يستحق البحث، وإنما كان على الباحث أن يبحث في جوهر القوانين والتشريعات الاقتصادية وإلى أي مدى تنسجم مع العدالة ومع تكافؤ الفرص".

ندور في حلقة مفرغة ..

ومن جانبه، شدد د. عصام عابدين، رئيس وحدة المناصرة في مؤسسة الحق والمحاضر بجامعة بيرزيت، على أن "أي نقاش في التشريعات الاستثنائية التي تصدر في زمن الانقسام، يتجاهل، أو يقلل من شأن، أو يتماشى، مع كارثة استمرار غياب أو تغييب المجلس التشريعي منذ ما يزيد على ثماني سنوات هو مجرد نقاش في تفاصيل وجزئيات هنا وهناك، سواء تعلق هذا النقاش بالشأن الاقتصادي والمالي أم بقطاع الحكم أم بغيره".

وتابع عابدين" لا أُقلل إطلاقاً من الخلل المتمثل بغياب الأولويات التشريعية وبخاصة بعد الانضمام لاتفاقيات حقوق الإنسان، وتضارب المصالح، وصراع النفوذ، وتزاوج السلطة مع المال على حساب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، والمساس بسيادة القانون "بالمفهوم الجوهري" الذي يطال مضمون التشريعات ومدى تماشيها مع حقوق الإنسان والكرامة والمساواة وعدم التمييز باعتبارها المقياس الحقيقي في فحص التشريع ومدى عدالته".  

ولكنه أضاف " علينا أن ننظر أولاً إلى الصورة الكاملة، إلى جوهر المشكلة التي تطال النظام السياسي برمته، قبل أن نغرق في التفاصيل وندور في حلقة مفرغة، وسؤالي ببساطة لمن يعنيهم الأمر: ما الذي يمنع من توجيه الدعوة للمجلس التشريعي للانعقاد بالهيئة العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفقاً للأصول المبينة في القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي (المادة 16) وأن ينعقد المجلس اليوم قبل غدا؟ ألا تساهم تلك الدعوة بالدفع قدماً بملف المصالحة، واستعادة وحدة المؤسسات، في الضفة والقطاع، والبدء بترميم تدريجي لنظامنا السياسي المترنح، لحين إجراء الانتخابات العامة في أقرب وقت ممكن، وتجديد الشرعيات المتآكلة؟".

اليوم قبل غداً ..

وتابع عابدين "كيف يمكن الحديث عن نظام سياسي، وعن سيادة قانون وفصل بين السلطات، في ظل استمرار غياب أو تغييب المجلس التشريعي الذي يشكل حجر الزاوية في النظام السياسي كل تلك السنوات الطوال؟ وكيف نرضى باستمرار تلك الكارثة ونتعامل معها كما لو أنها قدر محتوم أو مجرد مسألة ثانوية أو على استحياء؟".

وقال" من يريد الحديث عن التشريع والإصلاح فلينظر إلى جوهر المشكلة وليبحث أولاً عن المشرّع الأصيل؟ وعلى الجميع أن يتحرك دون تردد على هذا الأساس وأن يتحمل مسؤولياته في الضغط والمثابرة إلى أن يلتئم المجلس التشريعي الفلسطيني (السلطة التشريعية) بالهيئة العامة في الضفة والقطاع ويستعيد مهامه الدستورية الأصيلة في التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية والمحاسبة بأدوات الرقابة البرلمانية، اليوم قبل غداً".

إصلاح ما يمكن إصلاحه

وأضاف عابدين "علينا أن ندرك جيداً أن التعامل مع التركة التشريعية التي صدرت في مرحلة الانقسام وحدها تحتاج إلى بضع سنوات، فكيف بالعقبة الكأداء التي تتمثل في التعامل مع التشريعات الموروثة قبل قدوم السلطة الفلسطينية والتي بلغت (12500) تشريع ارتبطت بأنظمة متعددة أغلبها كولونيالي، وعكست مصالح واضعيها وحالة عميقة من الازدواجية والتضارب، العملية ستكون صعبة ومعقدة وقاسية، وتحتاج إلى سنوات وجهود مضنية من الجميع، من أجل دعم وإسناد البرلمان، الذي عليه أن يستعيد وعيه فوراً لإصلاح ما يمكن إصلاحه".            

وختم عابدين قائلاً " يا سادة: السلطة التنفيذية هي من ينفرد بالتشريع والتنفيذ في آن معاً طيلة مرحلة الانقسام، هي الخصم والحكم، في ظل استمرار غياب البرلمان، هنالك انتكاسة حقيقية في منظومة الشفافية وغياب في الرؤية والأولويات على مستوى التشريعات والسياسات وفي صنع القرار، وهنالك نزيف مستمر في القضاء!".