الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| الجمعيات الغزية .. ميزانية ضخمة لا تنهي معاناة السكان من الفقر

2016-08-01 02:42:33 PM
خاص
أرشيف

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

على الرغم من الدور الذي يُناط بالجمعيات والمنظمات الغير هادفة للربح، في تقديم الخدمات للفئات والشرائح الاجتماعية التي لا تصلها خدمات المؤسسات الحكومية بسبب عدم وجود الميزانيات اللازمة؛ إلا أنها لم تنجح في أدائه في قطاع غزة برغم توفر ميزانيات جيدة.

 

فقد كشف أمس "أكرم أبو عاصي" مدير دائرة الشؤون العامة في داخلية رفح، في لقاء مع برنامج نوافذ الذي يُبث على إذاعة "الرأي" الحكومية أن ميزانية الجمعيات والمنظمات الغير هادفة للربح (400) مليون دولار، وأشار أن الظروف المأساوية التي عاناها القطاع خلال عام 2014 من تدمير لكافة مقدراته دفعت أرباب الجمعيات إلى تكثيف جهودهم لنصرة الشعب وتقديم الدعم له لتعزيز صموده.

 

إن ضخامة المبلغ المرصود على الحالة التنموية على الأرض، فمازالت معدلات الفقر والبطالة مرتفعة بشكل غير مسبوق، ما قادنا في "الحدث" إلى التساؤل حول وجهات صرف الأموال المُعلن عنها في ميزانية العام الماضي، ولماذا لم تفلح في تحقيق حالة من التنمية والإنعاش الاقتصادي لسكان القطاع.

 

سوء صرف

يعزو خبراء في الشأن الاقتصادي ذلك إلى سوء صرف الأموال في وجهات لا تعود بالفائدة الفعلية على المواطن الغزي، وأكدوا في أحاديث منفصلة مع "الحدث" أن سياسة المانحين لها دور كبير في عدم تحقيق التنمية، فهي – وفق تقديرهم- تُصر على تقديم المال لأغراض تدريبية واستشارية ودعم نفسي بعيدًا عن المشاريع الإنتاجية التي من شأنها أن تخلق فرص عمل تؤدي إلى خفض معدلات الفقر والبطالة.

 

ويُقر الخبير في الشأن الاقتصادي نهاد نشوان، أنه برغم وجود مبالغ تمويل جيدة تصل إلى (400) مليون دولار بواقع (35) مليون دولار شهريًا إلا أنها لم تستثمر تلك الأموال لزيادة التنمية، وقال :" إن الحصار وتراجع وتدني المستوى المعيشي، إضافة إلى الغياب التام للجمعيات الغير هادفة للربح كان له الأثر الكبير في استمرار الحال في قطاع غزة على ما هو عليه"، وشدد أن تركيز المنظمات والجمعيات الغير هادفة للربح على الأنشطة التدريبية بدلًا من الأنشطة الإغاثية القائمة على التنمية  كان له دور في عدم الاستفادة من المال بالشكل المطلوب لتحسين الواقع المعيشي للسكان، عازيًا ذلك إلى تنفيذ المنحة بشروط المانح  الذي يوزع المنحة بطريقة غير مُجدية ولا تلمس احتياجات المواطن في تحقيق تنمية موارده وأدوات نشاطه بما يُحسن وضعه الاقتصادي، وقال:"إن حاجة المواطن تتمثل في إيجاد مشروعات إغاثية تستهدف بالدرجة الأولى المستوى المعيشي له والعمل على تحسينه" بالإضافة إلى حاجته لمشروعات داعمة لبعض السلع الاستهلاكية، وأخرى تُعزز وتحسن الواقع الصحي والتعليمي والكثير من القطاعات الحياتية بخلاف مشاريع الدعم النفسي والفيسيولوجي والاستشارات الإدارية التي تنفذ من خلال الجمعيات.

 

وبيَّن "نشوان" أن اقتصار الجمعيات والمنظمات الغير ربحية في قطاع غزة على لوبي يحتكر ويتحكم في حركة المشروعات في السوق، وعدم وصول دعم المانحين إلى الجمعيات الأخرى إلا بشكل محدود جدًا بالكاد يُغطي  النفقات الإدارية من رواتب موظفين ومصروفات تشغيلية أثر سلبًا على عملها وقيامها بالدور الفاعل في تقديم الخدمة التنموية المنوطة بها للمواطن، وقال :"إن العتب الكبير على المؤسسات الضخمة التي تصلها الأموال بالملايين ولا يلمس المواطن هذه الملايين على أرض الواقع" مؤكدًا أن لديها الكثير من الخيارات لتحقيق التنمية للمواطن بعيدًا عن شروط المانحين وذلك عبر استخدام ودائعها في البنوك في إيجاد مشاريع داخل الأراضي الفلسطينية بما يُحدث اختراقًا في تشغيل الأيدي العاملة وتخفيض نسب الفقر، لافتًا أن تلك الجمعيات تكتفي فقط بتحقيق العائد المادي البسيط الناتج عن فوائد الإيداع لدى البنوك سواء داخل فلسطين أو خارجها.

 

ويأمل "نشوان" أن تتحلى الجمعيات الوازنة في القطاع بالمهنية وتعمل على تقديم مشاريع أكثر نفعًا للمواطن مستخدمة إمكاناتها المادية من الودائع البنكية، كما يأمل أن تُطور وزارة الداخلية دورها تجاه تلك الجمعيات فلا تكتفي بالمراقبة على أين صرفت الأموال،  بل تعمل على فرز مقترحات المشاريع التي تخرج إلى الدول المانحة وتعمل على دعم المشاريع التي تُحقق التنمية للمواطن.

 

لم تكبح جماح الفقر

ويرى "حسن الرضيع" الباحث الاقتصادي أنه على الرعم من الأموال المرصودة للجمعيات في قطاع غزة والمقدرة بـ قرابة (60%) من موازنة حكومة غزة المقالة السابقة إلا أنها لم تكبح جماح الفقر المتزايد في القطاع، وقال في منشور له على فيس بوك تعليقًا على الميزانية المعلن عنها :"إن المساعدات الخارجية تساهم في ارتفاع عدد الفقراء"، موضحًا أن عدد المتعطلين عن العمل في غزة عام 2007  بلغ قرابة (81) ألف متعطل، مقارنة بما هو عليه الآن حيث بلغ عدد  المتعطلين خلال العام الماضي (271) ألف متعطل، وتابع بالقول :"لو كانت فلسفة الجمعيات تقوم على تقليص معدلات الفقر لكان عددها صفر"، لكنه يرى أن قضية الفقر والنقص الحاد للأمن الغذائي باتت سلعة ومصدر ثراء للبعض، بل امتياز للبعض كذلك-وفق تعبيره-

 

ولا ينفي "الرضيع أن شروط المانحين كانت سببًا في عدم إحداث الجمعيات بالميزانية المرصودة لها لعملية تنمية حقيقية على حياة السكان المعيشية والاقتصادية وقال :" شعار المانحين : لفقراء غزة مستعدون لتقديم سلة غذاء لكم بشرط عدم مطالبتنا بتوفير أدوات إنتاج تلك السلة الغذائية المتواضعة"، وأضاف متهكمًا شعارهم لمدراء الجمعيات لا يختلف كثيرًا ومفاده"نعطيكم كل يوم وجبة سمك استكوزا ولكن لا يمكن لنا إمدادكم بأدوات صيدها في بحر غزة الثري بالغاز".

 

وأوضح أن الميزانية السنوية المرصودة للجمعيات لو تم استثمارها بالشكل الصحيح لأحدثت اختراقًا في عملية التنمية في قطاع غزة مؤكدًا أن ذلك المبلغ من توفر فرص العمل وخلق مجتمع منتج، تستطيع توفير 50,000 فرصة عمل سنوية على أساس أن تكلفة كل فرصة تبلغ 8000 دولار لكن فلسفة المانحين لا تُريد ذلك فقط تُريد دفع المبالغ على شكل مساعدات وبرامج دعم نفسي وتدريب واستشارات، بعيدًا عن أي مشاريع تشغيلية تمنحهم القدرة على الإنتاج وتحسين القدرات الاقتصادية التي تخرجهم من بوتقة الاعتماد على الغير.

 

وبلغ عدد الجمعيات الاجتماعية المسجلة لدى وزارة الداخلية حوالي (429) من بين 963 جمعية موزعة، 94جمعية أجنبية، و429 اجتماعية، و51 مختصة بالأمومة والطفولة، و53 طبية، و38 تعليمية، و55 رياضية، و14حقوقية، و43 زراعية، و29 للمعاقين، و42 نقابية، و74 ثقافية وفنية، و10 عشائرية، و11 بيئية، وغيرها من الجمعيات التي تخدم قطاعات واسعة من شرائج المجتمع الفلسطيني.