الجمعة  10 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث| "والله مخنوق ولا حدا حاسس بي"..ما قاله الشاب الغزي قبل أن ينتحر

الانقسام وانعدام الأمل .. وجهان للموت في عيون الشباب الغزي

2016-02-13 12:39:32 PM
متابعة  الحدث|
شاب يحرق نفسه

 

الحدث- محاسن أصرف

 

لم يجد الشاب يونس البريم (30 عامًا)، من بني سهيلا شرق مدينة خان يونس، سبيلًا يُخلصه من أزماته سوى الموت، هكذا عبّر على صفحته على فيس بوك فقال مساء التاسع من فبراير الجاري "عشت حياتي كلها وأنا نفسي أنهي حياتي والآن سأنهي حياتي" وفي منشور آخر :"والله مخنوق ولا حدا حاسس بي".

 

لم يمر يوميًا على هذه الأمنية، حتى حققها الشاب البريم مساء الجمعة 12 فبراير مُعلنًا إنهاء حياته بسكب زجاجة بنزين على جسده وإضرام النار به، لكن الحياة ما زالت متمسكة به على سرير الشفاء بمستشفى ناصر الطبي بمدينته، يؤكد أقاربه أن حروقه بليغة ويلهجون بالدعاء ليُشفى.

 

قد يكتب له الشفاء، لكن هل سيتغير الحال، سؤال على الحكومة الفلسطينية أن تُجيب عليه خاصة وأن الأسباب التي دفعت الشاب للتخلص من حياته لا تبعد عن الأزمات المالية التي كبلته بديون كبيرة ولم تسمح له ببناء مستقبله إذ لا يملك عملًا.

 

وبحسب تقارير حقوقية فإن حالة الشاب البريم هي السادسة منذ بداية العام 2016، مؤكدة أن شهر يناير الماضي شهد إقدام  شاب أربعيني من سكان مخيم النصيرات على شنق نفسه، وآخر تناول جرعة كبيرة من المبيدات الزراعية القاتلة متعمدًا إنهاء حياته، بالإضافة إلى حالتين انتحار لشابين من مدينة خان يونس في أقل من 48 ساعة، وآخر اعتلى برج إرسال إحدى محطات الراديو المحلية في حي تل الهوا غربي مدينة غزة، محاولًا الانتحار بسبب قطع السلطة الفلسطينية راتبه منذ  خمسة سنوات.

طلبًا للخلاص

لعل من يقف على حقيقة الحياة الإنسانية التي يُعانيها المقدمين على الانتحار،  يجد أن حالة عدم الرضا النفسي لديهم نتيجًة لما يُعانوه من ظروف غير طبيعية على مستوى الحياة الإنسانية والاقتصادية والسياسية، هو السبب الحقيقي لإقدامهم على هذا السبيل للخلاص.

 

وفي هذا السياق يؤكد الخبير النفسي درداح الشاعر أن حالة الضغط وتفاقم المشكلات التي يعاني منها الشباب الفلسطيني على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تؤدي بهم إلى حالة من الإحباط، تتطور – بحسب تعبيره- إلى يأس من إحداث أي تغير للمستقبل وبالتالي رغبة مُلحة في الخلاص التام من الحياة.

 

وحمّل "الشاعر" الحكومة الفلسطينية المسئولية الكاملة لحال الشباب الفلسطيني، مؤكدًا أنها لم تقم بدورها الحقيقي في توفير الحياة الإنسانية الكريمة لهم لا بفرص عمل ولا بواقع على الأرض يُغير نظرتهم السوداوية للحياة، مطالبًا إياها بضرورة تلمس حاجة الشباب والعمل على توفيرها.

 

رفض للفقر والانفسام

 

وفي البحث عن أسباب أخرى، أكد باحثان في الشئون الاقتصادية، أن تزايد عمليات الانتحار في قطاع غزة هو تعبير رفضهم للاستمرار بالعيش ضمن دوائر آفتي الفقر والحرمان اللتان نخرت جسد الحياة في القطاع.

 

وأكد الباحث الاقتصادي "حسن الرضيع"، في عدة منشورات له على فيس بوك، أن الضحايا الذين أقدموا على الانتحار يعتقدون بشكل جازم أن إنهاء حياتهم بهذه الطريق أحد أشكال الرفض لما آلت إليه أوضاعهم الاقتصادية، وأضاف:"هي ليست انتحارات على خلفية نفسية وإن كانت الأخيرة نتاج طبيعي لأزمات غزة الإنسانية المتفاقمة"، ويعتقد الباحث "الرضيع"، أن الانتحار وطلب الموت لفئات الشباب هو  نتيجة طبيعية لخسارتهم الفادحة في الحصول على أساسيات الحياة الأكثر ضرورية ، وعدم وجود أمل بالحياة في أوضاع تتسارع فيها الرمال وتتحرك بسرعة نحو الهاوية، ووفق تعبيره.

 

وطالب "الرضيع" مدراء الانقسام بتوضيح الأسباب التي تدعو فئة الشباب إلى تقديم أرواحهم كقرابين مجانية لاستمرار سياساتهم في تعميق الانقسام، وعقب بالقول :"لن يُجيب هؤلاء المدراء عن حقيقة الدوافع والمسببات الرئيسة لتلك الأزمة، وسيكتفون بالرد أنها حالات فردية، والسبب وفق تقدير "الرضيع" أن مدراء الانقسام كما أسماهم جزء من المشكلة وليسوا جزء من الحل.

 

ووافقه الرأي الباحث الاقتصادي "رائد حلس"، مؤكدًا أن تزايد عمليات الانتحار في قطاع غزة نتيجة طبيعية للأوضاع الاقتصادية القاسية التي يمر بها الشباب في قطاع غزة ، وأشار إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية القاتمة في غزة بسبب الحصار والانقسام والاعتداءات العسكرية المتكررة في السنوات الأخيرة أفضت إلى اتساع دائرة البطالة والفقر وفاقمت من الأزمات الإنسانية، واستمر قائلًا :"كانت النتيجة الطبيعية لكل تلك الأزمات انتشار الإحباط بأعلى درجاته بين الشباب الغزي وبالتالي ارتفاع في أعداد حالات الانتحار".

 

وطالب "حلس" رجال الدين  بعدم التسرع في الحكم وإطلاق الفتوى بحق الشباب المنتحرين، وأن يوجهوا فتواهم إلى صناع القرار لأنهم وحدهم من يتحملون المسؤولية- وفق قوله-.