الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وحدتنا.. يا وحدنا سامي سرحان

2014-09-23 08:36:08 AM
وحدتنا.. يا وحدنا
سامي سرحان
صورة ارشيفية

الحدث: يجمع المراقبون أن الشعب الفلسطيني بقضيته يقف هذه الأيام على مفترق طرق حائراً وهو في أسوأ أحواله، ويتخبط في اختيار طريقه ونهجه الذي يوصله إلى هدفه في الحرية والاستقلال.

يتقاذف الشعب الفلسطيني المناضل أمواج الاختلافات العربية ومصالح الدول والأحلاف في وقت تفقد فيه الأمة العربية إرادتها ووحدة كيانها القطرية، وتجتاح الأمة الإسلامية حمّى التطرف والاصطفاف المذهبي والطائفي والسياسي.

تعاني فلسطين اليوم من حالة ضياع "الأمتين" المقترحتين، وهو أمر ليس بجديد حتى لا يتوهم أحد أننا قبل هذه المرحلة كنا في أسعد حال وأقوى إرادة ووحدة. ولكننا كنا قادرين على تجاوز الخلافات وجمع الأمتن على برنامجنا الفلسطيني الذي نختاره بأنفسنا وبإرادتنا الحرة وفي إطار الشرعية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ومجلسها الوطني.

كان أملنا كبيراً في تجاوز اختلافاتنا بعد الحرب الإسرائيلية العدوانية المدمرة على شعبنا في قطاع غزة وفي الضفة الغربية أيضاً. وظهرت بوادر وحدة وتوافق قبل الحرب وأثنائها، ما أغاظ العدو وأثلج صدر الصديق، ولكن سرعان ما تبدد هذا الحلم الجميل وعادت سليمة إلى عادتها القديمة، فتراشق بالتهم وليس أقلها التفريط بالثوابت والتواطؤ مع العدو من جهة، والمسؤولية عن اندلاع الحرب على غزة من الجهة الأخرى.

ظلت الوحدة الوطنية والقرار الفلسطيني المستقل الهدف الأسمى لمسيرة النضال الفلسطيني، لذلك كانت المصالحة بين الفصائل قبل الحرب هدفاً لسهام إسرائيل، ولما فشلت في فك الشراكة وحكومة الوفاق الوطني لجأت إلى الحرب المدمرة على الشعب الفلسطيني في شطري الوطن، وكان النصيب الأكبر من الدمار والقتل لقطاع غزة الذي يئن اليوم تحت ركام البيوت المهدمة على رؤوس أصحابها وتدمير المصانع والبنى التحتية للقطاع.

تريد إسرائيل غزة منفصلة عن الضفة، وتريد في كل منهما سلطة تنوب عنها في إدارة شؤون الناس وتوفير الأمن لمستوطنيها في غلاف غزة ومساحة الضفة بجبالها ووديانها، تريد روابط قرى لا سلطة حقيقية واحدة مسؤولة عن شعبها ومسؤولة أمامه. تريد أن تكون فتح في الضفة وحماس في غزة، يقمع كل فصيل الفصيل الآخر في كيانه المزعوم فيفقدا شعبيهما وينتهي الحلم الفلسطيني الذي ضحى من أجله مئات الآلاف بأرواحهم، حلم الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة في الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

يتوجه غداً الأربعاء إلى القاهرة الوفد الفلسطيني الموحد لاستكمال المباحثات غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي حول تثبيت التهدئة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من فتح المعابر ومنطقة الصيد ورفع الحصار وتشغيل الميناء والمطار. يتوجه الفلسطينيون إلى القاهرة غداً بوفد غير موحد وهم في أسوأ حال، فكيف بمثل هذا الوفد المختلف عن كل شيء والمتخاصم يمكن أن نواجه المفاوض الإسرائيلي المراوغ المخادع الذي يفاوض من أجل التفاوض ومن أجل تعزيز قبضته على الأرض الفلسطينية والقدس، ويزرعها بالمستوطنات والجدر العازلة والطرق الالتفافية وإفقار الريف وإجباره على ترك أرضه ومزروعاته.

فهل نحن في فتح وحماس والفصائل الأخرى بحاجة إلى دعوة من مصر الشقيقة أو من تركيا أو من قطر أو من أية دولة أخرى شقيقة أو صديقة لحل خلافاتنا وتنازعنا على "جلد الدب" الحر الطليق الذي يرتع على قمم جبال الضفة الغربية ويذبح غزة من الوريد إلى الوريد؟ لا بد لقيادة الشعب الفلسطيني وقيادة فصائله التوافق على برنامج الحد الأدنى فوراً لمواجهة المرحلة، ويقولوا إن كانوا يريدون التفاوض أم الحرب أم الجمع بينهما.

يجب أن يتفقوا على تشخيص نتيجة الحرب على غزة: هل انتصرنا فيها أم هزمنا أم تعادلنا. وهل اقتربنا من تحرير فلسطين كاملة أم ابتعدنا عن تحقيق حل الدولتين. هل نذهب إلى الأمم المتحدة لنطرح أمامها مبادرة للرأي العام العالمي، تكون واضحة لإنهاء الاحتلال وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية وتحديد ذلك بزمن معين. أم ندير ظهرنا للعالم الذي استيقظ من غفوته على وقع الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة أيضاً. وانكشاف عنصرية إسرائيل وهمجيتها وهي تقتل الأطفال والنساء وتدمر البيوت والأبراج على رؤوس أصحابها. وهل يلقى تحركنا الدولي دعماً عربياً حقيقياً وكافياً في ظل اختلافنا ونحن أصحاب البيت.

كل طرف يلقي باللوم على الطرف الآخر والعالم من حولنا يتفرج على اختلافنا ويتهم بعضنا بعضاً. فلماذا لا نخلص النية في عملنا من أجل شعبنا ووطننا ومن أجل أن تبقى قضيتنا حية وموحدة للأمة العربية بدولها وشعوبها وللأمة الإسلامية بدولها وشعوبها ولأحرار العالم الذين جددوا ولاءهم لفلسطين ونضال الشعب الفلسطيني فلندعم توجهاً موحداً لقيادتنا وليكن التوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة لعل وعسى. ولنحافظ على وحدتنا وروح المقاومة والصمود ولا نخذل شعبنا الذي قدم ما لم يقدمه شعب آخر في العالم لقيادته ومقاومته ولكي نظل الرق الصعب في المعادلة الدولية، ولا نقول يا وحدنا.