سلطة النقد تنفي
قيام بعض البنوك والمؤسسات بإلغاء صناديق الإدخار أو تسييل المدخرات
وفد من سلطة النقد زار بعض البنوك للاستفسار عن حجم أرصدة صناديق الإدخار والأنظمة الداخلية التي تحكمها
الحدث/خاص
نفت شركات مصرفية وبنكية محلية ووافدة تلقي مجالس إداراتها تعليمات من سلطة النقد بمنع التصرف بصناديق الإدخار إلا باذن من مؤسسة الضمان والصندوق التكميلي، مؤكدين أنه لا يوجد هناك أي نوع من التعليمات بهذا الشأن، ولكن هذا لا ينفي حقيقة قيام بعض المؤسسات والبنوك الوافدة بالتصرف بطرق مختلفة بأموال صناديق توفير الموظفين لديها.
وعلمت (الحدث) باتخاذ بنكين أردنيين، إجراءات تجاه صناديق الإدخار لديها وتحويلها إلى إمانات والذهاب باتجاه إلغاء صناديق الادخار أو إفراغ أموال الصناديق، في حين نجد أن مصرفيين ومدراء بنوك يدعون إلى التروي في قضية التسييل، خاصة أن هناك صناديق إدخار كثيرة تستثمر بأدوات شتى غير قابلة للتسييل الفوري؛ كالأسهم والعقارات وغيرها مما يجعل من سرعة التسييل خسارة كبيرة للصناديق نفسها وللاقتصاد.
نفي وجود تعليمات تمنع التصرف بصناديق الادخار
يؤكد أحمد الحاج حسن، مدير عام البنك الوطني، عدم تلقيهم أية تعليمات من سلطة النقد، قائلاً: "لم نتلق تعليمات من سلطة النقد بمنع التصرف بصناديق الادخار إلا باذن من مؤسسة الضمان والصندوق التكميلي، ولا يوجد هناك أي نوع من التعليمات بهذا الخصوص"، لكنه أشار إلى أن هناك بنوك تصرفت بطرق مختلفة.
ويضيف الحاج حسن، إنه ليس لديهم ملاحظات خاصة بهم على قرار بقانون الضمان الاجتماعي، وإنما هي نفسها التي يطالب بها كل مشغلي البلد، ولا توجد خصوصية للبنوك بهذا الأمر، لكنه قال مستدركا:"الشيء الوحيد الذي نختلف فيه عن الآخرين؛ أن لدى بعض البنوك صناديق توفير وبعضها لا توجد، والبنوك الكبرى لديها برنامج توفير تشاركي، ففي حالتنا الموظف يساهم بـ 5% مقابل مساهمة البنك بـ 10% في صندوق يديره الموظفون أنفسهم بلجنة منهم، هذا بالإضافة لالتزامات المشغل بقانون العمل عدا عن مكافأة نهاية الخدمة".
ويقول الحاج حسن؛ باستغراب، كيف يمكن أن يتعامل قرار بقانون الضمان الاجتماعي مع هذه الصناديق، هذه المسألة غير واضحة، وما عدا ذلك فان البنوك مثلها مثل باقي المشغلين ليس لديها اعتبارات مختلفة، مجدداً تأكيده أن المشكلة تتمثل في أن كل بنك وكل شركة لها نظام توفير مختلف عن الأخرى ومن الصعوبة إن لم يكن من الاستحالة توحيد هذه الأنظمة.
وأشار الحاج حسن إلى أن المستشار القانوني لجمعية البنوك وضع ملاحظاته على القرار بالقانون وسيتم تسليمها للحكومة من خلال جمعية البنوك، إضافة إلى ملاحظات موظفي القطاع المصرفي التي تتمحور أغلبها حول ذات القضايا العامة الأخرى (ضمان الحكومة، صناديق التوفير، ومصير نهاية الخدمة السابقة).
وقال الحاج حسن: "نحن في البنوك لسنا ضد القرار بقانون، ولكن شعرنا بأن بعض البنود تتعارض مع فكرة القرار بقانون، مثل الصندوق التكميلي، حيث تتعارض مع التزامات المشغل بقانون العمل، وهو ما يحتاج الى عملية توضيح وحسم كافة القضايا الخلافية بشكل عام".
ويتفق سامي الصعيدي، مدير عام البنك الاسلامي العربي، بموقفه مع الحاج حسن، حينما أكد أيضاً أنهم لم يتلقوا أية تعليمات من سلطة النقد تمنع التصرف بأموال صناديق الادخار إلا بموافقة مؤسسة الضمان والصندوق التكميلي.
لكن الصعيدي استدرك قائلاً: "إن ملاحظاتنا على قرار بقانون الضمان لم تستكمل بعد، فهي تحت البحث والدراسة وشكلنا لجنة لدراسة الموضوع، ولم تعلن بعد نتائجها، ونولي اهتماماً كبيراً جداً بالموضوع لأهميته الكبرى؛ لذلك شكلنا لجنة لدراسته بعناية، وبدون استعجال، من أجل بلورة الموقف، وحالياً ليس لنا موقف بعد".
وفي الوقت الذي اعتذرت فيه سلطة النقد، عن إجراء أية مقابلة صحفية خاصة، للحديث حول ما يدور من جدل بشأن قرار بقانون الضمان الاجتماعي وصناديق الإدخار ودور ومهام وصلاحيات سلطة النقد على هذا الصعيد، واعتذرت عن الإجابة على أسئلتنا المتعلقة بنية سلطة النقد إصدار تعميمات تمنع البنوك من التصرف بصناديق الادخار دون إذن من مؤسسة الضمان والصندوق التكميلي وبخاصة بعد دخول قرار بقانون الضمان الاجتماعي 2016 حيز التنفيذ؟ وعن المغزى من زيارتها بعض البنوك الكبرى للاستفسار عن حجم المدخرات وحسابات التوفير والأنظمة التي لها علاقة بالمدخرات؟ وعن تسييل بعض البنوك الأردنية صناديق الإدخار؟ وموقفها كسلطة نقد من تصرف هذه البنوك بتلك المدخرات في صناديق الإدخار؟ وقراءتها لما يجري على الأرض؟
فإنها ثمنت اهتمامنا المستمر برأيها وزودتنا بنص رأيها في قرار بقانون الضمان الاجتماعي:
سلطة النقد وقرار بقانون الضمان الاجتماعي
تولي سلطة النقد الفلسطينية، الاهتمام الشديد بشأن قرار بقانون الضمان الاجتماعي، الذي يمس شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني، وتنظر بإيجابية لأهمية مراجعة الملاحظات التي أبديت على القرار بقانون من مختلف الفئات، وتثمن قرار الحكومة بتشكيل لجنة لمتابعة تلك الملاحظات، من مبدأ التشاور مع جميع المستفيدين، وتتمنى الوصول إلى آلية واضحة لتطبيق القرار بقانون، بما يصب في مصلحة الجميع، تحقيقاً للعدالة الاجتماعية.
تسييل صناديق الإدخار ونظرية القطيع
وفي ذات السياق، وبعد اعتذاره عن المقابلة والإجابة على أسئلتنا، عاد الخبير البنكي جمال الحوراني وسمح لنا باستخدام ما كتبه على صفحته الالكترونية (فيسبوك) بصفته الشخصية، وليس بصفته الوظيفية في البنك العربي، والتي قال فيها:"تعد نظرية القطيع من أبسط وأخطر النظريات الاقتصادية والاجتماعية حين يتبع المجموع أو الكل فرداً أو مجموعة أخرى نتيجة للخوف أو الذعر من مجهول...".
وتابع الحوراني: " تنهار أسواق المال وتنهار بنوك وتنهار صناعات جراء تهافت الناس على بيع الأسهم أو سحب الودائع أو شراء سلعة ما بأي ثمن خوفاً من انقطاعها أو اتخاذ أي إجراء ناتج عن إشاعة أو سوء تحليل أو تقدير لموقف، ويصبح تصرف الآخرين في المجتمع هو معيار التصرف السليم بديلاً عن إعمال العقل والمنطق السليم وتحري الأمور لاتخاذ قرارات موضوعية".
هذا ما وصفه الحوراني، فيما يحدث اليوم في بعض المؤسسات بخصوص صناديق الادخار والتسرع إلى إلغائها أو تسييل ممتلكاتها؛ حيث تصبح المؤسسات التي نفذت التسييل هي القدوة ومن لم ينفذ هو الاستثناء، بينما الأصل هو العكس بنظره.
وقال الحوراني في تعليقه على صفحته الإلكترونية (فيسبوك) أن القانون لا يطبق جزئياً، فإذا كان سيطبق على صناديق الادخار بدءاً من نفاذ القانون في 21/4/2016 فمن الواجب تطبيق الاقتطاع من الموظفين والمؤسسات بنفس التاريخ أيضاً، وهو أمر غير ممكن و غير قابل للتطبيق. ويتساءل كيف سيكون التصرف مع الموظفين الذين تنتهي أعمالهم قبل بدء عمل مؤسسة الضمان؟! هل يجب وقف دفع الأموال لهم وحجزها مثلا؟ ويجيب بالتأكيد لا، وإنما تبقى الأمور كما هي لحين بدء عمل المؤسسة.
وقال الحوارني أيضاً إن الحراك العمالي لتعديل قانون الضمان قوي وفاعل وسيحقق نتائج سيكون موضوع استثناء صناديق الادخار من الصندوق التكميلي أول بنودها. وأكد الحوراني أن الحكومة ممثلة برئيس مجلس الوزراء وكافة الوزراء المعنيين مقتنعون بضرورة أن يشمل تعديل القانون نصاً واضحاً باستثناء صناديق الإدخار من القانون، لافتاً الى أنهم أكدوا ذلك أكثر من مرة.
وغير ذلك الكثير مما يقال، بحسب الحوراني، ولذلك نجده يبدد دواعي الخوف أو الذعر، ويدعو الى التروي مشدداً أنه يجب أن يكون سيد الموقف، خاصة أن هناك صناديق إدخار كثيرة تستثمر بأدوات شتى غير قابلة للتسييل الفوري كالأسهم والعقارات وغيرها مما يجعل سرعة التسييل خسارة كبيرة للصناديق نفسها والاقتصاد.
إسقاط "نظرية القطيع" على نضال مجتمعي خطيئة كبرى
وهنا يرد الخبير القانوني د. عصام عابدين على صفحته، منتقداً بشدة ما كتبه الحوراني على صفحته، قائلاً: "إن إسقاط "نظرية القطيع" على نضال مجتمعي واع لأبعاد ودلالات قرار بقانون الضمان الاجتماعي ومطالب بالحماية والعدالة الإجتماعية للنساء والرجال للعمال والفلاحين للموظفين والأشخاص ذوي الإعاقة، خطيئة كبرى، وامتهان للكرامة الإنسانية، فاحذر ما تقول، واعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، فمقتل الرجل بين فكيه".
وينصح عابدين، الحوراني قائلاً: "لا تنصب نفسك "وصياً" على الناس وخوفهم على مصير مدخراتهم، بحسابات تضعها من خلف مكتبك، تتحدث فيها بلسان رئيس مجلس إدارتك، وانظر جيداً في "التعديل الخاطف" الذي جرى على المادة (116) بند (4) بعد مصادقة الحكومة على القرار بقانون وقبل إصداره ونشره، فقد جرى إضافة "تسع كلمات" على السطر الثالث من البند المذكور كانت كفيلة بتحويل ملايين الأموال من صناديق الإدخار في المؤسسات إلى الصندوق التكميلي، ووجه نصائحك لمن تسبب بخوف الناس على مدخراتهم، بعيداً عن "نظرية القطيع" التي تسيطر على تفكيرك وحساباتك".
وتابع عابدين قائلاً:" إعلم أن العقل والمنطق السليم، يقتضي التفريق، بين القطيع الذي يدور في ذهنك وحساباتك وبين خوف الناس المشروع على مدخراتهم وشقا عمرهم وحق أبنائهم فيها، بين القطيع والكرامة الإنسانية التي تجاهلتها وأنت تُحدث الناس وتضع لهم معايير التصرف، من خلف مكتبك، بمعادلة حسابية تدعي فيها العقل والمنطق".
أسانيد هشة
ورد د. عابدين على أسانيد الحوراني قائلاً: "الأسانيد الهشة، التي أوردتها، للدلالة على أن القرار بقانون غير قابل للتطبيق، أضعفُ بكثير من أن تصمد في مواجهة سهام النقد، لأن الصندوق التكميلي بات مرتبطاً "بنظام" منفصل يحكم عمله من ألفه إلى يائه بإحالة كاملة من القرار بقانون، وبإمكان سلطة النقد أن تصدر تعميماً على البنوك بعدم التصرف بالمدخرات، إرتكازاً إلى القرار بقانون، بعد نفاذه، لأن إدارتها "انتقلت" إلى النظام التكميلي من خلال "الكلمات التسع" التي جرى إضافتها في "ساعة الصفر" على المادة (116) بند (4) سطر (3) من القرار بقانون، ونظام الصندوق التكميلي الذي نعلم قصته وتاريخه جيداً يمكن إقراره (جاهز أساساً) وتشكيل مجلس إدارته قبل أن يرتد طرف عينك!".
زيارة وفد من سلطة النقد للاستفسار عن حجم أرصدة صناديق الإدخار
وهنا يكشف د. عابدين عن ما تحاول سلطة النقد والبنوك تجنب الحديث عنه حينما قال للحوراني: "لمّا كان الشيء بالشيء يُذكر، فمن الضروري معرفة سبب زيارة وفد من سلطة النقد لكم يوم الأربعاء الموافق 13/4/2016، في تمام الساعة 12 ظهراً، للاستفسار عن حجم أرصدة صناديق الإدخار والأنظمة الداخلية التي تحكمها، أي بذات اليوم والتاريخ والتوقيت الزمني الذي اجتمع فيه الرئيس السابق للفريق الوطني للضمان الإجتماعي د. مجدلاني مع مدراء الأقاليم في البنوك، فكل ذلك حصل قبل دخول القرار بقانون حيز النفاذ، قولوا للناس ما الذي يجري، وبعد ذلك تحدث أنت وغيرك عما تريد، لكن بلغة الكرامة الإنسانية، لا لغة القطيع وحساباتك".
وحث عابدين، الحوراني، بأن لا يخلط بين مؤسسة الضمان الاجتماعي، والنظام التكميلي وإدارته المستقلة وصندوقه المنفصل عن مؤسسة الضمان ولا يخضع لرقابتها وإشرافها، ودعاه لمراجعة نصوص القرار بقانون جيداً، وأن لا يتعجل في الإجابة على المثال الذي طرحه بشأن الموظفين الذين تنتهي أعمالهم، فالنظام التكميلي وإدارته المنفصلة عن مؤسسة الضمان كما قال عابدين للحوراني "لولا نضال من أسأت بحساباتك لهم/ن ولمطالبهم العادلة في الحماية والعدالة الاجتماعية، لبدأت "إدارته المستقلة" مهامها قبل أن أُنهي رسالتي هذه!".
وتابع عابدين موجهاً كلامه للحوراني: "دقق جيداً، وأنت تتحدث عن سريان القرار بقانون، فالنص الوارد بشأن المثال الذي طرحته يتحدث عن مجلس إدارة مؤسسة الضمان، وليس عن إدارة النظام التكميلي (الادخارات) المستقلة، فقد اختلطت عليك الأمور، وهو يتحدث عن مسؤولية المجلس في التنفيذ "خلال" مدة لا تزيد عن أربعة وعشرين شهراً من تاريخ السريان وليس "بعد" انقضاء تلك المدة، والفرق واضح في معنى الكلمات".
وقال عابدين للحوراني، أنظر، من باب المقاربة والاستشراف، إلى ما ورد في المادة (46) بند (4) بشأن مؤسسة الضمان، للدلالة على صورة النظام التكميلي الأكثر شراسة، فقد أكد النص المذكور على أنه إذا تبين لمجلس إدارة المؤسسة أن هناك "قوة قاهرة" أو ظرفاً طارئاً أو أسباباً خارجة عن إرادته حالت دون قيام صاحب العمل بأداء الاشتراكات المستحقة أو بعدم إخطار المؤسسة بانتهاء خدمة المؤمن عليه في المواعيد المحددة، يحق للمجلس إعفاء صاحب العمل بما لا يتجاوز 70% من مجموع الفوائد والغرامات المنصوص عليها في القرار بقانون، وهذا الإعفاء من مجموع فوائد وغرامات التأخير، وليس من الاشتراكات، يكون حال وجود "قوة قاهرة" كما ورد في النص (زلازل أو براكين مثلاً) حالت دون قيام صاحب العمل بأداء الاشتراكات في موعدها المقدس!".
وقال عابدين، للحوراني: "حديثك عن الحكومة لافت، لأن الحكومة لم تتحدث إطلاقاً عن مضمون أي تعديل على القرار بقانون، حتى بعد الإعلان عن تشكيل لجنة وزارية برأسة وزير العمل لهذه الغاية، وأنت تقول: إن الحكومة ممثلة برئيس مجلس الوزراء، وكافة الوزراء المعنيين، مقتنعون بضرورة أن يشمل التعديل، نصاً واضحاً، باستثناء صناديق الادخار، من القرار بقانون وقد أكدوا على ذلك أكثر من مرة على حد قولك، فلمن أكدوا؟ ولعل هذا ما دفعك للحديث عن التصرف السليم وتحري الأمور لاتخاذ قرارات موضوعية، بل وأن تحدد أولى نتائج الحراك المجتمعي وأول بنوده، في كلامك الذي بدأ بنظرية القطيع!".
وختم د. عابدين قائلاً:" لم ألحظ كلمة واحدة بين كلماتك (299 كلمة) لها صلة بجوهر الضمان والحماية والعدالة الاجتماعية، فابحث عن مكان آخر تعرض فيه بضاعة القطيع وحساباتكم".