الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الثقافة الفلسطينية على صفيح ساخن/ بقلم: أحمد زكارنة

2016-02-16 11:04:44 AM
الثقافة الفلسطينية على صفيح ساخن/ بقلم: أحمد زكارنة
أحمد زكارنة

إن اعترفنا أن الفن هو مرآة المجتمع، يصبح السؤال الأبرز هو، هل يعكس الفن حالة البلاد اجتماعياً وفكرياً وسياسياً؟ إن كانت الإجابة نعم، فهذا يأخذنا إلى سؤال آخر، كيف يصبح الفن باعتباره أحد أهم الأدوات الثقافية، أداة فاعلة في المجتمع؟ وإن كان الفن هو مرآة المجتمع، يصبح الطرح، هل نملك هوية ثقافية يمكنها أن تعبر عن الحقب الزمنية المتعاقبة في تاريخنا المعاصر؟.

أعتقد وكي نعي تماماً قيمة الثقافة بحمولتها الإبداعية الشاملة للأدب والفكر والفن، علينا أن ندفع بها من الهامش إلى العمق باعتبارها الجوهر المعبر عن اللحظة الراهنة في كل مرحلة من مراحل هذا الصراع الطويل بين الحق الفلسطيني والباطل الصهيوني.

بالاتكاء على هذه الأسس يمكننا القول إن المشهد الثقافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبفعل توسع دائرة تكنولوجيا الاتصالات وتأثيرها المباشر، حاول مثقفيه - دون قصد مدرك للحالة ونتائجها-، تشكيل وعي متجدد لم يعد مهتماً بمعايير الكتابة الإبداعية واشتراطاتها، وإنما بانسجامه مع نبض الجماهير، الأمر الذي أنتج، وما زال، منتوجاً ثقافياً محملاً بالمسؤولية الملتزمة بالحق الفلسطيني، ما أثر بشكل أو بآخر على القيمة الإبداعية للمنتج. وهنا يأتي دور المؤسسات العاملة في الشأن الثقافي، سواء كانت مؤسسات أهلية أو حكومية، وضرورة تصويب المشهد وفق العوامل الذاتية والموضوعية وارتباطهما بالمخزون التراثي والحضاري وأبعاده الثقافية في مقارعة المحتل.

ذلك ينقلنا مباشرة إلى ما شهدته، وما زالت، الساحة الثقافية الفلسطينية مؤخراً، وتأثيره على المشروع الثقافي الفلسطيني، وبالمصادفة أن أبرز ما شهدته هذه الساحة جاء قبل قليل من الوقت، حين عين لمنصب وزير الثقافة شاعر ومثقف شاب لم يبلغ الأربعين من العمر، ليشكل هذا التعيين الحالة الأبرز، ليس فقط في فلسطين، وإنما في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ولهذا التعيين، بصرف النظر عن الشخص واسمه وقدراته، إن كان تعيينا واعيا للحالة الداخلية ومتطلباتها، مدلول غاية في الأهمية على صعيدين أساسيين، أولهما يكمن في التحول الدراماتيكي المتطلع للقدرات الشابة وضرورة استثمارها في تشكيل الوعي الجمعي، ما يفتح النوافذ مشرعة لغد واع لطموح هذا الشعب الحي ومكامن قوته. وأما الصعيد الثاني، فهو مرتبط ارتباطاً عضوياً بجدية فهم الأول، وأعني أخذ الشباب لدورهم الطليعي في قيادة المشروع الثقافي، وضرورة حماية هذا الدور للسير قدماً في صياغة مشهد ثقافي استثنائي يمكنه أن يؤرخ للهوية الثقافية الوطنية بما يمكّنها من منازلة العدو المحتل ورواياته الكاذبة.  

وهذا يأخذنا إلى ما نالته فلسطين من جوائز أو ترشح لها فلسطينيون، تحديداً في مجالي الرواية والشعر، إذ كانت فلسطين حاضرة بقوة لم يسبق لها مثيل، رغم أن الجائزة، أي جائزة، ليست هي المعيار الحقيقي لما يقدم من ثقافة، خاصة وأن الجوائز وفي الكثير من دول العالم تنحصر في مجالات الكتابة الأدبية فيما يُنسى على سبيل المثال أهمية أن يكون هناك جائزة خاصة للصحافة الثقافية التي تأخذ على عاتقها تقديم العمل الأدبي والاشتغال عليه، تحديداً حينما ننتبه لغياب النقد الحقيقي بمفهومه الأعمق في تناول ما يقدم من أعمال.

كل ذلك وغيره يعني أن الثقافة الفلسطينية باتت بشكل أو بآخر، ثقافة متحركة على الصعيدين الإقليمي والدولي بشكل جيد من حيث الحضور لا من حيث المضامين، ما يدفعنا بشكل واع للقول: إنها نعم حاضرة ولكن على صفيح ساخن.