الجمعة  11 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في غزة .. الاستعدادات للعام الدراسي تُثقل جيوب الآباء وتُفقد الطلاب بهجة العودة للمدارس

2016-08-27 11:31:38 AM
في غزة .. الاستعدادات للعام الدراسي تُثقل جيوب الآباء وتُفقد الطلاب بهجة العودة للمدارس
ارشيف

 

غزة- محاسن أُصرف

 

غدًا ستنقضي العطلة الصيفية وسيتوجه الطلاب في بقاع الوطن إلى مدارسهم لبدء العام الدراسي الجديد، في قلوبهم تختلط المشاعر بين فرحٍ وألم، هم فرحين بلقاء معلميهم وأصدقائهم بعد غياب، ولكن في ذات الوقت يُؤرقهم وعائلاتهم المظهر الذي سيغدون فيه إلى مدارسهم.

 

ففي قطاع غزة جمعٌ كبير من الأسر لم تتمكن من جلب مستلزمات العام الدراسي الجديد من أزياء وقرطاسية لأبنائهم لضعف إمكانياتهم المادية وعدم قدرتها على الإيفاء باحتياجاتهم الأساسية أولًا، ويقول هؤلاء في أحاديث منفصلة مع مراسلة "الحدث" :"إن الهموم والأعباء المالية المترتبة على بداية العام الدراسي تُفقدهم بهجته"، والسبب أن آبائهم إما فقراء أو لا يملكون موردًا ثابتًا للدخل يُمكنهم معه توفير الحد الأدنى من المتطلبات وإدخال البهجة إلى قلوبهم، فيما أشار آباء وأمهات إلى أن حالة من الإرباك تواجههم في الميزانية جراء مواسم الإنفاق التي تأتي متتابعة منذ خمس سنوات على الأقل فبدئًا من رمضان مرورًا بعيد الفطر ومن ثمَّ عودة المدارس وعيد الأضحى يُثقل جيوبهم بالديون.

 

ولعلَ الناظر لحال الأسواق الغزية خلال الأسبوع الماضي يجد أن حركتها تزداد يومًا بعد يوم لتصل ذروتها إلى اليوم مع انقضاء آخر أيام الإجازة الصيفية وانتظام الطلاب في مدارسهم غدًا، بسطات للأزياء المدرسية وأخرى للقرطاسية وثالثة للاكسسوارت ورابعة للحقائب والأحذية وغيرها تضيج بأطيافٍ شتى من المواطنين يقتنصون بما توفر لديهم من مال بعض احتياجات أبنائهم التي أثقلت جيوبهم في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في القطاع خلال السنوات الأخيرة إلى أرقام غير مسبوقة.

 

في انتظار شيك الشئون الاجتماعية

 وتنتظر "منى بريص" شيك الشئون الاجتماعية أن يكون متاحًا في البنك غدًا الأحد، ويحالفها الحظ في صرفه لتتمكن من شراء كسوة المدارس لاثنين من أبنائها الخمسة، تقول:" لا أملك دخلًا ثابتًا إلا هذا الشيك الذي أتقاضاه مرة كل ثلاثة أشهر وفي كثير من الأحيان يتأخر وفقًا لحالة التمويل والسجال بين وزارتي غزة ورام الله"، وتُضيف أنها تعيش منذ عشر أعوام مضت في كابوس توفير الاحتياجات المدرسية ومتطلبات الدراسة لأبنائها في المراحل المختلفة بسبب ارتفاع مستوى الأسعار بما لا يتناسب مع الإمكانيات المحدودة للأسر التي فقدت معيلها أو مصدر رزقها خلال الحصار.

 

السيدة التي فقدت زوجها شهيدًا في عام 2008 تُعول كثيرًا على المبادرات الخيرية التي تقوم بها بعض المؤسسات لتوزيع الزي والحقائب المدرسية على الطلبة الأيتام والفقراء، تقول:"إذا ما حصل طفلاي على هذه المساعدة يُمكن شراء الزي الشرعي لابنتي التي تدرس بالجامعة وإلا فستضطر للذهاب بما لديها من زي السنوات السابقة".

 

وكان وزير التنمية الاجتماعية إبراهيم الشاعر، أعلن الخميس الماضي أن وزارته ستباشر بصرف المخصصات الاجتماعية لمستحقيها الأحد المقبل، في  كل من الضفة الغربية، وقطاع غزة، نظرًا لعدم تمكن البنوك من فتح أبوابها يوم السبت في المحافظات الجنوبية.

 

العمل من أجل توفير المتطلبات

أما هذه السيدة – والتي رفضت التصريح باسمها- لم تملك الوقوف عاجزة أمام احتياجات أطفالها الأربعة وتسريح زوجها من وظيفته فخرجت للبحث عن فرصة عمل تحفظ لها ولأبنائها حقهم في العيش الكريم، تقول:"لا أريد أن يفقد أبنائي بهجتهم في استقبال العام الدراسي أعمل، لذلك أعمل على مدار 12 ساعة يوميًا من أجل الحصول على راتب بقيمة 800 شيكل نهاية الشهر"، وتُضيف أنها ستطلبه اليوم من مدير متجر تجهيز وبدل العرائس الذي تعمل به لتتمكن قبل غروب الشمس من شراء احتياجات أبنائها، لافتة إلى أنها ستكتفي بالضروريات من حقائب وأزياء مدرسية.

 

إصرار هذه الأم لم يكن بدافع منحهم بهجة بدء العام الدراسي فقط وإنما لتشجيعهم على الاستمرار في التفوق وتحفيزهم على التميز الذي عهدتهم عليه، تؤكد أن لا أحد من أبنائها يقل معدله عن (95%)، تقول:"بيننا مكافأة متبادلة هم يهدوني تفوقهم وأنا أهديهم مقومات ذلك التفوق بما يتناسب مع إمكانياتي المادية"، وتُضيف أن أبنائها يتفهمون ظروفهم المادية بل ويساعدونها في تحمل بعض الأعباء عبر توفير نقود العيدية للاستفادة منها كمواصلات ومصروف جيبي.

 

أزمة متكررة والعلاج التخطيط

"عبير الشرفا" أخصائية اجتماعية أكدت لـ "الحدث" أن أزمة تفاقم الأعباء المالية على الأسرة الفلسطينية والعربية بشكل عام تتكرر في كل عام وأضافت أن التعامل مع الأزمة بشكل ارتجالي يزيد من الضغوط النفسية التي تواجهها الأسرة خاصة في ظل توالي مواسم إنفاق عليها كـ رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى وما بينهما تكون العودة للمدارس، وشددت في حديثها على ضرورة إيجاد خطة مسبقة من إعداد الأم والأب والأولاد لتحديد احتياجاتهم الضرورية وبحث سُبل إمكانية توفير بعضها من مخلفات العام الدراسي السابق وتحديد ما يتطلب شراؤه، وأضافت :"إن وضع الخطة يُجنب الأسرة الضغوط المالية ويُنهي حالة الإرباك لديها".

 

وفي المجال ذاته أكدت على ضرورة توعية الأبناء وتعريفهم بإمكانيات الأسرة المادية ومدى قدرتها على توفير المتطلبات جميعها الاستثنائية والضرورية أو الاكتفاء بالضرورية فقط وقالت:"هذا يُشعر الطالب بحجم المسئولية ويجعله أكثر وعيًا وفهمًا لتضحيات أسرته والدور الملقى عليه لكي لا يُذهب تلك التضحيات هدرًا".