الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة الحدث| نيوزويك: الحال الفلسطيني المزري سببه عجز الرؤية ووحدته والشرعية

2016-02-10 07:38:39 AM
ترجمة الحدث| نيوزويك: الحال الفلسطيني المزري سببه عجز الرؤية ووحدته والشرعية
الرئيس عباس خلال زيارة إلى واشنطن

 

ترجمة الحدث- ناديا القطب

نشرت مجلة نيوزويك تقريرا تحت عنوان:  Palestine: The Road Ahead جاء كالتالي:

 

في 25 يناير 2006، أدلى الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة بأصواتهم لانتخاب المجلس التشريعي الفلسطيني الجديد. حماس، التي لم تنافس في الانتخابات التشريعية السابقة قبل عقد من الزمان، كان يتوقع منها القيام بعمل جيد.


وفي محاولة لإحباط فوز حماس انفقت الولايات المتحدة الامريكية أنفقت 2 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ عمل على تقزيم الحملات الانتخابية للأحزاب الأخرى. عمل هذا المال على تمويل "العشرات من المشاريع السريعة لتعزز وتنظيم صورة حركة فتح  بين الناخبين"، وركز على "الدوائر حيث حماس على ما يرام."


وكانت الأموال التي تنفق عبثا. فقد حصلت حماس على 74 مقعدا من 132 مقعدا في المجلس التشريعي الفلسطيني، في حين فتح، الفصيل المهيمن منذ فترة طويلة داخل منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) والسلطة الوطنية الفلسطينية، نجح في تأمين 45 مقعدا فقط. وقد تم افتتاح البرلمان الجديد في 18 فبراير 2006.


وبالنسبة لإسرائيل، فإن نتائج الانتخابات "حولت تلقائيا السلطة الفلسطينية إلى"سلطة ارهابية"، وخلال أسابيع، أطلقت حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت" حملة تركز على جعل السلطة الفلسطينية، التي تعاني على الدوام من ضائق مالية، تجثو على ركبتيها من خلال تجفيف موارد دخل السلطة.


ومنعت إسرائيل عمال غزة من العمل في إسرائيل، وأوقفت تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية، ودعت المجتمع الدولي إلى "وقف كل المساعدات المالية" للسلطة الفلسطينية، وفي يونيو 2006، اعتقلت عشرات من البرلمانيين التابعين لحماس.


وكانت الإجراءات التي أقرها المسؤولون الإسرائيليون تهدف إلى معاقبة الفلسطينيين في غزة من خلال خنق الاقتصاد في القطاع. وفي كلمات سيئة من مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك دوف فايسغلاس، كانت الفكرة هي "إجبار الفلسطينيين على اتباع حمية ولكن دون يموتوا من الجوع".


الانتصار المدوي لحركة حماس أيضا أدى إلى استياء ما يسمى بالرعاة الدوليين لعملية السلام واللجنة الرباعية في الشرق الأوسط (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة). بينما رحب "بالعملية الانتخابية التي كانت حرة ونزيهة وآمنة،" اللجنة الرباعية، لكنها فرضت على الفور ثلاثة شروط على الحكومة الفلسطينية: "نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة."


في فبراير 2006، انتقد الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، الذي راقب الانتخابات على الأرض، "الالتزام المشترك ... لسلب الحكم من مسؤولي حماس المنتخبين عن طريق معاقبة المواطنين العاديين،" الولايات المتحدة واسرائيل وحذر من إمكانية حدوث "عواقب وخيمة".


وجاءت محاولات فتح وحماس لإيجاد حلول وسط دون نتيجة، بينما زاد الانقسام الفصائلي، وتصاعدت الاشتباكات المسلحة بين كل من فتح وحماس في عام 2007، وبلغت ذروتها في يونيو/حزيران عندما سيطرت حماس على قطاع غزة. وقتل أكثر من 300 فلسطيني في تلك السنة نتيجة الاقتتال الداخلي.


من وجهة نظر العديد من المسؤولين الغربيين، كان هجوم حماس "ضربة وقائية ... قبل أن تقوم واشنطن بإعادة بناء فتح. وناقشت إسرائيل والولايات المتحدة بالفعل "سبل زعزعة استقرار الحكومة الفلسطينية" في عام 2006، وفي عام 2008 عرضت تفاصيل "مبادرة سرية" لإدارة بوش هدفت إلى "إثارة حرب أهلية فلسطينية"، ، بما في ذلك تعزيز قوات حركة فتح.


وبعد عقد من الزمن، فإن الانقسام الدموي المر ما زال قائما. وقد تعاظمت وتضاءلت جهود المصالحة الوطنية، وذهبت مقترحات ملموسة لكسر الجمود دون تنفيذ. ودفع المسؤولين ضريبة كلامية للوحدة الوطنية، ولكن من الناحية العملية، فإن الفجوة بين فتح وحماس واضحة تماما من أي وقت مضى.


نتائج الانقسام المستمر هي كارثية: تأثيرها على الحياة اليومية للفلسطينيين (سواء من حيث الهجمات المتبادلة على حرية التعبير أو فيما يتعلق بالتنسيق العملي)؛ وهي تقوض المبادرات في الساحة الدولية؛ كما وتشكل واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
 

في الآونة الأخيرة، كانت هناك علامات جديدة تشير إلى أنه من الممكن التقدم من وراء الكواليس. وقد زار كبار، "الجيل الثاني من قادة فتح" رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في الدوحة، وذلك لتقييم ما هو مطلوب للخروج من المأزق الذي أبقى أيضا معبر رفح مغلقا. وه معبر على الحدود بين مصر وغزة، وهو بوابة القطاع الرئيسية الى العالم الخارجي.

 

في 25 يناير، أعلن أمين مقبول، أمين عام المجلس الثوري لحركة فتح، أن وفدا "رفيع المستوى" من فتح سيتوجه إلى الدوحة في اوائل فبراير للقاء مشعل في المحادثات التي ترعاها الحكومة القطرية. ومن المتوقع للقاء الذي حدد له أن يجري في 6 فبراير أن يوضح العلاقات بين الطرفين

 

ربما تكون هذه آخر المساعي التي قد تؤدي إلى شيء. ولكن هل من الممكن أن تكون كافية للتغلب على الأسئلة الأكثر جوهرية، مثل طبيعة المقاومة، ودور منظمة التحرير الفلسطينية، والمصالح الفئوية التي تعمقت مع مرور الوقت؟ وأدت إلى تعقيد الأمور أكثر، فكلا من فتح وحماس تواجهان التحديات والمعضلات الخاصة بهما.


بالنسبة لحماس، فإن الصورة الإقليمية معقدة. لا تزال آثار العلاقات التركية الإسرائيلية غير واضحة، في حين تتطلع حماس إلى الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع كل من إيران والمملكة العربية السعودية، وإلى تجنب التورط في التوترات المتصاعدة بين الرياض وطهران.


وتواجه حماس في غزة أيضا طريقا صعبة فيما يتعلق بنهج خصوها المتمثل في السلفية الجهادية، والتي تقتصر أنشطتها داخل القطاع المحاصر، وهناك علاقة أكثر غموضا، وهي علاقة "أسبابها اقتصادية" مع جماعات مقرها سيناء، في ضوء الحملة المصرية على الأنفاق عبر الحدود.


وفي ديسمبر كانون الاول نشر مقال في صحيفة فلسطين الموالية لحماس لمؤمن بسيسو دعا فيه إلى إجراء "مراجعة وإعادة تقييم" من قبل الحركة، وحدد عددا من الأخطاء التي ارتكبت في السنوات الأخيرة. وسرد سلوك واستراتيجيات حماس بعد انتخابات عام 2006 كأمثلة، معتبرا ان الحركة غير مستعدة للانتقال من المعارضة إلى السلطة.


ووفقا لبسيسو فإن حماس "ينقصها الخبرة السياسية والإدارية في السلطة وفي التعامل مع مختلف القضايا السياسية والخدماتية ما عرضها لانتقادات الفصائل الفلسطينية الهامة في غزة." وأضاف إن حماس "بحاجة إلى تقديم مشروع وطني ومسؤول"، والذي يمكنها أن تتعلم من أخطاء الماضي.

 

في الوقت نفسه، فإن فتح، تعاني من مشاكل داخلية. فآخر مرة تم فيها انتخاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان قبل 11 عاما (لمدة أربع سنوات). وقد تعرض خطاب الرئيس عباس الذي ألقاه في أوائل يناير كانون الثاني لتجنبه الحديث عن أي حلول للتحديات والتهديدات التي تهدد القضية الفلسطينية"، و لم يقل شيئا عن نقل السلطة بعد رحيله.


ويجري على نحو متزايد الاتفاق على التحضيرات لمعركة خلافة الرئيس عباس في العراء. وقد برز خط مزدحم من لاعبين أساسيين لهذا المنصب بما في ذلك: مصطفى البرغوثي، عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ماجد فرج، رئيس المخابرات العامة، صائب عريقات، كبير المفاوضين، محمد دحلان، القيادي السابق في فتح في غزة، وجبريل الرجوب، رئيس سابق لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية. ومع ذلك، فإن المؤتمر العام لحركة فتح، وهي أعلى مؤسسة في فتح، لم تعقد منذ مؤتمرها السادس في عام 2009. وفيه يتم تحديد البرنامج السياسي لفتح ويجري انتخاب اللجنة المركزية، واللجنة التنفيذية، وأعضاء المجلس الثوري، والهيئة التشريعية. ويعتبر مؤتمر فتح المصدر الأساسي لشرعية قيادة فتح.


في محكمة الرأي العام أيضا، فإن تح هي في ورطة. وفي إشارة على السخط، أظهر استطلاع حديث للرأي أن 65٪ من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يريد من الرئيس عباس الاستقالة. في حين كانت نسبة الرضا عن أداء الرئيس عباس 35%، مقارنة مع 44% قبل ستة أشهر.


وأظهر نفس الاستطلاع أنه في حال إجراء إنتخابات رئاسية بين الرئيس عباس وزعيم حركة حماس في غزة إسماعيل هنية، فإن هنية سيفوز بنسبة 51% مقابل 41% لحماس. زعيم فتح المسجون مروان البرغوثي، فإنه سيهزم هنية بنسبة  56% مقابل 38%. أما في حال إجراء الانتخابات التشريعية، فإن فتح وحماس ستحصلان على 33 % على حد السواء من الاصوات (بينما 23٪ لم يقرروا بعد).


كما تزايد الاستياء الفلسطيني مع استمرار "التنسيق الأمني" بين قوات السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. وقد أثار ماج فرج الغضب في الآونة الأخيرة من خلال الزعم، في مقابلة صحفية أن السلطة منعت 200 من الهجمات التي يشنها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين منذ شهر أكتوبر وحده، وألقت القبض على نحو 100 فلسطيني.


هذه السياسة هي مزعجة وبشكل خاص نظرا لعدم معرفة عباس بالنتائج: واصلت استيطانها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفشلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للضغط على الحكومة الإسرائيلية. وبالتالي من غير المستغرب أن تصبح الأصوات الداعية إلى إصلاح شامل للقيادة الفلسطينية أعلى وأكثر ثباتا.


بعد عشر سنوات من الانتخابات التشريعية 2006 المصيرية، فإن التوقعات قاتمة. ويحذر بعض الخبراء، أنه "إذا استمرت الاتجاهات الحالية، يمكن أن تصبح فلسطين دولة فاشلة حتى قبل أن تصبح دولة حقيقية." وانتفاضة الشباب الفلسطيني، التي بدأت قبل بضعة أشهر، كانت أكثر وضوحا لعدم وجود قيادة وطنية فلسطينية موثوقة.


وبالإضافة إلى ذلك، فإن هنالك أمورا أصبحت متشابكة وأكثر اعتماداً على بعضها بعضا وهي: ملف الوحدة الوطنية، والانتخابات التشريعية والرئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والصراعات الداخلية لحركة فتح، وتنشيط هيئات صنع القرار الخاصة لمنظمة التحرير الفلسطينية.


ولا يمكن تجاهل التدخل الإقليمي أو الدولي أيضا. فجهود الرباعية المنافقة تشكل عقبة كأداء أمام تحقيق تقدم في المصالحة الفلسطينية واليت باتت أكثر وضوحا وكأنها هيئة منتخبة من ممثلين إسرائيليين الذين يرفضون علنا ​​اقامة دولة فلسطينية.


الحالة المزرية الحالية للسياسة الفلسطينية يمكن تلخيصها على النحو أزمة العجز: في الرؤية ووحدته والشرعية. تلك التي لا يمكن حلها مع الإصلاحات قصيرة الأجل، وبعد عشر سنوات من الانقسام، لا يمكن رؤية نهاية للأمر في الأفق.