السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

زراعة "بتير" الفلسطينية بنظام ري عمره ألفي عام

2016-08-18 12:47:00 PM
زراعة
قرية بتير

 

الحدث- بيت لحم

كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ظهراً، وما زال الفلسطيني حسن عونه (63 عاماً) في بلدة بتير، غرب بيت لحم، يواصل ري مزروعاته في بسطات تاريخية يعود تاريخها إلى ألفي عام.
 
ويستخدم "عونه" أساليب ري بدائية لسقي المزروعات في القرية التي سجلت قبل نحو عامين ضمن قائمة التراث العالمي.
 
واستطاعت فلسطين في 2014 من وضع قرية بتير التي تشتهر بمدرجات زراعية ومساطب وأسلوب ري بدائي، على لائحة التراث العالمي في منظمة الثقافة والعلوم (اليونيسكو).
 
يقول "عونة": "تعد المدرجات الزراعية أو ما يتعارف عليها محليا اسم (مشاكب) تاريخاً وتراثاً توارثناه عن جدودنا.. حافظنا على ذات النظام منذ عشرات القرون".
 
ويروي المزارعون أراضيهم من مياه عذبة تتدفق من سبعة ينابيع تفجرت في نفس البلدة.
 
وتقسم مياه الينابيع على ثماني عائلات في البلدة، وتحظى كل عائلة بيوم كامل تروي خلالها مزروعاتها؛ "المياه اليوم لعائلة عونه ولمدة 24 ساعة، يتم تجميع مياه الينابيع في بركة رومانية قديمة، منذ مساء اليوم، وفي الصباح يتم تقسيمها لكل مزارع بحسب مساحة الارض الخاصة به"، كما أفاد عونه.
 
ولفت أن "هذا النظام قديم يعود للعهد الروماني في فلسطين، وبقي على حاله حتى يومنا الحاضر"، وزاد: "بالخبرة نزرع حسب كمية المياه، وحسب الموسم".
 
في جوار أرض عونه يواصل المزارع محمد معمر، العمل في تنظيف مزروعاته من الأعشاب الضارة، ويقول: "اليوم المياه لعائلة عونه، لذلك نعمل في تنظيف المزروعات، وجني ثمار، بانتظار دورنا".
 
ويضيف معمر: "ولدت وكبرت على العمل في المدرجات الزراعية، التي تعد جزءاً مني.. وأحافظ على هذا التراث العريق".
 
ويزرع معمر، أنواعاً مختلفة من الخضار كالباذنجان البتيري الذي يحظى بشهرة كبيرة في الضفة الغربية.
 
ويزور بتير مئات السياح المحليين والأجانب، ويستمتعون بجمال الطبيعة والمباني القديمة ومساطبها الزراعية التي تروى بنظام قديم.
 
وبينما تجلس نسوة يستمتعن بالطبيعة جوار نبع مياه الرومان (واحد من ينابيع بتير)، يعقد رئيس البلدية أكرم بدر اجتماعاً في المقر المجاور للنبع، مع عدد من المسؤولين لتطوير السياحة في بلدته.
 
وتعد بتير بحسب بدر، من أعرق القرى الفلسطينية، التي يعود تاريخها إلى نحو خمسة قرون.
 
يقول رئيس البلدية "بنى العرب الكنعانيون بتير قبل 5200 عام، والشاهد على ذلك قلعة بتير الكنعانية التي تعد واحدة من قلعتين في شرق البحر المتوسط (الثانية في مدينة حلب السورية)، وتعاقبت عليها حضارات عدة".
 
وتقول اليونسكو وفق رئيس البلدية، "في بتير 664 كم٢ من المساطب غالبيتها ما يزال يحافظ على نظام ري تقليدي قديم". بينما يرفض سكان البلدة استخدام أساليب ري حديثة.
 
وحصدت البلدة في 2011 جائزة "ميلينا ميركوري" الدولية مقدمة من اليونسكو، كأفضل مشروع للحفاظ على الأماكن التاريخية والطبيعية.
 
ويرى سكان بتير دخول بلدتهم على لائحة التراث العالمي، سلاحاً في مواجهة الأطماع الإسرائيلية التي تسعى لبناء جدار فاصل على أراضي البلدة، بدعوى توفير الأمن لسكة قطار تربط بين مدينة القدس المحتلة وتل أبيب، وتمر من أراضي بتير بجوار المساطب الزراعية.
 
"هناك أطماع إسرائيلية تستهدف الأراضي الزراعية والإرث العالمي، لكن وضع بتير على لائحة التراث يفشل هذه الأطماع" يقول رئيس البلدية.
 
وشيدت سكة القطار في العهد العثماني بفلسطين، واستخدمها البريطانيون حتى 1948 مع مجيء إسرائيل، وتوقف العمل في السكة لمدة عام، بحسب بدر.
 
وفي العام 1949 عاد العمل في السكة بناء على اتفاقية رودس بين أهالي بتير وإسرائيل بإشراف اردني، بحيث لا يتعرض أهالي بتير للقطار مقابل حفاظ السكان على ملكية أراضيهم واستغلالها.
 
بدر ختم حديثه بالقول "قبل عام 2014 كان يزور بتير نحو 400 سائح، أما اليوم فيقدر عدد الزوار بنحو 100 الف سنوياً".
 
المصدر: قيس ابو سمرة/ الأناضول