الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في رمضان.. هل يُنهي "بنك الطعام" جوع فقراء غزة؟

2016-06-14 01:17:34 PM
في رمضان.. هل يُنهي
أرشيف

 

غزة- محاسن أُصرف

 

بأملٍ كبير تنتظر السيدة "أم يوسف" (35 عاماً) من مدينة خان يونس أن تفتتح الجمعيات الخيرية في القطاع مشروع "بنك الطعام" لتتمكن من الحصول على وجبة الإفطار لأطفالها الثمانية في ظل عدم قدرتها على توفيرها بسبب ما تُعانيه من فقر أثمره عجز زوجها "علاء" عن العمل.

 

قالت لمراسلة "الحدث"، إنها لا تملك قوتاً لأطفالها، ولا تعرف كيف ستتدبر طعام السحور في أول ليلة للشهر الكريم، وأضافت السيدة التي تقطن في الحي الإماراتي غرب المدينة، أنها تعتمد في توفير احتياجات أسرتها من المساعدات الإغاثية الطارئة التي تُوفرها وكالة الغوث للاجئين في قطاع غزة وما يجود به أهل الخير، لذلك لم تشتري الحاجيات الرمضانية ولم تُفكر في طلبها من زوجها، فهو علاوة على أنه عاطل عن العمل، يُعاني اضطرابات نفسية وأزمة صدرية إثر إصابة بليغة تعرض لها أثناء عمله في أحد مصانع الأيس كريم بخان يونس، حسب قولها.

 

ولعل هذا الأمل يُشاركه معها القائمون على المشروع المزمع بدؤه مع هلال الشهر الكريم إذا ما توفر التمويل اللازم والمُقدر بـ (50 ألف دولار) ليُطعم (5 آلاف) عائلة فقيرة في قطاع غزة، يقول "محمود الصوير" رئيس جمعية طيبة للأعمال الإنسانية الداعية لمشروع بنك الطعام والمنشأة لفكرته: "إن عجز التمويل أهم العقبات التي تواجهنا في البدء بالمشروع والمساهمة في إطعام الفقراء وإبعاد غول الجوع عنهم في رمضان"، مؤكداً أن جمعيته تواصلت مع كافة الجهات الرسمية والأهلية والخيرية على المستويين المحلي والعربي إلا أن أحداً لم يُقدم إلا وعوداً يُؤمل أن تتُرجم عملياً مع بداية الشهر الفضيل.

 

"الحدث" في سياق التقرير التالي تقف على الفكرة وكيف يُمكن أن يُساهم بنك الطعام في إدخال فرحة رمضان على الأسر الفقيرة والمعوزة التي تتسع دائرتها عاماً بعد عام بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة.

 

إغاثة فقراء غزة

بدوره يؤكد عاهد المنياوي نائب رئيس جمعية طيبة للأعمال الإنسانية، أن الأوضاع المأساوية التي يُعانيها سكان قطاع غزة على مدار السنوات العشر الأخيرة شكلت دافعاً لديهم لتسليط الضوء على الفئات المهمشة والفقيرة ومحاولة توفير ما يقيهم شر الحاجة والسؤال في شهر رمضان الكريم عبر تلبية احتياجاتهم التموينية، وقال لـ "الحدث": "إن الهدف من المشروع تقديم الغذاء للفقراء بطريقة علمية ومستدامة، وتمكين مختلف شرائح المجتمع من الإسهام في دعم الفقراء والمحتاجين، بما يُثمر مجتمع آمن خالٍ من الجوع".

مُشيراً إلى أن ارتفاع معدلات اليتامى والمحرومين ممن فقدوا آبائهم بسبب حروب الاحتلال المتوالية على قطاع غزة، يُحتم عليهم اتخاذ خطوات عملية لإنقاذهم من غول الفقر"، وتابع أنهم في الجمعية خاطبوا كافة الجهات الرسمية والأهلية والخيرية على الصعيد المحلي والعربي من أجل توفير ميزانية المشروع المزمع البدء به في أول أيام شهر رمضان، إلا أن الدعم ما زال شحيحاً.

 

أفكار مطروحة

ويطرح "المنياوي" عدة أفكار من شأنها أن تُسهم في إتجاح المشروع وتحقيق أعلى مُعدل استفادة بين الفقراء في قطاع غزة في ظل الإحصاءات الرسمية التي تتحدث عن ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة إلى (72%)، ومعاناة أكثر من (65%) من سكان القطاع من الفقر والفقر المدقع، ووجود أكثر من مليون شخص يتلقى المساعدات الإغاثية من الأونروا والمؤسسات الإغاثية الدولية والرسمية، وقال: "نأمل أن تتكاثف الجهود لتنفيذ المشروع بإحدى طريقتين" وبمزيد من التفصيل يشرح الأولى وتقوم على إعادة تدوير الطعام المتبقي من المطاعم بطريقة صحية وإشراف مهني من وزارة الصحة وقسم حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد الوطني تمهيداً للقيام بتوزيعه بحلة جديدة وقيمة غذائية على الفقراء والمعوزين، ويُتابع أن الأطروحة الثانية تقوم على تكفل المطاعم المشاركة في المشروع بالمساهمة بتقديم 3-10 وجبات كحد أقصى يتم توزيعها بشكل يومي على مدار أيام الشهر الفضيل للعائلات الفقيرة المحرومة من الطعام.

ومن المقرر أن يُقدم بنك الطعام وجبة الإفطار يومياً للعائلات الفقيرة والمعوزة وذلك بالتشبيك مع المطاعم وإيجاد مطبخ بكافة المستلزمات الضرورية التي تُحقق إنتاج وجبات طازجة تفي بحاجة الفقراء، بالإضافة إلى التشبيك مع مؤسسات المجتمع ودعوة الشباب للمشاركة بالتطوع في توزيع الوجبات في مختلف أحياء القطاع، وأردف بالقول: "نأمل أن تنعكس إيجابياً على مستوى المشاركة المجتمعية بما يُحقق إبراز لقضية الفقراء المسحوقين والعمل على إعانتهم لتحسين أوضاعهم المعيشية ليس بالإغاثة الغذائية العاجلة وإنما بمشاريع صغيرة من شأنها أن تُحقق لهم دخلاً ورزقاً كريماً، مُشدداً أن ذلك لن يتحقق إلا بتعاون مؤسسات المجتمع لدعم هذه الفئات على كافة الأصعدة مادياً ونفسياً واجتماعياً".

التمويل العقبة الأكبر

ولعل ما يُعيق البدء بالمشروع حتى الآن، وفق محمود الصوير، رئيس الجمعية التمويل الذي لا يُمكنهم الوصول إليه في ظل تعنت سلطة النقد في رام الله ورفضها فتح أو تجديد حساب بنكي للجمعيات في قطاع غزة، لافتاً إلى أن عدم وجود مالي للتحويل الدولي (بي بال) يُؤثر بشكل كبير على إمكانية وصول الأموال لتنفيذ المشروع وكافة المشاريع الإغاثية والإنسانية التي تُقوم بها الجمعيات الخيرية للتخفيف من وجع الفقراء والمحرومين في القطاع.

وناشد الصوير، كافة الجهات الرسمية المعنية بضرورة تجنيب العمل الخيري المناكفات السياسية بتمكينها من فتح حسابات بنكية تُساعدها في تنفيذ مشاريعها، مؤكداً أن عدم وصول الأموال يُمكنه أن ينعكس على مدى فعالية المشروع وقدرته على إيصال وجبات الإفطار لأكبر عدد من الفقراء في المحافظات الغزية، خاصة في ظل حالة إنجاز التجهيزات والتي لم تتعدَّ الـ(50%)، وقال في ظل التعقيدات لن نتمكن من توفير أكثر من 300 وجبة يومياً بدلاً من 5 آلاف وجبة الذي يطمحون الوصول إليه لتكون مساهمتهم فاعلة في التخفيف عن الفقراء في غزة.

ضرورة التطبيق والتعميم

من جانبها أرادت مراسلة "الحدث" استيضاح آراء المواطنين في فكرة إنشاء "بنك الطعام" ومدى الحاجة إليه في ظل الظروف الاستثنائية من الحصار والإغلاق التي يُعانيها القطاع منذ عقد من الزمن، يقول الشاب"محمد مقداد ": "إن الفكرة جيدة ونجاحها يساهم في تجنيب فقراء غزة ذل السؤال"، وتابع أنها أسلوب راقٍ يُعيد ترتيب العمل الخيري والاجتماعي بما يحفظ كرامة المستحقين، مؤكداً أنها تحتاج إلى المزيد من التطوير وتعيم التجربة في كافة محافظات القطاع التي يئن غالبية سكانها فقراً.

ومن جانبها دعت "نور عبد الرحمن" إلى ضرورة دعم الفكرة وطرحها على أوسع نطاق محلياً وعربياً من أجل جذب التمويل اللازم لها، وقالت: "هذه الأفكار تُكفكف آلام الفقراء والمحرومين وتحفظ كرامتهم بتوفير وجبات آمنة وصحية سواء وجبات جديدة أو مُعاد تدويرها"، مُطالبة الجميع وبخاصة الشباب بضرورة التطوع لإنجاحها ورسم بسمة رمضان على وجوه الفقراء، وقالت: "المشروع سيُعزز الوعي المجتمعي والعمل التطوعي بين الشباب".

ويتفق "وسيم عبد ربه" مع سابقيه في ضرورة تعزيز التجربة وإنجاحها وتكرارها من أجل إنهاء الجوع بين فقراء القطاع، وتابع أن اصباغ المشروع بالطابع المؤسسي بدلاً من الأسلوب الفردي في المبادرات الاجتماعية من شأنه أن يُعزز نجاحه بحيث يخرج العمل التطوعي من عباءة الممارسات العشوائية ويُلبثه ثوب المنهجية المنظم الذي يُتيح التحقق من المعلومة ووصول الخدمة المجانية إلى مستحقيها بعيداً عن أساليب المحاباة التي تبرز في المبادرات الاجتماعية الفردية، وفق تقديره.