الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الاخبار اللبنانية: «حزب التحرير» بنسخته الفلسطينية... ليس فلسطينياً

2016-06-11 09:18:06 AM
الاخبار اللبنانية: «حزب التحرير» بنسخته الفلسطينية... ليس فلسطينياً
متظاهر من عناصر حزب التحرير

 

الحدث- القدس

 

نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية صباح اليوم تقريرا لثابت العمور بعنوان «حزب التحرير» بنسخته الفلسطينية... ليس فلسطينياً،

 

وهذا نصه: 

 

يُعفي «حزب التحرير» نفسه من الإجابة عن الأسئلة التي تلاحق حركات الإسلام السياسي في عدد من الدول العربية، خاصة فلسطين، مكتفياً باستحضار فرضية أن الخلافة وحدها القادرة على حل كل المشكلات، من دون توضيح كيفية ذلك وآلياته.

 

وهو حزب يحافظ على اسمه حاضراً بإقامة المهرجانات والمسيرات مع إبرازه الاصطدام مع السلطات على ما سواه من تحديات، علماً بأن مراجعة فكرية شاملة تؤكد أن هذا ليس ما كان يريده أو يتوقعه الشيخ تقي الدين النبهاني، عندما أسّس «التحرير» وأراد له أن يسود المعمورة، مطلع الخمسينيات.


فلسطين، وهي «ولاية الانطلاق» في أدبيات الحزب، رغم ما لها من خصوصية عند الحركات الإسلامية، لم يفرد «التحرير» مساحة في أدبياته لاحتلالها، بل استغرق في قضية الخلافة التي رأى أنها انتهت بانتهاء الدولة العثمانية، علماً بأنه لم يكن قد مضى على النكبة سوى خمس سنوات عندما أسّس الحزب (1953). كذلك لم يسع «التحرير»، رغم اسمه «الثوري»، إلى الاشتباك مع إسرائيل بالمعنى الحقيقي، بل عمد إلى تعطيل العمل العسكري.


عودة «التحرير» عقب الربيع العربي كانت لافتة في الساحة الفلسطينية كغيرها من الساحات العربية المجاورة، مع أنها عودة محفوفة بالمطبات، خاصة في مرحلة استثنائية تمر بها الحالة الفلسطينية. البعض التحق بالحزب نكاية بالواقع الفلسطيني الذي تتنازعه كل من حركتي «فتح» و«حماس»؛ ففي الضفة هذا خيار جيد للنكاية بالسلطة، وفي الوقت نفسه التهرب من تهمة الانتماء إلى «حماس» أو العمل العسكري، وفي غزة لا تختلف الدوافع النفسية.


لكنّ كثيرين في القطاع جذبهم شعار الخلافة وعودتها، على ضوء ما يعلنه تنظيم «داعش» الذي ينادي هو الآخر بدولة خلافة، بل منهم مقربون من التيار السلفي في غزة، ووجدوا أن «التحرير» يؤمن لهم ابتعاد «حماس» عن ملاحقتهم، فيما ساعد تبنّي الحزب مواقف مخالفة للحركة التي تحكم غزة بالقوة في استقبال عدد لا بأس به من الشباب، الأمر الذي أفضى بعناصره إلى استعراض شعبيتهم في كل الضفة والقطاع.


وفي منتصف أيار الماضي، نظم «التحرير» في غزة مسيرة لمناسبة «الذكرى الخامسة والتسعين لهدم الخلافة الإسلامية»، انطلاقاً من المسجد العمري الكبير وسط غزة، انتهاءً إلى ساحة الجندي المجهول غربيّها. لم تكن هذه المسيرة هي الأولى للحزب أو الوحيدة، خاصة ما حملته من جانب استعراضي للمؤيدين وللمناصرين، فقد فعل «التحرير» ذلك في حرم المسجد الأقصى في أيار من العام الماضي، عندما اعترض عدد من مناصريه على زيارة قاضي قضاة الأردن، أحمد هليل، إلى المسجد، ومنعوه من إلقاء خطبة الجمعة هناك وإمامة المصلين.


أما الجديد في خطاب الحزب، فهو استحضار كلمة «الجهاد»، رغم أنه لم يُسجل تاريخياً عملية عسكرية واحدة للحزب ضد إسرائيل التي يرى أنها دولة يجب أن تواجهها دول، خاصة أن «أهل فلسطين» يقعون تحت «حكم الأسرى» الواجب عليهم انتظار خليفة يحررهم، وأنه من «الدجل أن تتصدر جماعات أو حركات لمحاربة إسرائيل». وآلية «التحرير» في ذلك السيطرة على دولة ما وإعلان الخلافة منها، ثم الانطلاق إلى محاربة إسرائيل، وقد مرّ على طرحها الآن أكثر من 60 عاماً ولم يفكر الحزب في استبدالها أو تغييرها، رغم فشل محاولات الانقلاب التي حدثت في بعض الدول.



الأمر الآخر في الخطاب الجديد هو إتيانه على ذكر «تحرير فلسطين كلها»، في حين أن أدبيات الحزب وخطابه لم تكن تستحضر ذلك وتستهدف إقامة الخلافة أولاً وأخيراً كهدف مركزي. ومن الأساس، لم ترتبط أدبيات الحزب ونشأته بالقضية الفلسطينية إطلاقاً، بل كانت تركز على قضايا العالم الإسلامي عموماً، وترى أن كل ما يحدث نتيجة لسقوط الدولة العثمانية.


والمشكلة أن مطالعة أفكار الحزب ومواقفه في فلسطين قناتها الوحيدة تقريباً هي «صحيفة الراية»، التي تصدر أسبوعياً بصورة مطبوعة في غزة، فضلاً عن الموقع الإلكتروني. ولا تتعرض «الراية» من قريب أو بعيد إلى الحياة الاجتماعية أو المقاومة، بل تكتفي بعرض مواقف «التحرير» ومقالات قياداته من شرق المعمورة إلى غربها، وهذا أمر مفهوم مع سياسات الحزب التي تنادي بالأممية وتلغي القطرية، رغم تجاوز خصوصية الحالة الفلسطينية التي هي منطلق إلى الأممية في وجهات نظر قومية وإسلامية كثيرة.


وتصفّح أحد أعداد «الراية» التي يصفها الحزب بأنها سياسية أسبوعية، يظهر شيئاً غريباً؛ فالعدد يحمل الرقم 79 والمفارقة أن الحزب يكتب على رأس الصفحة الأولى أن العدد الأول من صحيفته صدر في 1953، فكيف يصير إصدار 79 عدداً لصحيفة أسبوعية رغم مرور أكثر من نصف قرن على الانطلاق.


اللافت أن «الراية» ليست إلا ورقتين مزدوجتين لا يزيد تصفّحها إلا تأكداً من حالة «التيه الفكري» التي يعيشها «التحرير»، ووقوفه عند منتصف القرن الماضي. فالعدد المذكور قد خصّص نصف صفحة من أربع صفحات للحديث عن «انحسار موجة النظم اليسارية الاشتراكية في دول أميركا اللاتينية»، ثم يستدير لمهاجمة حركة «النهضة» في تونس. وفي الصفحة المقابلة يتعرض العدد للذكرى الـ72 لترحيل تتار القرم، ثم وضعت مقالة على الصفحة الأخيرة بعنوان: «الانهيار الاقتصادي في السودان: الجذور والحلول»، أي إن نصف العدد، الذي يوزع مجاناً، لا علاقة له بفلسطين، ولم يأت على ذكر كلمة واحدة عنها أو عن المكان الصادر فيه، غزة.


على صعيد المواقف، لم يتغير شيء في السنوات الأخيرة، فالحزب لا يزال على عداء مع غالبية الأطراف، خاصة السلطة في رام الله و«حماس» في غزة، والأخيرة وصفها في أحد بياناته بأنها «سلطة تتبع سنن فتح شبراً بشبر وذراعاً بذراع... على قدر ما آلمنا اعتراف فتح بالدولتين في فلسطين، آلمنا أكثر أن تهوي حماس إلى هذا الواقع، وذلك لأن فتح قد وافقت على أن يكون في فلسطين دولتان بنظرة وطنية براغماتية، وليس باسم الإسلام». وأضاف ذلك البيان: «كنا نحرص دائماً على أن تتجنب حماس الوقوع في هذا المستنقع، فنصحناهم أن لا يدخلوا الانتخابات في ظل الاحتلال، ونصحناهم أن لا يدخلوا السلطة في ظل الاحتلال، ولكنهم لم يعيروا أي اهتمام لهذا النصح، بل فسروه تفسيراً معوجاً غير مستقيم».


ويحكم «التحرير» على «حماس» بـ«الخيانة» ضمن الموقف نفسه الذي يتبنّاه من «جماعة الإخوان المسلمين»، وهو أيضاً موقف يتقاطع مع تنظيم «القاعدة» الذي سبق أن خوّن الحركة حينما انخرطت في الانتخابات التشريعية عام 2006، وكان ذلك على لسان أيمن الظواهري، الرجل الثاني في «القاعدة»، الذي نعى في إحدى رسائله الصوتية «حماس»، بقوله: «عظم الله أجرك أيتها الأمة في حركة حماس».


ورغم أن «التحرير» يتبنّى «إقامة الخلافة الإسلامية» ويتقاطع ذلك مع ما نادى به «داعش»، فإنه يرى أن إعلان الأخير قيام دولة الخلافة «لا قيمة له»، كذلك وصف الدعوة إلى «بيعة أبو بكر البغدادي أميراً للمؤمنين»، بأنها «لغو لا يقدم ولا يؤخر في واقع تنظيم الدولة». وقال الحزب في تصريح صادر عن الناطق باسمه، ممدوح أبو سوا، إنه «لا سلطان حقيقياً لتنظيم الدولة على أرض سوريا أو أرض العراق، ولا يتحقق به الأمن والأمان في الداخل أو الخارج، ولا يمكن أن يكون لدولة الخلافة وجود حقيقي دون سلطان حقيقي على الأرض، وهكذا فإعلان التنظيم للخلافة هو لغو لا مضمون له، دون حقائق على الأرض ولا مقومات»، من دون أي إشارة إلى جرائم التنظيم وما يرتكبه في أكثر من مكان.