الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صفقات الكبار... بين الطفرة والإنتعاش وشكوك بعدم قانونية الصفقة الأخيرة

في بورصة فلسطين

2013-11-24 00:00:00
صفقات الكبار... بين الطفرة والإنتعاش وشكوك بعدم قانونية الصفقة الأخيرة
صورة ارشيفية

هل هي تحالفات لمنع سيطرة مستثمرين آخرين على “باديكو”؟

رام الله- خاص بالحدث

علق مراقبون ماليون واقتصاديون آمالاً كبيرة على ما حققه حجم التداول في البورصة الفلسطينية مؤخراً؛ حيث اعتبروه نشاطاً غير مسبوق في ارتفاع أسعار أسهم العديد من الشركات، بينما شكك آخرون بقانونية الصفقة التي وصفوها بالطفرة محدودة التداعيات، في حين أثير عددٌ من التساؤلات لجهة كون الآلية التي تمت بها الصفقة كانت بالأساس بهدف منع مستثمرين آخرين من السيطرة على “باديكو”.

القيمة السوقية تجاوزت 3 مليارات دولار

بلغ حجم تداول في بورصة فلسطين في جلسة يوم الأربعاء الموافق 2013/11/13, 48,416,669 دولار، وهو الأعلى خلال جلسة تداول واحدة منذ انطلاق التداول في البورصة في 1997/02/18.

ويرى أحمد عويضه الرئيس التنفيذي لبورصة فلسطين، أن نشاط التداول خلال هذا الأسبوع جعل القيمة السوقية في بورصة فلسطين تتجاوز 3 مليارات دولار أمريكي بعد سنوات من بقائها تحت هذا السقف، حيث بلغت في نهاية جلسة تداول 2013/11/13 ما مجموعه 3,052,682,110 دولاراً، وهي الأعلى منذ العام 2009.

وقد تجاوز مؤشر “القدس” حاجز 500 نقطة في أسبوع الصفقة، حيث أغلق المؤشر في نهاية تداول جلسة 2013/11/13 عند 508.04 نقطة، علماً بأن المؤشر لم يتجاوز حاجز الخمسمائة نقطة منذ 2011/07/07. يذكر أن المؤشر كان متراجعاً معظم أيام هذا العام، في حين حقق منذ بداية العام ولغاية 2013/11/31 نمواً بنسبة %6.38 مقارنة مع إغلاق 2012/12/31.

هل هو تحالف مانع لسيطرة آخرين؟

نفى عويضة، أن يكون هذا النشاط غير المسبوق على حد وصفه في التداول على أسعار أسهم الشركات قد جاء على خلفية تحالف بين الشركات الشقيقة والحليفة بهدف منع سيطرة أحد كبار المستثمرين المحليين على أسهم باديكو، وبالتالي على مجلس إدارتها.

وقال:”هذا مؤشر يبعث على التفاؤل بعد سنوات من تراجع أحجام التداول، بالرغم من أن الحديث يدور هنا عن جلسة واحدة استحوذ فيها سهم شركة فلسطين للتنمية والاستثمار “باديكو” على حوالي %95 من حجم التداول، إلا أن الزخم الذي واكب هذا النشاط غير المسبوق من ارتفاع أسعار العديد من أسهم الشركات وارتفاع عدد الشركات المتداولة ونشاط التداول على أسهم أخرى منذ بداية هذا الأسبوع”. متمنياً أن يشكل الرقم الجديد منعطفاً نحو انطلاقة جديدة لنشاط التداول في بورصة فلسطين.

ويجعل هذا الوضع عويضة، مستبشراً بأن تعود البورصة إلى نشاط تداولها الطبيعي، من حيث أحجام التداول، ومن حيث انسجام القيم السوقية للأسهم المتداولة مع قيمها الدفترية، لتعكس الأسعار واقع الأداء المالي للشركات المدرجة دون البقاء تحت وطأة التأثيرات النفسية الأخرى الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

وبذلك فان صفقتي شراء “الاتصالات الفلسطينية” لحصتي صندوق الاستثمار الفلسطيني (13 مليون سهم)، وصندوق “بليكني” البريطاني (19 مليون سهم)، وضعت بورصة فلسطين على أعتاب مرحلة جديدة، سواء لجهة إعادة هيكلة ملكية “باديكو”، أكبر مجموعة استثمارية في فلسطين، ومن ورائها استثماراتها وشركاتها خصوصاً المدرجة في البورصة، أم من حيث إعادة الحيوية المفقودة من البورصة منذ أواخر العام 2005.

وبإنجاز الصفقتين، باتت “الاتصالات” المالك الأكبر لأسهم “باديكو”، بحصة تجاوزت حتى نهاية الأسبوع الماضي (41 مليون سهم)، من المتوقع أنها ستتزايد خلال الأيام القادمة لتصل إلى %20، علما أن “باديكو” نفسها المالك الأكبر لأسهم “الاتصالات”، بحصة تتجاوز %31 (حوالي 41 مليون سهم)، لتشكل الشركتان تحالفاً مستقراً من شأنه تعزيز أدائهما، ويحول دون أية محاولات للاستحواذ على حصص مهمة فيهما من قبل أطراف ثالثة.

الحقيقة الواقعة والضائعة من شراء أسهم (باديكو)

يتفق الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، مع عويضة على نفي التحالفات ضد بعض المستثمرين، ويقول: هذه رؤية بعض المحللين، ولكن الحقيقة التي يراها العكر أن «أحد الأسباب المهمة لزيادة حصة (الاتصالات) في (باديكو)، هو أن (باديكو) نفسها المساهم الأكبر في (الاتصالات)، وحصة مهمة من أرباح (باديكو) تأتي من (الاتصالات). لكن العكر يقر بقوله:»الحقيقة الواقعة أن شراء حصة استراتيجية في شركة «باديكو» تعني زيادة عدد أعضاء الشركة في مجلس إدارة «باديكو»، لكنه لم يكن هو الحافز الأساسي لنا كشركة اتصالات من وراء شراء حصة استراتيجية في باديكو.»

وبالرغم مما تعانيه “باديكو” من شح في السيولة بسبب الإنفاق على مشاريع استثمارية عديدة، يرى العكر أن (باديكو) شركة واعدة بمشاريعها واستثماراتها وجديتها وبالتالي ربحيتها، وذلك بهدف زيادة مساهمة مجموعة الاتصالات في تنمية الاقتصاد الوطني.

وقال:”من أجل تعزيز استثماراتنا داخل فلسطين وفي قطاع الاتصالات بالتحديد، حيث نستثمر ملايين الدولارات لتوسيع شبكتنا للتعامل مع الطلب المتزايد على خدمات الاتصالات، ولكن هنالك محدودية معينة في نمو قطاع الاتصالات بسبب القيود الإسرائيلية على قطاع الاتصالات الفلسطيني وبالتحديد منع الجيل الثالث من دخول فلسطين».

لذلك، يضيف العكر، ارتأينا توجيه بعض من عوائد مجموعة الاتصالات في الاقتصاد الوطني من خلال شركة “باديكو”، ومن هنا كان توجه مجلس إدارة المجموعة الرئيسي للاستثمار في “باديكو” والتي هي بالأصل تمتلك حصة استراتيجية في شركة الاتصالات.

إقرار بأنها خطوة وقائية لمنع المستثمرين الإقليميين

ومع أن الرئيس التنفيذي لـ «باديكو» سمير حليلة، يتفق معهما على النفي، لكنه يقر: «بأن سعر سهم «باديكو» المنخفض فتح الباب لعدد من المستثمرين الإقليميين وغيرهم لشراء عدد كبير من أسهم «باديكو» من أجل أن يسيطروا أو يمتلكوا حصة كبيرة في الاتصالات الفلسطينية، وبالتالي كانت هذه الخطوة وقائية من شركة الاتصالات لكي تحاول قدر الإمكان أن تمنع تداول عدد كبير من الأسهم في السوق بسعر منخفض ولهذا قامت بشراء حصة مؤثرة من الأسهم في باديكو.»

ويرى حليلة، أن السعر الذي تمت به الصفقتان أعلى من السعر الذي كان قبل أسبوع أو عشرة أيام، لهذا تحرك صعوداً للاقتراب من السعر المتفق عليه للصفقتين، ومع ذلك فإن حدود سعر الصفقتين أقل بكثير من القيمة الدفترية للسهم.

وقال:”التغيير الذي حصل على حجم التداول على سهم “باديكو” هو نتيجة صفقات مؤسساتية تناولت سهم “باديكو” بالأساس وأثر بدون شك على أسهم الشركات التابعة والحليفة، وجوهر الصفقة كما تم الافصاح عنها هو أن شركة الاتصالات قامت بشراء كل أسهم صندوق الاستثمار الفلسطيني (13 مليون سهم) في “باديكو”، وصندوق “بليكني” البريطاني (19 مليون سهم)، ليصبح مجموع ما تمتلكه من أسهم في شركة “باديكو” حوالي أي (41 مليون سهم). وأن أغلب المساهمين في الشركة يمتلكون أسهماً تتراوح ما بين %5 إلى %8 فقط».

وبحسب رؤية حليلة، فإن مرد قرار عملية الشراء يعود لسببين أولاً شعور الاتصالات أن انخفاض سعر سهم “باديكو” غير المبرر ممكن أن يتيح الفرصة لأطراف معينة تحاول السيطرة على سهم “باديكو” وبالتالي سهم الاتصالات الفلسطينية من خلال “باديكو” وهذا بسبب أن حجم الأسهم المتداولة في “باديكو” عالية جداً والذي يزيد عن %83 في السوق الفلسطيني ما يعني أن عدد الأسهم المتاحة في السوق هي كبيرة جداً، وبالتالي وصل في أسوأ الأحوال إلى %5 خلال الأشهر الماضية وهو ما يقارب نصف القيمة الدفترية للشركة.

وجدد تأكيده بأن هذا السعر كان من الممكن أن يفتح الباب لعدد من المستثمرين الإقليميين وغيرهم لشراء عدد كبير من أسهم “باديكو” من أجل أن يسيطروا أو يمتلكوا حصة كبيرة في الاتصالات الفلسطينية، فكانت هذه الخطوة وقائية من شركة الاتصالات لكي تحاول قدر الإمكان أن تمنع تداول عدد كبير من الأسهم في السوق بسعر منخفض ولهذا قامت بشراء حصة مؤثرة من الأسهم في “باديكو”.

وبالمقابل وحفاظاً على مصالح المساهمين في شركة الاتصالات الفلسطينية، فإن حليلة يقدر أن شركة الاتصالات درست واقع شركة “باديكو” على ضوء استثماراتها الكبيرة خلال السنوات الخمس الماضية ولاحظت تحسناً في الأداء وفي مؤشرات أساسية من حيث إجمالي الدخل وصافي الربح وإجمالي الربح وحجم المديونية، وبالتالي كانت هناك مؤشرات كافية خلال هذا العام بأن باديكو خرجت من أزمة السيولة التي عانت منها العام 2012، وبدأت بمشاريعها الجديدة التي استثمرت فيها حوالي 130 مليون دولار خلال الخمس سنوات الماضية والتي تشرف على أن تؤتي ثمارها وتحقق ارتفاع في العائد ظهر نتائجه في الربعين الثاني والثالث من هذا العام 2013.

وجدد نفيه محاولات البعض الاستحواذ على مجلس إدارة باديكو من خلال شرائه حصة مؤثرة من أسهمها، وقال:”هو إجراء وقائي ويستند إلى الثقة بمستقبل الشركة وتطورها خلال الأعوام القادمة وهذا يحمي مصالح المساهمين».

ولا يشكك حليلة في أن هذه الصفقة ستترك آثاراً جانبية على السوق بانتعاشه ولو نسبياً، معتقداً أنها ستترك آثارها على حجم الثقة بالسوق من قبل كبار المستثمرين وبالتالي عززت الثقة بالسوق وقدرته وسيولته وقدرة المستثمرين المحليين على حمايته وعلى تعزيزه. كما ستترك أثرها خلال الأسابيع القادمة على أمل أن يكون هناك تحرك سياسي واقتصادي كبير يستطيع أن يحرر السوق من الضغط النفسي المسيطر عليه بسبب الاحتلال.

هيئة سوق رأس المال تروي قصة الصفقة

برّاق النابلسي، مدير عام الإدارة العامة للأوراق المالية في هيئة سوق رأس المال، عقب على الآلية التي جرت بها الصفقة قائلا: «منذ بداية الصفقة وتحديداً من يوم الأحد، قبل أن تبدأ الصفقة بيومين، طلبت الهيئة، وبناء على تداولات تمت على الورقة المالية لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو)، وبناء على أوامر ظهرت على الشاشة رصدتها نظم الرقابة الإلكترونية، طلبت إفصاحاً من الجهات التي قامت بإدخال أوامر الشراء الكبيرة، والتي هي حوالي المليون سهم، على الورقة المالية لشركة (باديكو).»

ويضيف براق أنه: «وبمجرد ما رفض نظام الرقابة الإلكتروني أمر الشراء هذا تم الطلب من شركة الاتصالات الفلسطينية الإفصاح عن سبب قيامهم بإدخال أمر الشراء بهذه الكمية، لأن أمر الشراء هذا يعرف للنظام الإلكتروني بأمر شراء غير طبيعي وغير اعتيادي، لأن أمر الشراء كان كبيراً، ويخالف السوق التاريخي المتعارف عليه لأوامر الشراء المدخلة على الورقة المالية.»

ووضح براق: «بمعنى آخر يقوم النظام الإلكتروني برصد الأوامر غير الاعتيادية المخالفة للسلوك الطبيعي للأوامر المدخلة على أي ورقة مالية يقوم بتحديدها، ويطلب من مراقب التداول بأن يقوم بالاستفسار عن سبب إدخال هذا الأمر بالصورة والكمية هذه، والذي كان حوالي مليون سهم مطلوب على الحد الأعلى في تلك الجلسة، وبالتالي حينما كان مطلوباً مليون سهم على 1.15 طلبنا من شركة الاتصالات الفلسطينية صاحبة أمر الشراء الإفصاح عن قيامها بإدخالها أمر الشراء بالصورة والكيفية التي ظهر فيها على نظام التداول الإلكتروني”.

وبناء عليه، يقول براق، “إنه، وفي نهاية الجلسة، تم إبلاغ هيئة سوق رأس المال بكتاب من قبل شركة الاتصالات الفلسطينية جاء فيه أن شركة الاتصالات الفلسطينية وصلت إلى مراحل متقدمة في عملية شراء حصة صندوق الاستثمار الفلسطيني على الورقة المالية لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار وتم الافصاح لجمهور المستثمرين عن هذا الخبر، وبمعنى آخر بموجب الاستفسار أعلمت الاتصالات الفلسطينية الهيئة، وتم الإفصاح عنه لجمهور المتعاملين، أن “الاتصالات” خاضت مفاوضات متقدمة وصلت للمرحلة النهائية في عملية الحصول على ملكية شركة صندوق الاستثمار الفلسطيني في الأوراق المالية لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار، وبالتالي تم الافصاح عنه لجمهور المستثمرين.”

وأشار باراك إلى أنه: “في اليوم اللاحق لهذا الإفصاح تم تنفيذ الصفقة وتم إعلام الهيئة أيضاً بإفصاح إضافي، مفاده أن شركة الاتصالات الفلسطينية ستقوم بشراء كامل أسهم شركة صندوق الاستثمار الفلسطيني ومجموعة بليكني الاستثمارية على الورقة المالية لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار بصفقة قيمتها حوالي من رأس مال شركة فلسطين للتنمية والاستثمار، وبالنسبة لنا لا يوجد أي شيء غير قانوني، الإفصاح كان متوفراً لجميع المستثمرين في نفس الوقت، قبل الصفقة وأثناءها وبعد حدوثها.” 

نقل الملكية جرى خارج التداول النظامي

أما الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، فرفض وصف ما حدث من ارتفاع في حجم التداول بالنقلة النوعية وإنما آثر أن يصفها بالموسمية المتصلة بنقل الملكية خارج التداول النظامي المباشر بين طرفين فهو لم يكن تداولاً طبيعياً بين أفراد وإنما هناك جهات استثمارية كبيرة انسحبت من بعض الأسهم وبدلاً من أن تقوم بعرضها في السوق فإنها وجدت “شركة” مستثمراً كبيراً آخر قام بشراء هذه الأسهم بسعر 1.25 دولار للسهم الواحد. بينما كان سعر سهم (باديكو) بعيداً نسبياً عن السعر المتفق عليه (يتجاوز الدولار الواحد بقليل)، لتمرير الصفقة ولنقل الملكية وتسويتها وبالتالي ملكية الأسهم المباعة.

ويظن عبد الكريم، أنه في الأيام الأخيرة من الصفقة كانت تسويات ملكية بين شركة الاتصالات و”باديكو” وبالتالي لا يعتقد أنه يمكن تسميتها بالنقلة النوعية التي ممكن أن تكون كذلك في حال لو دخل مساهمون ومستثمرون جدد للسوق ويجري تداول أسهمهم وفق القانون عندها من الممكن أن تتاح وتتوفر فرصاً للأفراد العاديين للبيع.

وقال:”صحيح أن الصفقات التي تمت هي خارج القواعد النظامية للتداول، لكنها رفعت سعر أسهم بعض الشركات، وبالتالي رفعت مؤشر القدس، ولكن يعتقد أنها ستبقى عرضة للعودة إلى المستويات السابقة على حجم التداول والمؤشر، ولن يكون لها صفة الديمومة أو أن تكون تأثيراتها مستدامة، فعندما تنتهي هذه الصفقات وتستقر سيعود السوق مرة أخرى إلى مستوياته السابقة تحديداً عند حجم التداول، وأيضاً يجب أن نفهم أن هذه الصفقات تمت عبر وسيط مالي واحد أي شركة وساطة واحدة».

وأضاف:  “إن أحد دوافع قيام الاتصالات بشراء الأسهم المعروضة هي المحافظة على الأسعار بدون انخفاض كبير لأن ذلك يلحق أضراراً بمصالحها ومصالح الشركات الحليفة، وبقرارها هذا قامت بوظيفة صانع السوق الذي يتدخل عندما يرى أن هناك الكثير من الأسهم المعروضة وهناك خوف من انخفاض المؤشر بسبب عرض هذه الأسهم بدون مبررات اقتصادية.”

ولذلك وجدت هذه الشركة بحسب د. عبد الكريم أن الخروج من السهم بهذا الكم الكبير من الأسهم قد يؤثر على السعر سلباً وقد يضر ثروتها ومصالحها أو صورتها المرسومة ومساهميها.

وبعكس ما يراه د. عبد الكريم، يؤكد آخرون أن الصفقتين نفذتا بأعلى معايير الشفافية، الأمر الذي أثار اهتمام المستثمرين والمراقبين والمحللين، ولفت أنظار مستثمرين حاليين وجدد.

وبحسب محللين، فإن طبيعة العلاقة التاريخية بين الشركتين، من حيث هيكلية ملكية كل منهما، وكون (باديكو) المساهم الأكبر في (الاتصالات) مع التباين الكبير بين سعري السهمين في السوق، فإن الاستحواذ على حصة في أسهم (باديكو) يسهل إلى حد كبير الاستحواذ على حصة مؤثرة في أسهم (الاتصالات) ولكن بكلفة أقل بكثير من شراء أسهم الاتصالات مباشرة، وهذا قد يهدد استقرار شركة الاتصالات نفسها، وفيما يبدو فإن هذا التوجه كان أحد الاعتبارات المهمة في اتخاذ قرار مجلس ادارة (الاتصالات) زيادة رفع حصتها الاستراتيجية في (باديكو).

الصفقة تكشف خللاً في الالتزام بمبادئ الحوكمة

ويرى المستشار القانوني والمحاضر بجامعة بيرزيت الدكتور عصام عابدين بأن «صفقة الكبار» التي جرت مؤخراً في بورصة فلسطين للسيطرة على «باديكو» تطرح تساؤلات جدية تتعلق بمدى الالتزام «بمبادىء الحوكمة» في قطاع الأوراق المالية عموماً والذي يضم بورصة فلسطين والشركات المساهمة العامة وشركات الأوراق المالية وممتهنو المهن المالية وصناديق الاستثمار، ولا سيما في الجانب المتعلق بـ «الإفصاح والشفافية» وبالتالي مدى الالتزام بأحكام القانون والأنظمة والتعليمات والتعاميم الصادرة عن هيئة سوق رأس المال على هذا الصعيد، والمقصود هنا قانون الأوراق المالية رقم (12) لسنة 2004 وقانون هيئة سوق رأس المال رقم (13) لسنة 2004 وقانون الشركات لسنة 1964 إضافة إلى التعليمات والتعاميم الصادرة عن الهيئة ومن بينها تعليمات «الإفصاح» الصادرة عن مجلس إدارة الهيئة في 2008/3/31 وتعليمات «الإفصاح» المعدلة الصادرة عن مجلس الإدارة بتاريخ 2012/11/26 علاوة على نظام «الإفصاح» الصادر عن سوق فلسطين للأوراق المالية.

وبموجب التشريعات المذكورة، فإن الإفصاح يعني «الكشف عن المعلومات التي تهم المستثمرين والجمهور التي تؤثر في سعر الورقة المالية». والمعلومة الجوهرية تعني “الواقعة أو المعلومة التي يؤثر نشرها على سعر الورقة المالية أو في قرار الشخص بشراء الورقة المالية أو الاحتفاظ بها أو بيعها أو التصرف فيها”. 

كما أن التضليل، الذي يستتبع عقوبات بموجب التشريعات المذكورة، يعني “أي بيان غير صحيح يتعلق بمعلومة جوهرية، أو أي حذف أو إخفاء لأية معلومة جوهرية، أو أية معلومات أخرى لازمة لتكون البيانات المقدمة صحيحة ودقيقة وكاملة”.

وبالعودة إلى «صفقة الكبار» التي جرت مؤخراً في بورصة فلسطين فإنها ما تزال تثير العديد من الأسئلة المتعلقة بالإفصاح والشفافية وبالتالي بمدى الإلتزام بأحكام القانون؛ ومن بينها كيفية تفسير تداولات تمت على الورقة المالية لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار «باديكو» ومحاولات لإدخال أوامر شراء كبيرة وغير اعتيادية من قبل شركة الاتصالات، ظهرت على شاشة التداول، ورصدها نظام الرقابة الإلكتروني، وكل ذلك يتم قبل عملية الإفصاح بشفافية عما يجري وفقاً لما يتطلبه القانون والأنظمة وتعليمات وتعاميم الهيئة؟!

وبناءً عليه، أين مكان الالتزام «بمبادىء الحوكمة» في السوق من «الطريقة» التي علمت بها «هيئة سوق رأس المال» بصفقة شراء «الاتصالات الفلسطينية» لحصتي صندوق الاستثمار الفلسطيني (13 مليون سهم) صندوق «بليكني» البريطاني(19 مليون سهم) في شركة فلسطين للتنمية والاستثمار «باديكو» هذا أولاً؟ وثانياً أين الالتزام بمبادى الحوكمة من الطريقة التي جرت فيها عملية الإفصاح عن تلك الصفقات لجمهور المستثمرين؟ وثالثاً ما مدى الشفافية التي تمت فيها مختلف إجراءات الصفقة الكبرى للاعبين الكبار في السوق؟      

من الجدير ذكره، أن رأس المال المدفوع لـ “باديكو القابضة” يبلغ 250 مليون دولار، فيما وصلت القيمة السوقية لأسهم الشركة مع إغلاق جلسة التداول في البورصة حوالي 307.5 مليون دولار، باتت الاتصالات تستأثر بأكثر من منها، في حين يبلغ رأس مال شركة الاتصالات الفلسطينية 131 مليون دينار أردني (185 مليون دولار)، فيما تجاوزت القيمة الإسمية لأسهم الشركة مليار دولار، تملك (باديكو) نحو %32 منها