الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 63| الطاقة الشمسية حل آمن لأزمة الكهرباء المتفاقمة في غزة

2016-05-10 12:02:09 AM
في العدد 63| الطاقة الشمسية حل آمن لأزمة الكهرباء المتفاقمة في غزة
الطاقة الشمسية في غزة

 

مواطنون: تكاليف أنظمة الطاقة الشمسية لا تتناسب ودخولنا المحدودة والمطلوب إعفاؤها من الضرائب

شركات أنظمة الطاقة الشمسية: استخدام الإنارة بالطاقة الشمسية يساهم في تخفيف أزمة الطاقة الكهربائية ويحد من الاعتماد على الطاقة المستوردة من الخارج

 

غزة- محاسن أُصرف

لم يحتمل إيهاب الترك من مدينة غزة، استمرار عدم وصل الكهرباء إلى منزله لأكثر من 12 ساعة يومياً تبعاً لتفاقم أزمة تشغيل محطة التوليد الوحيدة في القطاع وتعطل الخطوط المصرية بالتوالي منذ عقد من الزمان.

لقد قرر قبل عامٍ من الآن تركيب نظام الألواح الشمسية لإنتاج طاقة بديلة تمكنه من إنجاز مهماته اليومية وتوفير آمن لأسرته التي تُعاني في الصيف والشتاء، يُؤكد الرجل لـ"الحدث" أن التكاليف كانت مرتفعة لكنه بدا مُضطراً لتحملها، مضيفاً أن أثرها كان إيجابياً على تفاصيل حياته فقد بدت طبيعية لحدٍ كبير خالية من أزمة انقطاع التيار بين الحين والآخر وقال: "كل أجهزتي في المنزل من غسالة وثلاجة ومكيف تعمل بالطاقة الشمسية والآن يُمكنني الاستغناء تماماً عن الكهرباء التي تُوفرها الشركة".

وتعود مشكلة انقطاع التيار الكهربائي بصورة متكررة في قطاع غزة إلى العام 2006 في أعقاب أسر المقاومة الفلسطينية للجندي جلعاد شاليط، وقصف الاحتلال مولدات المحطة الوحيدة في القطاع رداً على عملية الأسر، وتفاقمت الأزمة في أعقاب الانقسام وتنصل الحكومتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة من مسؤولياتهما الإنسانية والأخلاقية أمام المواطنين الفلسطينيين في توفير الطاقة الكهربائية بشكل منتظم للاختلاف على ضريبة البلو بين إعفاءٍ وفرض.

ويُؤكد مواطنون لـ"الحدث" أن ساعات وصل الكهرباء في ظل أزمات تمويل وقود المحطة والضرائب المفروضة عليه لا تتجاوز الثمان ساعات يومياً لا يُمكن معها إنجاز الأعمال اليومية، وقالوا: "إنهم أُجبروا على التفكير في حلول بديلة تُخرجهم من فوهة الأزمة فلجئوا للمولدات الكهربائية ومن ثمّ الليدات وأخيراً الطاقة الشمسية"، موضحين أن الأخيرة أثبتت نجاعتها بشكل مميز في منحهم طاقة نظيفة وآمنة على صحتهم وليس جيوبهم في إشارة منهم إلى التكلفة العالية لتركيب أنظمة الخلايا الشمسية.

إنتاج طاقة آمنة

وللوقوف على طبيعة استغلال الطاقة الشمسية في توليد طاقة كهربائية تُقلل من ساعات الظلام الطويلة المُبتلى بها قطاع غزة منذ عشر سنواتٍ ماضية، زارت "الحدث" عدداً من الشركات المُختصة بأنظمة الطاقة الشمسية في القطاع والتي تعمل على توريد مُعداتها بمواصفات عالية الجودة من بلدان مختلفة كـالصين وفرنسا، وأكد القائمون على تلك الشركات أن سبب استخدام الطاقة الشمسية في قطاع غزة مُختلفاً فهو ليس فقط كما في دول العالم المتقدم لحماية البيئة من التلوث وتحقيق اكتفاء ذاتي من الطاقة بل أيضاً لتجافي الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وفقاً للمناكفات السياسية بين فتح وحماس على ضريبة "البلو" ووفقاً لحالة توافر السولار المُشغل لمحطة التوليد.

ويقول مروان أبو شريعة، مدير شركة أبو شريعة للإضاءة والطاقة الشمسية بغزة، أن عملية الاستفادة من الطاقة الشمسية تتم عبر ألواح شمسية مزودة ببطاريات خاصة مختلفة الأحجام والنوعيات ويتم من خلالها تخزين الطاقة ومن ثم تحويلها من تيار مستمر إلى متردد بشكل آمن أكثر من الطاقة التقليدية المستخرجة من المولدات الكهربائية، وأشار أن الطاقة المستمدة من الألواح الشمسية يتم استخدامها في كافة مناحي الحياة.

إقبال متزايد

وبدوره أكد أسامة الخزندار من شركة ألفا للأجهزة الكهربائية والطاقة المتجددة، أن حالة الإقبال على تركيب أنظمة الخلايا الشمسية في قطاع غزة تزايدت في الآونة الأخيرة نظراً لاستمرار أزمة الكهرباء وعدم وصولها إلى البيوت لكثر من 12 ساعة يومياً، وقال: "الإقبال المتزايد لا ينفي حصرها لدى أصحاب الدخل المرتفع والمشاريع التجارية والاستثمارية"، وأضاف:أن اللافت في الآونة الأخيرة اعتماد أصحاب المصانع والمتاجر على هذا النوع من الطاقة الآمنة، وأكد أن شركته استطاعت تركيب أنظمة الطاقة الشمسية ليس للمنازل فحسب بل أيضاً للمؤسسات الرسمية الحكومية والدولية العاملة في القطاع بالإضافة  إلى المصانع ولقت رواجاً رغم ارتفاع تكلفتها.

ومن ناحية أخرى نبّه الخزندار إلى أن الألواح الشمسية من شأنها أن توفر طاقة كهربائية مجانية الاستخدام ويُمكن تخزينها لاستخدامها في الليل ما يقلل من تكاليفها على المدى البعيد لصالح تحقيق عوائد إيجابية للمشاريع الاقتصادية التي تعتمد عليها كما يُقلل من حاجة السكان في القطاع للكهرباء المنتجة من محطة التوليد والمستوردة من الخارج.

ووفقاً لسلطة الطاقة فإن قطاع غزة يحتاج إلى 400 ميجاوات من الكهرباء لا يتوفر منها إلا النصف تقريباً في أحسن الأحوال، يوفر منها الاحتلال الإسرائيلي (120 ميجاوات) فيما تتولى مصر توفير (32 ميجاوات) وتُنتج محطة التوليد في القطاع ما يُقارب من (60 ميجاوات) في حال تم تزويدها بـ (400) ألف لتر من الوقود لتعمل بكامل طاقتها.

لاستمرار العمل

ويؤكد أبو باسل الحج سالم (48 عاماً) من حي الشجاعية، أنه وجد نفسه مُضطراً لتركيب نظام الألواح الشمسية في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في منطقته، وأضاف "سالم" وهو صاحب سوبر ماركت أنه لجوئه لهذه التقنية كان لإنتاج طاقة بإمكانها أن تُشغل ثلاجة الألبان في السوبرماركت خاصته حتى لا يفسد، وقال :"لم يكن بإمكاني المغامرة برزق أسرتي وخسارة العقود التجارية مع المؤسسات الدولية التي تزود السكان في منطقته بقسائم شرائية منتظمة في إطار المساعدات التي تُقدمها بعد حرب 2014"

 ويحتكم الرجل لعقد مع مؤسسة أوكسفام الدولية لتوفير بضائع لقسائم شرائية توزعها بشكل منتظم على المنتفعين المسجلين لديها من فقراء القطاع، وقال أحد شروط العقد كان" توفير مولد لتشغيل ثلاجة الألبان" وأضاف :أحياناً لا تصل الكهرباء إلا أربع ساعات في اليوم ما يُعرض بضاعتي للفساد بسبب حر الصيف ويُكبدني خسارة.

وبلغت تكلفة نظام تمديد الطاقة الشمسية في سوبرماركت سالم قرابة خمسة آلاف دولار، حسب قوله، وأضاف أنها وفرت له راحة وربحاً وفيراً على المدى البعيد، وأوضح أن التكلفة تزداد وفقاً لكمية الطاقة التي توفرها الألواح منوهاً أن بعض الأنظمة قد تتجاوز تكلفتها الـ (10 آلاف) دولار في المنازل والمصانع والشركات الكبيرة.

مشاريع حكومية

وعلى الصعيد الرسمي فقد لجأت بعض المؤسسات الحكومية في قطاع غزة كالمدارس والمستشفيات إلى استغلال الطاقة الشمسية للحصول على كهرباء تُمكنها من القيام بوظيفتها في التعليم والرعاية الطبية خاصة فيما يتعلق بحضانات الأطفال الخدج وأقسام العناية المُكثفة، وبحسب تقديرات سلطة الطاقة فإن اعتماد سكان القطاع على الطاقة الشمسية بحلول العام 2020 سيصل إلى 20% من إجمالي الطاقة الكهربائية التي يستهلكها القطاع، وقال "رائد أبو الحاج" مدير دائرة الطاقة المتجددة في سلطة الطاقة بغزة، إن دائرته تُشجع بشكل كبير السكان على استخدام الطاقة البديلة باعتبارها الأكثر أمناً رغم تكلفتها العالية، وأوضح أن كافة المشاريع الحكومية لتزويد المؤسسات والمرافق الرسمية بالطاقة الشمسية كبديل عن الكهرباء ممولة من مؤسسات دولية منها جايكا اليابانية والبنك الإسلامي للتنمية وغيرهما، كاشفاً أن عدد المدارس التي تعمل باستخدام الطاقة الشمسية كبديل للكهرباء بلغ (14 مدرسة) حكومية في كافة محافظات القطاع، وأشار أن المشاريع المنفذة لا يُمكنها إلغاء الاعتماد على الطاقة الكهربائية من الشركة وقال:"فقط هي تدعم الأحمال بالكهرباء".

المنتفعون أصحاب الدخل المرتفع

ولعل الملاحظ لحال السكان الذين نجحوا في تركيب نظام الألواح الشمسية يجد أن غالبيتهم مصانع كبيرة أو مواطنون يتمتعون بدخلٍ مرتفع، وهو ما يُبرر شكوى الكثير من المواطنين ذوو الدخل المحدود من عدم تناسب تكاليف أنظمة تركيب الخلايا الشمسية لإنتاج الطاقة البديلة مع مستوى دخولهم المتدنية،  حيث قالوا:"إن المنتفعين فقط هم أصحاب الدخل المرتفع، وهم قلة قليلة في مجتمع يُعاني حصاراً وإغلاقاً منذ 10 سنواتٍ مضت"، مُطالبين بإيجاد إستراتيجية وطنية تُحقق تخفيض تكاليفها.

بدوره؛ أرجع "رائد أبو الحاج" مدير دائرة الطاقة المتجددة في سلطة الطاقة بغزة، أسباب ارتفاع أسعار أنظمة الخلايا الشمسية المنتجة للطاقة إلى الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ومنعه إدخال المواد الخاصة باأنظمة الطاقة الشمسية عبر المعابر، إضافًة إلى احتكار بعض التُجار والشركات الموردة لتلك المواد كالألواح الشمسية والبطاريات والعواكس، مؤكداً أن ذلك يجعل المستفيدين منها فقط أصحاب رؤوس الأموال والموظفون ذوي الخول المرتفعة.

وحسب "أبو الحاج" فإن الاحتلال الإسرائيلي يُعرقل إنشاء وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء لإبقاء قطاع غزة رهيناً لسياساته الذليلة، كاشفاً أنه منع إحدى الشركات من تنفيذ مشروعاً هو الأول من نوعه في القطاع بحجة عدم الحصول على التراخيص اللازمة، وقال: "المشروع المقترح يُوفر 30 ميجاوات تقريباً ما يُسهم بشكل ملحوظ في تحسين ساعات وصل الكهرباء في القطاع".

التكلفة الأعلى للمرة الأولى فقط

فيما يُشير "مروان أبو شريعة" أحد أصحاب الشركات المختصة بتوريد وتنفيذ شبكات الطاقة الشمسية، إلى أن التكلفة الأعلى تكون في المرة الأولى من التركيب فقط، وقال: "إن التكلفة الإجمالية مُقارنة بوسائل توليد الطاقة التقليدية عبر المولدات متساوية وأحياناً منخفضة لصالح الطاقة الشمسية"، لافتاً أن التكلفة يُمكن تحديدها وفق قدرة النظام المرغوب فيه من قبل الزبون، وأوضح أنه يبدأ من 1500 دولاراً أمريكياً وقد يصل إلى ثمانية آلاف دولاراً وفقاً لقدرة النظام والمدة المستفادة من تشغيله وقد تزيد في المؤسسات عن 10 آلاف دولار، وقال: "إن تحديد المدة هام في سعة البطاريات وعددهم للوصول إلى الساعات المطلوبة".

وفي سياقٍ منفصل أوضح أسامة الخزندار صاحب شركة لتوريد أنظمة الطاقة الشمسية في غزة، أن المواطن بإمكانه استرداد تكاليف النظام من خلال توفير الطاقة الكهربائية التقليدية التي تُوفرها شركة التوليد الوحيدة في القطاع عبر احتساب قيمة ساعات التوفير بذات القيمة التي توفرها الشركة، مؤكداً أن استرداد سعر النظام إرادة من المؤسسات الحكومية للعمل بهذا النظام كما هو معمول به في الضفة المحتلة وكافة بلدان العالم. وقال :إن تم تطبيق هذا النظام فإن استرداد مبلغ تركيب الخلايا الشمسية يحتاج مدة تقل عن خمس سنوات وفقاً لنوعية النظام وقدرته الإنتاجية من الطاقة ومدة استمراره.

آليات لدعم المواطن البسيط

ويرى "أبو الحاج" في إعفاء الحكومة الفلسطينية كافة معدات الطاقة البديلة من الضرائب، سبيلاً لدعم المواطن البسيط ليتمكن من الاستفادة بأنظمة الخلايا الشمسية للطاقة، قائلاً: "إن الإعفاء الضريبي يُحقق خفضاً في الأسعار وبالتالي إتاحتها لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط"، وشدد على ضرورة مراقبة المعدات المستوردة للتأكد من نجاعتها ومطابقتها للمواصفات العالمية التي تُمكنها من إنتاج طاقة بمستويات أعلى، مشيراً إلى أن دائرته اعتمدت بعض المواصفات والأجهزة المصعنة في الصين ذات كفاءة عالية وحاصلة على شهادة ضمانة من الشركة المُصنعة لكنها ذات تكلفة عالية ولا يملك المواطن البسيط توفيرها في ظل ما يُعانيه من ظروف اقتصادية مُزرية، لافتاً إلى أن سلطة الطاقة تقوم بعدة دراسات لإيجاد منتوجات ومعدات الطاقة الشمسية بجودة عالية وأسعار أقل تُناسب إمكانات الشريحة الأكبر من سًكان القطاع خاصة في ظل استمرار أزمة الكهرباء وعدم وجود أفق لحلها.

أما "أبو شريعة" فيُؤكد أن آليات دعم المواطن البسيط بتنفيذ الحكومة الفلسطينية مشروع مساهمة المواطن في الاستفادة من الطاقة الشمسية بحيث يقوم بتخزينها وما يفيض يعمل على ضخه على الشبكة المفتوحة ليتم احتسابها من فاتورته الأساسية بالسالب، وقال: "إن هذا الإجراء يُوفر قرابة 50% من الطاقة التي يحتاجها القطاع".