السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص| لاجئون فلسطينيون .. مفتاح العودة لا يصدأ أبدًا

2016-05-15 11:20:29 AM
خاص| لاجئون فلسطينيون .. مفتاح العودة لا يصدأ أبدًا
مفتاح العودة

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

ثمانٍ وستون عامًا مرت على أحداث القتل والدمار التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين عام 1948، لكنها ما برحت ذاكرتهم أبدًا، ولم يتحقق حلم الاحتلال بأن "الكبار يموتون والصغار ينسون"، لقد وَرثَّ الأجداد حكايا النكبة ومفتاح العودة للآباء وهؤلاء بدورهم ورثوها لأبنائهم، "لن تنتهِ تفاصيل الحكاية ولن يصدأ أبدًا مفتاح العودة"، والقول هنا للاجئين فلسطينيين مازالت عيونهم ترنو إلى الوطن وقلوبهم تنبض بذكرى حديث السمر تحت "دالية العنب وشجرة التين".

 

أسدود وطني الأول والأخير

 

في منزله بحي النصر بغزة، كان يجلس الحاج سعيد محمد البيومي (87 عامًا) يُقلب صفحات الذاكرة فتارًة يفيض قلبه وجعًا وتارةً أخرى تنفرج أساريره فرحًا لأن تاريخ مدينته لازال حيًّا في عقله لم يمت، مثلما أراد المحتل، يؤكد أنه ما زال يحفظ تفاصيل مدينته وكيف كانت ملجئًا للسكان الذين فروا من المدن المركزية كـ يافا وحيفا واللد، في أعقاب قرار التقسيم وبدء تنفيذ العصابات الصهيونية مجازرها بحققهم، ويفخر بأن مدينته آخر المدن التي استسلمت بعد مقاومة باسلة، وقال:"العصابات الصهيونية حاصرت المدينة من جهاتها الأربع وكانت تقتل كل من تجده أمامها"، ويُضيف أن مدينته قدمت شُهداء كُثر وفي ذات الوقت أبلى شبابها المناضلون بلاءًا حسنًا، لكن ما يؤلم الحاج البيومي حالة العجز التي أبدتها القوات المصرية في بادئ الأمر إذ لم تكن ترد على عمليات القتل الصهيونية بدايًة حتى ازدادت وأشار ما إن بدأت بمناصرتنا والمقاومة معنا ضد العصابات الصهيونية حتى وقعت في شباك مؤامرة كبيرة أُحيكت تفاصيلها في معركة مستوطنة "نيتسليم"، يقول :"كان الجيش البريطاني قد أعلن انسحابه من فلسطين تاركًا خلفه معسكراته مليئة بالأسلحة وفورًا تقدمت العصابات الصهيونية واستولت عليها وقامت بتنفيذ مجازر بشعة بحق السكان".

 

يؤكد البيومي أن العصابات الصهيونية كانت تتعمد طرد الفلسطينيون من أي بقعة تطأها فتُحكم حصار القرية أو المدينة من ثلاث جهات وتُبقي فقط واحدة، يقول:"لم يكن لدينا خيارًا إلا الفرار من الموت"، ويُضيف أن عمليات النزوح الكبرى كانت بعد انسحاب الجيش المصري واستخدام العصابات الصهيونية قوة السلاح بالقتل والتعذيب فبدأ السكان يذهبون إلى المناطق الأكثر أمنًا على أمل أن يعودوا لكنهم ما عادوا حتى اللحظة.

 

الرجل ما زال يزرع الأمل في قلوب أحفاده أن العودة حق وأن التنازل عنها جريمة، ويقول:"إن انقضى أجلي ولم أعد إلى أسدود فحتمًا أحفادي سيعودون فالحق لا يسقط بالتقادم والمفتاح لن يصدأ".

 

حنين إلى يافا

 

فيما حديث المُسنة فاطمة الرمادي (85 عامًا) لا يُفارقه الحنين، هي تحلم أن تعود إلى مسقط رأسها وملهى طفولتها، تقول:ثمانٍ وستون عامًا وأمل العودة يُلازم قلبي"، وتُشير أنها الوحيدة من أسرتها التي لجأت إلى مدينة خان يونس في قطاع غزة بينما أشقائها منهم من رحل إلى الأردن وآخرين إلى مصر وهي الآن محرومة من لقائهم إلا عبر اتصالٍ هاتفي، فقطاع غزة كما تقول مُحاصر ومعابره مغلقة ولا يُمكنها الخروج منه.

 

عن أحداث النكبة ومفاجع فقد الأحبة حدثتنا بلسان نطق ألمًا فمدينتها الجميلة لم تُفارق خيالها فقد عاشت فيها أجمل سنوات طفولتها، وحين تركتها كانت عروسًا في السادسة عشر من عمرها، تقول :"عشت في حي أبو كبير بمركز المدينة وهناك تزوجت" وتُضيف أنه لم يمضِ على زواجها أكثر من شهر حتى أُعلن قرار التقسيم وبعدها حدثت المعارك مع العصابات الصهيونية، تستذكر السيدة معركة حي تل الريش وتُشير أن الثوار العرب وقتها اقتحموا مستعمرة حولون، تدمع عينيها وتؤكد أنها فقدت أحد أقاربها في تلك المعركة لافتة أن الهجوم الكبير الذي نفذه اليهود بالحي في نهاية عام 1947 أيضًا أفقدها الكثيرين من عائلتها، تقول:"كان اليهود يُرغمونا على ترك جثث الشهداء في الطرقات".

 

وتستذكر السيدة الرمادي أن أبشع عمليات القتل للمواطنين الفلسطينيين في يافا تمت في الشهر الأول لعام النكبة 1948 أي في يناير بعد أن نسفت العصابات الصهيونية سرايا الحكومة وكذلك في مايو عندما انسحبت القوات البريطانية وجعلت العصابات الصهيونية تعيث بالقتل والسرق والنهب والتدمير لكل ما هو فلسطيني بالمدينة الملقبة بعروس البحر.

 

تتحسر السيدة الرمادي على ما تركته في وطنها الأول يافا، لكنها كانت "مُجبرة على الخروج" قالت ذلك بألم كبير وأضافت أن قرار الهجرة كان فقط للحفاظ على الأرواح مُشيرة إلى أن والدها استأجر مركبًا وانتقل به من بحر يافا إلى مدينة غزة ومنها بقيت هي مع زوجها بينما أشقائها تفرقوا بين الأردن ومصر على أمل اللقاء قريبًا مُجددًا في يافا إلا أن الانتظار طال ثمانٍ وستون عامًا، لكنها ما زالت على قيد الأمل بالعودة.